الإعلامي السعودي أحمد الشقيري يلهم الشباب المسلم
This browser does not support the video element.
المئات من القنوات والمحطات الأرضية منها والفضائية، آلاف البرامج ونشرات الأخبار عن ملايين الشخصيات والحوادث والحروب، عالم افتراضي فتح أبوابه أمام كل من (هب ودب) ليقول كلمته ورأيه، كل ذلك جعل من الصعب على الإنسان حفر اسمه في الذاكرة البشرية، ووضع بصمته الخاصة في عصر الفضائيات والإعلام المفتوح.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
لكن ذلك لم يمنع وجود شخصيات بذلت من الجد والجهد الكثير لإيصال رسالتها ضمن أفضل قالب ممكن إلى العالم أجمع، والاسم الذي سنتحدث عنه في هذا المقال يبذل يومياً موهبة وقدرة لتقديم محتوى إعلامي معاصر وجذاب والأهم من كل ذلك مفيد، فمن هو أحمد الشقيري؟ .. وما قصة غربته وعودته؟ .. وأين اخطأ وأين أجاد؟
نشأة الشقيري ونقطة التحول
أطلق مازن الشقيري على الطفل الجديد الذي انضم عام 1973 إلى عائلته اسم (أحمد)، ومبكراً صار هذا الطفل يرسم أحلامه المستقبلية التي تمنى أن يعيشها، فكان دائم الحلم بأنه طبيب أسنان لديه عيادته التقويمية الخاصة، أو رجل أعمال تتحدث الناس عن أعماله وإنجازاته، إلا أن الحلم سرعان ما تحول إلى ذكرى بعيدة.
ففي عام 1990 سافر أحمد ذو السابعة عشرة ربيعاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة إدارة الأعمال في جامعة كاليفورنيا، فتمكن من الحصول على درجة البكالوريوس في إدارة نظم المعلومات، وماجستير إدارة الأعمال، بعدها عاد إلى المملكة العربية السعودية للعمل مع والده في الاستيراد، إلا أن السنوات الأربع التي عاشها في الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن بهذه السهولة فالشاب المسلم داخل بيئة كاليفورنيا المتحررة.
خاض صراعاً عنيفاً بين تعاليم دينه و المغريات من حوله التي استسلم لها تارة وحاول التصدي لها تارة أخرى، إلا أنه أفصح في كتابه (رحلتي مع غاندي) أنه انغمس في ملذات الحياة بين نساء وشرب إلى أن جاءت نقطة التحول الرئيسية في حياته مع أدائه لأول صلاة له في عام 1994 داخل منزله في أمريكا.
ثم جاءت عودته إلى السعودية في عام 1995 وزواجه المبكر كردة فعل أولى على حياة اللهو التي عاشها في كاليفورنيا، معلناً توبته النصوح، إلا أن رغبته في التحرر من قيود التعصب دفع زوجته إلى طلب الطلاق، وهنا شعر (أحمد الشقيري) بأنه بدلاً من إنقاذ حياته بدا وكأنه يغرق أكثر، فهو في هذا العمر المبكر أصبح مطلقاً، ويمارس عملاً لا يحبه، ولا يعرف الطريق الصحيح لممارسة دينه الحنيف، كما أنه لم يقم بأي عمل يجعل الناس يتذكرونه بالحُسنى، فما الحل؟!..
الصعاب التي واجهت الشقيري في بداية مسيرة حياته منحته عِبرة هامة قام بتنفيذها لاحقاً، وتقول العبرة (المهم أن تسأل لتستطيع تغيير حياتك)، وهذا ما فعله الشقيري بالضبط، فقد توقف للحظة وسأل نفسه ما الذي أفعله هنا؟!.. لماذا أتصرف بهذا الشكل؟.. ماذا فعلت لأساعد الآخرين من حولي؟.. والأهم ماذا فعلت لأساعد نفسي؟.
