السيرة الذاتية
حير العلماء بإنجازاته، وأثبت أن لا حدود لقدرات الإنسان، إنه يوسين بولت أسرع عدّاء في تاريخ الجري، الذي تخلى عن كل شيء في حياته من أجل ألعاب القوى ليخط اسمه في صفحات التاريخ العريضة بتحطيمه للأرقام القياسية، فشل عدة مرات في تحقيق طموحه بالسباقات المختلفة ليستعد جل قواه في أولمبياد بكين ويحقق ما عجز عنه الكثيرون، عاش حياةً صعبة في طفولته وفقراً كبيراً، ليحصد سنة بعد سنة ثمار تعبه وجهده. مسيرته وأبرز المعلومات عن حياته في السطور التالية...
نشأة يوسين بولت
ولد بولت في شيروود، تريلاوني، جامايكا عام 1986، من والدين كانا يعملان في بقالية في ذات المنطقة بالإضافة إلى عمل والده في شركة للقهوة بسبب الفقر، فقد كان بولت يعاني من الفقر الشديد ويشعر بأنه ولد محروم ولكنه لم يلجأ إلى التسول، مما دفع والده إلى حضه على العمل مع إخوته الآخرين (Sadeeki، Sherine) في البقالة التي كانت لديهم.
كان والده يلجأ للحزام لضربه عند قيامه بأشياء غير صحيحة، وقد منعه والده من قيادة السيارة حتى حصل على رخصة في القيادة، فانضم إلى إحدى مدارس القيادة وأخذ ثلاثين ساعة في القيادة للحصول على الرخصة.
لبولت أخوين هما (Sadeeki، Sherine) وكان يقضي وقتاً طويلاً في لعب الكريكت وكرة القدم مع شقيقه (Sadeeki)، التحق بأكاديمية (Waldensia Primary) الابتدائية، كان مهووساً بلعبة الكريكت، إلى أن وصل للمرحلة الثانوية، حيث نصحه مدربه بعد أن شاهد قوته الجسدية والبدنية الكبيرة بالانتقال إلى ألعاب القوى وتحديداً سباق المضمار، وكان لوالده الدور الكبير في اتخاذه قرار.
بدايات بولت الرياضية
كان بولت مع أطفال الحي الذي يسكنه يلعبون الكريكت وكرة القدم، إلا أن مدرب الكريكت (Pablo McNeil) لاحظ قدرته على الجري بسرعة، فشجعه على تطوير وتركيز قدراته على الركض، لتبدأ مسيرة نجم حلق بسرعة البرق إلى العالمية.
في سن الثانية عشر كان أسرع عداء في مدرسته، ليتوج بطلاً على مستوى المدارس الجامايكية ثم على المستوى الكاريبي، مما دفع المدارس التي درس بها إلى تنمية قدراته البدنية، ولم يقتصر ذلك على المدارس المحلية بل عرضت عليه عدد من المدارس الأمريكية منحاً للدراسة لكنه رفض واختار البقاء والاستمرار للتدرب في جامايكا.
وفي عام 2002 انطلق البرق الأسمر للعالمية، فقد كان يمتلك البنية البدنية الملائمة ووصل طوله إلى (1.95) مما ساعده على الاشتراك في بطولة العالم للناشئين حيث فاز بسباق 200 متر، فضلاً عن مساعدته للمنتخب الجامايكي على الفوز بميداليتين فضيتين، وقد كان أصغر بطل في البطولة بعمر الخامسة عشر لتبدأ المسيرة العالمية لنجم حطم أرقاماً عجز أحد عن الاقتراب منها.
وفي عام 2004 شارك بأولمبياد أثينا، ليخرج من الدور الأول بسبب تعرضه لإصابة في الساق، وبعد ذلك بدأ بالتعافي من الإصابة ليحضر نفسه لأولمبياد لندن، لينهي عام 2006 ضمن العشرة الأوائل، وبعد ذلك بدأ مرحلة تحطيم الأرقام القياسية، حيث شارك في سباق لوزان وحطم الرقم القياسي في سباق 200م بزمن بلغ (19.75 ثانية) والذي كان مسجلاً باسم العداء الأمريكي تايسون غاي علما أن هذا الرقم القياسي قد بقي صامداً لمدة ستة وثلاثين عاماً.
