التفاضل والتكامل
ما هو التفاضل والتكامل؟ إنه أحد أفرع الرياضات، يهتم بدراسة خواص التوابع العددية مثل النهايات والاستمرار والاشتقاق والتكامل التي سنتحدث عنها تباعاً، ويأتي الاسم من اللغة اللاتينية (Calculus) الذي يعني حرفياً "الحسبان".
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
يمكن القول باختصار أن التفاضل هو إيجاد معدل التغير في التابع (الدالّة)، مثل إيجاد معدل تغير موضع جسم متحرك خلال زمن الذي يعطينا السرعة
أما التكامل فهو العملية المعاكسة، أي إيجاد التابع من معدّل التغير، مثل حساب مكان جسم عند معرفة تغير موضعه خلال الزمن (السرعة).
*التابع هو علاقة تربط بين متغيرين، بحيث نستطيع تتبع الطريقة التي تتغير فيها قيم أحدهما خلال تغير القيمة الأخرى، على سبيل المثال يمكن تتبع تغير مساحة سطح مربع خلال تغير طول ضلعه وفق العلاقة:
حيث أن:
- x هو طول الضلع.
- (f(x هو مساحة المربع
إذ تختلف قيمته كل مرة مع اختلاف قيمة x.
كيف تأسس التكامل والتفاضل؟
الأفكار الأساسية لحساب التفاضل والتكامل موجودة منذ زمن بعيد ابتداءً باليونان القديمة والشرق الأوسط والصين والهند، إلا أن الأسس الرياضياتيّة الواضح لم توضع حتى القرن السابع عشر على يد السير إسحاق نيوتن.
حيث أن إيجاد التفاضل والتكامل لم يكن رفاهية تحتمل الانتظار، بل كان ضرورة لنيوتن ليستخدم هذا العلم في إنهاء قوانين الحركة والجاذبية التي وضعها بنفسه.
الأساسيات في حساب التفاضل والتكامل
عند التحدث عن التفاضل والتكامل هناك أساسيات وشروط يجب معرفتها كي تكون الحسابات صحيحة، فكما أن شرط حساب قسمة عددين ألا يكون المقسوم عليه صفراً هناك قواعد معينة في التفاضل والتكامل، وهذه بعض المفاهيم الأساسية التي يجب معرفتها في هذا العلم.
يجب التنويه هنا أن الدراسة تكون غالباً على قيم عددية، ويكون التابع معرَّفاً على مجال من القيم العددية (عادةً المحور الأفقي x)، وهي القيم التي يتم تعويضها في التابع لحساب ما يسمى المستقر، وهو مجموعة كافة النواتج لكل واحدة من النقاط التي يتم تعويضها في التابع (عادةً المحور العمودي y).
1- النهايات:
تتم دراسة التوابع العددية على مجالات محددة بقيم معينة، أو يمكن أن تكون على مجالات غير محددة، كأن ندرس على مجال يمتد بين اللانهاية الموجبة واللانهاية السالبة مهما كانت حدود المجال، فيجب علينا أن نعلم أين تنتهي قيم التابع عند أطراف المجال المدروس، سواء كانت قيمة محددة أو قيمة غير محددة (لانهاية).
2- الاستمرار:
من خلاله تتم دراسة توزع قيم التابع على كل نقطة من مجال التعريف، ويمكننا القول إن التابع مستمر إذا كان الخط الواصل بين جميع نقاط المستقر غير منقطع، بالطبع قد يكون التابع غير مستمر على المجال كلّه، ولكن يكون مستمراً على مجالات جزئيّة فقط منه؛ على سبيل المثال التابع معرفّ بين النقطتين 10 و100 يكون غير مستمر على كافة المجالات لكنه مستمر على المجال الجزئي بين 10 و70.
3- الاشتقاق:
يمكن تعريف المشتق عند نقطة ما ببساطة على أنه المماس للمنحني البياني الذي يمثل التابع، أو هو معدل تغير التابع خلال لحظة في غاية الصغر، وبصيغة أخرى: هو أصغر تغير يطرأ على التابع خلال أصغر مدة ممكنة.
(مشتق التابع عند كل نقطة، هو ميل المماس لمنحنى ذلك التابع، الخط دائماً مماس للمنحنى الأزرق، وميله يمثل المشتق، لاحظ يكون المشتق موجباً عندما يظهر الخط باللون الأخضر، وسالباً عندما يظهر باللون الأحمر، وأصفراً عندما يظهر الخط باللون الأسود). يمكن من خلال المشتقات معرفة كيفيّة تغير قيم التابع، والنقاط التي تكون عندها القيمة عظمى.. الخ
4- التكامل
كما ذكرنا فهو العملية العكس للاشتقاق، ويمكن من خلالها حساب المساحات لأشكال غير هندسية مثل منحني ما، أو طول الخط المنحني، أما التعريف الهندسي الدقيق للتكامل: هو المساحة المحصورة بين محور الإحداثيات x والمنحني الخاص بالتابع بين نقطتي مجال التعريف، والشكل التالي يوضّح تلك المساحة.
