نزار شقير.. اللبناني صانع إمبراطورية "باتشي"

تمكن رجل الأعمال اللبناني نزار شقير، والذي يُحب أن يُطلق عليه "الحاج نزار" أن يصنع إمبراطورية لبنانية وعربية لصناعة الشيكولاتة في الشرق الأوسط، والتي استطاعت أن تنافس العلامات التجارية العالمية، وهي علامة باتشي للشيكولاتة الماركة الأشهر على الإطلاق، في هذا المقال تعرف أكثر على قصة نجاحه ومسيرته المهنية.

من هو نزار شقير؟

نزار شقير هو رجل أعمال لبناني بارز ومؤسس مجموعة "باتشي" المتخصصة في تصنيع الشوكولاتة، بدأ شقير رحلته في عالم الأعمال بحلم طفل صغير، حيث كان مولعًا بالشوكولاتة منذ سن 11 عامًا.

هذا الشغف تطور معه على مر السنين، مما دفعه إلى تأسيس مجموعة "باتشي" التي أصبحت علامة تجارية مميزة في لبنان، وعلى مستوى العالم.

تميز الحاج نزار بروح الابتكار والريادة، حيث أدرك مبكرًا إمكانية تحويل الشوكولاتة إلى هدايا تحمل طابعًا خاصًا، وتضيف البهجة إلى حياة الناس. تحت قيادته، نمت "باتشي" وانتشرت في مختلف أنحاء العالم، معروفة بجودتها وتميزها.

بالإضافة إلى نجاحه في قطاع الشوكولاتة، عرف الحاج نزار شقير بمحبته لوطنه لبنان وبروح العطاء والخير التي تميز بها.

كان شخصية وطنية وقيادية في مجال الاقتصاد، حيث ساهم بشكل كبير في تعزيز صورة لبنان الاقتصادية على المستوى العالمي. توفي الحاج نزار شقير تاركًا وراءه إرثًا من النجاح والابتكار، ومسيرة حافلة بالإنجازات التي ستظل مصدر إلهام للعديد من الأجيال.

نشأته وتعليمه

ولد رجل الأعمال نزار شقير في عام 1941 في منطقة رأس النبع في عائلة تعمل في التجارة لأجيال، وكانت عائلته تعمل في استيراد الحبوب والمواد الغذائية المختلفة، كما كانت تستثمر في بساتين الليمون والموز.

أخوال شقير هم آل الصيداني، وهي واحدة من أهم وأكبر العائلات التي كانت مسيطرة على سوق السكاكر والشيكولاتة في بيروت كلها، ولقد كانت هذه النشأة في عائلتين لديهما تاريخ طويل من التجارة سببًا في ميوله التجارية منذ سن مبكر.

رجل الأعمال المهووس بالشيكولاتة

ترك شقير الدراسة في سن 14 عامًا، ورغب في العمل في التجارة مع عائلته، حيث أقنع أخواله بأن يدفعوا له راتبًا مقابل العمل معهم، وتفرغ بدوام كامل للعمل في مجال الشيكولاتة، وبمرور الوقت أصبح يدير كل المصانع والمحلات التجارية التي يملكها أخواله.

ورغم خبرته التجارية أراد شقير أن يقوي مهنته من خلال العلم والدراسة، لذا حصل على دبلوم المحاسبة التي منحته المزيد من الأدوات الفكرية والعلمية اللازمة لتسيير تجارته وأعماله.

عشق نزار شقير الشيكولاتة لدرجة الهوس، لدرجة إنه قال في أحد اللقاءات الصحفية أنه كان يرى الشيكولاته في كل شيء، وعشقه هذا دفعه إلى أن يصبح ماهرًا في إدارة أعمال أخواله لدرجة أنه في سن 18 عامًا استطاع أن يخلق لأخواله منافسين في السوق.

ذهب المنافسون إلى والديه، وتوسطوا لهما لإرساله في الكويت ليعمل هناك مع أحد أقاربه في شركة الغاز، وبالفعل سافر إلى الكويت وهناك التقى بزوجته سهام، وأنجب طفله الأول هناك، ولكن عشقه للشيكولاتة وحبه لبيروت دفعه للعودة مجددًا لتولي أعمال والده، في مجال المنتجات الغذائية.

لم يتمكن شقير الاستمرار في العمل لفترة طويلة، حيث عمل في إدارة أعمال والده لمدة 5 سنوات، ثم وجد فرصة أخرى مع أخواله من جديد.

قصة نشأة ماركة "باتشي"

بعد سنوات من العمل في تجارة والده قرر نزار شقير أخيرًا العمل مع أخواله في تجارة الشيكولاتة، حيث أدار بعض محلات الشيكولاتة، وافتتح فرعًا جديدًا تحت اسم "لو بونبونير" وسط بيروت.

