أشهر شعراء العصر الجاهلي
الشعر في العصر الجاهلي كان يعتبر من بين أرفع الفنون والآداب في ذلك العصر، فالشعر عند العرب كان يعد وسيلة للتعبير عن عواطفهم ومشاعرهم، حيث قاموا بتصوير جمالها بأسلوب يثير الإعجاب والرضا في النفوس، كما أنهم أدركوا قيمته ودوره الكبير في توثيق تاريخهم وتمجيد إنجازاتهم.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وكان الشاعر في العصر الجاهلي مرتبط بأرضه وقبيلته بشكل وثيق، وكان يدعمهم في الحروب ضد القبائل الأخرى، لذلك، كان هناك منافسة شديدة بين الشعراء والقبائل في مجالات الفصاحة والبيان.
وبسبب هذا التنوع والعدد الكبير من الشعراء، فقد حاول النقاد تصنيفهم إلى طبقات مختلفة، باستخدام معايير متنوعة، مثل الشهرة والأسلوب والموضوع وغيرها. وفي هذا الموضوع، سنقوم باستعراض أشهر شعراء العصر الجاهلي.
امرؤ القيس
اسمه بالكامل: امرؤ القيس بن حجر بن حارث، وهو شاعر يمني من قبيلة كندة، ولد ونشأ في بيت غني ومرموق، حيث كان والده سيد بني أسد، وكان معروفاً بحبه للهو والسكر.
بعد اغتيال والده على يد أفراد من قبيلته بني أسد، أعلن امرؤ القيس عزمه على الانتقام، وعبر عن ذلك في مقولته الشهيرة: "ضيعني أبي صغيراً وحملني دمه كبيراً"، في إشارة منه إلى رغبته في الانتقام من قتلة والده.
تميز شعر امرؤ القيس بأنه كان متنوعاً، حيث شمل الغزل والوصف، وبشكل خاص في وصف النساء والفرس والصيد، كما كان شعره تتخلله الحكمة، وكاتن لغته جميلة وموجزة، تعكس حياته وتراث قبيلته.
ويعتبر امرؤ القيس واحداً من أفضل شعراء العصر الجاهلي وأكثرهم فصاحة، وهو من أوائل الشعراء الذين قاموا استخدام الاستعارات في شعره بشكل بارع،
ولامرؤ القيس معلقة شهيرة، قال في مطلعها:
قِفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ
طرفة بن العبد
اسمه بالكامل: طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة من بكر، وكان شاعراً معروفاً من نسل جده الأعلى للعرب الحجازيين، واسمه عمرو، ويكنى يأبي عمرو.
وكان لقوم طرفة عند الطرب مكانة كبيرة، وعرفوا بالحسب والنسب، حيث اتصف جده بالشرف والرئاسة، كما اتصف والده بالإقدام والشجاعة.
وتميز شعر طرفة بألفاظه العذبة، واستخدامه الكلمات الغريبة المعقدة، كما كانت طبيعة حياته وبداياته في كتابة الشعر، تظهر في شعره الخشن، الذي وصف به الطبيعة وجمالها.
وتطور شعر طرفة بمرور الزمن، حتى أصبح أكثر نعومة وتقارباً للذوق البدوي المتحضر، وكان شعره متنوعاً، حيث شمل موضوعات مختلفة، مثل الهجاء والفخر والوصف والحكمة.
ويقول طرفة في مطلع معلقته:
لِخَولة َ أطْلالٌ بِبُرقَة ِ ثَهمَدِ، تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدِ
زهير بن أبي سلمى
اسمه: هو زهير بن ربيعة، وكان يلقب بأبي سلمى، وهو أحد أبناء قبيلة مزينة التابعة لمضر، وقد.ولد في أسرة معروفة بأن لها تاريخ كبير في الشعر، حيث كان والده وخاله وزوج أمه وأخته وأبناؤهم، من بين الشعراء المعروفين.
وكانت البيئة الشعرية الغنية في النماء، من بين العوامل الرئيسية في تكوين شخصية زهير الشاعرية، إلى جانب أنه اشتهر أيضاً بأنه جكيم وذي رأي سديد.
