وصمة سلبية للعلاج النفسي في غزة .. وتطبيق ذكي يوفر حلًا

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: الإثنين، 28 مارس 2022
وصمة سلبية للعلاج النفسي في غزة .. وتطبيق ذكي يوفر حلًا

لا يزال المجتمع الغزي يتعامل مع العلاج النفسي بكل حذر، مع بقاء وصمة العار المجتمعية للمريض نفسيًا، الى جانب عدم وجود مستشفيات متخصصة للعلاج النفسي سوى واحدة حكومية على مستوى محافظات قطاع غزة، وسط مجتمع يتعرض لظروفٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعية سيئة، تجعله من أكثر المجتمعات عرضةً للأمراض النفسية.

لكن ثمّة محاولات شبابية للخروج بأفكار تؤمن الخصوصية في العلاج والتفريغ النفسي على الهواتف الذكية، إذ استغلوا حب المجتمع في قطاع غزة للتكنولوجيا الحديثة واستخدام الهواتف الذكية والتطبيقات، وصمم فريق تطبيق "مطمئن" تطبيق يساعد على التخلص من الضغوطات والأعراض النفسية بعد متابعة تعليمات التطبيق.

الخوف من البوح أمام المجتمع

سمير اسم مستعار لشاب يبلغ 29 عامًا، وهو خريج جامعي في تخصص محاسبة منذ ست سنوات وعاطل عن العمل، وعاش تجربة ارتباط فاشلة في غزة وفشل في الحصول على عمل أو أي فرصة في أي شركة، شعر بقلق عندما أخبر والدته ذات مرة أنه بحاجة للجلوس من طبيب نفسي، إذ قابلته أمه بردة فعل غريبة وأن لا يفكر بذلك لانه ليس "مجنونا" على حد قوله.

يقول سمير في حديثه لـ DW "قضيت أكثر من عام وأنا اشعر بضيق نفسي وأرق وتفكير وشعور بالاكتئاب، وذات مرة التقيت بطبيب نفسي وبدأت اتلفت يمينًا وشمالًا حتى لا يسمعني أحد، وطلب مني المجيء لعيادته، لكن خفت كثيرًا، لا أعلم ما هو العلاج النفسي وهل عليّ تناول عقاقير نفسية ويلاحظ من حولي أعراضي، لذا".

على عكس سمير، قرر فؤاد 34 عامًا -اسم مستعار- التوجه لطبيب نفسي وسط ضغوطات يعاني منها نتيجة عمله محاسبًا داخل أحدى الشركات المحلية في غزة، وكثيرًا ما تعرض لصدمات نتيجة ضغوطات العمل رغم أنه يعتبر عمله يسير بنجاح كبير، لكن وسط عوائق من متطلبات الحياة بالنسبة له وعدم وجود مصدر تفريغ نفسي له ولا يعيش استقرارا نفسيا في منزله.

بالبداية كان فؤاد يفكر بعدم التوجه للطبيب النفسي، والسبب يعود إلى أن أحد اقاربه في العائلة يعاني من مرض نفسي، وكان يتخوف أن يصبح مثله، لأنه يعاني من هوس حاد ، وهو ليس مطّلِع كما يقول على علم النفس والعلاج، لكن عندما توجه للطبيب فَهِمَ أن الأمراض والأعراض النفسية كثيرة والعلاج النفسي ليس بالأمر الخطير المزمن.

يقول فؤاد لـ DW "قلت ذات مرة زملائي في العمل إننا كلنا بحاجة لطبيب نفسي للتفريغ عما بداخلنا، أول تعليق تلقيته من بيئة عملي اننا لسنا معقدين، بالمعنى المحلي "إننا منعزلين"، تحتاج خطوة الطبيب النفسي شخصية قوية، مجتمع غزة مجتمع متطور واجتماعي، لكن للأسف لا تزال مخاوف العلاج النفسي، نظرًا لعدم وجود ثقافة عند الأسر بالعلاج النفسي وأنه أمر عادي".

تطبيق "مطمئن"

حازم كامل ماضي مدير تقني ومصمم تطبيقات ذكية، وهو يقود الفريق، بعد أن خاض تحدِ ضد فرق اخرى من تقنيين للإستثمار المشاكل والتحديات المجتمعية وتحويلها إلى حلول يمكن تمثيلها على هيئة تطبيقات للهواتف الذكية تساهم في سد الفجوة الموجودة بين الواقع والمشاكل والتحديات، وحصل وفريقه المركز الثاني بالتحدي، ثم حصلوا على تدريبات تقنية متقدمة مع جلسات إرشادية تقنية، لتصميم تطبيق والانطلاقة فيه مع استشارة مختصين في الطب النفسي.