مثال حول استخدام التفاضل والتكامل
السقوط الحر
في الفيزياء تعطى معادلة السقوط الحر دون وجود تأثير مقاومة الهواء بالشكل:
- حيث أن (y(t تعبر عن الارتفاع عن سطح الأرض في كل لحظة (t).
- وكي نحصل على سرعة الجسم الساقط سقوطاً حراً نعود لتعريف السرعة: تغير الموضع (المكان) خلال الزمن، أي أننا سنقوم بمفاضلة هذه العلاقة بالنسبة للزمن (حساب التغير بالنسبة للزمن). بالتالي تنتج المعادلة التالية التي تمثل السرعة:
- حيث أن (v(t هي السرعة في كل لحظة من الزمن t.
- أما لحساب التسارع الذي هو مقدار تغير السرعة خلال الزمن، أيضاً نقوم بمفاضلة علاقة السرعة بالنسبة للزمن لتنتج المعادلة التالية:
- حيث أن (a(t هو التسارع في لحظة ما t.
ونستطيع أن نلاحظ من العلاقة الأخيرة أنه في حال السقوط الحر فالتسارع قيمة ثابتة (g=9.81 m/s2)، وهذه القيمة تسمى تسارع الجاذبية الأرضية.
بالطبع يمكننا حساب على سبيل المثال معادلة الحركة (المعادلة الأولى) من معادلة السرعة عبر حساب التكامل لها، وبشكل عام عند وجود أي من هذه المعادلات الثلاث يمكن حساب كافة المعادلات اللازمة للدراسة الحركية للجسم مهما كانت حركته، إما عن طريق التفاضل أو عن طريق التكامل.
استخدام التكامل والتفاضل خلال حياتنا اليومية
يعتبر علم التفاضل والتكامل من أهم العلوم لدى الانسان ومرتبطة بحياته بشكل مباشر مثل الفيزياء والميكانيك والهندسة والاقتصاد والطب وغيرها الكثير، ويمكن القول أنه لا يوجد تقريباً علم إلا ويستخدم تطبيقات من التفاضل والتكامل، ومن أهم هذه التطبيقات:
- حساب أطوال المنحنيات، مساحات السطح لأي سطح كان، والحجوم؛ وكل ذلك بدقة كبيرة من خلال تقسيم الشكل لعدد غير منتهي من التغيرات (تغيرات الطول والمساحة والحجم) الصغيرة جداً ومن ثم مكاملتها.
- حساب التوزيعات الاحتمالية المنتظمة والتي يمكن رؤيتها في الفيزياء وحتى في علم الأحياء، كحساب انتشار جراثيم في وسط معين تحت ظروف بيئية معينة.
- حل المعادلات التفاضلية وتطبيقاتها مثل النواسات (بيندول) والدارات الكهربائية والحقول الكهرومغناطيسية، حيث يمكن رؤيتها بوضوح في معادلات ماكسويل الأربعة.
- حساب الثوابت في الرياضيات مثل الثابت "باي" (π)، أو قيمة العدد النيبري (e) بدقة كبيرة جداً.
- علم الأدوية من خلال دراسة واختبار تأثير دواء ما على عينة من المصابين بمرض معين، بعدها تعميم النتائج بعد تحقيق ثقة دقيقة من فعالية الدواء، من خلال مقاييس إحصائية، ثم اتخاذ القرار بتصنيع هذا الدواء أو والبحث ودراسة دواء آخر.
- في صناعة السيّارات نستطيع عن طريق التكامل أن نحدّد بدقة مركز ثقل السيارة ومحورها المركزيّ، ممّا يساعد على تحديد سرعة السيّارة وعوامل الأمان الأخرى.
- الهندسة المدنيّة والمعماريّة حساب مساحات المباني ذات الأشكال الهندسيّة غير التقليدية، لمعرفة متطلبات هذه المباني من موادَّ للتصنيع والإكساء.
نهايةً.. إن أردنا إحصاء المجالات التي يدخل فيها علم التفاضل والتكامل فلن ننتهي بساعات، ولكن يمكن القول أنه السبب في انطلاق الثورة العلمية التي بدورها أدّت للثورة الصناعية والمعلوماتيّة.