الطباعة ثلاثية الأبعاد (3D Printing)
لطاما حلم الإنسان عبر التاريخ بالتقدم على الطبيعة، فاستطاع الطيران، والتنقل لمسافات مهولة خلال فترات زمنية قصيرة، والآن يتابع البشر رحلتهم مع "الطباعة ثلاثية الأبعاد" (3D Printing).
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ما هي الطباعة ثلاثية الأبعاد؟
هي إحدى أشكال الطباعة، تختلف عن الطباعة التقليدية بأن الطابعات تعمل على "مستويات" ذات بعدين فقط (طول وعرض) فتستطيع رسم الكلمات والصور وغيرها على المستوي، وتتم الطباعة ثلاثية الأبعاد في الأبعاد الثلاثة (طول وعرض وارتفاع) عن طريق تقنية "التصنيع بالإضافة" (ِAdditive Manufacturing)، أي أن الطابعة تقوم بتكديس مجموعة من المستويات فوق بعضها، بحيث ترسم كل واحدة منها على حدى، وبالنتيجة الشكل النهائي سيكون ثلاثي الأبعاد كما في هذه الصورة:
تاريخ موجز عن الطباعة ثلاثية الأبعاد
على الرغم مما تبدو عليه الطباعة ثلاثية الأبعاد من أفكار نابعة من المستقبل، إلا أنها موجودة ممّا يقارب 30 عاماً. في عام 1983 اخترع "تشاك هول" (Chuck Hull) فكرة الطباعة ثلاثية الأبعاد وتم تسجيل براءة الاختراع باسمه حينها، حيث طرح فكرة "صنع مجسمات صلبة عن طريق طباعة عدد من الطبقات السائلة الرقيقة فوق بعضها البعض".
بعد إدراكه أن تقنيته ليست محصورة فقط في السوائل، قام بتأسيس الشركة (3D Systems)، حيث وجد أنه يمكن استخدام أي مادة قادرة على تغيير حالتها الفيزيائية وقابلة للتصلب.
عام 2009 انتهت صلاحية براءة الاختراع مما سمح للتقنية أن تتطور بسرعة أكبر بكثير مما كانت عليه، وبذلك انتشرت بشكل كبير ولم تعد محدودة كما كانت في السابق للاستخدامات الصناعية.
ميزات الطباعة ثلاثية الأبعاد
- صناعة تصاميم معقدة: تستطيع الطابعات ثلاثية الأبعاد طباعة العديد من الأشكال المعقدة التي لا يمكن تصنيعها عن طريق أساليب الصناعة التقليدية، حيث أن استخدام "التصنيع بالإضافة" يلغي وجود أي نوع من التعقيد في التصميم، فذلك لا يهم، حيث أن الطباعة ستعمل على كل مستوٍ بشكل منفصل عمّا يعلوه أو يدنوه.
- تخصيص كل منتج بشكل مستقل: تستخدم الصناعات التقليدية أنواعاً معينة من الآلات -تختلف بحسب الصناعة- لكن هذه الآلات يتم ضبطها بحيث أن كافة منتجاتها ستكون إلى حد كبير متطابقة؛ لذلك الملابس على سبيل المثال لها مقاسات محددة جداً، أما في الطباعة ثلاثية الأبعاد، فكل ما ستحتاجه هو تعديل التصميم الرقمي على الحاسوب، والطابعة ستقوم بمهمة التعديل، فلا حاجة لتعديل تصميم الآلة وغيرها من التغييرات المكلفة.
- السرعة والتكلفة: بما أن صناعة منتج عن طريق الطابعات ثلاثية الأبعاد لا يحتاج لأي نوع من التعديل على الآليات المصنعة، فهي ستكون مثالية في حالة صناعة النماذج الأولية، فلا حاجة للتعديل، كل ما تحتاجه هو المواد الأولية والطابعة ثلاثية الأبعاد مع تصميم رقمي جاهز، قد تريد تغييره فيما بعد.
- نفايات أقل: تعتمد الصناعة التقليدية على جلب القطعة البلاستيكية على سبيل المثال، ثم قصها، وقولبتها بما يناسب التصميم، وقد تصل نسبة المواد المُستفاد منها في هذه العملية إلى 10% في بعض الحالات، أي هناك 90% من المواد لم يتم استعمالها، أما في حالة الطباعة ثلاثية الأبعاد، تقوم الطابعة باستخدام الكمية التي تحتاجها فقط في التصميم -10% في المثال السابق- وبذلك تقل كمية النفايات والمواد غير المستخدمة بشكل كبير عن الصناعات التقليدية.
عيوب الطباعة ثلاثية الأبعاد
- تكلفة أكبر للمشاريع الكبيرة: على الرغم من الفوائد الكثيرة للطباعة ثلاثية الأبعاد، إلا أنها لم تصبح حتى الآن الأسلوب التقليدي للصناعات الكبيرة، حيث أنها قد تستهلك وقتاً أكثر مقارنة بالصناعات التقليدية التي تقوم بطرح منتجاتها بشكل متطابق (كالهواتف المحمولة)، إلا أن أسعار المواد الأولية للطباعة تنخفض، وكذلك الأمر بالنسبة للطابعات بحد ذاتها، حيث أنها في وقت ما ستصبح الأسلوب المتعارف عليه في الصناعات.
- خيارات أقل من ناحية المواد: على الرغم من وجود أكثر من 600 مادة تستخدم اليوم في الطباعة ثلاثية الأبعاد، إلا أن معظمها بلاستيكيّ أو معدنيّ، إلا أن الخيارات لا تزال محدودة مقارنة بالصناعات التقليدية من ناحية المواد والألوان وغيرها.
- قوّة وتحمّل محدودين: في بعض الصناعات التي تقوم بها الطابعات ثلاثية الأبعاد، قد لا تكون المتانة إحدى صفات منتجاتها، وذلك يعود لآلية الطباعة ثلاثية الأبعاد التراكمية، فمن الصعب الوصول لمتانة الجسم الواحد التي تقدمها الصناعات التقليدية، لكن التكنولوجيا المستخدمة تتطور بشكل سريع، مما سيجعل هذه القضية تختفي في المستقبل القريب.
استخدامات الطباعة ثلاثية الأبعاد
تستخدم الطباعة ثلاثية الأبعاد في العديد من المجالات، وسنذكر بعضاً منها:
- صناعة نسخ طبق الأصل للتحف الأثريّة حفاظاً على بقاء الفكرة في حال ضياع أو تآكل التحفة الأصلية.
- طباعة بعض أجزاء الجسد المفقودة مثل صيوان الأذن أو الأطراف، وحتى طباعة قلب صناعي، وهي قيد الدراسة حالياً.
- صناعة نماذج بهدف عرضها من أجل التعليم في المدارس وغيرها من المنشآت التعليمية.
- صناعة الأدوات الجراحية والطبية.
- صناعة بيوت كاملة عن طريق طابعات كبيرة الحجم، مما يسرع الوقت ويوفر المال.
- العديد من الصناعات الصغيرة مثل الأحذية، طائرات المراقبة الصغيرة (Drones)، سماعات الرأس، كما يستخدمها أطباء الأسنان في معالجاتهم.
ختاماً.. إن الطباعة ثلاثية الأبعاد تشقّ طريقها نحو الصناعة شيئاً فشيئاً، وذلك بسبب ما تقدمه من أفضليات على الصناعات التقليدية، حيث أنها اليوم في مراحلها البدائية.. يوماً ما ستصبح المعيار القياسي في الصناعات كافةً.