معرض برلين للتوظيف.. فرصة وأمل للمهاجرين للحصول على عمل

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ 4 ساعات
معرض برلين للتوظيف.. فرصة وأمل للمهاجرين للحصول على عمل

عندما يُطلب من لطيفة إجراء مقابلة للحديث عن تجربتها في العثور على عمل في ألمانيا فإنها لا تمانع، ولكنّها تحذّر مسبقاً بأنها لا تمتلك الكثير من المعلومات والتجارب الإيجابية فيما يخص البحث عن عمل في ألمانيا.

لطيفة هي أستاذة تكنولوجيا معلومات أفغانية، درست في جامعة برلين للتكنولوجيا، ولديها خبرة ثماني سنوات في إدارة أنظمة التشغيل، بالإضافة إلى سنوات عديدة من المحاضرات في إحدى جامعات أفغانستان، وما زالت تبحث عن عمل في ألمانيا منذ أكثر من عامين.

قالت لطيفة لـ DW وهي محبطة للغاية: "أنا شخص مؤهل، ولدي خبرة كافية في مجال عملي، وغيّرت مجالي إلى البيانات وعلوم البيانات الضخمة، بالإضافة لكوني مرنة ويمكنني مواجهة تحدّيات العمل والتعامل معها".

بعد عودة لطيفة إلى ألمانيا للبحث عن فرصة عمل أصيبت بالإحباط لفشلها في العثور على وظيفة تناسبها، بالرغم من أنها أكملت دورة تدريبية مكثفة في إحدى جامعات باريس لتتمكن من تطوير نفسها بأحدث أدوات تكنولوجيا المعلومات، وحصلت على دبلوم آخر، ولكن دون جدوى.

فشل لطيفة في الحصول على عمل لم يُثنها عن السعي، فقالت: "لم أكن أرغب بالجلوس في إحدى زوايا منزلي، وأقضي وقتي بتقديم طلبات العمل فحسب، وإنما أردتُ أن أُظهِر أنني نشطة ومواكبة لما يحدث، لذلك عملت على عدّة مشاريع".

هذا هو سبب تواجد لطيفة هنا، في "معرض الوظائف" للمهاجرين في برلين، المنظّم من قبل موقع الوظائف العالمي "إنديد" بالاشتراك مع الفرع الألماني لشركة "تنت"، التي تساعد المهاجرين بشكل خاص في العثور على عمل في ألمانيا. تسعى لطيفة لمعرفة ما يجب عليها فعله لتحصل على وظيفة.

وتضيف لطيفة: "أريد أن أعرف، ما هي القواعد التي تتبعها الشركات للتوظيف. لمدة عامين لم أتمكن من الحصول على فرصة لإجراء مقابلة عمل حتى، فمن ناحية يُقال لنا دائماً كمهاجرين يجب أن تعملوا، ومن ناحية أخرى لا توجد فرص عمل لنا".

قد يحالفك الحظ هنا

تشارك لطيفة في معرض الوظائف في برلين على أمل الحصول على فرصة عمل إن حالفها الحظ. فيتواجد في المعرض مشغِّلون من أكثر من 40 صاحب عمل من مجموعة متنوعة من القطاعات، بالإضافة إلى مشاركة مترجمين ومتطوعين يساعدون الزوّار على إعداد السيرة الذاتية، ووجود غرفة منفصلة لإجراء مقابلات فردية.

تشير التجارب إلى أن مثل هذه المعارض التي تتيح للناس الحضور والتحدّث مع أصحاب العمل مباشرة، قد تكون مفيدة جداً في بلد يتزايد فيه أعداد العمال المهرة الذين لا يتحدثون اللغة الألمانية. وقال أحد مسؤولي التوظيف من شركة لوجستية كبرى أنه سبق ووجدوا العديد من الأشخاص المناسبين للشواغر الوظيفية المتاحة لديهم في مثل هذه المعارض.

ومن جانب آخر تبرز بعض المخاوف من تعيين موظفين لا يتقنون اللغة الألمانية، فقال كريستوفر لورينز، مستشار الأعمال لشركة أديكو، إحدى أكبر وكالات التوظيف في أوروبا والتي كانت مشاركة في المعرض لـ DW: "إن العديد من الشركات لديها مخاوف مستمرة بشأن توظيف أشخاص ربما لا يتحدثون الألمانية بشكل جيد".

وأضاف: "مخاوف الشركات كثيرة، فهم يقلقون أيضاً بشأن قضايا التأمين، وما قد يحدث عندما لا يتم فهم التعليمات بشكل صحيح". وبرغم الصعوبات يعتقد لورينز أنه يوجد دائماً طريقة للتغلب عليها، من خلال بذل المزيد من الجهود للتواصل مع الشركات. ويضيف: "كل ما هو جديد في ألمانيا صعب في البداية".

ومن جانبها، تهدف شركة أديكو بالتعاون مع وكالة التوظيف الاتحادية الألمانية إلى إيجاد عمل لـ 10 آلاف لاجئ بحلول نهاية عام 2025، ووفقاً للورينز، فقد تجاوز عدد العاملين اليوم بالفعل 6 آلاف لاجئ.

