مطلق الذيابي

مطلق الذيابي أو سمير الوادي واحد من أهم رواد الفن الحديث في المملكة العربية السعودية، فهو صاحب صوتا مميز، وألحانا عظيمة، إلى جانب مسيرته الكبيرة في الشعر والأدب.

تغنى بكلماته كبار النجوم في الخليج والوطن العربي ككل، وقال عنه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب إنه إذا اختار شخصا في المملكة يلحن له سيكون "الذيابي"، مسيرته الفنية وأبرز المعلومات عن حياته في السطور التالية...

نشأة مطلق الذيابي وحياته

ولد مطلق بن مخلد بن حبيب الله الذيابي الروقي العتيبي، في عمان بالأردن، عام 1927، وعرف باسم سمير الوادي في الأوساط الفنية، وذلك لأنه ولد في عائلة محافظة، وكان والده يرفض تعلمه الموسيقى أو عمله بالفن، شقيقه المذيع والإعلامي السعودي الشهير ياسر الروقي.

تعلق بالموسيقى والشعر منذ صغره، وعلى الرغم من معارضة والده إلا أنه لعم نفسه، وكان والده "مخلد" يعمل في الديوان الملكي بجانب الملك عبد الله بن حسين في فض المنازعات بين القبائل والعشائر.

وكان "مطلق" قريبا من والده يحضر المجالس الأدبية في القصر الملكي، فاستطاع في سن صغير أن يتعلم نظم الشعر، ويوسع ثقافته وحصيلته اللغوية.

في عام 1954 عادت أسرته من الأردن واستقرت في المملكة العربية السعودية، بدأ "الذيابي" مسيرته المهنية في عمر الـ 27 من خلال العمل في منصب وكيل للجوازات والجنسية في مكة المكرمة، وبدأ يتدرج في المناصب، ثم قرر الانتقال إلى المديرية العامة للإذاعة والصحافة، والتي أصبحت وزارة الإعلام.

وأصبح "الذيابي" مذيعا في الإذاعة، في النشرة والأخبار، خاصة مع حصيلته اللغوية الكبيرة، وإتقانه للغلة العربية، وسريعا أصبح واحد من أهم رجال الإعلام الحديث في المملكة السعودية.

واستطاع على مدار مسيرته في الإذاعة إعداد حوالي 40 برنامج إذاعي، بعضها يهتم باللغة العربية، مثل برامج حصة ينتظرها المستمع، ثمرات الأوراق، وبرنامج ومضة.

وبعض برامج المنوعات مثل برنامج سهرة المنوعات، وتألق في برنامج من البادية، والذي كان يهت بالشعر النبطي، وساعدته خلفيته البدوية على الإبداع في هذا البرنامج، إلى جانب مجموعة من البرامج الفنية.

ودخل مطلق الذيابي عالم الفن، وتعاون مع كبار النجوم في الوطن العربي، فتعاون مع النجم المصري محرم فؤاد، والنجم اللبناني وديع الصافي، وكان أحد المساهمين في شهرة فنان العرب محمد عبده، عن طريق واحدة من أشهر أغاني البدايات وهي سكبت دموع عيني وكانت من كماته وألحانه أيضا.

مسيرته الفنية

لم يحصل مطلق الذيابي على مؤهل جامعي إلى أن ثقافته الواسعة، وحبه للشعر واللغة العربية جعلته واحد من أبرز نجوم الإعلام في الإذاعة بالمملكة السعودية، خاصة مع حلاوة صوته، الذي كان مميزا، لينتقل سريعا من قسم الأخبار إلى القسم الموسيقي في الإذاعة.

من أشهر النجوم الذين غنوا له طلال مداح، وديع الصافي، هيام يونس، محرم فؤاد، عادل مأمون، وفهد بلان. وكان له دور في النهوض بالمستوى الفني والثقافي بالمملكة العربية السعودية، وحصل على إشادة من كبار الملحنين في ذلك الموقت مثل موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.

فقال عنه موسيقار الأجيال، إنه لو اختار أن يلحن لفنان سعودي فسوف يختار مطلق الذيابي لحرارة صوته وما يحتويه من نبرة جديدة، كما أن ألأحانه جميله، وذات طابع كلاسيكي مميز، مؤكدا أنه يحب شعره وألحانه وصوته أيضا.

أجاد "الذيابي" تلحين القصائد الشعرية باللغة العربية الفصحى، كما استطاع أن يقدم مجموعة من أجمل أغاني الفلكلور والتراث. ومن أشهر أغانيه يا لله أنا طالبك، وهي من كلمات الشاعر فراج بن ريفة القحطاني، وأغنية نحلم من للشاعر غازي القصيبي.

وإلى جانب الشعر والغناء والتلحين، قدم طلق الذيابي عدد من المؤلفات الأدبية مثل ديوان أطياف العذارى، وديوان غناء الشادي، هذا إلى جانب كتاب ذخائر الذيابي في الفكر الإسلامي، والثقافة والأدب والفنون.

زوجة مطلق الذيابي وأولاده

تزوج مطلق الذيابي ولكن لا تتوافر أي معلومات عن زوجته أو عن عدد أولاده، سوى أن له ولدان ذلك اسمهم في وسائل الإعلام وهم محمد وسعود.

في عام 1982 توفي مطلق الذيابي إثر أزمة قلبية عن عمر يناهز 60 عاما، بعد شهر من تلقيه إشعار بالتقاعد من إذاعة جدة، وتحدث عنه أكثر من 80 كاتبا وكاتبة أشادوا به وبمؤلفاته.

وعلى الرغم من كثرة الأعمال التي قدمها "الذيابي" إلا أن المتوفر منها عدد قليل، لأن نجله "محمد" ذهب إلى مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن باز، وطلب منه وقف إذاعة أغاني والده، وكان إجراء متبع فمن حق ذويه التقدم بطلب لحجب أغاني الفنان بعد وفاته، وما زال الحجب مستمر حتى الآن.

وأكد نجله "سعود" في لقاء له مع إحدى الصحف أنه ضد قرار الحجب، لأن أغاني والده كان من الشعر العفيف، إلا أن باقي العائلة مع قرار الحجب، حتى إنهم لا يفضلوا أن يتم الإشارة له على أنه فنان.

ومن أشعار مطلق الشهيرة:

يالله أنا طالبك حمرًا هوى بالي ... لين روّح الجيش طفاحٍ جنايبها

وإن برّك الجيش حادي أشهب اللّالي ... لاهي تورد وسيعٍ صدر راكبها

كما أنه من قال:

دعني أغني في الهوى شعري ... واسمع غنائي في الهوى العذري

فالشعر أنغامٌ نرددها ... فيها عشقنا روعة الدُرِّ

وعن الحب كتب مطلق الذيابي

العين هنالك يا حزني وأنا بالدمع هنا أغرق

والقيد أراه يكبلني فلماذا أسموني مطلق

وقال أيضا:

قمريتي يا منية الخفاق يا نفحة الإلهام في أعماقي

لولاك يا أنس الحياة لغالني همٌّ تولاني بلا إشفاق

ولقد أطلَّت منكِ عينٌ زانها لطف الإله بصنعة الخلاق

يا فوز يا نبض الجنان على الهوى لكِ ما شعرت تزقه أوراقي