سيدة الطرب المغربي وواحدة من أهم الفنانات في عالم الغناء، إنها الفنانة المغربية نعيمة سميح التي تمتلك صوتًا فريدًا وبحة خاصة بها، والتي غنت باللهجة المغربية وحصلت على شهرة واسعة بفضل ذلك، وتمتلك قدرة رهيبة على تمثل المعنى لتدخل البهجة في كلماتها حتى في أغانيها الحزينة، في السطور التالية تعرف على مسيرتها الفنية وحياتها.
حياة نعيمة سميح ونشأتها
هي مغنية مغربية ولدت في منطقة درب السلطان في حي بوشنتوف في مدينة الدار البيضاء في عام 1953 وكانت تمتلك موهبة فنية منذ صغرها.
نشأت نعيمة في مدينة أنجبت العديد من الفنانين والسينمائيين والمسرحيين، منهم المطرب محمد الحياني، والفنان محمد العلمي، والفنان نعيمة المشرقي، والرياضي عبد المجيد الظلمي، وغيرهم.
درست نعيمة في المدرسة الابتدائية لمدة 5 سنوات فقط وبعدها اكتفت من التعليم، وفي سن الثانية عشر التحقت بالمدرسة الوطنية للحلاقة، وعملت في هذا المجال لفترة، ثم اتجهت إلى الغناء.
رغم موهبتها الفنية لم يكن والدها متحمسًا لدخول ابنته عالم الغناء، وظل لفترة طويلًا معارضًا هذه الفكرة لولا تدخل أسماء إعلامية كبيرة في المغرب لإقناعه، واشترط الأب على ابنته اختيار شعراء وملحنين جيدين.
تزوجت السيدة نعيمة في بداية السبعينيات من البطل المغربي في رياضة الدراجات مصطفى بلقايد، وأنجبت منه ابن وحيد اسمه شمس.
عانت السيدة نعيمة كثيرًا مع مرض فقر الدم، وكانت كثيرًا ما تقوم برحلات علاجية خارج المغرب بسبب مرضها، وأثر هذا المرض على مسيرتها الفنية، حيث كانت تفكر في الاعتزال.
بدايتها الفنية
بدأت الفنانة نعيمة سميح مشوارًا فنيًا صعبًا في عمر 16 عامًا، وكان من الصعب عليها إقناع والدها بدخول مجال الفن، لولا تدخل فنانين وإعلامين مرموقين لإقناع الوالد، منهم محمد البوعناني، وخالد مشبال، ومحمد بن عبد السلام وغيرهم.
لكي تكمل نعيمة مسيرتها الفنية اشترط الوالد أن تغني ابنته موسيقى عصرية مغربية، وأن تتعامل مع ملحنين وكتاب محترمين يقدمون لها موضوعات بكلمات راقية.
رغم أنها لا تملك أي خلفية أكاديمية في المجال الفن، لكنها تمكنت من أن تطرق مجال الفن بكل قوة بفضل موهبتها الفنية، وقد تحدت تقاليد المجتمع المحافظ الذي نشأت فيه، وشاركت في برنامج تلفزيوني اسمه "مواهب" من تقديم الملحن عبد النبي الجيراري.
بفضل مشاركتها في هذا البرنامج تمكنت نعيمة من أن تحصل على دعم ومساندة من عدد كبير من الشخصيات الهامة في مجال الفن، وقد عانت لكي تقنع والدها بالمشاركة في البرنامج وساعدتها في إقناعه شقيقتها زهرة.
في النهاية قررت أن تطلب المساعدة من معد البرنامج الذي توجه إلى الوالد وأقنعه، فوافق بصعوبة بشرط أن تغني ابنته أغانٍ دينية أو وطنية، وشاركت في البرنامج وفقًا لهذه الشروط.
رغم موافقة والدها تعرضت نعيمة لحرب شرسة وانتقادات كثيرة من أهلها، ولكنها استمرت في الفن حاصلة على دعم والدها.
غنت نعيمة بعدها في برنامج آخر كان يقدمه عبد النبي الجراري الذي كان له الفضل في اكتشاف العديد من الأصوات المغربية التي ذاع صيتها في المغرب وخارجها.