غادر شقير بعدها المحل، وافتتح أول محل له تحت اسم "باتشي" عام 1974 في منطقة الحمراء في بيروت، ثم افتتح فرعًا آخر في مدخل البلدية، وبسبب نجاحه وسمعته جذب الزبائن القدامى من محلات أخواله إلى محله الجديد.

اختار شقير علامة "باتشي" من كلمة "القبلات" في اللغة الإيطالية، وهي الكلمة التي اقتبسها وعرفها خلال سفراته حول العالم، حيث أراد اختيار اسمًا قصيرًا ومؤثرًا.

ازدهرت أعمال شقير في لبنان، وأصبح يفتح ملحًا تلو الآخر، إلا أن الأوضاع غير المستقرة في لبنان أثرت على تجارته لذا قرر الانتقال، واختار أن تكون عمان وجهته التالية، حيث عاش فيها لفترة مع عائلته، وافتتح متجرًا فيها، ثم عاد إلى بيروت.

استمرت رحلات شقير بعدها لفترة طويلة، حيث انتقل إلى قبرص ثم إلى باريس، وافتتح متاجر هناك، ثم انتقل إلى السعودية، وافتتح متجرًا في جدة وبعدها افتتح فروعًا في كل أنحاء الوطن العربي، وأصبح مصنع باتشي في جدة أكبر مصانع الشيكولاتة في الشرق الأوسط.

افتتح شقير بعدها فروعًا في العديد من الدولة العربية وصل عددها 26 فرعًا في سوريا والأردن ومصر والكويت والبحرين وقطر واليمن وتونس واليمن والإمارات والسعودية ودول عربية أخرى، كما افتتح فروعًا في بولندا وفرنسا وبريطانيا وكندا والهند ونيجيريا وساحل العاج، ودول أخرى.

تعرضت علامة باتشي إلى انتقادات واسعة؛ بسبب ارتفاع أسعارها وعدم قدرة الناس على شرائها، إلا أن شقير استمر في جعل باتشي واحدة من أفخم ماركات الشيكولاتة في الشرق الأوسط والعالم. لشركة باتشي أيضًا علامة أخرى اسمها "رويال سلفر" التي تباع بشكل خاص في محال باتشي فقط.

اليوم، وبعد أكثر من 42 عامًا، أصبحت "باتشي" علامة تجارية رائدة في المنطقة، تجسد رؤية نزار شقير وإبداعه الذي لا يزال مصدر إلهام للأجيال القادمة.

كتاب نزار شقير

في عام 2016، أطلق نزار شقير كتابه "نزار شقير.. مسيرة نجاح" خلال حفل احتفالي في الأشرفية، لبنان، حضره وسائل الإعلام والأصدقاء والعائلة وشخصيات بارزة من المجتمع. يكشف هذا الكتاب عن مراحل استثنائية من حياة نزار شقير، الذي حمل منذ طفولته رؤية مبتكرة وشغفًا وتصميمًا لا يلين.

نزار شقير، ابن لعائلة تقليدية مرموقة في بيروت، بدأ مسيرته من أسواق المدينة القديمة حيث كانت عائلته تبيع الحلويات. في كتابه، يروي نزار حلمه وتحدياته، مسلطًا الضوء على الهوة الكبيرة بين أفكاره الثورية في عالم التجارة وواقع السوق حينذاك.

من خلال تفانيه وعمله الدؤوب، استطاع نزار تحويل حلمه إلى حقيقة ملموسة، محدثًا تحولًا جذريًا في نظرة لبنان والمنطقة إلى الشوكولاتة عبر ابتكار مفهوم جديد يتمثل في إهداء الشوكولاتة.

الحاج نزار المحب للخير

إلى جانب إنجازاته التجارية، كان نزار شقير ناشطًا اجتماعيًا بارزًا، ملتزمًا بالعمل الأهلي وتنمية المجتمع. منذ عام 2014، كان عضوًا في المجلس الشرعي الإسلامي، وفي عام 2011 تبرع بتأسيس وتشغيل وحدة الاكتشاف المبكر للإعاقات السمعية والبصرية في عكار، موفرًا التمويل اللازم لشراء المعدات الدقيقة لإجراء الفحوصات.

لم يتوقف عطاء نزار عند هذا الحد؛ فقد شيّد مسجدًا يحمل اسمه واسم عائلته، وأسس "مركز نزار شقير لتحفيظ القرآن الكريم وعلومه".

كانت هذه المبادرات جزءًا من رؤيته لتعزيز الروابط الاجتماعية والدينية، وتقديم الدعم للمجتمعات المحلية، مما يعكس روح العطاء والالتزام التي تميز بها طوال حياته.

وفاة نزار شقير

توفي رجل الأعمال اللبناني نزار شقير يوم الاثنين الموافق 17 يونيو 2024 في أحد المستشفيات في لبنان بعد صراع مع المرض، ودفن في جبانة الشهداء.