مبدأ "العمل أولاً"

من المعروف أن ألمانيا تعاني من البيروقراطية المفرطة وبطء إجراءات التوظيف على الرغم من سعي الشركات والمؤسسات الحكومية لتجاوز هذه العقبة. ولهذا ترفع المؤسسات شعاراً جديداً وهو "مبدأ العمل أولاً"، تسعى من خلاله إلى تسهيل عملية التوظيف وملء الوظائف الشاغرة أولاً، ومن ثم تحاول تجاوز العقبات والتحديات التي تواجهها لاحقاً، خصوصاً وأن الركود الاقتصادي في ألمانيا قد خفّضَ الطلب على العمال بعض الشيء.

ولهذا أقدم المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء (BAMF) على توفير دورات لغة ألمانية خاصة بتأهيل المشاركين بها للدخول إلى سوق العمل، ويعتمد بذلك على معلمين مؤهلين يتحدثون مع أصحاب العمل والشركات لمعرفة ما يحتاجه العمال الجدد من مهارات ومعارف، ليقوموا بدورهم بإدماج ذلك في الفصول الدراسية وتأهيل الموظفين المحتملين.

وقد لجأت بعض الشركات إلى توفير تطبيقات وأدوات تعلم عبر الإنترنت تساعد المهاجرين على تطوير أنفسهم، مثل التطبيق الخاص بشركة النقل DHL، وهو تطبيق لغوي خاص بموظفيها، ولدى شركة أديكو أيضاً أدوات ترجمة خاصة بها، وتوفر دورات لغة مجانية يمكن إجراؤها عبر الإنترنت.

وبهذا الصدد يقول لورينز: " نقدم دورات لغوية في مجالات المحاسبة والتواصل الإداري، ليتمكن الموظفون من تعلم اللغة الألمانية المكتبية، فكلما تمكّن الأشخاص من التواصل مع بعضهم البعض أصبح الأمر أسهل للجميع".

الاعتراف بالمؤهلات الأجنبية عقبة أخرى

بالإضافة إلى عقبة اللغة تبرز عقبة أخرى في طريق توظيف المهاجرين واللاجئين في ألمانيا، وهي الاعتراف بالمؤهلات الأجنبية، وخاصة في قطاعات معينة، فعلى سبيل المثال، يجد الحرفيون المهرة الأجانب مثل العاملين في مجال الكهرباء صعوبة بالغة في دخول سوق العمل الألماني، وأحد أسباب ذلك أن جمعيات الصناعة الألمانية تحاول حماية عمالها المحليين.

وهنا يظهر التوتر بين الهيئات الحكومية وجمعيات الصناعة والشركات نفسها بشأن من هو المسؤول عن تخفيف المتطلبات الصعبة للعمل، بالرغم من أن جميع الأطراف يدركون الحاجة للانفتاح وإدماج المهاجرين في سوق العمل الألماني.

التحول الديموغرافي يفرض إجراءات أسهل وأسرع

يرى كريستيان شميت، مدير شركة "تنت" في ألمانيا أن بعض الشركات والمؤسسات تحاول التخفيف من وطأة البيروقراطية وأصبحت أكثر إبداعاً في إيجاد الحلول، ومع ذلك ما زالت لديها شكاوى بشأن النظام، فيقول: "توجد عراقيل هيكلية وإدارية، والإجراءات بطيئة للغاية، ولكن العامل الحاسم هو الموارد البشرية وموظفو الشركات، إذ يجب عليهم اتخاذ خطوة إلى الأمام، فلا يمكنهم اتباع نهج العمل المعتاد إذا كانوا يريدون دمج المزيد من اللاجئين في سوق العمل".

وتزداد الحاجة إلى ذلك في ظل التحولالديموغرافي الذي يشهده المجتمع الألماني حالياً، والذي يشهد عدداً مرتفعاً نسبياً من اللاجئين إلى جانب وجود قوى عاملة متقدمة في السنّ ستذهب إلى التقاعد قريباً، وبحاجة إلى استبدال بشكل عاجل. فمن المتوقع أن يغادر حوالي 13 مليون شخص في ألمانيا سوق العمل بحلول عام 2036، أي ما يعادل 30 بالمئة من القوى العاملة.

ولهذا يعتقد شميت أنه يجب على الشركات والمؤسسات أن تغيّر من إجراءاتها في التوظيف، وقال: "هذا هو ما نعمل عليه بالفعل مع شريكنا "إنديد" بحيث لا يتم رفض السير الذاتية أو الطلبات غير المكتملة فوراً، أو اشتراط توافق متطلبات الوظيفة المدرجة مع ما هو مطلوب فعلاً لأداء الوظيفة"، وأضاف: "إن إدخال اللاجئين والمهاجرين إلى سوق العمل بسرعة أمر مهم جداً لمصلحة الشركات والاقتصاد، والمجتمع، واللاجئين أنفسهم".

وبالعودة إلى لطيفة، فتعتقد أن هناك حاجة إلى وسيلة تواصل أفضل بين العمال المحتملين، ومن ثم يمكن إيجاد حلول لكل شيء، وتضيف: "في حالتي مثلاً، هل أنا مؤهلة؟ نعم، هل لدي خبرة؟ نعم، هل تحتاج لخدماتنا؟ نعم، إذاً دعونا نجد بعض الحلول".

أعدته للعربية: ميراي الجراح

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة