المرأة الحديدية ورائدة الهندسة السعودية وكبيرة مهندسو أرامكو كلها ألقاب حصلت عليها المهندسة السعودية نبيلة التونسي التي أحدثت ثورة في كبرى شركات النفط والغاز العالمية، وتمكنت من النجاح في أكثر من مجال، وأنشأت أول مصنع للبولي يورثان في الشرق الأوسط، في السطور التالية تعرف على مسيرتها المهنية وقصة نجاحها.
من هي نبيلة التونسي؟
نبيلة مكي التونسي هي مهندسة تنفيذية سعودية في شركة أرامكو السعودية ولدت في 11 يناير عام 1959 في مدينة الرياض، ووالدها هو اللواء السعودي مكي التونسي الذي تولى قيادة قوات الدفاع الجوي عام 1966.
كان والدها يتسم بالصرامة، وذلك بسبب تربيته وتعليمه العسكري، وقد حرص على أن يعلم أولاده الانضباط والالتزام، حيث ذكرت التونسي ذات مرة أن تناول بالطعام والحديث والدراسة كان يتم بموعد محدد.
انتقلت التونسي إلى إسبانيا وهي في الثانية عشر من عمرها، حيث كان والدها ملحقًا عسكريًا في السفارة السعودية في مدريد وقتها، وهناك التحقت بمدرسة إسبانية أمريكية، وتلقت دروسًا في اللغة العربية ليلًا حتى تحافظ على لغتها الأم.
عادت التونسي إلى السعودي في سن الخامسة عشر ودرست في المدارس الثانوية هناك، وعن هذه الفترة تقول التونسي: كنت مختلفة بين صديقاتي، وكن ينظرن إلي بشكل مختلف".
شجعها والدها فيما بعد إلى الدراسة في جامعة أوريغون، وهي نفس الجامعة التي درس فيها أخوها الأكبر، وللاستعداد لامتحان اللغة الإنجليزية تمرنت التونسي لأول مرة على الحاسوب، وقد ذهلت من هذه الآلة وصممت على تعلم طريقة عملها.
دراستها الجامعية
درست نبيلة التونسي في مدارس المملكة وأنهت دراستها الثانوية فيها، ثم أكملت دراستها في الولايات المتحدة، حيث درست في كلية لويس أند كلارك لدراسة الهندسة الكهربائية، وكانت وقتها تبلغ السابعة عشر من عمرها.
بعد إنهاء دراستها الجامعية أكملت المهندسة نبيلة الدراسات العليا، وحصلت على درجة الماجستير في هندسة الحاسوب من جامعة أوريغون البحثية الأمريكية في ولاية أوريغون.
حصلت التونسي أيضًا على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية والحاسوب عام 1980 من جامعة بورتلاند في الولايات المتحدة. لم تكتفِ التونسي بهذا فحسب، بل حصلت على شهادة برنامج العمل التنفيذي من جامعة ستانفورد لإدارة الأعمال، وبعدها بثلاثة أعوام حصلت على شهادة برنامج التطوير الإداري عام 2004 من جامعة فرجينيا.
رفضت عرض عمل من شركة آبل
بعد تخرجها بحثت نبيلة التونسي عن وظيفة في شركات التقنية، وقد تلقت عرضًا من شركة آبل ولكنها رفضت العرض، وعن سبب الرفض قالت إنها لم تكن تعرف كيف تكون جزءًا من شركة جديدة، وكيف يمكنها أن تشارك في انطلاقتها.
مسيرة المهندسة نبيلة التونسي المهنية
بدأت المهندسة نبيلة التونسي عملها في شركة أرامكو السعودية عام 1982، حيث عملت كمهندسة نظم معلومات، وذلك بعد أن حصلت على درجة الماجستير في هندسة الكمبيوتر، وفي عام 1984 عملت في قطاع أعمال الهندسة وإدارة المشاريع في الشركة.
تمكنت التونسي من العمل في شركة أرامكو بفضل عمها، رئيس الأمن الداخلي في الجيش السعودي، الذي عرفها بوزير البترو آنذاك زكي يماني. كانت شركة أرامكو تعين خريجي علوم الحاسوب لتأسيس البنية الأساسية لتقنية المعلومات في الشركة.
كانت التونسي المرأة الوحيدة التي عينت في الشركة عام 1982، وخلال عامين طورت برمجيات لحساب إمدادات النفط ومحاكاة استكشاف مخزون النفط.
