فنانة شاملة قدمت التمثيل، الغناء، واستطاعت أن تجيد مختلف الرقصات، نشأتها في سيرك أعطتها ليونة عالية جعلها تتميز في كل الحركات، إلا أنها وهي في قمة مجدها، تعرضت لغزو من السرطان، لترحل عن عالمنا في ريعان شبابها وعمرها 36 عاما فقط، إنها النجمة نعيمة عاكف. مسيرتها وأبرز المعلومات عن حياتها في السطور التالية...
ولدت في إحدى قرى مدينة طنطا بمحافظة الغربية في 7 أكتوبر عام 1929، كان والدها يمتلك سيرك صغيراً في المحافظة، يحرص على تعليم أبنائه بعض الحركات لنيل إعجاب الجمهور.
حينما بلغت نعيمة الرابعة من عمرها، حاول معها تعليمها بعض الحركات ولكنها لم تظهر حماسة، فبدأ بتعليم شقيقاتها ومدحهم، حتى دبت الغيرة إليها، وفي غضون أسبوعين فقط كانت تجيد كل الحركات، وأصبحت نجمة الفرقة.
حينما بلغت السادسة من عمرها طلبت من والدها مصرف نظير مجهودها فاعتدى عليها بالضرب فهربت من المنزل، وحينما قابلها بعض الجمهور أعادوها لوالدها، الذي خشي من تكرار الهرب فخصص لها قرشان في أيام العمل وقرش واحد وقت الإجازة.
وكانت نعيمة مثل الأطفال تعشق العرائس الصغيرة، وتدخر المال من أجل شراء عرائس، وحينما أتمت الرابعة عشر من عمرها، كان والدها يقدم عرض سيرك في مولد السيد البدوي الشهير بطنطا.
وكان أحد الأعيان يحرص على حضور العرض ويصفق لها بحرارة، وأرسل لها في أحد الأيام هدية كانت عبارة عن عروس ترقص خمس رقصات كل رقصة على موسيقى مختلفة.
طار عقلها بالهدية وأطلقت عليها اسم شيكا بوم وأخذت تقلدها حتى أجادت الرقص، وفي إحدى الليالي شاهدها والدها وهي تقلد العروس، فأخرج مسدس وحطم العروس فأثر الأم كثيرا على نعيمة.
وكانت تتناقل مع السيرك بين المحافظات، حتى خسر والدها المقامر السيرك وكل ما يملكون، فاصطحبتها أمها وشقيقاتها الثلاثة، وتوجهوا إلى القاهرة وأخذوا يقدمون عروضا في الشوارع لكسب قوت يومهم.
نقطة التحول في حياتها حينما اختارها الفنان علي الكسار هي وشقيقاتها لتقديم عروض في مسرحه مقابل اثني عشر جنيها في الشهر، وحينما شاهدتها بديعة مصابني عرضت عليها أن تنتقل إلى فرقتها مقابل خمسة عشر جنيها شهريا، فانتقلت، وهناك بدأت تعليم نفسها مختلف الرقصات ومن ضمنها رقصة الكلاكيت، وحققت شهرة كبيرة في الفرقة.
ويعتبر نقطة التحول في حياتها حينما كانت تؤدي إحدى الرقصات داخل ملهى ليلي وشاهدها المخرج أحمد كامل مرسي الذي اختارها لتشارك في فيلم ست البيت كراقصة.
أعجب بها المخرج حسين فوزي وعرض عليها بطولة فيلم العيش والملح، لتبدأ بعدها مسيرة فنية كبيرة خاصة بعد زواج حسين فوزي منها، في عام 1958 استطاعت نعيمة أن تفوز في مهرجان الشباب العالمي بموسكو على لقب أحسن راقصة في العالم، متفوقة على مشاركات من 50 دولة.
موتها في سن صغير لم يسمح لها برصيد فني كبير فقدمت حوالي 25 فيلما فقط، بعد أن اختارها المخرج حسين فوزي لفيلم العيش والملح، في نفس العام 1949 قدمت معه واحد من أشهر أفلامها وهو لهاليبو مع النجوم شكري سرحان وسليمان نجيب.
في عام 1950 قدمت أيضا مع المخرج حسين فوزي الذي وقع معها عقد احتكار فيلم بلدي وخفة وشاركها البطولة النجوم سعد عبد الوهاب وشكوكو، وفي نفس العام قدم فيلم بابا عريس وهو أول فيلم في السينما المصرية بالألوان مع الفنان حسن فايق وكاميليا.
