ما هو صندوق النقد الدولي (IMF)؟
لطالما واجهت الدول مشاكل عديدة نتيجة صعوبة التنسيق مع الدول الأخرى فيما يتعلق بالقضايا المالية، كموضوع سعر الصرف، وتبادل الخبرات...، فجاء صندوق النقد الدولي بمثابة جهة حيادية دولية تشرف على هذا التنسيق وتسهله من خلال تذليل العقبات وإيجاد حل للمشكلات المالية وبهدف المساهمة في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاستقرار المالي في العالم.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
صندوق النقد الدولي (IMF) مؤسسة انبثقت عن مؤتمر انعقد في واشنطن
صندوق النقد الدولي يعرف باللغة الإنكليزية بـ (International Monetary Fund)، وباللغة الفرنسية بـ (Fonds monétaire international)، مؤسسة دولية تأسست في عام 1945 كنتيجة لمقررات مؤتمر دومبرتون وودز المنعقد في العاصمة الأمريكية واشنطن في عام 1944، يضم في عضويته مئة وتسع وثمانين دولة، يقع مقره في العاصمة الأمريكية واشنطن.
تأسيس صندوق النقد الدولي
عانت دول العالم عامة والأوروبية خاصة من خسائر كبيرة ودمار في بناها التحتية ومصانعها نتيجة الحرب العالمية الثانية، إضافةً لذلك عانت هذه من كساد في منتجاتها، مما دفعها لفرض رسوم جمركية عالية على البضائع الأجنبية كي لا تنافس البضائع المحلية، فانخفضت التجارة العالمية بين الدول وانخفضت معها قيمة العملات الوطنية، من هنا برزت الحاجة لتأسيس مؤسسة دولية تنسق العلاقات التجارية بين الدول الأعضاء، فالتقى ممثلون عن أربعة وأربعين دولة هي:
(أستراليا، الدنمارك، هايتي، كوبا، غواتيمالا، المكسيك، بولندا، نيو زيلندا، بلجيكا، المملكة المتحدة، الدومينيكان، الهندوراس، نيكاراغوا، السلفادور، بوليفيا، الإكوادور، الهند، النرويج، تشيكوسلوفاكيا، كندا، مصر، العراق، بنما، جنوب أفريقيا، تشيلي، الولايات المتحدة الأمريكية، إيران، الباراغواي، الاتحاد السوفياتي، الصين، أثيوبيا، أيسلندا، هولندا، أوروغواي، كولومبيا، فرنسا، ليبيريا، بيرو، فنزويلا، كوستاريكا، اليونان، لوكسمبورغ، الفلبين، يوغوسلافيا) في مدينة بريتون وودز بولاية نيوهامبشير في الولايات المتحدة في عام 1944، فيما عرف لاحقاً بمؤتمر بريتون وودز، لمناقشة إطار التعاون الاقتصادي الدولي بعد الحرب العالمية الثانية وكيفية إعادة بناء أوروبا.
دخل صندوق النقد الدولي حيز التنفيذ في السابع والعشرين من شهر كانون الأول / ديسمبر في عام 1945، بعد مصادقة تسع وعشرين دولة على اتفاقية إنشائه، ليبدأ الصندوق عمله في الأول من شهر آذار/مارس عام 1945، وتصبح فرنسا أول المقترضين منه.
أهداف صندوق النقد الدولي
لصندوق النقد الدولي العديد من الأهداف منها:
- تعزيز التعاون النقدي العالمي.
- تأمين الاستقرار المالي وتسهيل التجارة الدولية.
- تشجيع العمالة المرتفعة والنمو الاقتصادي المستدام.
- الحد من الفقر في جميع أنحاء العالم.
وظائف صندوق النقد الدولي
عند تأسيس صندوق النقد الدولي وضعت على عاتقه المهام التالية:
- الإشراف على ترتيبات أسعار الصرف الثابتة بين البلدان، مما يساعد الحكومات الوطنية على إدارة أسعار الصرف والسماح لهذه الحكومات بتحديد أولويات النمو الاقتصادي.
- توفير قروض قصيرة الأجل للمساعدة في ميزان المدفوعات، لمنع انتشار الأزمات الاقتصادية الدولية.
- توفير الاستثمارات الرأسمالية لإنشاء المشاريع الاقتصادية، مثل البنية التحتية الاقتصادية.
في عام 1971، تغيرت مهامه بعد اعتماد الدول أسعار الصرف العائمة (تحديد سعر الصرف بحسب العرض والطلب)، فأصبحت مهام صندوق النقد الدولي على الشكل التالي:
- دراسة السياسات الاقتصادية للبلدان مع اتفاقيات قرض صندوق النقد الدولي؛ لتحديد ما إذا كان النقص في رأس المال بسبب التقلبات الاقتصادية أو السياسة الاقتصادية.
