يعتبر الروائي السوري ممدوح عزام من الأصوات الأدبية السورية المعاصرة البارزة، فقد تميز برواياته التي غاص فيها في أعماق التاريخ السوري المعاصر، وتناول موضوعات مختلفة وحساسة مثل الحرب والحصار، وجمع في أعماله بين اللغة الشعرية العميقة والسرد الواقعي، في السطور التالية تعرف على مسيرته وأهم أعماله.
من هو ممدوح عزام؟
هو روائي سوري، ولد في محافظة السويداء في سوريا في عام 1950، ويعد من أبرز الروائيين السوريين المعاصرين، وله إسهامات هامة في الأدب العربي الحديث.
تناول عزام في رواياته وأعماله الأدبية موضوعات وقضايا اجتماعية وسياسية حساسة تخص الشأن السوري، وفي أعماله يغوص في التعقيدات الاجتماعية والحياة اليومية للأفراد في المناطق الريفية.
تناول عزام موضوعات لها علاقة بالعادات والتقاليد المحلية، كما تناول في أعماله مواضيع هامة وحساسة مثل الهوية والانتماء، والتي تظهر التأثيرات الثقافية والسياسية على الأفراد في المجتمع السوري.
حياته وتعليمه
ولد الروائي ممدوح عزام في السويداء في سوريا، ودرس في مدارسها، ثم انتقل إلى دمشق، ودرس الأدب العربي في جامعة دمشق، ثم عمل مدرسًا للغة العربية في المدارس السورية.
بدأ عزام مسيرته الأدبية في منتصف الثمانينات من خلال نشر مجموعات قصصية مختلفة نشرت في وزارة الثقافة السورية، وبعدها بدأ في كتابة الروايات، وكانت من أوائل أعماله الروائية "معراج الموت" في دمشق عام 1987.
روايات ممدوح عزام
بدأ الكاتب ممدوح عزام مسيرته الأدبية في كتابة القصص، وقد نشر أول مجموعة قصصية له عام 1985 بعنوان "نحو الماء"، وبعدها بعامين أصدر أول رواياته "معراج الموت" عام 1987، وقد صدر لها طبعة ثانية عام 2003 من دمشق.
في عام 1998، أصدر روايته الثانية "قصر المطر"، وفي عام 2000 أصدر "جهات الجنوب"، كما أصدر مجموعته القصصية "الشراع". في عام 2005 ألف رواية "أرض الكلام"، وفي عام 2011 ألف رواية "نساء الخيال".
في عام 2018، أصدر الكاتب ممدوح عزام رواية "أرواح صخرات العسل"، وفي عام 2019 أصدر كتاب "لا تخبر الحصان"، ثم شارك في تأليف كتاب "صفحات من دفتر قديم" مع عدد من الكتاب السوريين الذين رووا سيرهم الأدبية. في عام 2021، أصدر روايته الجديدة "حبر الغراب".
بجانب أعماله الأدبية، يكتب أيضًا بشكل منتظم مقالات أدبية وثقافية في عدد من الصحف والمواقع السورية والعربية، وقد أعيدت طباعة رواياته في طبعات جديدة، وترجمت بعض أعماله إلى لغات أجنبية، منها الفرنسية والإنجليزية، والألمانية.
رواية معراج الموت لممدوح عزام
تعد رواية معراج الموت من أوائل الأعمال الروائية للكاتب ممدوح عزام، والتي ناقش فيها قضية الشرف والقتل بحجة غسل العار، وكيف ينظر المجتمع إلى القاتل نظرة البطل المدافع عن شرف قبيلته وعائلته.
تدور أحداث الرواية في ريف السويداء جنوب سورية، حيث نشأ الكاتب، وهو مجتمع تتجذر فيه الثقافة الذكورية التي ترى في القتل أفضل وسيلة لغسل جرائم العار. تتحدث الرواية عن فتاة اسمها سلمى تقع في حب مدرس اسمه عبد الكريم، فيقرران الهروب معًا خوفًا من العائلة، إلا أن العائلة لحقتها، وبدلًا من قتلها خوفًا من القانون، قرروا حبسها في بيتها طوال حياتها.
