دائمًا تجد المرأة المصرية رائدة في كل المجالات، ولا يتقصر الأمر على شخصيات تاريخية، وإنما نماذج نسائية معاصرة شرفت ورفعت اسم مصر، وتعد الخبيرة الاقتصادية نعمت شفيق واحدة من النماذج النسائية المصرية المشرفة التي شغلت العديد من المناصب في مجال الاقتصاد، ولها دور بارز في الحياة الأكاديمية، تعرف على قصتها ومسيرتها المهنية في السطور التالية.
حياة نعمت شفيق ونشأتها
نعمت طلعت شفيق حنطور وتعرف باسم "مينوش شفيق" هي خبيرة اقتصادية أمريكية بريطانية من أصل مصري، ولدت لأسرة مصرية في مدينة الإسكندرية في 13 أغسطس عام 1962، وتبلغ من العمر 61 عامًا.
والدها هو الأستاذ الدكتور طلعت شفيق حنطور، الذي كان يعمل أستاذا جامعيًا لكيمياء المبيدات في كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية.
أما جدها هو شفيق بك حنطور الذي عمل مسبقًا كنائب رئيس اتحاد كرة القدم، كما كان يملك ناديًا رياضيًا في كفر الزيات.
درست نعمت في مدرسة شدس الأمريكية، وفي منتصف الستينيات، تركت الإسكندرية وانتقلت إلى جورجيا مع عائلتها، وهناك عاشت معظم شبابها.
عادت نعمت إلى مصر في سن الخامسة عشرة مع عائلتها، ثم انتقلت لدراسة الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة ماساتشوستس بالولايات المتحدة، وحصلت على درجة البكالوريوس فيها عام 1983.
انتقلت بعدها نعمت للعمل في مصر، وعملت لمدة عامين في مجال التنمية بمكتب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر، وبعدها حصلت على درجة الماجستير في كلية لندن للاقتصاد من جامعة لندن عام 1986.
حصلت بعدها على دكتوراه في الفلسفة من كلية سانت أنتوني في أكسفورد، وبعدها بدأت حياتها المهنية في البنك الدولي وشغلت العديد من المناصب.
بعد انضمامها للعمل في البنك الدولي تزوجت نعمت من الاقتصادي محمد العريان، ولكنها انفصلت عنه وتزوجت من خبير المناخ، رافائيل جوفين، ولديها توأم منه، كما أنها رعت أبناءه الثلاث من زوجته الأولى.
تحمل نعمت الجنسيتين الأمريكية والبريطانية، وتتحدث الإنجليزية، والعربية والفرنسية بطلاقة، وهي الآن تقيم في مدينة نيويورك.
حياتها المهنية
بعد الحصول على درجة الدكتوراه من أكسفورد انضمت نعمت شفيق إلى البنك الدولي، وشغلت فيه العديد من المناصب، بدءًا من قسم الأبحاث، وعملت على وضع النماذج الاقتصادية العالمية، والتنبؤ بالقضايا البيئية.
انتقلت نعمت بعدها للقيام بأعمال الاقتصاد الكلي في أوروبا الشرقية، وتنقلت فيها لعدد من الدول في الشرق الأوسط، وخلال تنقلها ألفت العديد من الكتب، وكتبت العديد من المقالات حول المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط، وأسواق العمل، والتكامل الإقليمي، واقتصاديات السلام وغيرها.
في عام 36 عامًا، أصبحت نعمت أصغر نائب رئيس في البنك الدولي، وعملت في البداية في ووزارة التنمية الدولية التابعة للحكومة البريطانية، كما عملت مدير عام للبرامج القطيرة، وكانت مهمتها تولي مسؤولية جميع مكاتب وزارة التنمية الدولية في الخارج.
كانت من مهامها أيضًا تمويل الدول الإفريقية والشرق الأوسط، وآسيا، وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية، وبعدها تم تعيينها كسكرتيرة دائمة في وزارة التنمية الدولية البريطانية في عام 2008.
تولت نعمت إدارة برامج متنوعة في الوزارة، منها برنامج مساعدات ثنائية في أكثر من 100 دولة، واتبعت سياسيات متعددة الأطراف، كما عملت على تقديم تمويلات للأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبية، ومؤسسات مالية دولية أخرى.