أهم أغانيها
قدمت نعيمة سامح أولى أغانيها باللهجة المغربية كلمة ولحنًا، وهي أغنية "يا أجرحي"، وهي الأغنية التي اشتهرت بسببها، وتعتبر واحدة من روائعها طوال مسيرتها الفنية، وقد غنت هذه الأغنية عن طريق الصدفة، حيث لم تكن الأغنية معدة لها بشكل خاص.
قالت نعيمة إنها قابلت الملحن الأستاذ علي الحداني في الرباط، وطلب منها غناء مقطع من كلمات هذه الأغنية، وكان ذلك عام 1975، فحفظت الأغنية خلال مدة قصيرة، وبعدها سجلت الأغنية.
في هذه الفترة أصيبت بمرض فقر الدم ودخلت المستشفى، وقد الصدفة أن تزامنت فترة مرضها مع فترة إذاعة الأغنية، فاعتقد الجمهور أن الأغنية معدة خصيصًا لها، لأنها وصفت معاناتها مع المرض، وبعدها أصبحت هذه الأغنية واحدة من أشهر أغنياتها.
من أغنياتها الأخرى الناجحة التي لها قصة مؤثرة هي أغنية "شكون يعمر هذا الدار اللي خوتيها" وهي الأغنية التي غنتها بعد وفاة أختها وصديقتها الإعلامية زهور سميح.
تميزت الفنانة نعيمة بحسن اختيارها للأغنيات والكلمات التي تقدمها للجمهور، فهي تحترم ذائقة الجمهور الذي يملك القدرة على التمييز بين الجيد والسيئ، وتعتز كذلك بانتمائها لبلدها المغرب، فتجد أشهر أغنياتها هي تلك التي غنتها بلهجتها المغربية.
لدى النجمة نعيمة العديد من الأغنيات الرائعة منها "على غفلة"، و"البحارة"، و"أمري لله"، و"جاري يا جاري"، و"أنا ديني دين الله"، "نوارة"، و"راح" وغيرها من الروائع التي أثرت المكتبة الفنية المغربية.
غنت كذلك أغنيات بلهجات ليبية، ومصرية، وعراقية وخليجية، وقد أرضت جمهورها العاشق لها في الخليج بتقديم أغنية "جيتك لبابك حبيبي"، وهي إعادة تقديم لأغنية غناها في الأصل فنان قطري.
عملت الفنانة نعيمة طوال مشوارها الفني مع عدد كبير من الملحنين المغاربة الكبار، ومنهم عبد الله عصامي، وعبد القادر الراشدي، وبن عبد السلام.
تميزت نعيمة سميح بالبحة في صوتها، وطريقة غنائها القريبة من أسلوب الغناء في الجنوب المغربي الأمازيغي.
ليس هذا فحسب، بل تميزت بإحساسها المهرف، وشخصيتها الخجولة التي تظهر أمام الجمهور التي تتغلب عليها في بعض المقاطع التي تتحدث عن الشجن والشوق والحنين وغيرها.
أغنيات وطنية
تملك السيدة نعمية في رصيدها الفني عددًا من الأغنيات الدينية والوطنية، ومنها أغنية "رحلة النصر" التي تعاونت فيها مع الموسيقار عبد الوهاب الداكلي.
جعلت نعيمة الأغنية الوطنية عملًا وجدانيًا، ومن أغنياتها الوطنية "البحارة" التي قدمتها في بداية مشوارها الفني، ووصفت فيه الملك الراحل الحسن الثاني بالقائد الهمام.
في أغنياتها الوطنية تحدثت عن موضوعات وقضايا وطنية مختلفة، منها قضية الصحراء المغربية، وما زال المذياع المغربي يبث هذه الأغنية حتى الآن.
ابتعادها عن الفن
كان آخر ظهور للفنانة نعيمة سميح عام 2016 حيث شاركت في تظاهرة "أصوات نسائية" في مدينة تطوان شمال المغرب، ولم تظهر بعدها، حتى إنها غابت عن حفل تكريم لها برفقة الفنان الراحل محمود الإدريسي.
وقال ابنها الوحيد شمس إنها تركت عالم الغناء ولن تعود إليه أبدًا، ونفى أن يكون سبب ابتعادها هو مشكلتها الصحية.