أبرز مشاركات يوسين بولت في 2015
في عام 2015 عانى بولت من الإصابات كثيراً، فخفض عدد البطولات التي سيشارك بها، فالتحق ببطولة ألعاب القوى في بكين الصينية، حيث فاز بولت بذهبية سباق 100 متر بزمن وقدره 9,79 ثانية، وهذا ما ساعد الجامايكي على تحقيق رقمٍ جديد، بأنه أول رياضي يفوز بتسع ذهبيات في بطولات العالم، كذلك حقق في نفس البطولة ذهبية 200 متر، 400 متر. بالإضافة إلى ذلك فقد فاز بولت بذهبية المئة متر في أولمبياد لندن 9.87 متراً.
مشاركة بولت في أولمبياد ريو 2016
كان أولمبياد ريو (Rio Olympics 2016) بالبرازيل، إحدى المحطات التي شارك بها النجم الجامايكي بولت، وكالعادة كان على موعدٍ مع الذهب، حيث حقق ثلاث ذهبيات في سباق 100 متر بزمن قدره 9.81 ثانية، و 200 متر، بالإضافة إلى ذهبية التتابع 4 مرات 100 متر.
بذلك فقد أصبح في رصيد بولت الأولمبي تسع ذهبيات، وأكدت اللجنة الأولمبية الدولية أن العداء الجامايكي يوسين بولت أول لاعب أولمبي يفوز بثلاث ذهبيات متتالية في ثلاث منافسات مختلفة خلال ثلاث دورات أولمبية، دون أن ننسى أن بولت يحمل الرقم القياسي في سباقات 100 متر، و 200 متر، و 400، كما أنه أحرز لقب بطل العالم إحدى عشرة مرة.
يوسين بولت وتحطيم الأرقام القياسية
بدأ يوسين بولت التحضير لسباقات المئة متر، فقد شارك في بطولة جامايكا للمئة متر منهياً السباق بزمن قدره (9.76 ثانية) خلف مواطنه أسافا باول، لكنه استطاع أن يحطم الرقم القياسي العالمي في نيويورك بزمن قدره (9.76 ثانية).
وعلى الرغم من هذه الإنجازات، إلا أن بولت كان يطمح لشيء أكبر وهو تحطيم الأرقام القياسية وتسجيلها باسمه، حزم حقائبه باتجاه الصين في عام 2008 قاصداً سباق المئة والمئتين متراً، ليحقق الميدالية الذهبية لسباق مئة متر بزمن قدره 9.58 ثانية، وفي هذه اللحظات بدأ والده الصراخ محاولاً الوصول لولده لتهنئته على هذه الإنجاز العظيم، لم يكتف بولت بذلك بل تجاوز سباق ال 200 متر بزمن 19،19 ثانية محطماً رقمين قياسين في ليلة لن تنسى من ذاكرة بولت، فقط تخيل للحظات هذه الإنجازات التي لم يسبق أن عرفتها البشرية.
كما حصل على جائزة أفضل لاعب قوى لعامي 2008 و 2009، واختاره الاتحاد الدولي لألعاب القوى كأفضل رياضي في عام 2012، كما حصل على جائزة ليريوس الرياضية العالمية للأعوام (2009، 2010، 2011، 2012) ومنحته صحيفة ليكيب الفرنسية جائزة أفضل رياضي في عام 2015.
النظام الغذائي ليوسين بولت
بأرقامه التي حطمها تحت قدميه بدأ بولت إثارة الشك لدى العلماء والباحثين ليبدؤوا بمحاولة الكشف عن سر سرعة بولت وتحطيمه للأرقام القياسية، خاصة بعد تجاوزه المئة متر بزمن 9.58 ثانية فقط، فتوصلوا إلى أن بولت يتمتع بخطوات عريضة وذلك لطول قامته.