وخلال فترة ولايتها عملت على وصف مراجعة الأقران المستقلة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ووزارة التنمية الدولية في بريطانيا، حيث تم الاعتراف بها كرائدة دولية في مجال التنمية.
نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي
في عام 2011 شغلت نعمت منصب نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، وكانت مسؤولة عن 2400 موظف وميزانية مالية قدرها 38 مليار جنيه إسترليني، أي حوالي 60 مليار دولار أمريكي، في الفترة ما بين 2011، إلى 2014.
وبصفتها نائب المدير العام كانت مسؤولة عن عمل صندوق النقد الدولي في أوروبا والشرق الأوسط، وتولت مسؤولية الميزانية الإدارية للصندوق التي قدرت بمليار دولار، فضلا عن الموارد البشرية لموظفي الصندوق الذي بلغ عددهم 3 آلاف موظف.
تولت نعمت كذلك مسؤولية تدريب الصندوق، والمساعدات الفنية لصانعي السياسات في جميع أنحاء العالم.
عملها في بنك إنجلترا
تولت نعمت شفيق بعدها منصب نائب أول لمحافظ بنك إنجلترا في شؤون الأسواق والخدمات المصرفية، وكانت مسؤولة عن الميزانية العمومية للبنك التي بلغت 500 مليار جنيه إسترليني.
وفي أثناء عملها في البنك كانت عضوة في لجنة السياسة النقدية، ولجنة السياسة المالية، وعضو في مجلس إدارة هيئة التنظيم الاحترازية.
قادت نعمت مراجعات البنك العادلة والفعالة للأسواق، ومعالجة سوء السلوك في الأسواق المالية، وفي سبتمبر 2016 تم تعيينها في منصب رئيس كلية لندن للاقتصاد، بدلًا من عالم الاجتماع كريغ كالهون وتولت المنصب في سبتمبر 2017.
عملها الأكاديمي
بعد سنوات من العمل في المجال الاقتصادي، توجهت نعمت شفيق للعمل الأكاديمية بداية من عام 2017، حيث شغلت منصب رئيس كلية لندن للاقتصاد محل عالم الاجتماع كريغ كالهون، وظلت تشغل هذا المنصب حتى يناير 2023.
شغلت نعمت مناصب أكاديمية في كلية وارتون للأعمال في جامعة بنسلفانيا، كما درست في قسم الاقتصاد بجامعة جورج تاون.
في 18 يناير 2023 أعلن عن أنها ستصبح الرئيس القادم لجامعة كولومبيا اعتبارًا من 1 يوليو، لتحل محل لي بولينغر، وتصبح أول سيدة تتولى رئاسة جامعة كولومبيا في تاريخ الجامعة.
قامت نعمت بتأليف عدد من الكتب، والمشاركة في تأليف كتب أخرى، منها كتاب "آفاق اقتصاديات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: من الازدهار إلى التمرد والعودة"، وكتاب "التحديات الاقتصادية التي تواجه دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
كتبت كذلك عدد من المقالات التي نشرت في مجلة كولومبيا، والشرق الأوسط، وأكسفورد، والتمويل الأفريقي، والتنمية العالمية، وغيرها من المجلات الاقتصادية.
عملها الاستشاري
ترأست نعمت شفيق عدة مجموعة استشارية دولية، ومنها المجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء، والبرنامج العالمي للمياه والصرف الصحي، وبرنامج مساعدة إدارة قطاع الطاقة، وغيرها.
لعبت نعمت دورًا أساسيًا في إطلاق اتحاد البنية التحتية لأفريقيا، وعملت في عدد من المجالس، منها مجموعة الشرق الأوسط الاستشارية، ومنتدى البحوث الاقتصادية للعالم العربي وإيران وتركيا.
شغلت نعمت منصب أمين المتحف البريطاني، ومجلس معهد الدراسات المالية، كما شغلت منصب نائبة رئيس مجلس أمناء المتحف البريطاني حتى عام 2021.
في عام 2021 تم تعيينها مع مجموعة خبراء يرأسها باتريك فالانس لتقديم المشورة لرئاسة مجموعة السبع التي عقدتها حكومة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون.