يعد رجل الأعمال السعودي معن الصانع من رجال الأعمال الذين برزوا في عالم المال والأعمال في المملكة والخليج العربي، فقد عرف بتأسيسه مجموعة السعد، التي كانت واحدة من أكبر الكيانات الاستثمارية، وامتدت استثماراتها في قطاعات مختلفة، وكان نموذجًا لرجل الأعمال الناجح الذي بنى إمبراطورية ضخمة، وحقق ثروة طائلة، إلا أنه أصبح عنوانًا للأزمات بعد انهيار مجموعته، وتعرضه لأزمات مالية متتالية هزت أخبارها قطاع الأعمال في المملكة والخليج، تعرف أكثر على مسيرته وقصة انهيار إمبراطوريته المالية.
من هو معن الصانع؟
معن عبد الواحد الصانع هو رجل أعمال سعودي من أصل كويتي، ولد في عام 1955 في مدينة الخبر بالمملكة، وهو مؤسس ورئيس مجموعة السعد متعددة النشاطات.
بدأ الصانع مسيرته المهنية كضابط طيران، وبعدها انتقل إلى قطاع الأعمال، وأسس مجموعة السعد أواخر الثمانينات، وحققت المجموعة نجاحًا كبيرًا، وامتدت أعمالها إلى قطاعات مختلفة، مثل البنوك والخدمات الصحية، مما جعل الصانع من أبرز رجال الأعمال في السعودية.
وصلت ثروة الصانع إلى مليارات الدولارات، وتم إدراجه في قائمة فوربس لأثرياء أول مرة، إلا أنه في عام 2009، بدأت ملامح أزمته المالية تظهر، وتعرضت مجموعته إلى صعوبات مالية ضخمة، وواجه مشكلة الديون المتراكمة مع شركاء ومستثمرين.
تفاقمت أزمته المالية، واتهم بالتلاعب والاختلاس، وواجه قضايا متنوعة، وتم اعتقاله لعدم قدرته على سداد الديون، لتنهار إمبراطوريته المالية التي أسسها وعمل على توسيعها على مدار سنوات.
من هي زوجة معن الصانع؟
تزوج رجل الأعمال معن الصانع من سناء بنت عبد العزيز القصيبي، وهي سيدة أعمال سعودية تنتمي إلى عائلة القصيبي، واحدة من أثرى العائلات في المملكة العربية السعودية. ووفقًا لتقارير صحفية، فإن سناء تمتلك نحو 10% من أسهم شركة أحمد القصيبي.
مسيرته المهنية وتأسيس مجموعة السعد
بدأ رجل الأعمال معن الصانع مسيرته المهنية كطيار في الجيش الكويتي في أوائل السبعينات، إلا أنه ترك العمل في المجال العسكري، واتجه إلى ريادة الأعمال، وقد استقر في المملكة العربية السعودية بعد زواجه من سناء القصيبي، وهي مواطنة سعودية من عائلة القصيبي الثرية، والتي تعيش في السعودية والبحرين.
وبعد زواجه من عائلة القصيبي الثرية، بدأ الصانع مشواره في عالم المال والأعمال، فبعد زواجه منها، حصل على منصب مدير تشغيل قسم في شركة القصيبي للصيرفة، وكان القسم مسؤولًا عن التحويلات المالية للعاملين الأجانب في السعودية.
في عام 2003، أسست مجموعة القصيبي المؤسسة المصرفية العالمية في البحرين، وقد قام الصانع بإدارة هذه المؤسسة، والتي كانت ملكيتها تؤول لعائلة زوجته عائلة القصيبي، وقد نمت المؤسسة تحت إدارته على مدار 6 أعوام.
أسس معن الصانع أيضًا مجموعة السعد في الثمانينات، والتي نجحت في أن تكون واحدة من أكبر الشركات في الخليج، فقد بدأت الشركة في البداية بالعمل في قطاع العقارات، ثم تنوعت أنشطتها لتشمل الخدمات الصحية والمالية والتعليم والسياحة وغيرها.
وبفضل عمله في مجموعة القصيبي، توسع الصانع في مجال الصيرفة، وأسس لنفسه إمبراطورية مالية ضخمة، ثم حصل على الجنسية السعودية، وتم إدراج اسمه في قائمة فوربس لأثرياء العالم عام 2009، وقدرت ثروته حينها 7 مليارات دولار.
أكبر عملية احتيال في تاريخ المملكة
أساء معن الصانع استغلال منصبه في المؤسسة المصرفية العالمية لعائلة القصيبي، فقد كان قسم الصرافة في المؤسسة يقترض مبالغ ضخمة من بنوك عالمية بضمان شركة القصيبي، ووفقًا لتقارير، قدمت المؤسسة في الفترة من عام 2004 إلى عام 2009، قروضًا بنحو 6.3 مليار دولار لأكثر من 100 عميل.
وفي عام 2009، حدثت الكارثة، حينما تعثرت المؤسسة المصرفية العالمية في سداد ديونها للبنوك العالمية، وبالتالي تعثر قسم الصرافة في مجموعة القصيبي، لتعلن مجموعة القصيبي تعرضها للاحتيال من معن الصانع، وأكدت أنها ليست الطرف الجاني في هذه الأزمة، واتهمت الصانع بالاحتيال عليهم ب9 مليارات دولار.
أوضحت مجموعة القصيبي الصانع بأنه استغل الاسم والسمعة المالية لعائلة القصيبي، وجمع الأموال دون علمهم، بل استخدم وثائق مزورة، وسحب الأموال من المجموعة بوسائل مختلفة، فيما كشف تحقيق سري قامت به مجموعة إيرنست آند يونج أن المؤسسة المصرفية العالمية، التي أسسها الصانع بنك وهمي بالكامل.
وقد كشف التقرير بأن البنك لم يكن لديهم عميل واحد، بل لم يحضر رئيس مجلس إدارة المؤسسة ولا الأعضاء التنفيذيون اجتماعاً واحدا لمجلس الإدارة على الإطلاق، رغم أن محاضر الاجتماعات تضمنت تواقيعهم.
أكبر أزمة ديون في المملكة
وبهذا البيان، بدأت واحدة من أكبر أزمات الديون في المملكة العربية السعودية، وأشهر الخلافات المالية في المملكة بين القصيبي والصانع. اتهمت مجموعة القصيبي الصانع بأنه سيطر على شركات التمويل في المجموعة بالكامل، رغم أنه استقال منها بعد عامين من تأسيسها.
وبعد الإعلان عن تعثر المؤسسة المصرفية العالمية في سداد الديون، تخلت مجموعة القصيبي عن مسؤوليتها، وأكدت أنها لم تكن على دراية باختلاس المبالغ الضخمة التي كانت تدخل الشركة.
في عام 2011، رفعت 5 بنوك كبرى دعوى قضائية على القصيبي في المملكة المتحدة، وأصرت على أن القصيبي مسؤولة عن سداد الديون، كونهم مالكي المؤسسة المصرفية العالمية، ورغم إنكار القصيبي تحملها المسؤولية، فازت البنوك بالقضية بعدما ظهرت مستندات تفيد بأن أفرادا من عائلة القصيبي كانوا على دراية بتلك العمليات.
اضطر الصانع بعدها ببيع ممتلكات مجموعة السعد حول العالم، بما في ذلك أسهمها في HSBC، وشركة بيركلي للإنشاءات في بريطانيا وثري آي من أجل السداد الديون.
وفي عام 2017، اعتقل معن الصانع، وتم تعيين محكمة تتألف من 3 قضاة لحل الأزمة بين العائلتين، وتم تصفية أصول الملياردير معن الصانع من خلال مزادات في الرياض وجدة والمنطقة الشرقية. في عام 2018، تم بيع مركبات يمتلكها الصانع وعقارات في مزاد، وذهبت مبالغ البيع لسداد الديون المستحقة.
الإعلان عن الإفلاس
في عام 2019، تقدمت شركة رجل الأعمال معن الصانع طلب للإعلان عن إفلاسها، وذلك بموجب قانون سعودي جديد يسهل على الدائنين استعادة ديونهم، وقد كان هذا الإعلان بداية لحل واحدة من أطول أزمات الديون في المملكة، والتي بدأت منذ عام 2009.
وقد بلغت حجم الديون المتعثرة على المجموعة والمستحقة للبنوك نحو 22 مليار دولار، وقد ضغط الدائنون على مجموعتي السعد والقصيبي لسداد الديون خلال 10 سنوات.
وبمقتضى قانون الإفلاس، أعلنت مجموعة القصيبي عن إعادة الهيكلة لحل أزمتها المالية، ولا تزال متمسكة بأن الصانع المسؤول الأول والوحيد عن أزمتها المالية. في عام 2019، أبدى لصانع استعداد لسداد جزء من ديونه تحت مظلة قانون الإفلاس الجديد.
سحب الجنسية الكويتية منه
في شهر نوفمبر عام 2024، أصدرت الحكومة الكويتية مرسومًا يقضي بفقدان الجنسية الكويتية عن رجل الأعمال السعودي معن عبد الواحد الصانع، وذلك وفقًا لنص المادة 11 من قانون الجنسية الكويتية.