واستقى زهير من اللغة ما هو جميل ومفيد في شعره، وكان يتجنب الزخارف الزائدة، وكان يعد رمزاً لقومه وثقافتهم، وتألقت حكمته الشعرية في قصائده، كما أن مدائحه الشعرية ساعدته في تطوير شعره وتنقيته.
شارك زهير في العديد من الملاحم الحربية التي حدثت في عصره، مثل حرب داعس ومعركة الغبراء، وعبر عن مشاعره بصدق في شعره خلال تلك الأحداث.
إليك مطلع معلقة زهير المشهورة:
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ
الحارث بن حلزة
اسمه: أبو عبيدة الحارث بن حلزة بن مكروه، وهو من سادة قبيلة بكر في العراق، وعرف أنه كان شاعراً متمكناً ومجدداً في فن الشعر، وتميز بإتقانه لفنون الشعر وخبرته فيها.
يروى أن الحارث قد نظم معلقته الشهيرة، بسبب حادثة وقعت بين قبيلتي بني تغلب وبني بكر بعد حرب البسوس، حيث جمع العمرو بن هند قبيلتيهما للتصالح بينهما، وأخذ رهناً من كل قبيلة مئة غلام، من أجل ضمان سلامتهم.
ولكن بعد فترة، توفي بعض غلمان بني تغلب، فيما رفضت قبيلة بكر أن تعيد الغلمان الباقين، ليخرج الحارث ويلقى قصيدته من وراء حجاب، لأنه كان مصاباً بمرض البرص، وكان العمرو بن هند يرفض رؤية مرضاه.
وبعد ذلك، طلب الحارث من الملك عمرو بن هند، أن يقضي بالعدل لصالح قبيلته، وبهذا القرار، حكم عمرو لصالح بكر على تغلب.
وتبدأ مقدمة معلقة الحارث على النحو الآتي:
آذَنَتْنَا بِبَينِهَا أَسْماءُ رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ
عمرو بن كلثوم
اسمه: أبو الأسد عمرو بن كلثوم التغلبي، تربى في أسرة مرموقة تنتمي إلى سادة قبيلة تغلب، ونشأ في بيت ذو مكانة اجتماعية عالية وسلطة.
بعد وفاة والده، تولى عمرو مسؤولية قومه، وأصبح سيداً لهم، وذلك وهو لم يكمل السادسة عشرة من عمره، وكان شاعراً موهوباً، على الرغم من قلة إنتاجه الشعره.
امتاز شعر عمرو بن كلثوم بأسلوبه السلس والارتجالي، إلى جانب استخدامه المبالغة الشديدة في التعبير عن فخره، مما جعله يتفرد بهذا النوع من الشعر في العصر الجاهلي.
وقد عاش عمرو بن كلثوم حياة طويلة، وتعتبر معلقته واحدة من أهم قصائده وأشهرها، حيث نظمها في سياق خلاف كان بينه وبين عمرو بن هند.
وتبدأ معلقة عمرو بن كلثوم بالتالي:
أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا وَلاَ تُبْقِي خُمُـوْرَ الأَنْدَرِيْنَـا
عنترة بن شداد
اسمه بالكامل: عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسي، وكان يلقب بعنترة الفلحاء، وهو من نجد، وكانت أمه حبشية، وقد ولد في عائلة عبسية، حيث كان والده من سادة القبيلة.
لم يعترف قومه بعنترة في بداية حياته، وذلك بسبب أصل أمه الحبشي، حيث كانت عادة العرب في الجاهلية ألا تعترف بالشخص الذي ولد من أم غير عربية، لذلك فقد نفي عنترة من قبيلته في الصغر.
ولكن مع تقدم عنترة في العمر، استدعاه والده، واعترف به وقبله في القبيلة، وأصبح عنترة واحداً من أشهر الشعراء الفرسان في الجاهلية، حيث كانت لديه سمات تميزت بها شخصيته، فقد جمع بين شجاعته وقوته في المعارك، وبين لطف قلبه وسهولة أخلاقه.
واشتهر عنترة بقصة حبه الكبيرة لابنة عمه، عبلة بنت مالك، التي كتب عنها العديد من الأشعار، وأعرب عن مشاعره تجاهها بكثرة، وقد تزوج عنترة من عبلة بعد مجهود وعناء كبير.
وقال عنترة في مقدمة معلقته:
هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم أم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