فبدأ الشقيري دراسة الإسلام وتعاليمه مع الشيخ (عدنان الزهراني) الذي أعطاه رأس الخيط نحو الصراط المستقيم والإلهام لعمله الجديد، حيث نبهه إلى أن عظمة وقوة الإسلام تكمن في تنوعه وانفتاحه، وقدرته على إيجاد وسائل وأساليب جديدة مع الأحوال المتغيرة من حولنا والتطورات الأخيرة، مما ساعد الشقيري في إعادة الاستقرار إلى حياته والموازنة كما يقول: بين (أناه المسلمة السعودية في أعماقه) وبين (الرغبة التي أشعلتها الحياة الأمريكية ومغرياتها).
خطوة الشقيري الأولى نحو هدفه
مع قراره بترك التدخين والنرجيلة في عام 2000، بدأت حياته تأخذ مساراً أكثر إيجابية، ولم يحل عام 2002 حتى وجد أحمد الشقيري هدفه الذي سيسعى كل حياته لتحقيقه، وهو مساعدة الشباب المسلم على اكتشاف توليفة الحياة التي يحتاجونها لردم الهوة التي نشأت بأفكارهم بسبب ما يسمعونه من رجال الدين، وما يرونه على شاشات التلفزة والفضائيات والإنترنت.
خاصة أنهم يتواجدون في بلد متدين ومحافظ مثل المملكة العربية السعودية، فكانت الخطوة الأولى في طريق تحقيق هذا الحلم هو برنامج (يلا شباب) الذي سنتكلم عنه تالياً، خاصة بعد الذعر الذي أصابه بسبب الهجوم على برجي التجارة العالميين في أمريكا سنة 2001 والذي شكل له حافزاً ودافعاً "بضرورة توعية الشباب لتفهم الدين بالاعتدال والشكل الأفضل".
والشقيري اليوم متزوج من مصممة الأزياء السعودية رولا دشيشة منذ عام 1999 التي صممت له ثيابه في برنامج خواطر من اليابان المستوحاة من التراث الياباني، كما رزق منها بطفلين هما يوسف وإبراهيم، ويقدم حالياً برنامجاً جديداً على قناة (mbc) بعد إعلانه توقف برنامجه الناجح (خواطر).
في البدء برنامج "يلا شباب"
لم يفكر أحمد الشقيري بالإعلام كوسيلة لتحقيق غايته في مساعدة الشباب بإيجاد التوازن في حياتهم، والطريقة الصحيحة لتحقيق أمانيهم، إلا أن صديقه (هاني خوجة) الذي كان يحضر لإعداد برنامج موجه للشباب وجد أن الأفكار الجديدة التي يتحدث عنها الشقيري تتقاطع مع أهداف البرنامج الجديد الذي يُحضّره، وفعلاً عرض على أحمد المشاركة في إعداد البرنامج، وانتهى به الأمر إلى تقديمه مع شابين آخرين هما: (أحمد الفيشاوي) و(عمرو القاضي)، فوافق مباشرة حيث رآها فرصة مناسبة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الشباب.
وخلال هذا البرنامج قدم (أحمد الشقيري) النصح والإرشاد للشباب طارحاً أهم المشاكل التي تواجههم وتهمهم، كما لفت الانتباه إلى بعض العادات السيئة وسبل القضاء عليها، وإزالة سوء الفهم عن بعض الممارسات المغلوطة عبر إظهار رأي أهل العلم والدعوة فيها لضمان الفهم الصحيح للدين وتعاليمه، كما اهتم البرنامج بتسليط الضوء على المشاريع التثقيفية والتنموية.
وبالنظر إلى البرامج التي شارك (أحمد الشقيري) في تقديمها أو إعدادها إلى جانب أشخاص آخرين؛ قبل وصوله إلى تقديم برنامجه الخاص الذي يعبر عن أفكاره وأهدافه، يمكننا ملاحظة مدى الفائدة والخبرة التي اكتسبها الشقيري من تلك التجارب التي بلورت رؤيته للأمور وزادت من خبرته ومخزونه المعرفي حول عالم الإعلام والأدوات الصحيحة لتحقيق الأثر المطلوب، التي استفاد منها لاحقاً بشكل كبير في تنفيذ برنامجه الخاص.
