بصمته الكبيرة في مجال الطب خلًّد اسمه ليصبح واحدًا من أهم وأشهر الأطباء المصريين، وضع دولته وصحة الشعب في المقام الأول، فقدم أهمية صحية المواطن فوق كل شيء، إنه الطبيب محمد نبوي المهندس وزير الصحة المصري الذي لُقب بـ "مهندس صحة مصر"، صاحب الإنجازات الهامة في قطاع الصحة في مصر، تعرف أكثر على مسيرته وأهم إنجازاته في هذا المقال.
ولد الدكتور "المهندس" في مدينة جرجا بمحافظة سوهاج، وذلك في عام 1915، وأكمل فيها دراسته الابتدائية والثانوية، وبعدها التحق بكلية الطب في جامعة القاهرة، وتخرج فيها عام 1940.
وبعدها أكمل دراسته في تخصص طب الأطفال، وأكمل دراسة الدبلوم والدكتوراه عام 1945، ومن ثم تم تعيينه مدرسًا مساعدًا لطب الأطفال بمستشفى أبو الريش للأطفال في مدينة القاهرة.
ومنذ الخمسينات اشترك في العديد من الأنشطة النقابية المصرية، ليعتلي بعدها منصب سكرتير مجلس إدارة نقابة الأطباء ثلاث مرات على التوالي، منذ عام 1950 حتى عام 1961، وهو ما أهله ليصبح وزيرًا للصحة في مصر.
وكان للمهندس أثر كبير ودور بارز في إنشاء الجمعية المصرية لطب الأطفال، حيث قام بأبحاث في مجالات سوء التغذية، وأمراض الكبد، وتعاون مع كبار الأطباء في هذه الأبحاث، ومنهم الدكتور "لإيميت هولت" أستاذ طب الأطفال بجامعة جونز هوبكنز، وجامعة نيويورك.
أيضًا من ضمن إسهاماته نظم أول مؤتمر إقليمي لطب الأطفال في عام 1960، واختارته منظمة الصحة العالمية مشرفًا على دراسة طب الأطفال في مصر، بالإضافة إلى أنه أصبح عضوًا في شعبة العلوم الطبية بالمجلس الأعلى للعلوم.
لقب بأبي الهول ومهندس صحة مصر، وعزف بشكل كامل عن الصحافة والإعلام، ونأى بنفسه من الألقاب والصور واهتمام الصحافة وأضواء الشهر واضعًا نصب عينيه هدفًا واحدًا وهو تطوير الطب في مصر، وتوفير الرعاية الصحية للمواطنين بالمجان، سواء كانوا في القرى أو المدن المصرية.
كان يعرف أن ترسيخ الصحة والرعاية الطبية يجب أن يبدأ من القرى، لذا جعل أولى اهتمامته الرعاية الصحية في الريف المصري والقرى الفقيرة التي يصعب أهلها الحصول على الرعاية والعلاج المناسبين.
توفي محمد نبوي المهندس في شهر أغسطس من عام 1968، وذلك إثر تعرضه لنوبة قلبية مفاجئة، وسببت وفاته صدمة كبيرة في الأوساط الحكومية، وشُيعت جنازته من قبل مئات الآلاف من الجماهير تقديرًا لجهوده الطبية في مصر.
في شهر أكتوبر من عام 1961 اختير محمد نبوي المهندس وزيرًا للصحة في مصر بتكليف من جمال عبد الناصر، ومنحه كل الصلاحيات، كما أصدر قرارًا بتعيينه رئيسًا لمجلس إدارة المؤسسة العامة للأدوية، كما كان وقتها يعمل أستاذًا بكلية الطب، ورئيسًا لجمعية الهلال الأحمر.
شارك المهندس في النشاط الأكاديمية، وأسهم فيه إسهامات عظيمة، حيث قدم 45 بحثًا علميًا في مجالات التغذية وأمراض الكبد عند الأطفال، فضلًا عن إشرافه على تدريب الطلاب والأطباء والأكاديميين.