وخلال عملها في شركة أرامكو شغلت المهندسة نبيلة العديد من المناصب، فقد عملت كمهندسة مشاريع، ومهندس مراقبة أساليب التصنيع، ومهندس مشاريع أعلى. تولت كذلك منصب رئيس وحدة الخدمات الفنية لمراقبة أساليب التصنيع، ورئيس وحدة تخطيط نظم الشبكات الكهربائية وتقنية المعلومات.
في عام 1996 ترأست نبيلة التونسي قسم تخطيط مرافق تقنية المعلومات والشبكات الكهربائية، وخلال عملها في هذا المنصب أطلقت العديد من المبادرة التي تهدف إلى تحسين جودة العمل، وتعيين خبراء تقنيين، ورفع توصيات للإدارة لاستخدام تقنية المعلومات في أعمال الشركة.
أشرفت المهندسة نبيلة أيضًا على العديد من المشروعات داخل الشركة، منها مشروع يهدف الحد من استهلاك الشركة للطاقة الكهربائية، وهو ما أدى إلى تحقيق إيرادات كبيرة.
في عام 2018 تم تعيين المهندسة نبيلة التونسي رئيسًا تنفيذيًا لمشروع الطاقة والمياه في مشروع نيوم، كما شغلت منصب المديرة التنفيذية لدائرة البرامج في الديوان الملكي السعودي منذ يوليو عام 2019.
تشغل المهندسة نبيلة عضوية مجلس إدارة عدة شركات، منها شركة التعدين العربية السعودية "معادن" منذ شهر أكتوبر عام 2020، والهيئة السعودية للمهندسين، وعضوية مجلس أمناء جامعة دار الحكمة.
إنجازات نبيلة التونسي في أرامكو
تمكنت المهندسة نبيلة التونسي من ترك بصمتها على شركة أرامكو السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، ففي السنوات الأخيرة تسعى المملكة العربية السعودية إلى تقليل اعتمادها على النفط الخام، الذي يعد معظم إيراداتها، وقد عملت التونسي بجد على هذا المشروع الذي يهدف إلى التنوع في الإنتاج المحلي.
في عام 2018 كانت شركة البتروكيماويات من ضمن مسؤوليات نبيلة التونسي، فهذه الشركة لها مجمع صناعي بقيمة 20 مليار دولار قريب من شواطئ الخليج العربي، وأصبح أول مصنع للبولي يورثان في الشرق الأوسط بقدرة إنتاج تتخطى 3 ملايين طن من الكيماويات.
وتدخل هذه المواد في صناعة العديد من المنتجات بداية من عجلات السيارات وصولًا إلى الأحذية الرياضية، وهو ما وفر للمملكة العربية السعودية طريق التنوع التي طمحت وخططت له لسنوات.
منذ بداية عملها في شركة أرامكو عام 1982 تبنت نبيلة التونسي العديد من الخطط بهدف التغيير والتطوير، فقد طورت برمجيات للإشراف على الأصول النفطية، كما طبقت نظام الأتمتة وذلك بهدف تسريع نقل النفط والغاز، كما ساعدت المهندسين على استعمال حلول الطاقة البديلة.
أدارت التونسي كذلك مشاريع النفط والغاز بقيمة 40 مليار دولار، وبسبب إنجازاتها تلك تم ترقيتها لمنصب كبير المهندسين عام 2015، وعن هذه الترقية قالت التونسي: "إنها لفرصة وميزة كبرى أن تكون مدير قسم الهندسة في أكبر شركات النفط والغاز في العالم، مع ما تتسم به الهندسة من نهج تقليدي في العالم كله، وخاصة في النفط والغاز".
أبرز المحطات في مسيرتها المهنية
من أبرز المحطات في مسيرة نبيلة التونسي المهنية حقل منيفة النفطي بقيمة 17 مليار دولار، وهو عبارة عن مجموعة من 27 جزيرة صناعية في المياه الضحلة في شمال شرق الخليج العربي.
يعد هذا الحقل خامس أكبر حقل نفطي بحري في العالم، وقد عملت التونسي مع مهندسين آخرين لتصميم ممر بطول 41 كيلو مترًا يربط بين الجزء، وذلك بهدف تقليل اقتحام الكائنات البحرية في منطقة كان الصيد فيها صناعة رئيسية.
أصبح حقل منيفة له القدرة على إمداد 3 مصاف تكرير ومصنعين للبتروكيماويات، ويصل إنتاجيته 900 ألف برميل من الخام الثقيل يوميًا.
أشرفت التونسي كذلك على التنقيب عن النفط والغاز قبالة الساحل والتكرير في السواحل الشمالية والغربية في السعودية، وذلك بقيمة 40 مليار دولار، بجانب العمل في حقل شيبه النفطي.