كما أن لديه الكثير الكثير من الألياف العضلية السريعة التمدد التي تستجيب بسرعة، كما اكتشف الباحثون أيضا أن أقل من ثمانية في المئة من الطاقة التي أنتجتها عضلاته استخدمت من أجل الحركة، بينما امتصت بقية الطاقة عن طريق السحب، ومساعدة الرياح له قليلاً، وهذا الرقم الذي حققه بولت هو أكبر رقم مسجل منذ استخدام التوقيت الإلكتروني في عام 1968.
ولكن ما الذي يتناوله بولت ليحصل على هذا الجسدي القوي؟
بالطبع إن بولت يتبع برنامجاً غذائياً صارماً، فهو يتناول ست وجبات يومياً، ويركز على وجبة الغداء التي تتضمن التونة والسمك وخبز القمح والأرز البني، أما على العشاء فيتناول الدجاج ولحم البقر مع الأرز البني أو البازيلاء مع لحم الخنزير، ويكثر عموما من أكل الموز المطبوخ والبطاطا العادية، والبطاطا الحلوة الصفراء والزلابية، وهذه الوجبات مجتمعة تعطيه 60% بروتين، و30% كربوهيدرات و10%دهون، وقد تناول ألف قطعة دجاج في عشرة أيام خلال تواجده في الصين للمشاركة في الأولمبياد، لأنه وجد الطعام الصيني غريباً جداً بالنسبة له.
وها هو برنامج الطعام اليومي لبولت:
- الإفطار: آقية (طبق جامايكي تقليدي) مع الزلابية، الموز المطبوخ، البطاطا الحلوة الصفراء، والبطاطس.
- الغداء: باستا وصدور الدجاج.
- العشاء: الأرز والبازلاء مع لحم الخنزير.
بالإضافة لذلك فإن بولت لا يدخن نهائياً ولا يمتلك أي وشم على جسده ويقوم بتمارين قاسية للقدمين والأيدي.
بولت بعيدا عن الرياضة
يتذكّر النجم الجامايكي حادثة ما تزال سوداء في ذاكرته، عندما زلقت قدما جدّه في المطبخ، فسقط سقوط قاتلاً بعد تضرّر جمجمته، وحاول بولت الاستنجاد بجيرانه طلبا للإسعاف ولكن الله قدّر أمراً آخر، أما عن أغرب الحوادث التي مر بها بولت فهي سرقة حذائه الذي كان يعرضه في أحد متاجر لندن وتقدر قيمته بعشرين ألف جنيه إسترليني حيث ناشد بولت السارق بإعادته مقابل مكافأة مغرية، ويزين الحذاء صورة تحمل ست ميداليات ذهبية للعداء الأوليمبي الكبير.
تصفه والدته بالكسول لأنه يقضي ساعات طويلة مع أصدقائه بلعب الدومينو والبلاي ستايشن، وتصفه والدته بالكسول لأنها تقوم بجميع الأعمال المنزلية من دونه، فضلاً عن متابعته المباريات فهو من محبي كرة القدم، ومن الأندية المفضلة لديه ريال مدريد ومانشستر يونايتد حيث عرض خدماته على عدد من الأندية واللاعبين.
ولا يأخذ الحب كثيراً من حياته، فقد انفصل عن صديقته السلوفاكية الشقراء (لوبيكا) قبل أولمبياد لندن، لرغبته في التفرغ للمنافسة العالمية، أما عن صديقته الجديدة فهي (ميجان إدواردز) هي عاملة حسابات وعارضة أزياء من دارت فورد، كما أنها رياضية سابقة، حيث إنها كانت عضواً في نادي هاريير دارتفورد، وتتدرب لبعض الوقت في نادٍ لألعاب القوى.
فيما بعد انفصال بولت عن صديقته ميجان إدواردز، أكدت العديد من الأخبار أن يوسين بولت على علاقة مع عارضة الأزياء الجامايكية كاسي بينيت (Kasi Bennett)، حيث شوهد بولت وكاسي الحبيبان معاً في العاصمة الجامايكية نيوكينجستون، كما احتفلت كاسي بانتصارات بولت عدة مرات على موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام (Instagram).