البرامج التي شارك فيها الشقيري
من البرامج التي شارك فيها (أحمد الشقيري)، برنامج (رحلة مع الشيخ أحمد يوسف) الذي تقوم فكرته على مرافقة الداعية الأمريكي (حمزة يوسف) في رحلته بين المناطق المختلفة ضمن الولايات المتحدة الأمريكية، محاوراً الشباب الذين يرافقونه في رحلته طارحاً رؤيته عن العلاقة بين الإسلام والغرب، وخصائص الدعوة المعاصرة التي على الشباب المسلم اتباعها في دعوتهم الآخرين لدينهم.
كما قدم أحمد الشقيري برنامجاً آخراً بعنوان (لو كان بيننا) تقوم فكرته على استحضار النبي محمد (ص) في الزمن المعاصر، فهو يهدف إلى تحقيق السنة النبوية في الأعمال اليومية من حياتنا، حيث طرح البرنامج سؤالاً هاماً وهو كيف كان سيتصرف الرسول (ص) أو سيحكم على مواقف معينة في هذا الزمن لو كان بيننا الآن؟
استمر البرنامج لموسمين كاملين، وكانت فكرته تقوم على نزول الشقيري مع كاميرا برنامجه إلى الشارع ويلتقى الناس، مسلطًا الضوء على الكثير من الممارسات اليومية، ويقارنها بممارسات الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما البرنامج الذي اقترن اسم الشقيري به لمواسم طويلة وناجحة هو برنامج (خواطر)، الذي سنفرد له فصلاً خاصاً للحديث عن فكرته والأثر الكبير الذي حققه لدى الجمهور.
خواطر .. محاكاة للتواضع والاحترام
ما لبث المقال الأسبوعي لأحمد الشقيري الذي كان يكتبه في صحيفة المدينة السعودية بأسلوبه البسيط والجذاب أن تحول إلى برنامج تلفزيوني من أكثر البرامج متابعة ونجاحاً على الفضائيات العربية، رغم أن مدته لم تتجاوز في أولى حلقاته عام 2005 الخمس دقائق، وحمل نفس اسم المقال وهو (خواطر شاب)، ثم توالت نجاحات البرنامج موسماً بعد الآخر.
حيث بدأ معجبوا البرنامج من المحيط إلى الخليج ينتظرون عرضه مع بداية الشهر الفضيل للاستفادة من النصائح المقدمة خلال مدة الحقة الواحدة من البرنامج التي كانت تطول مع كل موسم حتى أصبحت مدة الحلقة الواحدة في (خواطر 11) حوالي الثلاثين دقيقة بأسلوب عرض مكثف ودقيق، مع الحفاظ على البساطة في الأداء وطريقة العرض طارحاً حلولاً عملية بعيداً عن التنظير.
فمثلاً خصص الشقيري (خواطر خمسة) للحديث عن (كوكب اليابان) حسب وصفه، ولم يكن حالماً عندما طالب الشباب المسلم بالاقتداء باليابانيين، فهو لا يريد بين ليلة وضحاها أن تضاهي مدينة جدة العاصمة طوكيو في صناعة الروبوتات، وإنما محاولة تطبيق خصال التواضع والاحترام في التعامل وتقدير الوقت، هذه الخصال التي تشكل أسس المجتمع الياباني.
بينما نجد العالم العربي والإسلامي رغم كل توصيات الأنبياء والرسل للمسلمين بالتواضع والإحسان، نرى البلدان العربية أقل تقديراً لهذه الأمور من بلد آسيوي مزقته قنبلة نووية في يوم من الأيام، إلا أنها لم تستطع منع شعبه من إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وخير دليل على ذلك أن اليابان اليوم تعد في مقدمة الدول الصناعية، لذلك افتتح الشقيري (خواطر خمسة) بجملة كتب فيها "لم نذهب إلى اليابان للتمجيد ولا للتقليد، ولكن لنأخذ منهم كل مفيد".
نقد لاذع .. وردّ الشقيري
في الضفة المقابلة لمعجبي الشقيري ينتظر الكثير من النقاد عرض برنامج خواطر رغبة منهم في إيجاد مكامنٍ للخطأ وبالتالي توجيه الانتقاد، حيث يقول البعض "أن الشقيري يبالغ في إظهار سوداوية الواقع العربي مقارنة مع الغرب، وأن أحكامه في برنامجه مطلقة، وكأن العرب هم مجرد مجموعة من الكسالى والمتخلفين وأن الغرب مثال يُحتذى بالنظام والانضباط والدقة".