- تحديد السياسة التي يجب أن تنتهجها حكومة هذا البلد أو ذاك لضمان الانتعاش الاقتصادي. إضافة إلى تعزيز وتنفيذ السياسات التي تقلل من تكرار الأزمات بين بلدان الأسواق الناشئة، وخاصة في البلدان ذات الدخل المتوسط التي هي عرضة لتدفقات رأس المال الضخمة.
- مراقبة الأداء الاقتصادي الكلي للبلدان الأعضاء.
- التفاوض على شروط الإقراض والقروض.
شروط منح القروض
على الرغم من أن الصندوق لا يطالب الدول المدينة بضمانات لسداد قيمة القروض، لكنه يطالب بإصلاحات هيكلية إذا لم تتحقق يحجب الصندوق أمواله عن هذه الدولة أو تلك، تعرف هذه الشروط بالتكيف الهيكلي، وهي (تختلف الشروط من بلد لبلد ووفقا للظروف الاقتصادية، إلا أنه يطلب بعض او كل الشروط التالية عادة):
- خفض الإنفاق، واتباع سياسة التقشف.
- تركيز الدولة المدينة في الناتج الاقتصادي على التصدير المباشر واستخراج الموارد.
- خفض قيمة العملة.
- تحرير التجارة، ورفع القيود المفروضة على الاستيراد والتصدير.
- زيادة استقرار الاستثمار (من خلال استكمال الاستثمار الأجنبي المباشر مع افتتاح أسواق الأسهم المحلية).
- موازنة الميزانيات وعدم الإسراف في الإنفاق.
- إزالة الرقابة على الأسعار ووقف الدعم الحكومي لبعض القطاعات كالتعليم والصحة.
- الخصخصة (بيع شركات القطاع العام للقطاع الخاص).
- تعزيز حقوق المستثمرين الأجانب تجاه القوانين الوطنية.
- تحسين الحكم ومحاربة الفساد.
الهيكل التنظيمي لصندوق النقد الدولي
يتكون صندوق النقد الدولي من المؤسسات التالية:
مجلس المحافظين (Board of Governors)
يتكون من حاكم واحد ومحافظ مناوب واحد لكل دولة عضو، يجتمع المجلس عادة مرة في السنة، من مهامه:
- انتخاب أو تعيين المديرين التنفيذيين في المجلس التنفيذي.
- الحق في الموافقة على زيادة الحصص ومخصصات السحب الخاصة، ويتم ذلك كل خمس سنوات، ففي شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2010 زادت نسبة الحصص مئة في المئة.
- قبول أعضاء جدد، كقبول عضوية كوسوفو في عام 2009، والكويت في عام 1962.
- الانسحاب الإجباري للأعضاء.
- إدخال تعديلات على بنود الاتفاق والقوانين الداخلية لصندوق النقد الدولي.
اللجنة النقدية والمالية الدولية (The International Monetary and Financial Committee)
تتكون من أربعة وعشرين عضواً، من مهامها:
- مراقبة السيولة العالمية.
- نقل الموارد إلى البلدان النامية.
لجنة التنمية (The Development Committee)
تتألف من خمسة وعشرين عضواً، من مهامها، تقديم المشورة بشأن قضايا التنمية والموارد المالية المطلوبة لتعزيز التنمية الاقتصادية في البلدان النامية، كالنصائح التي قدمها صندوق النقد الدولي لمصر في عام 2015 لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها، حيث نصحتها على سبيل المثال برفع أسعار الوقود
المجلس التنفيذي (Executive Board)
يتكون من أربعة وعشرين مديراً، يمثلون جميع الدول الأعضاء البالغ عددهم مئة وتسعة وثمانون دولة، ينتخبهم مجلس المحافظين، تخصص مقاعد مستقلة للبلدان المساهمة الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، ألمانيا، فرنسا، المملكة المتحدة، الصين، روسيا، المملكة العربية السعودية)، أما المديرون الستة عشر الآخرون فتتولى انتخابهم مجموعات من البلدان تعرف باسم الدوائر الانتخابية (الدول التي ستنتخب ممثليها) لفترات مدتها عامين، يجتمع المجلس عدة مرات في الأسبوع.
المدير العام (General Director)
يرأس صندوق النقد الدولي، وهو رئيس المجلس التنفيذي، يساعده نائبه الأول وثلاثة نواب إداريين آخرين، تاريخياً كان رئيس صندوق النقد الدولي من الدول الأوروبية، (لأنه هناك اتفاق على أن يكون المدير العام لصندوق النقد الدولي من أوروبا، والمدير العام للبنك الدولي من الولايات المتحدة الأمريكية) ، تعاقب على منصب المدير العام أو رئيس صندوق النقد الدولي الشخصيات التالية:
- البلجيكي كميل جوت (Camille jute)، بين السادس من شهر أيار /مايو عام 1946 والخامس من شهر أيار/مايو عام 1951، عمل وزيراً للمالية قبل توليه هذا المنصب.