في عام 1951 قدمت فيلم فرجت مع النجوم محسن سرحان، عباس فارس وحسن فايق، وفي نفس العام قدمت فيلم فتاة السيرك، في عام 1952 قدمت فيلم يا حلاوة الحب مع النجوم محمد فوزي وسليمان نجيب، وفيلم جنة ونار مع عبد العزيز محمود وشكري سرحان.
وفي نفس العام أيضا قدمت النمر مع النجوم أنور وجدي، زكي رستم وفريد شوقي، وفي عام 1953 قدمت فيلم مليون جنيه، فيلم نور عيوني مع النجوم كارم محمود وحسين فايق ومحمود المليجي.
كما تألقت في فيلم عزيزة، وفيلم أربع بنات وضابط مع النجوم أنور وجدي، أمينة رزق، وكان من إخراج أنور وجدي، وفي عام 1955 قدمت فيلم مدرسة البنات مع النجوم كمال الشناوي، عبد السلام النابلسي وسراج منير، والمخرج كامل التلمساني.
وفي نفس العام قدمت فيلم بحر الغرام مع المخرج حسين فوزي، وقدمت معه أيضا فيلمها الشهير تمر حنة في نفس العام مع النجوم أحمد رمزي، رشدي أباظة وفايزة أحمد.
في عام 1958 قدمت فيلم أحبك يا حسن مع النجم شكري سرحان، وفي عام 1960 قدمت فيلم خلخال حبيبي مع المخرج حسن رضا، وفي نفس العام قدمت الزوج المتشرد مع المخرج حسن الصيفي.
في عام 1963 قدمت مع المخرج حسن الإمام فيلم بياعة الجرايد، وفي عام 1964 قدمت آخر 3 أفلام في مشوارها الفني وهي الحقيبة السوداء وفيلم من أجل حنفي مع المخرج حسن الصيفي، وفيلم أمير الدهاء مع المخرج هنري بركات.
وقع المخرج حسين فوزي في حب الفتاة الشقية التي تقدم الرقص والغناء، ورغم أنه يكبرها بـ25 عاما إلا أنه تزوجها فهو من مواليد 1904، وبدأت معه مشوار نجوميتها ونقلها من شقة متواضعة في شارع محمد علي إلى فيلا في واحد من أرقى الأحياء وهو حي مصر الجديدة.
وتم الزواج في عام 1953، وكان عمرها 24 عاما فقط، وخصص لها حسين فوزي سيارة ورصيدا في البنك، وحاولت نعيمة التي أمضت حياتها في السيرك تعويض التعليم الذي لم تستطع أن تحصل عليه، فجلبت مدرسين وتعلمت الإنجليزية والفرنسية وذلك بعد إجادتها اللغة العربية.
ومن المواقف الطريفة التي حدثت معها أثناء زواجها من المخرج حسين فوزي، أنه اصطحابها لباريس، وهناك أثناء زيارة برج إيفل تفرقوا من شدة الزحام، وكانت في الدور الأول فنظرت لأسفل رأته يقف في الدور الأرضي ففكرت أن تقفز له، وبمجرد أن استعدت وجدت الشرطة تحيط بها بعد أن ظنوا أنها تحاول الانتحار.
واختارها الفنان زكي طليمات لتكون بطلة فرقة الفنون الشعبية، وبدأت تقدم عروضا في عدة دول حول العالم، وبدأت الخلافات مع زوجها فانفصلوا.
وبعد الانفصال بفترة تزوجت للمرة الثانية من صلاح الدين عبد العليم، وهو محاسب قانوني تعرفت عليه أثناء ذهابها للحصول على استشارة قانونية وأصبح بعدها هو المسؤول عن كل أمورها المالية، وأنجبت منه ابنها الوحيد محمد.
خاضت نعيمة صراع مع سرطان الأمعاء، الذي اكتشفته بالصدفة، حينما شعرت ببعض الألم في المعدة بعد تصوير فيلم بياعة الجرايد، فذهب لكي تطمئن على نفسها، لتكتشف إصابتها بالسرطان.
وأصيبت بنزيف في المعدة، ومكثت شهراً في المستشفى وعادت بعد أن تحسنت حالتها ولكن راودها المرض بشكل مؤلم، وحاولت السفر للخارج ولكن حالتها لم تسمح بذلك، وفي 23 أبريل عام 1966 رحلت عن عالمنا في ريعان شبابها عن عمر يناهز 36 عاما.