كما وجيّر البعض نقداً لاذعاً ضد (أحمد الشقيري) لاسيما بعد عرض برنامج (خواطر سبعة) الذي طالب الشقيري في إحدى حلقاته التجار بتخفيض الأسعار، مما أثار حفيظة الجمهور الذي طالب الشقيري بأن يخفض أسعار المشروبات في المقهى الذي يملكه قبل مطالبة الآخرين بذلك، فعلق الشقيري على ذلك خلال ظهوره في برنامج (نبض الكلام) بالقول "لم أتعرض في حياتي لسب وشتم وقذف، مثل ما حصل لي في الثلاثة أسابيع الماضية من الشهر الكريم"، مبرراً الأسعار المرتفعة في (الكوفي شوب) الذي يملكه بذهاب ريعه إلى الأعمال الخيرية.
وكان زميلنا الصحفي الراحل علي وسوف أحد المتابعين لبرنامج خواطر يقول: "يمكننا أن نلاحظ أثر النقد الذي تعرض له الشقيري في قراره بتخصيص آخر نسختين من البرنامج لنقد المجتمع الغربي وخاصة الأمريكي والياباني الذي تغزل بهما سابقاً، من خلال الحديث عن السلبيات الاجتماعية المنتشرة في تلك البلدان مثل: حالات الانتحار والتفكك الأسري وغيرها، وهنا كان خطأه"، فالفكرة من برنامج خواطر هي رفع الغطاء عن السلبيات في المجتمعات العربية والإسلامية لا لمجرد النقد، إنما لحث شبابها على التغيير ودفعهم نحو التطور عبر منافسة الغرب المتقدم"، وأهم وسيلة لتحقيق ذلك برأي (وسوف) هو "صم الآذان عمن يحاولون إقناعك بعكس ذلك، وهذا ما وقع فيه الشقيري عندما استجاب في (خواطر عشرة وإحدى عشرة) للآراء السلبية من حوله".
كذلك أثار الشقيري لدى بعض المغالين جدلاً واسعاً لاستخدامه خلفية موسيقية أثناء تفسيره لبعض آيات القرآن الكريم، حيث طالبه متابعوه بالتخلي عنها في المقاطع الدعوية لأن ذلك مخالف للشريعة، وأنها تمنعهم من سماع نصائحه ودعوته، حتى علق أحد المتابعين بالقول "كنت أتمنى لو تحذف يا أخي أحمد الموسيقى من المقاطع التي تنزلها لنستطيع تداولها ونشرها".
رغم ذلك، فمن المؤكد أن كل شخص مشهور؛ لا سيما في مهنة التقديم التلفزيوني، هو تحت مجهر جمهوره من معجبين ونقاد، المهم من ذلك الاستفادة من الآراء البناءة لتطوير العمل، ومن أهم الدروس التي ختم بها (أحمد الشقيري) سلسلة النجاحات التي حققها برنامج (خواطر) هو "معرفة متى عليك التوقف"، حيث كان قرار إيقاف برنامج خواطر وإعلان أن الجزء الحادي عشر هو آخر نسخة سيقدمها الشقيري؛ مفاجئاً لجمهور عريض تعود انتظار كل جديد ومفيد من الإعلامي (أحمد الشقيري)، إلا أنه كان يقصد بذلك تحريضهم على عدم الاكتفاء والبحث دوماً عن تحدي آخر، وهذا ما يحاول الشقيري فعله في برنامجه الجديد (قمرة).
أفكار "خواطر" تُترجم على أرض الواقع
(إن كان هذا هو الجزء الأخير من خواطر يحق لنا أن نقدم التهنئة للمتميز الذي ألزم نفسه بالإحسان في القول والعمل إنه الشاب احمد الشقيري.. أثرك سيبقى بإذن الله ورسالتك وصلت وأفكارك تبناها جيل الشباب فعلاً، كما قلت خواطر ليست مجرد كلام بل هي دعوة لتغيير الفكر من أجل تغيير العمل)، هذا ما كتبته منى يوسف حمدان من صحيفة المدينة السعودية تعليقاً على الجزء الحادي عشر والأخير من برنامج (خواطر)، الذي حرص فيه (أحمد الشقيري) على إظهار الأثر الذي تركه برنامجه وأفكاره في نفوس الآخرين وأعمالهم، حيث عرض في إحدى الحلقات مقابلة مع فريق تطوعي من الشباب في السودان؛ أطلقوا على أنفسهم اسم (مجددون) عمدوا إلى إعادة تأهيل الفصول الدراسية لإحدى مدارس قرى السودان الفقيرة، فأطلقوا عليها اسم (خواطر) بعد الانتهاء من أعمال البناء.
