هل التعلم في الطبيعة يجعل الأطفال أكثر ذكاء؟

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ ساعة
هل التعلم في الطبيعة يجعل الأطفال أكثر ذكاء؟

في مخيم في منطقة شولبرون شمال مدينة فورتسبورغ الألمانية، تتواجد مجموعة من الأطفال في الطبيعة لمدة أسبوع خلال فصل الصيف. هناك يتعلم الأطفال أنه ليس من الضروري أن يشتروا كل طعامهم من المتاجر، بل يجمعون خلال تلك الجولة الأعشاب البرية والتوت ويستخدمونها في صنع مثلجات ووجبات أخرى، كما يتعلمون كيف ينظمون أوقات فراغهم بشكل فعال، وكيف يتصرفون في الغابة.

يقول أخصائي التربية توماس مولر شول: "يجب أن يكون مقياس التعليم الناجح هو مدى الحماس والرغبة في التعلم"، موضحا أنه عندما يكون هذا هو المعيار، سيكون كل شخص قادرا على تعلم كل ما يثير اهتمامه بسرعة طوال حياته، مشيرا إلى أن معايشة الطبيعة والتفاعل مع المجتمع من شأنهما أن يساعدا في ذلك.

يقضي الأطفال اليوم وقتا أطول في داخل الفصول المدرسية والأماكن المغلقة مقارنة بالماضي. لذلك يفكر بعض الآباء فيما إذا كان ينبغي عليهم تسجيل أطفالهم في مدارس ودور حضانة توفر أيضا إمكانية التعلم في الهواء الطلق وسط مساحات خضراء، عبر تقديم المحاضرات في الهواء الطلق أو الرحلات إلى الطبيعة.

يقول معدو ورقة بحثية نشرت عام 2022 في دورية "فرونتيرز إن بابليك هيلث" حول تعليم الأطفال في الطبيعة: "التعلم في الطبيعة له فوائد قابلة للقياس ويجب دمجه في الحياة المدرسية لكل طفل".

في هذا البحث قيم الباحثون دراسات من 20 دولة، وتبين لهم أن الطلاب الذي تلقوا تعليما في الطبيعة أصبحوا أكثر انخراطا في العملية التعليمية وظهرت عليهم بوادر تحسن في الأداء الأكاديمي والمهارات الاجتماعية والرفاهة.

كما توصل علماء أستراليون إلى استنتاج مماثل في عام 2020 في بحث تقييمي آخر حول العروض المقدمة لأطفال المدارس الابتدائية. وخلص هذا البحث إلى أن "التعليم في الطبيعة يظهر بوجه عام تأثيرات إيجابية بدرجات متفاوتة على مجالات مختلفة من الحياة".

قد يبدو الأمر محسوما لصالح التعلم في الطبيعة للوهلة الأولى، لكن من يأمل أن يحقق أطفاله تحسنا كبيرا في مواد دراسية تقليدية مثل الرياضيات واللغات، فمن المحتمل أن يشعر بخيبة الأمل، إذ أن العديد من المشاريع مثل مخيم "أوتوبيكامب" في شبيسارت، تركز على المهارات الاجتماعية والرفاهة أو على موضوعات مرتبطة بالطبيعة مثل المعرفة بحماية البيئة والنباتات والحيوانات والتغذية، لكنها لا تركز على المهارات المعرفية العامة أو الدرجات المدرسية.

وتوصلت الدراسات بالإجماع تقريبا إلى تأثيرات إيجابية فيما يتعلق بالدافع للتعلم والمهارات الاجتماعية والإبداع. أما النتائج المتعلقة بالأداء الأكاديمي فكانت أقل، حيث وجد بحث تقييمي للعب الحر في الطبيعة تأثيرات إيجابية على التطور المعرفي للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و12 عاما.

ومع ذلك، فإن إحدى الدراسات المذكورة في هذا البحث المنشور في دورية "فرونتيرز إن بابليك هيلث" لم تجد أي فارق في نتائج التعلم في المواد الدراسية التقليدية مقارنة بمجموعة ضابطة في الفصل المدرسي. وكتب فريق البحث: "هذا يشير إلى أن التعلم في الهواء الطلق لا يعيق ولا يسرع الإنجاز الأكاديمي، ولكنه قد يؤثر على رفاهية الطلاب وانخراطهم في العملية التعليمية".

وكانت نتيجة دراسة أجريت على مشروع مدرسي في الغابة لمدة ثلاثة أشهر في بريطانيا مماثلة: فقد كان الأطفال الذين تعلموا في الغابة أقل تعبا ومللا، وأكثر هدوءا وسعادة وتعاونا، لكن التفكير البصري المكاني لم يكن أفضل ولا أسوأ من تفكير المجموعة الضابطة التي بقيت في الفصل المدرسي.

ورغم أن الأبحاث التي أجريت على رياض الأطفال في الغابات أقل من تلك التي أجريت على التعلم القريب من الطبيعة بين أطفال المدارس، تميل النتائج لأن تكون متماثلة. وبحسب أحد الأبحاث التقييمية، كانت هناك تأثيرات إيجابية على النشاط البدني والنوم والفضول والإبداع لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وست سنوات.

وهذا يعني ببساطة أن الطبيعة ليست بالضرورة أفضل للقدرات المعرفية من الأنشطة الداخلية أو الحضرية. ولم تتوصل أي دراسة إلى نتائج تشير إلى انتكاسات بالنسبة للأطفال الذين يتعلمون في الطبيعة. وبحسب الدراسات، بدا أطفال رياض الأطفال في الغابات مستعدون تماما للمدرسة الابتدائية مثل أطفال رياض الأطفال العادية.

وكتب باحثون أستراليون في كتاب عن التعلم في الهواء الطلق: "التعلم في الهواء الطلق لديه إمكانات كبيرة لتطوير المهارات الشخصية والاجتماعية التي تعتبر حاسمة في معظم مجالات العمل والحياة في القرن الحادي والعشرين".

حتى بين أطفال مخيم "أوتوبيكامب" في شبيسارت، لا أحد يعرف ما إذا كان أسبوع الطبيعة له تأثير طويل الأمد. يستمتع الأطفال باللعب ويبتكرون أفكارا جديدة للألعاب ويتعلمون كيفية التعايش مع أطفال من أعمار مختلفة ودعم بعضهم البعض. قد لا يهتمون ما إذا كان هذا يعني أن أداءهم سيتحسن في المدرسة أو أنهم سيحصلون على وظيفة أفضل في المستقبل، لكن معظمهم يرغبون في المشاركة في المعسكر مرة أخرى في العام المقبل.

م.ب (د ب أ)

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة