محمد مهدي الجواهري
من هو محمد مهدي الجواهري
محمد مهدي الجواهري شاعر عربي عراقي، يُعد من أكبر شعراء العرب في العصر الحديث. لقب بشاعر العرب الأكبر، وتميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي. لم تكن حياة الجواهري مستقرة فقد أضطر للانتقال أكثر من مرة من مدينة وبلد، وأسس عدداً كبيراً من الصحف التي لم يحالفها الاستمرار. ومنح عدة أوسمة وجوائز كبيرة أهمها: جائزة اللوتس الدولية عام 1973 عن اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
مولده ونشأته
ولد الجواهري في 26 يوليو/تموز عام 1899 وترعرع في أسرة محافظة عريقة متدينة، في مدينة النجف، إحدى أهم مدن العراق الدينية والثقافية، كانت أسرته ذات سمعة ومقام بين الأوساط النجفية الدينية والأدبية التي اشتهرت بالعلم والأدب والشعر وتعرف بآل الجواهر، نسبة إلى أحد أجداد الأسرة. وكان والده عالم دين، حسن السمعة، وأراد لابنه أن يسلك نفس الطريق، فجعله يرتدي عباءة وعمامة منذ سن العاشرة. وكانت قد ظهرت على ابنه فعلاً سمات تدل على الذكاء وسرعة الحفظ، فنظم الجواهري الشعر في سن مبكرة، وأظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب، فأخذ يقرأ الكتب، منها كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر المختلفة. وقد حرص والده على إرساله إلى المدرسة وأن يتلقى العلم من بعض الأساتذة الكبار ليعلموه أصول اللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة وفقه.
شاهد أيضاً: نزار قباني
كان الجواهري قوي الذاكرة، سريع الحفظ والبديهة، ويروى أنه في إحدى المرات وضعت أمامه ليرة ذهبية وطلب منه أن يبرهن عن مقدرته في الحفظ لتصبح الليرة ملكاً له، فغاب الفتى ثماني ساعات وحفظ قصيدة مؤلفة من (450) بيتاً وأسمعها للحاضرين وحصل على الليرة .
أعماله
قام الجواهري بنشر قصائده في مدينة بغداد منذ العام 1921 وفي عام 1923 نشر كتيب بعنوان (حلبة الأدب) يتضمن نقده لقصائد متنوعة لعدد من كبار الشعراء المعاصـرين.
عمل الجواهري لفترة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما توج ملكا على العراق، واستقال عام 1930 وعمل على إصدار صحيفة (الفرات). ثم ألغت الحكومة امتيازها فبقي من دون عمل حتى عين معلما بمدرسة المأمونية في بغداد أواخر عام 1931. وقد ترك الجواهري التدريس بشكل نهائي في سنة 1936. ويقال إن الجواهري كان أول رئيس لاتحاد الأدباء العراقيين، وأول نقيب للصحافيين العراقيين.
سكن الجواهري في بغداد في حي القادسية، وفي عام 2018م، حوّلت أمانة بغداد بيته إلى متحف ومركز ثقافي اسمه بيت الجواهري.
للجواهري مؤلفات كثيرة من القصائد والدواوين، وتميزت قصائده بالتزامه بأصول عمود الشعر التقليدي وبجزالة في النسيج، كما تميزت بالثورة على بعض الأوضاع المعيشية والاجتماعية حينها، وكان الجواهري مقربا من رئيس الوزراء العراقي عبد الكريم قاسم خلال السنوات الأولى من قيام النظام الجمهوري في العراق، لكنه افترق عنه بعد ذلك، فتعرض للمضايقات مما دفعه إلى مغادرة العراق عام 1961، ولم يعد إلا بعد عام 1968 بدعوة من الحكومة العراقية.
ومن أبرز المحطات في حياة الجواهري مقتل شقيقه جعفر خلال انتفاضة الوثبة عام 1948،وهذا ما ألهمه أحد أشهر قصائده في الرثاء، بعنوان (أخي جعفر).
ويذكر أنه قد زاره في بيته الرئيس الراحل أحمد حسن البكر، لكنه غادر العراق عام 1980 بعد تولي صدام حسين السلطة، واختار براغ مقرا لإقامته.
