شريف مكة، الحسين بن علي
This browser does not support the video element.
عاصر الشريف حسين الاحتلال العثماني الذي عينه والياً على الحجاز، كما قاد الثورة العربية الكبرى، ونسق مع بريطانيا لإنجاحها؛ ولكن لم تجر الرياح بما تشتهي السفن، حيث كانت النتيجة استبدال الاحتلال العثماني بالاستعمار الأوروبي، إضافةً لاحتفاظ الشريف حسين بحكم الحجاز لفترة وجيزة قبل أن ينجح آل سعود في القضاء على حكمه والاستيلاء على الحجاز.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
نسبه وأسرته وطفولته
تعود شجرة عائلة الشريف حسين إلى بني هاشم، فهو حسين بن علي بن محمد بن عبد المعين بن عون بن محسن بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن أبو نمي الثاني بن بركات بن محمد بن بركات بن الحسن بن عجلان بن رميثة بن محمد بن أبو نمي الأول بن الحسن بن علي الأكبر بن قتادة بن ادريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن الحسين بن سليمان بن علي بن عبد الله بن محمد الثائر بن موسى الثاني بن عبد الله الرضى بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي.
طفولته ونشأته
ولد الحسين بن علي في عاصمة الدولة العثمانية الأستانة (القسطنطينية سابقاً، إسطنبول حالياً) في عام 1854، وهو الابن البكر للشريف علي بن محمد، والدته البزم جيهان.
استلم جده إمارة الحجاز في عام 1856، وبعد وفاته ورثه عبد الله باشا عم الشريف حسين في عام 1858، حيث سافر والده إلى الأستانة، وبقي حسين تحت رعاية عمه عبد الله باشا، فأتقن حسين مبادئ اللغة العربية، كما تعلم الشريعة الإسلامية والفقه، من أساتذته الشيخ محمد محمود المعرضين التوركيزي، الشيخ الشنقيطي، ومعه درس معلقات الشعر السبعة، ومع الشيخ أحمد دحلان درس القرآن، ختم حسين القرآن قبل بلوغ العشرين من عمره.
أربع زوجات وثمانية أولاد
تزوج الشريف حسين أربع مرات:
الأولى، من ابنة عمه عبد الله باشا شريفة خانوم عبيدة، تزوجها في عام 1875، توفيت في عام 1888 في إسطنبول ودفنت هناك، أنجبت له:
- الأمير علي.
- حسن بن حسين، مات صغيراً.
- الأمير عبد الله، أمير (لاحقاً الملك) على شرق الأردن.
- الأميرة فاطمة.
- الأمير فيصل، في وقت لاحق ملك العراق وسوريا.
الثانية، من مديحة خانوم، أنجبت له الأميرة صالحة.
الثالثة، من شريفة خانوم خديجة، شقيقة زوجته الأولى، لم تنجب له أطفالاً.
الرابعة، من عديلة خانوم، أنجبت له الأميرة سالي، والأمير زيد.
دخول الشريف حسين في السياسة
استفاد الشريف حسين من بقائه إلى جانب عمه في الحجاز، حيث اطلع على السياسة، كما شارك في العديد من البعثات إلى نجد والمناطق الشرقية من الحجاز، والتقى بالقبائل العربية، إضافةً لذلك اكتسب حسين معرفة عميقة في النباتات والحيوانات الصحراوية، ومارس ركوب الخيل والصيد.
وفاة والده وعمه
سافر حسين بين عامي 1871- 1872 إلى الأستانة لزيارة والده المريض، الذي فارق الحياة في عام 1872 فعاد حسين إلى مكة، وبقي إلى جانب عمه حتى وفاته، وعندما انتقلت الإمارة إلى عمه الثاني رفيق باشا نفاه إلى الأستانة عام 1891، وبعد وفاته عاد حسين إلى مكة واستلم الإمارة، وأصبح يلقب بالشريف حسين في عام 1908، وفي نفس العام وصل حزب الاتحاد والترقي إلى السلطة في الأستانة.
التمهيد للثورة العربية الكبرى
مع بدء الحرب العالمية الأولى في عام 1914 بقي الشريف حسين إلى جانب الدولة العثمانية التي كانت جزءاً من دول تكتل الوسط (ألمانيا، الإمبراطورية الهنغارية- النمساوية)، لكن نتيجة سياسة التتريك التي اتبعها العثمانيون، إضافةً لمنع تعليم اللغة العربية، واعتقال العلماء والمفكرين العرب، بدأ الشريف حسين مفاوضات سرية مع بريطانيا لإعلان الثورة على العثمانيين، وتحرير المناطق العربية من الاحتلال العثماني.