أطلق فريق شبابي مكون من ست خريجين جامعيين عاملين في التطبيقات الذكية والبرمجة والتصميم في فبراير/ شباط الماضي تطبيق "مطمئن" لمواجهة الضغوطات النفسية اليومية التي يعيشها سكان قطاع غزة وخصوصًا الشباب منهم، يتيح الدخول عليه وقراءة التعليمات والنصائح عبر فيديوهات وأسس إرشادية ويتيح التواصل مع أطباء ومعالجين نفسيين.

يقول ماضي "التطبيق يقدم آلية سلسة في التعامل مع الأشخاص الذين لا يعلنون حاجتِهم لأطباء نفسيين أو يتخوفون من زيارة الأطباء في عياداتهم نظرًا للنظرة السلبية، ويقوم التطبيق بحل أكثر من 50 مشكلة نفسية، ويحدد المشكلة من خلال الإجابة على أسئلة اختبار مشهورة لدى علماء النفس، وهو (اختبار متعدد الأوجه) ويحتوي على مجموعة فيديوهات، ومهارات تفيد الشخص بعلاج مشاكله النفسية، وكلها خاضعة لأسس علمية يوصي بها أخصائيون".

بينما تقوم إيلاف أحمد الشرقاوي في الفريق بدور التخطيط والتدقيق لكونها مطلعة في علم النفس، وتنوه أن التطبيق على مجموعة اختبارات وبعدها تم تحديد مشكلة المستخدم النفسية ويقدم له مجموعة من الفيديوهات التي تساعد على حل المشكلة، إضافة لمهارات وتمارين تساعد على تخفيف الحالة مع وجود "تذكير" لموعد التمرين لضمان الالتزام، وكذلك يقترح أخصائيين نفسيين وأطباء نفسيين لزيارة العيادات أو الاتصال.

يركز التطبيق على الخصوصية الشخصية للمستخدم، وتضيف الشرقاوي "المستخدم سيكون بخصوصية المستخدم والهاتف الذكي، يراعي تمامًا السرية التامة لبيانات المستخدم حتى نحن ليس لنا حق الاطلاع عليها، إنما تحسين الخدمة من خلال الملاحظات والآراء التي يرافقها، ولاقت الفكرة إعجابًا ورواجًا في وسطنا ومجتمعنا، وفي المرحلة القادمة نسعى لتطويره من حيث الخدمات والأداء".

ثقافة العلاج النفسي ضعيفة

الطبيب النفسي خليل موسى، يوضح أن الكثير من الناس لا يزالون يتعاملون بوصمة العار للمريض النفسي، كذلك عند تداول وصف الإنسان المنحرف أنه مريض نفسيًا، وحاول خلال العمل مع مؤسسات محلية ودولية إزالة هذه المصطلحات المجتمعية الدارجة بحق المرضى النفسية، لكن نجحت بنسبة داخل الجامعات وبعض المدارس عبر جلسات تثقيفية.

لكنه يبرر بقاء النظرة السلبية لاعتبار مجتمع غزة من المجتمعات الاعلى في العالم لاحتمالية انتشار جميع الأمراض النفسية وكذلك في الكثير من المناطق فإن طابع العادات والتقاليد والمواريث المجتمعية تغلب على الثقافة المتجددة، كذلك فإن المؤسسات الرسمية والحكومة لا تمنح العيادات النفسية دعمًا لازماً لتقديم الرعاية الصحية والنشرات والإعلان فيها.

ويبين أن فكرة تطبيق يقدم حلول نفسية ورعاية هي فكرة ممتازة نظرًا لحاجة الطبيب خصوصية المريض، لكنه يتطلع إلى جانبه حملات ضغط ومناصرة وتدخلات في أسلوب التربية والتعليم داخل المدارس حتى يتم القضاء على نظرة التمييز.

يقول موسى: "يجب درج في المناهج المدرسية أن زيارة الطبيب النفسي هو للتفريغ النفسي وتحسين أسلوب الحياة للمواطنين، وهذا ما يفترض على الجهات التعليمية، كي يكبر الطفل معتبرا أن العلاج النفسي هو أمر لازم في حياة كل من يواجه ضغوطات أو صدمات نفسية".

غزة - أمجد ياغي

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة