هكذا تضيع حقوق المرأة والطفل بسبب "الزواج الإسلامي"في ألمانيا!

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: الأحد، 14 فبراير 2021
هكذا تضيع حقوق المرأة والطفل بسبب "الزواج الإسلامي"في ألمانيا!

يشرف على عقد الزواج الإسلامي في ألمانيا أئمة المساجد بالدرجة الأولى، وهو نوع من الزواج يلجأ له اللاجئون والمهاجرون المسلمون من مختلف الجنسيات، الذين تحول ظروفهم دون إمكانية توثيق الزواج المدني في غالب الأحيان، ومنهم من يجده طريقة للتلاعب بشريكه أو بالقانون.

"زهرة. ب"، مهاجرة مغربية قدمت إلى ألمانيا سنة 2007، التقت برجل من القادمين الجدد طلب يدها للزواج، أوضح أن ظروفه كلاجئ لا تسمح له بإتمام الزواج المدني لأنه لا يتوفر على كل الوثائق، وأنه ينوي الزواج بها على الطريقة الإسلامية.

"وافقت فورا لعلمي أن الزواج داخل المسجد على يد رجل دين حلال شرعا حسب الدين الإسلامي، لكني لم أكن أملك أدنى فكرة على تبعاته". تزوجت زهرة وحملت بابنتها بعد شهر فقط من الزواج، وظلت حياتها مستقرة طيلة سنتين، فجأة اكتشفت أن لزوجها أسرة أخرى في بلده الأم، علم أفرادها بزواجه في ألمانيا، فقررت الزوجة الأولى القدوم بحثا عن زوجها.

اقرأ أيضاً: ما سبب زيادة نسبة الطلاق بين اللاجئين السوريين في ألمانيا؟

"لم أعلم أنه متزوج، كذب وأخبرني أنه مطلق وليس له أبناء"، تحكي المتحدثة. بعدما علم الزوج بوصول زوجته إلى ألمانيا، "قرر السفر والعودة إليها وأبنائه وتخلى عني أنا وابنتي، حاولت التواصل معه لأعرف إن كان ينوي العودة، فحاول إقناعي بقبول العيش معه وزوجته في نفس البيت وعندما رفضت قال لي ببساطة: أنا وأنت مطلقان".

الأطفال.. الضحية الأكبر

لم يسأل الأب أبدا عن ابنته منذ أن غادر المنزل صوب أسرة أخرى كان قد نسيها تماما طيلة سنتين، وخلف من زيجته الثانية على الطريقة الإسلامية، طفلة "لا تتوفر على أي وثيقة تثبت أبوته، لأنني عند ولادتي سجلت ابنتي باسمي وأعطيتها لقبي، ولم يذكر اسم الأب نهائيا في وثائقها لأننا لم نكن متزوجين مدنيا"، تحكي زهرة.

خلال سنوات حياتها الأولى "لم تعاني ابنتي من مشاكل نهائيا، كانت تتوفر على شهادة ميلاد فيها اسمي، وولجت المدرسة بدون مشاكل وتتابع دراستها بنجاح"، لعل هذا هو الجزء الوردي في كل القصة، "لكنها لا تملك أي جنسية والدها ولا جنسية مغربية ولا ألمانية، ومحرومة من جواز السفر"، تقول زهرة.

تواصلت الأم مع مع والد طفلتها مرارا وتكرارا طيلة 13 سنة، وطلبت مساعدته من أجل تسوية وضعية طفلتها لكنه ظل يتماطل، وتخلف مرارا وتكرارا عن مواعيد إدارية من أجل تسجيل الاعتراف بالأبوة. تقول زهرة "بعد تعبي من المحاولات الودية، اخترت أن أسلك طريق المحكمة، وقد أُجْبِرَ قانونيا على تسجيل ابنته فاعترف بأبوته بعد إشعارين وتهديد بغرامة، وأعطيته حينها حقا في الحضانة بنسبة 50 في المئة أملا في أن يساعدني في باقي الخطوات".

اقرأ أيضاً: "زواج المسلمة بغير المسلم"..رأي باحثة مصرية يثير جدلا واسعا

بعد عام طلبت المحكمة أن يقوم الأب بفحص DNA لإثبات النسب، وطلبت منه المحكمة بعد صدور نتائج التحاليل أن يتكفل بمصاريف ابنته، لكنه تهرب من ذلك طلية هذه السنوات بالقول إنه لا يجد عملا. تقول زهرة "يا ليته توقف عند حدود التهرب من واجباته المادية، بل تمادى وصار يحول بينها وبين حقها في الحصول على الجنسية وجواز السفر، في حين قام بتوفير كل هذا لأبنائه الآخرين من زوجته الأولى، وذهب إلى بلده الأم من أجل تسوية وضعيتهم".

يرفض الأب إلى اليوم إمضاء موافقة من أجل أن تمنح زهرة ابنتها الجنسية المغربية، وتؤكد "لم تُمْنَح ابنتي الجنسية الألمانية لأن القانون المغربي يعطي الحق للمرأة في منح جنسيتها لأبنائها لكن بشروط والشرط الذي لم أتمكن من تحقيقه هو موافقة وإمضاء الأب، والآن أمامي حل وحيد هو إلغاء الأب وتسجيل ابنتي بدون أب، كأني أم عازبة".