أول ما قام به المهندس كوزير للصحة هو الاهتمام بالريف المصري لعلمه قلة الاهتمام بالحصة هناك، وضعف القدرات المالية لها، فأمر بإنشاء أكثر من 2500 وحدة صحية بجانب مئات المستشفيات العامة والمركزية.
أيضًا اهتم بالإشراف على برامج تنظيم الأسرة بنفسه، وأنشئ أول مركز لشلل الأطفال والقلب وتأهيل السمع والبصر في البلاد، فكانت قراراته تلك سببًا في تطور الرعاية الصحية في القرى الريفية.
أيضًا اهتم المهندس بمدارس التمريض، فمن وجه نظره الممرض الجيد هو الحائط الصلب الذي يستند عليه الطبيب، لذا أقام مدارس التمريض في المستشفيات لتدريب الطلاب والطالبات.
طور الإسعاف، حيث هو أول من أسس فكرة تحويل الإسعاف من مجرد سيارة تنقل المريض إلى وحدة إنقاذ متكاملة بها أجهزة تنفس ونقل دم، ولاسلكي، حيث وضع حياة المواطن نصب عينيه.
بالإضافة إلى ذلك طور غرف الطوارئ في المستشفيات، واهتم كثيرًا بتوفير أحدث التكنولوجيا في المستشفيات لذا أصدر قرارًا بتزويد غرف الطوارئ باللاسلكي، وأجهزة تنفس صناعية وأجهزة نقل دم حديثة.
أيضًا كان له دور فعال ومهم في تقديم التطعيمات الإجبارية للأطفال بالمجان، فهو من أسس فكرة حملات التطعيم الوقائية، وبدء في تقديم التطعيم المجاني للأطفال ضد أمراض مثل الدرن، وشلل الأطفال والخناق.
فبهذه الوتيرة أغلق المهندس بابًا كبيرًا أمام أوبئة كثيرة كانت بالإمكان أن تتفشى في المجتمع، وتستوطن بها لولاه جهوده.
ونظرًا لكونه رئيسًا لمجلس إدارة المؤسسة العامة للأدوية وضعًا أساس صناعة الأدوية في مصر، بدلًا من استيرادها، وأنشئ هيئة للرقابة عليها، حيث كان أول من أرسى حجر الأساسي لمراكز الأبحاث والرقابة الدوائية.
كذلك افتتح أولى معاهد التدريب لاختصاصات مختلفة مثل التمريض والعلاج الطبيعي، وبجانب الاهتمام بالمراكز الصحية في الأرياف قام أيضًا بإنشاء أكثر من 10 مستشفيات في المدن الكبرى، ووضع حجر الأساس لنظام الإحالة.
بعد وفاته منحه رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر وسام الجمهورية من الدرجة الأولى، وذلك في عام 1968، تقديرًا لجهوده وخدماته الطبية والأكاديمية في مصر، وأيضًا منحه الرئيس جائزة الدولة التقديرية والميدالية الذهبية في العاشر من يوليو عام 1971.
كما قامت النقابة العامة لأطباء مصر في عام 2021 تكريمًا للرواد والأطباء المثاليين، ومنهم تكريم وزير الصحة المصري في الستينات محمد نبوي المهندس، وتم عرض فيلم تسجيلي يستعرض إنجازاته ومسيرته المهنية.
وتكريمًا للمهندس وجهوده الرائع في مجال الصحة، وخاصة طب الأطفال تم تسمية شارع باسمه في الوادي الجديد وتحديدًا مدينة الخارجة أهم مدن الوادي الجديد، ليصبح اسمه خالدًا حتى الآن، بالإضافة إلى ذلك، أنتجت وزارة الصحة فيلمًا وثائقيًا بعنوان "مهندس صحة مصر" يستعرض إنجازاته.
عشر سنوات هي الفترة التي قضاها المهندس وزيرًا للصحة في مصر، وتعاقبت الحكومات، لا يزال المهندس راسخًا في مكانه ليثبت بكل جدارة بأنه أفضل وزير صحة جاء في تاريخ مصر الحديث.