وفي أواخر عام 1980م استقر في دمشق، وتذكر بعض المصادر أن الجواهري انتقل إلى سوريا في عام 1983م تلبيةً لدعوة رسمية، حيث دعاه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد إلى دمشق، فاستقبل بحفاوة تليق به، وخُصصت له داراُ وسيارة خاصة. وفي تسعينيات القرن الماضي سُحبت الجنسية العراقية منه بسبب مشاركته في مهرجان الجنادرية السنوي المقام في المملكة العربية السعودية في عام 1994م.
بلدان عديدة فتحت أبوابها للجواهري مثل مصر، المغرب، والأردن ، وهذا دليل على مدى الاحترام الذي حظي به هذا الشاعر الكبير، ولكنه اختار دمشق واستقر فيها واطمأن إليها واستراح فيها. فكرمه الرئيس الراحل (حافظ الأسد) بمنحه أعلى وسام في البلاد .
تأثر الجواهري بالعديد من الشعراء، فيتحدث الجواهري عن علاقته بالمتنبي الذي حفظ قصائده في سراديب البيت متوارياً عن أعين أبيه "كلما كبرت وكبرت قصائدي تأكدت من تقارب يكاد يصل إلى التطابق بين مصيري ومصير المتنبي". كما يتحدث عن علاقته بمعروف الرصافي الذي أحب فيه الإنسان والشاعر ووحدة ثبات الموقف، كما أحب فيه تمرده وتورثه على الواقع.
سبب وضعه للقبعة
تقول ابنته خيال "أصيب والدي بنزلة برد حين كان يشارك في مؤتمر أدبي في الاتحاد السوفياتي السابق، ونصحه الأطباء بارتداء غطاء رأس لوجود حساسية في رأسه، فلفتت انتباهه قبعة من المخمل كانت معروضة حينها في متجر المستشفى، فارتداها واعجبته ومنذ ذلك الحين بقيت تلازمه لحين وفاته، ولم يكن يخلعها حتى أثناء نومه". وتضيف ابنته أنها لا تزال تحتفظ بعدد من هذه القبعات التي كانت تُهدى لوالدها من أوزبكستان وأذربيجان.
شاهد أيضاً: جبران خليل جبران
وفاته
توفي الجواهري يوم 27 يوليو/تموز 1997 في دمشق، ولم يوص بدفنه في بلده العراق، حسب ابنته خيال، فدُفن في مقبرة الغرباء في العاصمة السورية دمشق، وكتب على قبره جملة حزينة "يرقد هنا بعيدًا عن دجلة الخير". وكان وقع خبر وفاته كبيرا خصوصا على العراقيين والمثقفين والأدباء العرب، كيف لا وقد لقبه النقاد بشاعر العرب الأكبر ومتنبي العصر وصناجة العرب في القرن العشرين.
لقد أقامت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية ملتقى موسعاً عن الشاعر العراقي الراحل محمد مهدي الجواهري بعنوان "الجواهري معاصراً" وشارك في الملتقى نخبة من كبار الكُتاب والمفكرين عبر جلسات عُقدت على مدار يومين، وذلك إحياءً لذكرى الشاعر العراقي الكبير الذي نال جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية عام (1990 ـ 1991) تقديراً لمكانته الكبيرة في الشعر العربي المعاصر و لما يشكله شعره من قيمة فنية عالية، إضافة إلى تجربته الحياتية والفكرية، ومضامينه ذات التميز والتألق الواضح، والحضور المستمر على الساحة العربية، فهو أبرز من يمثل الكلاسيكية الشعرية الجديدة في عصرنا العربي الحديث على امتداد عشرات السنين، إضافة إلى حضوره الأدبي والثقافي والصحافي والفكري المكثف في المحافل والمؤتمرات الأدبية والمهرجانات الشعرية والصحافة والرسائل العلمية. وقد شهد الملتقى إطلاق كتاب "يا دجلة الخير.. مختارات من قصائد الجواهري"، الذي أعده الأديب عبد الإله عبد القادر المدير التنفيذي لمؤسسة العويس الثقافية.