أما في جمهورية مصر العربية، أطلق فريق (ومن الماء حياة) مشروعاً يحمل اسم (خواطر) لتوفير المياه للفقراء والمحتاجين.
ومن دون أن يعلم، استطاع أحمد الشقيري من خلال خواطره مساعدة الشاب محمد المسلم المقيم في أمريكا من إعادة صلته بدينه ومجتمعه، حيث قال الشاب محمد في استطلاع أجرته صحيفة النيويورك تايمز عن محاضرة أقامها الشقيري في أمريكا مؤخراً "أظهر لي أحمد حلاً وسطاً في كل شيء، في العلاقات والعمل والصوم والصلاة".
ماذا يفعل الشقيري في المقهى الأندلسي
أعلن (أحمد الشقيري) في وقت سابق أن هدفه في الحياة هو "إعادة أمة اقرأ إلى القراءة"، فقرر إطلاق مجموعة من المشاريع الثقافية و غير الربحية منها برنامج خواطر، إلى جانب (مقهى أندلسية الثقافي) في جدة الأمر الذي لا يعرفه كثيرون، وهو عبارة عن سلسلة محلات تحمل الطابع الإسلامي الأندلسي الذي يعتبر من النقاط المضيئة في تاريخ الفتوحات العربية، حيث يحرص الشقيري من خلال هذه المقاهي على توفير الجو المناسب للندوات والنقاشات أو قراءة الكتب بهدوء مع كأس من الشاي أو كوب قهوة، علماً أن كل أنواع الدخان والنرجيلة (الشيشة) ممنوعة فيها.
الهدف من المشاريع التي أطلقها الشقيري تحسين وتطوير المجتمع بطريقة عصرية تلقى قبولاً واستحساناً لدى الشباب، وبعد مرور 7 سنوات على إطلاق المشاريع وجد الشقيري وشركاؤه كمجموعة الفوزان والمركز الطبي الدولي وشركة أصول، أن الوقت حان لنقل هذه المشاريع إلى المرحلة التالية عبر تأسيس شركة (آرام الإحسان القابضة) غير الربحية الساعية نحو نشر مفهوم الإحسان في المجتمع العربي عبر إنتاج برامج تلفزيونية هادفة، والتشجيع على القراءة والمطالعة التي يعتبرها الشقيري السلاح الحقيقي في يد الدول النامية، حيث قال الشقيري على هامش مشاركته في تحدي القراءة العربي "علاقتي بالقراءة علاقة مصلحة.. اقرأ لأستفيد وأفيد".
حرص الشقيري في تنفيذه (مقهى أندلسية) على بنائه بما يتوافق مع شكل المباني في (الأندلس) بحيث يحمل المقهى في تصميمه عبق الماضي وأمجاد العرب في قرطبة وغرناطة، التي شكلتا خلال فترة ازدهارهما مراكز إشعاع حضارية.
يذكر أن الشقيري غالباً ما يقضي وقته هنا للدردشة مع الأصدقاء والمعجبين، وهو يحتسي الشاي، متنقلاً بسهولة بين لغته الأم (العربية) والإنجليزية باللهجة الأمريكية التي تعلمها أثناء دراسته في الخارج بطريقة مريحة لا تعجرف أو غرور فيها، للحديث عن كثير من الأمور والمواضيع الطارئة على المجتمع السعودي كأهمية التعامل بالإحسان مع العمال الأجانب، إلا أن هذا الأمر لم يعد ممكناً بعد إغلاق أمانة جدة للمقهى بسبب مخالفة صحية، وعلق الشقيري على الموضوع بقوله "أنا لا أدعي الكمال ولا المثالية وأشكر أمانة جدة على القيام بعملها، ولا يرضيني أن يكون لي صلة بمشروع لا يطبق معايير الإحسان".