- السويدي إيفار روث (Ivar Roth)، بين الثالث من شهر آب/أغسطس عام 1951 والثالث من شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 1956، عمل محافظاً للبنك المركزي قبل توليه هذا المنصب.
- السويدي بيار جاكوبسون (Peter Jacobson)، بين الحادي والعشرين من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1956 والخامس من شهر أيار/مايو عام 1963، عمل في عصبة الأمم قبل توليه هذا المنصب.
- الفرنسي بيير بول شفايتزر (Pierre-Paul Schweitzer)، بين الأول من شهر أيلول/سبتمبر عام 1973 والحادي والثلاثين من شهر آب/أغسطس عام 1973، عمل محامياً قبل توليه هذا المنصب.
- الهولندي يوهان يتايفين (Johan Etayvin)، بين الأول من شهر أيلول/سبتمبر عام 1973 والثامن عشر من شهر حزيران/يونيو عام 1978، عمل نائباً لرئيس مجلس الوزراء قبل توليه هذا المنصب.
- الفرنسي جاك دي لاروزيير (Jacques de LaRose Goodyear)، بين الثامن عشر من شهر حزيران/يونيو عام 1978 والخامس عشر من شهر كانون الثاني/يناير عام 1987، عمل محافظاً للبنك المركزي قبل توليه هذا المنصب.
- الفرنسي ميشيل كامديسوس (Michel Camdessus)، بين السادس عشر من شهر كانون الثاني/يناير عام 1987 والرابع عشر من شهر شباط/فبراير عام 2000، عمل في الاقتصاد قبل توليه هذا المنصب.
- الألماني هورست كولر (Horst Koehler)، بين الأول من شهر أيار/مايو عام 2000 والرابع من شهر آذار/مارس عام 2004، عمل في البنك الأوروبي قبل توليه هذا المنصب.
- الإسباني رودريغو راتو (Rodrigo Rato)، بين السابع من شهر حزيران/يونيو عام 2004 والحادي والثلاثين من شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2007، عمل وزيراً للاقتصاد قبل توليه هذا المنصب.
- الفرنسي دومينيك شتراوس (Dominique Strauss)، بين الأول من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 2007 والثامن عشر من شهر أيار/مايو عام 2011، عمل وزيراً للاقتصاد والمالية قبل توليه هذا المنصب.
- الفرنسي كريستين لاغارد (Christine Lagarde)، من الخامس من شهر حزيران/يونيو عام 2011 حتى الآن، عمل وزيراً للمالية قبل توليه هذا المنصب.
نظام التصويت في صندوق النقد الدولي
يستند نظام التصويت في صندوق النقد الدولي على حصص الدول الأعضاء، حيث تتمتع كل دولة عضو بمئتين وخمسين صوتاً، يضاف إليها صوتاً واحداً عن كل جزء من حصته، تأخذ القرارات بالأكثرية، وهذه النسب المئوية للدول الأعلى مساهمة في الصندوق وفق ما أورده الكاتب المصري عادل المهدي في كتابه (عولمة النظام الاقتصادي والتجارة العالمية):
- الولايات المتحدة الأمريكية، 17.6%.
- ألمانيا، 6.02%.
- المملكة المتحدة، 4.97%.
- فرنسا، 4.97%.
- المملكة العربية السعودية، 3.24%.
- كندا، 2.95%.
- الصين، 2.95%.
- مصر، 0.45%.
أنشطة صندوق النقد الدولي في القرن 21
قام صندوق النقد الدولي بالعديد من الأنشطة خلال القرن الحادي والعشرين، منها:
خطة إنقاذ اليونان
شارك صندوق النقد الدولي بنسبة 3.11% من إجمالي خطة إنقاذ اليونان التي بلغت قيمتها مئة وعشرة مليارات يورو، الهادفة لمعالجة التراكم الكبير في الدين العام، وذلك في شهر أيار/مايو من عام 2000.
خطة إنقاذ قبرص
تضمنت تقديم عشرة مليارات يورو، في الخامس والعشرين من شهر آذار/مارس عام 2013.
خطة إنقاذ أوكرانيا
تضمنت تقديم ثمانية عشر مليار دولار للحكومة الأوكرانية في أعقاب الثورة التي حصلت فيها، وذلك في نهاية شهر آذار/مارس عام 2014.
إقراض جمهورية مصر العربية
أعلن صندوق النقد الدولي في الثامن من شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2016 موافقته على منح مصر قرضاً بقيمة اثني عشر مليار دولار لتحسين أوضاعه الاقتصادية.
في الختام.. ساهم صندوق النقد الدولي في التخفيف من الأزمات الاقتصادية للدول الأعضاء، لكنه تعرض للانتقاد بسبب سياسات التكيف الهيكلي التي فرضها على الدول المدينة، على الرغم من ذلك يبقى الصندوق خياراً من خيارات الدول للخروج من أزماتها الاقتصادية والمالية.