ثروة يوسين بولت
يعتبر ماهرا في إدارة الأعمال، فهو رجل ناجح في إدارة مداخيله حيث يحصل سنوياً على خمسة وعشرين مليون يورو، وتقدر ثروته بمائة مليون يورو بحسب صحيفة فوربس أغلبها من الإعلانات وعقود الرعاية مع عدد من الشركات منها ، (جاتوريد، هوبلوت، فيزا، نيسان موتورز وغيرها) وقد دفعته الشركة الرئيسة الراعية له (بوما) للعدول عن قرار الاعتزال وتأجيله لعام 2017، ويحصل بولت على عشرة ملايين سنوياً من شركة "بوما" بالإضافة إلى امتلاكه شركة لإنتاج الملابس بالاشتراك معها، واتفق حديثا مع شركة هوبلوت على إنتاج ساعات خاصة به.
وعلى الرغم من محبته الكبيرة لجامايكا، وامتلاكه لمنزل في تدينغتون ميدلسكس بالمملكة المتحدة، إلا أنه يقضي أغلب وقته في أمريكا، حيث أدى إعجابه بالاقتصاد الأمريكي إلى قيامه بشراء سلسلة من العقارات فيها، وعين مجموعة من المستشارين لأخذ آرائهم فيما يخص أي مشروع جديد يقرر تنفيذه، فقد شيد بولت مجموعة تجارية جديدة تسمى "مضامير وأرقام قياسية" لتحقيق أرباح إضافية، وهي مجموعة من المطاعم التي ستكون منتشرة في كل بلدان العالم على شاكلة مطاعم "ماكدونالدز"، وهناك تطبيق على الجوالات باسمه الذي أصبح من التطبيقات الشهيرة في كثير من البلدان مما يجعله يجني الكثير من الأموال.
وقد حاول بولت تحسين الأوضاع الاقتصادية في بلده جامايكا، حيث افتتح مؤسسة خاصة به لتقديم المساعدات، وأسس سلسلة من المطاعم في بلده بهدف تنميتها وتوفير بعض فرص العمل، ولكنه لم ينس الدول الأخرى فقد تبرع بخمسمئة ألف دولار لمنظمة الصليب الأحمر لصالح ضحايا زلزال سيشوان الذي أنهى حياة 70 ألف صيني إلى جانب 18 ألفاً في عداد المفقودين، فضلاً عن قيامه بعدد من المباريات الخيرية لدعم الفقراء والأطفال.
بينما وصلت أرباح يوسين بولت في عام 2016 بحسب مجلة فوربس (Forbes) إلى ثلاثين مليون دولار.
سيعتزل بعد بطولة العالم لألعاب القوى في لندن 2017
في البداية قرر بولت الاعتزال بعد أولمبياد ريو دي جانيرو عام 2016، مؤكداً أنه "يريد تخليد اسمه مع النجم البرازيلي الشهير بيليه، والملاكم الأميركي محمد علي كلاي"، بعد ذلك قام بولت بتأجيل اعتزاله إلى ما بعد مشاركته ببطولة العالم لألعاب القوى في لندن 2017، بناءً على طلب الرعاة اللذين يرغبون ببقاء البطل العالمي في عالم ألعاب القوى، وأكد بولت أنه "يرغب بالتفرغ للقيام بالأعمال الخيرية".
فيلم أنا بولت.. وثائقي عن إنجازاته وبطولاته
شهدت مدينة لندن العرض الأول لفيلم أنا بولت (I am Bolt)، الفيلم الذي يتناول قصة العداء الجامايكي بولت، وكيف حقق إنجازاته، كما يتضمن لقطات لأبرز البطولات التي شارك بها، وبهذا الخصوص قال: "أردت أن أجعل الناس يرون ما مررت به كي أصل إلى ما وصلت إليه حالياً"، وشارك في تمثيل الفيلم بولت، واللاعب البرازيلي نيمار دا سيلفا (Neymar da Silva)، ولاعبة التنس الأميركية سيرينا ويلياميز (Serena Williams)، والأسطورة البرازيلية بيليه (Pelé) وغيرهم