شهرة عالمية وجوائز عديدة
أطلق مجموعة ناشطين على تويتر هاشتاغ (#أحمد_الشقيري_وزير_التعليم)، كنوع من التشجيع على اختيار الإعلامي السعودي المعروف أحمد الشقيري لتولي منصب وزير التعليم العالي في المملكة بعد إعفاء الوزير محمد العيسي من منصبه.
بسبب ما عرف عن الشقيري من خلال برامجه المجتمعية والتوعوية طيلة السنوات الماضية، وبين مشكك بجدارته وداعماً له حقق الهاشتاغ انتشاراً واسعاً في الداخل السعودي، إلا أن القرار صدر بتعيين عبد الرحمن الأيوبي وزيراً جديداً للتعليم؛ ومع ذلك فإن مجرد طرح اسم الشقيري من مجموعة شبان على وسائل التواصل الاجتماعي هو دليل على مدى تأثيره فيهم وإعجابهم بشخصه، كما يمكن اعتباره تكريم خاص من الجمهور لشخصية الشقيري.
يذكر أن أحمد الشقيري قد حقق سابقاً المركز الأول كأقوى شخصية شابة ومؤثرة في الوطن العربي لعام 2010، في استفتاء أجرته مجلة (الشباب 20) الإماراتية ففاز بجائزة أفضل شخصية إعلامية، كما فاز في نفس العام بجائزة أفضل شخصية إعلامية شابة ضمن ملتقى الإعلاميين الشباب الثالث الذي عقد في الأردن. إضافة إلى احتلاله المركز الثالث والأربعين بعد المئة في قائمة أكثر خمسمئة شخصية مؤثرة في الوطن العربي في عام 2011 الصادرة عن مجلة العمل العربي (أريبيان بزنس).
وفي دراستها الاستطلاعية أصدرت مؤسسة يوجوف العالمية قائمتها الجديدة لأكثر الشخصيات المحبوبة في العالم، حيث اعتمدت المؤسسة في إنجازها على آراء أكثر من 25 ألف شخص من 23 دولة مختلفة، جاء في المركز الأول ضمن قائمة أكثر شخصيات محبوبة في العالم للسعودية لعام 2016 ملك البلاد سلمان بن عبد العزيز، والإعلامي أحمد الشقيري في المركز الثاني.
وكرمت السفارة اليابانية في السعودية أحمد الشقيري لتعاونه في تطوير العلاقات بين اليابان والسعودية من خلال الموسم الذي خصصه من برنامجه خواطر تحت اسم (خواطر من اليابان)، حيث قام الشقيري بتناول الثقافة اليابانية في حلقات البرنامج، فمنحه السفير الياباني في المملكة (شيجيرو إندو) شهادة تقدير لجهوده، قائلاً "أقدر جداً أن برنامج خواطر ساعد على زيادة اهتمام الشعب السعودي بجميع جوانب المجتمع الياباني".
كما أعلـن المجلس الدولي لحقوق الإنسان مؤخراً عن تصويــت مُوسّع حول أكثر الشخصيات تأثيراً في المجال الإعلامي عالمياً، بمــا في ذلك العالم العربي الذي حظــى إعلاميوه على حصة معتبرة من القائمة في إشارة إلى أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام وشخصياته في الوقت الحاضر، لذلك سنُسلّط الضوء هنا على أهم الإعلامييـن العرب الذين وردت أسماؤهم في القائمة مثل فيصل القاسم وباسم يوسف، والإعلامي السعودي أحمد الشقيري الذي تقدم في تصويت الجمهور على الاسمين السابقين.
وقد يكون السبب وراء ذلك هو تطلع الجمهور نحو أحمد الشقيري كنموذج مشرف من الشباب العربي الطموح، الذي استطاع الجمع بين الاعتدال والدين محققاً النجاح في خدمة المجتمع، وتقديم الفائدة الحقيقية المبنية على حلول عملية، حتى أن صحيفة النيويورك تايمز لم تستطع إلا إبداء اهتمامها بمحاضرة أحمد الشقيري التي ألقاها مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية ولاقت استحساناً كبيراً من جمهور الحاضرين.