في الكتاب، ينتقد ممدوح الممارسات الذكورية في المجتمعات في الريف السوري، وينتقد كذلك مشاركة النساء ودورهن في تعزيز هذه الممارسات الظالمة بدلًا من رفضها.
تحولت الرواية إلى فيلم سينمائي بعنوان "اللجاة"، وقد كتب ممدوح عزام سيناريو الفيلم، وأخرجه رياض شيا، وصدر عام 1993.
ومن اقتباسات ممدوح عزام في رواية "معراج الموت": "منذ تلك الأيام صارت تتأخر في تناول طعامها. كان في الغالب مؤلفاً من رغيفٍ واحدٍ من خبز الطلامي، وحبات من الزيتون أو قطعة من الجبن. كانت عماتها يرمينه لها، ملفوفاً في صرّةٍ من القماش. لم تكن تعرف أنّه قطع من ثيابها. كنّ قد مزّقن ثوبين لها، ثم بدأن يلففن بالمزق زوّادة الموت، ويرمينه لها قبل منتصف الليل، إذ لم تكن واحدة فيهنّ راغبةً في رؤية وجهها، خوفاً من تسلّل الشفقة".
أسلوب الكاتب ممدوح عزام
يمزج الكاتب ممدوح عزام بين السرد الواقعي والتحليل النفسي لشخصياته، وهو ما يمنح روايته طابعًا فريدًا يمس القارئ. يمتلك كذلك قدرة فائقة على التقاط التفاصيل الصغيرة في حياة الشخصيات، سواء كانت تتعلق بالطبيعة المحيطة أو الحياة اليومية، وهو ما يمنح النصوص واقعية تسمح للقارئ بالتفاعل.
غالبية أعمال عزام وروايته تدور في الريف السوري، حيث يتناول تقاليدها وتأثيرها على سلوك الأفراد وعلاقاتهم الاجتماعي. يتعمق كذلك في تحليل الشخصيات وصراعاتها الداخلية، وغالبًا ما يعالج التوترات النفسية التي تنتج بسبب الظروف الاجتماعية والسياسية.
يحرص كذلك على معالجة قضايا اجتماعية وتاريخية مثل السلطة والحرب والهوية والانتماء، ولا يعتمد على سرد الأحداث فقط، بل يعيد استكشافها من خلال شخصياته للكشف عن تعقيدات المجتمع السوري، وخاصة في فترة الحرب الأهلية.
ولا تخلوا أعماله من مسحة شاعرية، التي تظهر في الوصف والطبيعة، وهي الشاعرية ساهمت في تعزيز الجوانب العاطفية في النص.
اختار عزام في رواياته قصصًا استمدها من واقع المجتمع السوري، فقصة روايته الأولى "معراج الموت"، جاءت من حكاية رواها له والده، عن فتاة قتلت بعدما حملت سفاحًا من حبيبها.
أما في روايته "قصر المطر"، فقد جاءت فكرتها من قصة حكاها له أحد الأشخاص في شمال سوريا، حيث قتل أحد الأغوات أسرة كاملة في المنطقة بسبب رفض العائلة تزويجه لابنتهم، ومن اقتباسات هذه الرواية: "المنتصر عديم الحياء، لا يعرف الأجوبة، ولديه على الدوام قوانينه الخاصّة، التي تنفذ، ولا تشرح ليش، لان الجواب حاضر فيما يفعل فقط".
استمع عزام إلى قصص وحكايات جده وأعمامه، ونسج منها قصصًا وموضوعات لرواياته. في رواياته السادسة "أرواح صخرات العسل"، تحدث عزام فيها عن الحرب الدائرة في سوريا، وقد جاءت فكرة القصة، حينما سمع عن قصة شاب انتحر بعد مقتل صديقيه في المعارك الدائرة في سوريا، فبدأ في نسج قصته عن هؤلاء الشبان الثلاثة.