مراسلات الحسين- مكماهون
بدأت مراسلات بين والي الحجاز الشريف حسين والمندوب السامي البريطاني هنري مكماهون في عام 1915، حيث طالب الشريف حسين في هذه الرسائل بريطانيا الاعتراف بدولة عربية تشمل الحجاز والمناطق المجاورة الأخرى، كذلك الموافقة على إعلان الخلافة العربية من الإسلام، قبل مكماهون بذلك وأكد للشريف حسين أن مساعدته لبريطانيا سيقابلها الاعتراف بدولة عربية باستثناء الممتلكات والمصالح البريطانية في الكويت وعدن والساحل السوري، لكن بريطانيا لم تفِ ِبوعدها، فبعد هذه المراسلات وقعت بريطانيا وفرنسا اتفاقية سايكس - بيكو في عام 1916 تقاسمتا خلالها بلاد الشام والعراق فيما بينهما، وفي العام التالي تحديداً في الثاني من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1917 أصدرت بريطانيا وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
الشريف حسين والجمعيات العربية
مع بدء الحرب العالمية الثانية عينت الدولة العثمانية جمال باشا - الذي لقب بـ (السفاح) لكثرة الدماء التي سفكها؛ والياً على بلاد الشام، فقام بمصادرة المواد الغذائية من الأسواق بحجة تمويل القوات العثمانية على الجبهات، إضافةً لاعتقال العلماء والمفكرين، وفرض اللغة التركية ومنع اللغة العربية، لينتهي به المطاف بإعدام المفكرين العرب في بيروت والمرجة في السادس من أيار /مايو عام 1916، الأمر الذي دفع بالجمعيات العربية التي نشأت في مطلع القرن العشرين (مثل: جمعية العهد، جمعية بيروت السرية، الجمعية العربية الفتاة) قبول القيام بالثورة العربية الكبرى، وإبلاغ الشريف حسين بذلك.
الثورة العربية الكبرى
بدأت الثورة العربية الكبرى في العاشر من حزيران/يونيو عام 1916، واستمرت حتى عام 1918، حيث تمكنت القوات العربية بمساعدة بريطانيا من تحرير المناطق العربية الواقعة تحت الاحتلال العثماني، لكن بريطانيا انتهزت الفرصة واحتلت المناطق المخصصة لها وفق اتفاقية سايكس بيكو (فلسطين، شرقي الأردن، البصرة، بغداد)، الأمر ذاته فعلته فرنسا فاحتلت الموصل والساحل السوري اللبناني.
بعد الحرب العالمية الأولى
بعد أن رفضت بريطانيا الاعتراف بالشريف حسين ملكاً على العرب، اعترفت به ملكاً على الحجاز فقط، في حين أصبح الأمير فيصل بن الشريف حسين ملكاً على سورية في عام 1918، لكن بقائه لم يكن طويلاً حيث اضطر للخروج منها بعد احتلال فرنسا سورية في الرابع والعشرين من شهر تموز/يوليو عام 1920، وعندما ذهب شقيق الملك فيصل عبد الله إلى سورية لمواجهة الفرنسيين عرضت عليه بريطانيا إمارة شرق الأردن، فأصبح أميراً للمنطقة التي أصبحت لاحقاً المملكة الأردنية الهاشمية.
الصراع بين الشريف حسين وعبد العزيز آل سعود
شعر عبد العزيز آل سعود بالخطر عندما أعلن الشريف حسين نفسه ملكاً على العرب في عام 1918، فقام عبد العزيز بالهجوم على الحجاز والاستيلاء عليها في عام 1924، وطرد الشريف حسين منها، وأعلن عبد العزيز نفسه ملكاً على نجد والحجاز، التي ستصبح لاحقاً المملكة العربية السعودية.
الوفاة في المنفى
انتقل الشريف حسين إلى قبرص بعد هزيمته أمام عبد العزيز آل سعود، ثم انتقل للعيش مع ابنه عبد الله في عمّان، وفي عام 1931 توفي الشريف حسين في عمّان، ودفن في القدس.
في الختام.. كان الشريف حسين رمزاً عربياً مهماً، استطاع الاستفادة من أخطاء العثمانيين لتوحيد كلمة العرب في الأراضي المحتلة، وقاد بهم ثورة أدت لتحرير كل المناطق من الاحتلال العثماني، لكنه وقع في شرك بريطانيا التي خدعته، ولم تحقق مطالبه في دولة عربية واحدة، بل فضّلت تقاسم الأراضي العربية المحررة مع فرنسا.