كما أطلقت عليه الصحيفة لقب (شيخ العصر الرقمي الجديد) الذي تمكن إلى جانب إعلاميين ودعاة إسلاميين آخرين اتخذوا من وسائل التواصل الاجتماعي منصة ليدلوا بأفكارهم؛ من إعادة التوازن للشباب المسلم التائه، مع تخوف البعض حسب قول كاتب المقال (ROBERT F. WORTH) من الأثر الكبير الذي يتركه هؤلاء على جمهور الشباب.
خاصة لما تحمله خطاباتهم من لغة جذابة قد تهدد برأي الدكتور (حسين أمين) أستاذ في الجامعة الأمريكية في مصر الطبقة العلمانية في البلاد العربية والإسلامية، وتوجهها نحو (الدين المعتدل) الذي يتحدث عنه الشقيري وأمثاله في خطبهم بقوله "هذا هو السبب في تحول كثير من الذين كانوا ليبراليين إلى محافظين، وأولئك الذين كانوا محافظين إلى متطرفين".
(قمرة) الشقيري.. اعتراف بالخطأ مع الاجتهاد
يطل الإعلامي السعودي أحمد الشقيري على جمهوره في شهر رمضان ببرنامجه الجديد (قمرة) الذي يحقق حتى الآن نجاحاً مشابهاً لبرنامجه السابق (خواطر)، حيث يقدم الشقيري خلاله المفيد والممتع، إلا أن ما يميز برنامج (قمرة) هو إشراك الشباب من جميع البلاد العربية في إعداد المواضيع والأفكار المتنوعة المناسبة للبرنامج معبرين عن آرائهم ومشاكلهم بفيديو قصير لا تتجاوز مدته الدقيقتين ليشاركوا في الإعداد من جهة ويدخلوا في مسابقة تصل قيمة جوائزها إلى (500,000) ريال سعودي لصاحب المركز الأول و(300,000) ريال سعودي للمركز الثاني، وأخيراً مع (200,000) ريال سعودي للمركز الثالث، حيث أن تصويت الجمهور هو الفيصل.
أما بالنسبة إلى اسم البرنامج أي (قمرة) فوضح الشقيري في الحلقة الأولى أن سبب اختياره لهذه الكلمة التي تعني البياض الناصع، هو رغبته في السعي إلى تقديم مادة إعلامية نزيهة ونقية.
يذكر أن الإعلامي (أحمد الشقيري) استخدم كلمة (قمرة) في إحدى حلقات برنامجه السابق (خواطر) كاسم تعريب لكلمة كاميرا، وهو خطأ شائع في القواميس والمعاجم الحديثة سرعان ما تراجع الشقيري عنه، وما اختياره لكلمة (قمرة) وتوضيح معناها في بداية البرنامج إلا دليل على تراجعه عن الخطأ، والاجتهاد لتصحيحه وقلما نجد إعلامي آخر يفعل ذلك.
نقد كثيرون الطابع الديني الذي أسبغه الشقيري على خطابه حتى لقبه البعض بالداعية الإسلامي، إلا أن الإعلامي السعودي ينبه في بداية معظم محاضراته أنه ليس (شيخ) ولا يحمل أي مؤهل علمي أو ديني يسمح له بالتشريع، إلا أنه يحمل أخلاق النبي محمد (ص) وتعاليم القرآن الكريم الصالحة لكل زمان ومكان، والتي تدعونا إلى النهوض والتطور وعدم الركون والتوقف عن العمل، كما أنه سعى في كل برامجه إلى تحقيق التوازن بين الغرب والشرق، فكل شخص فينا يكمل الآخر.
أخيراً .. قدم أحمد الشقيري في كل الأعمال التي أنجزها حتى الآن نموذجاً صالحاً عن الجدية والدقة في العمل محترماً بذلك عقول جمهوره، ومجتهداً في إقناعهم، ساعياً إلى خيرهم، فهو من الأفراد القلائل الذين استخدموا الوسائل التكنولوجية الحديثة وسخروها لخدمتهم وليس العكس.