بين الضرورة والتحايل

قصة زهرة، تشبه قصص الكثيرات اللواتي قدمن حديثا إلى ألمانيا. وفي حديثه لموقع مهاجر نيوز يشرح حسن المحافظ، موظف حكومي في مكتب العمل الألماني أسباب اختيار البعض لهذا الزواج" يضطرمهاجرون ولاجئون غالبا إلى هذه الزواج لأنهم لا يتمكنون من توفير وثائقهم الضرورية من أجل إتمام زواج مدني بسبب ظروف تحول دون حصولهم على الوثائق من بلدانهم التي تعيش حروبا، لكن هناك العديد من الحالات استطاعت عبر القانون الألماني حل المشاكل فقط بقليل من البحث والصبر.

اقرأ أيضاً: تفاقم ظاهرة "الزواج الصوري" بألمانيا كوسيلة للحصول على الإقامة

في الوقت ذاته، يختار البعض الزواج على الطريقة الإسلامية لأنه "لا ينوي الاستمرار في العلاقة كثيرا ولا يريد أن يكون للزواج أعباء وتبعات مادية بعد الطلاق، أي أنه يختاره تحايلا على الشريك الثاني في العلاقة وعلى القانون". أما البعض الآخر"فيختاره بغرض التعدد، أي يتزوج أكثر من امرأة واحدة في بلد لا يسمح بذلك".

آخرون حسب المتحدث، "يجدون فيه نوعا من التهرب الضريبي، خاصة اللاجئون أو المهاجرون الذين يعيشون على مساعدات الدولة، فبعد الزواج تنقص هذه المساعدات بعد اجتماع طرفين، فيتفق الزوج مع الزوجة على زواج إسلامي فقط من أجل تجنب ذلك".

ويفسر حسن المحافظ، أن من أسباب انتشار الزواج الإسلامي بين المهاجرين القادمين إلى ألمانيا بطريقة غير شرعية، يعتقدون أن هذا الزواج قد يمكنهم من الحصول على تصريحات بالإقامة، خاصة بعد إنجاب أطفال، لكن هذا غير صحيح فالأطفال لا يمنحونك الحق في الإقامات مادامت إقامتك غير نظامية". يؤكد حسن المحافظ.

أضرار لكل الأطراف

وفي رده عن سؤال الأكثر تضررا بين أفراد الأسرة الواحدة من الزواج الإسلامي، رد حسن المحافظ أن "الضرر كبير على الجميع لكن الأطفال هم الضحية الأكبر، إذ لا يحصلون على نفقة وتتسبب المشاكل الناتجة عنه في أمراض نفسية لهم، إضافة إلى حرمانهم من حقهم في جنسية ما ووثائق مهمة مثل جوازات السفر في حالات الخلاف بين الوالدين أو الفراق".

وعن الزوجة، فاعتبر المتحدث أن أكبر سلبيات الزواج الإسلامي بالنسبة لها أنها "يتم طردها من المنزل ولا تحصل على نفقة أو أي حقوق، على اعتبار أنها كانت في علاقة حرة من منظور قانوني وليس زواج".

أما الرجل فقد يفقد حق حضانة الأطفال ويُمنع من رؤيتهم إلى الأبد، بفعل القانون الذي يعطي الأم كامل الحقوق على الطفل لأنه لم تكن متزوجة به مدنيا وأمام القانون فيكون الأطفال باسمها فقط.

رؤية دينية متقدمة

يرى عبد العظيم كموس، مدير مؤسسة وقف الإسلام في برلين وإمام في مسجد المؤسسة، أن "العديد من المراكز الإسلامية في ألمانيا تقوم بطقوس الزواج الإسلامي، وهو بالمناسبة ليس زواجا عُرْفِياً، لكن من المعروف أن من يأتون إلى هذه المراكز دائما ما يكونون قد حجزوا مواعيد مع الإدارة الألمانية المختصة بتوثيق الزيجات، وهو ما يبين أن المراكز الإسلامية في غالبيتها حريصة على القيام بعملها في إطار القانون".

ويردف المتحدث أن "هناك أشخاص يختارون الزواج على الطريقة الإسلامية مثلا مع طرف ألماني ولا يريد توثيق الزواج مدنيا ويأتون إلى المسجد من أجل أن يكون زواجهم حلالاً، هناك من المراكز والمساجد من ترفض ذلك ومنها من يقبل المسؤولون فيها القيام به بدعوى الحفاظ على الشباب ممن أحب أن يحصن نفسه من الحرام". لذلك يبقى التعامل مع المسألة حسب المتحدث وفق كل حالة بعيدا عن الشمولية.

"أنا أدعو طبعا لتوثيق الزواج مدنيا قبل الزواج الإسلامي من أجل الحفاظ على حقوق كل الأطراف، بل وأتمنى أن نصل مستوى بريطانيا التي اعتمدت قضاءاً إسلامياً باعتماد أئمة وعلماء مسلمين، ينظمون أمور الجاليات المسلمة بأنفسهم".

وذكر المتحدث أن "الكثير من المسلمين لا يرضون بقوانين ألمانية تقرر عكس ما ينص عليه الشرع الإسلامي في قضايا مثل الإرث بالإضافة لمشاكل الزواج والطلاق، لذلك سيكون من الأفضل توفر قوانين تتماشى مع ما يدعو له الدين الإسلامي وتطبق على المسلمين".

وفي انتظار أن تحصل التغييرات أو ترفض، يرى المتحدث أن على المراكز الإسلامية أن تفرض على الراغبين في القيام بزيجات إسلامية، إثباتها مدنيا أولا.

ماجدة بوعزة

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة