ناشطون مؤيدون للفلسطينيين مهددون بالإبعاد عن ألمانيا

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ 3 أيام
ناشطون مؤيدون للفلسطينيين مهددون بالإبعاد عن ألمانيا

قررت السلطات في ولاية برلين إبعاد أربعة مواطنين أجانب عن ألمانيا، يُفترض أنَّهم شاركوا في احتجاجات عنيفة مؤيدة للفلسطينيين في جامعة برلين الحرة. ومنهم ثلاثة مواطنون من الاتحاد الأوروبي (من أيرلندا وبولندا) والشخص الرابع يحمل الجنسية الأمريكية.

وهؤلاء الأشخاص الأربعة تلقوا جميعهم في منتصف شهر آذار/مارس إخطارات من مكتب ولاية برلين لشؤون الهجرة تقضي بإنهاء إقاماتهم في ألمانيا وبالتالي ضرورة مغادرتها. وهذا ما أكدته لدويتشه فيله (DW) وزارة الداخلية في ولاية برلين؛ مؤكدة أن القرار جاء على خلفية "الأحداث التي وقعت داخل جامعة برلين الحرة في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2024".

وبحسب وصف وزارة الداخلية بالولاية فقد تسللت في ذلك اليوم مجموعة من الأشخاص الملثمين العنيفين إلى مبنى الجامعة وتسببت الأحداث في "أضرار مادية كبيرة داخل المبنى، منها كتابات على الجدران تشير إلى 'النزاع الإسرائيلي الفلسطيني‘ بالإضافة إلى جرائم جنائية أخرى". وأظهرت مقاطع وصور على موقع إكس للتواصل الاجتماعي شعارات كتبت على جدران الجامعة كـ "فلسطين حرة" أو "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر". وأثار هذا الحادث اهتمامًا كبيرًا تجاوز حدود العاصمة برلين.

من جهتها وصفت جامعة برلين الحرة الأحداث وفي ذلك اليوم أنها "هجوم عنيف". وتابعت في بيان أنه "بحسب تقديرات العديد من موظفي الجامعة الحرة فقد حاولت عند وقت الغداء في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2024 مجموعة من نحو 40 شخصًا ملثمًا السيطرة على مبنى مكتب الرئاسة بعنف". وأضافت أنَّ هؤلاء "الأشخاص تصرفوا بعنف شديد وهاجموا الموظفين جسديًا وهددوهم لفظيًا"، كما أنهم "أحدثوا أضراراً مادية كبيرة"، فقد "تم تخريب غرف وتدمير تقنيات بالإضافة إلى رشّ شعارات ومثلثات حماس على الجدران والواجهات". علمًا أنَّ الحكومة الألمانية تصنِّف حركة حماس المسلحة كتنظيم إرهابي.

ونجحت الشرطة في إنهاء محاولة السيطرة واعتقلت أربعة أشخاص، وُجِّهت إليهم اتهامات جنائية لأسباب منها الإخلال بالأمن والسلم العام. ومن جانبه أدان عمدة برلين كاي فيغنر (من الحزب المسيحي الديمقراطي) هذا الحادث بشدة. وقال إنَّ "اقتحام الجامعة الحرة من قبل ناشطين يوصفون بأنَّهم مؤيدون للفلسطينيين يُظهر من جديد أنَّهم غير مهتمين بالحوار، بل يعرفون فقط: تخريب الممتلكات والعنف والكراهية".

الدفاع يشكك في قانونية قرار الإبعاد

في المقابل، شكك المحامي ألكسندر غورسكي، الذي ينوب عن شخصين من بين الأشخاص الأربعة الصادر ضدهم قرار الإبعاد في مدى قانونية الإجراء المتبع من قبل سلطات الولاية. وصرح لـDW بأنَّ "هذه الأوامر صدرت بسبب توجيه العديد من التهم الجنائية لموكلينا. ولكن لم يصدر إلى غاية اللحظة أي أحكام قضائية" بحقهما، كما أكد أنه "لم يستلم إلى غاية اللحظة" ملفات الاتهام الخاصة بهما، علما بأن التهمة الموجهة إليهما متعلقة بـ"دعم حماس بشكل غير مباشر ونشر معاداة السامية".

وحاليًا ما يزال الأشخاص الأربعة المتضررون يقيمون في برلين وقد رفعوا شكوى أمام المحكمة الإدارية ضد قرار الإبعاد وموعده النهائي في 21 نيسان/أبريل.

وحسب القوانين الأوروبية، يحق لكل مواطن أوروبي الاستقرار داخل أي بلد عضو في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى حرية التنقل بين الدول الأعضاء، والتي قد تبلغ تلغى عند وجود "تهديد خطير بما فيه الكفاية للنظام العام أو الأمن" في البلد المضيف، وفقاً لما ظهر في "سلوك الفرد". وهذا هو السند القانوني الذي اعتمدت عليه سلطات برلين في قرار الإبعاد.

ولا بد من الإشارة إلى أن العقبات التي تحول بموجب قانون الاتحاد الأوروبي دون الإبعاد مرتفعة جدًا. وهذا ما تظهره حتى أحكام سابقة لمحكمة العدل الأوروبية، والتي وضعت تعريفا صارما لمفهوم "التهديد للنظام العام والأمن" والذي، وفقاً لماتياس غولدمان، أستاذ القانون الدولي بجامعة (EBS) للاقتصاد والقانون في مدينة فيسبادن في مداخلته في برنامج "Inside Europe" التي تبثه مؤسسة DW، يشترط أولا "إدانة قضائية بارتكاب جريمة. أما الإدانة البسيطة فلا تكفي"، وحتى الآن "لم تتم إدانة الأشخصاص المعنيين"، كما يقول محاميهم.

قرارات سياسية؟

ويبدو أنَّ الآراء حول إبعادهم عن ألمانيا كانت متباينة داخل سلطات برلين. فبينما يرى قسم أنها معللة قانونيا، يشكك قسم آخر في مدى قانونيتها حتى من داخل الأجهزة الرسمية. وحول ذلك كشفت صحيفة "تاغس شبيغل" الصادرة في برلين من أنّ موظفين كبارًا في مكتب الولاية لشؤون الهجرة اعتبروا أن الاتهامات الموجهة للأشخاص الأربعة "قد تكون" غير كافية من أجل حرمانهم من حرية التنقل داخل دول الاتحاد الأوروبي.

وهذا أيضًا هو رأي المحامي ألكسندر غورسكي، الذي وصف قرارات الإبعاد "سلوكًا غير قانوني على الإطلاق" وحسب رأيه "لن يصمد" أمام المحكمة. واتهم المحامي السلطات في حديثه باستخدام قوانين الهجرة في هذه القضية "كأداة لقمع الحركات الاجتماعية، وخاصةً لقمع الحركة المؤيدة للفلسطينيين".

أما أستاذ القانون ماتياس غولدمان فيرى أن قرارات الإبعاد لا بد من إدراجها ضمن سياق أوسع منقداً حكومة ولاية برلين بقوله: "هذه الحكومة هي بالتأكيد الحكومة الأكثر إشكالية في ألمانيا عندما يتعلق الأمر بمحاربة التضامن مع فلسطين. ويُلاحظ ذلك في عدد الاعتقالات وحظر المظاهرات". وهذا يتعلق بحسب رأيه أيضًا "بمحاربة آراء سياسية محددة" تجاه حرب غزة والنزاع في الشرق الأوسط. وتهمة معاداة السامية يتم استخدامها هنا - بحسب تعبيره - كـ "ذريعة لتفكيك آليات الحماية الدستورية".

أعده للعربية: رائد الباش

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة