فنان العرب محمد عبده، أحد أنجح مطربي الوطن العربي، حفر اسمه في تاريخ الأغنية السعودية والخليجية والعربية، باجتهاد طوال سنين عمره.
محمد عبده الذي يحظى باحترام الجميع، بدأ طفل صغير فقير يعيش وأخاه على منحه من الملك، ولكن الموهبة التي منحها له الله جعلته ينتقل من الفقر لمجالس الرؤساء والملوك. مسيرته وأبرز المعلومات عن حياته في السطور التالية...
ولد في محافظة الدرب في منطقة جازان جنوب السعودية، في 12 يونيو 1949، توفي والده وهو في السادسة من عمره، فمر بظروف حياتية صعبة، والدته لم تستطع الإنفاق عليه وعلى شقيقه ولجأت لمنحة من الملك فيصل بن عبدالعزيز حتى تتمكن من تربيتهم.
دخل محمد عبده المعهد الصناعي وتخصص في صناعة الفن، فكان يراوده حلما بأن يكون بحارا مثل والده، ولكن بدأ الإبحار في عالم الطرب، فقد غني في الإذاعة في برنامج بابا عباس وهو ما زال طالبا عام 1960، وقدمه عباس فائق غزاوي-المذيع في ذلك الوقت- وتشع له أيضا الشاعر طاهر زمخشري.
بعد أن أنهى محمد عبده دراسته في المعهد اختير للسفر مع دفعته ضمن بعثة لدراسة صناعة السفن في إيطاليا، ولكن محمد عبده غير مسار الرحلة بدلا من جدة إلى روما قرر السفر من جدة إلى بيروت.
في رحلته بصحبة "الغزواوي" و"زمخشري" غني محمد عبده العديد من الأغاني حتى التقوا بالملحن السوري محمد محسن، الذي لحن أولى أغاني محمد عبده والتي كتبها له "زمخشري" وكانت "خاصمت عيني سنين".
عاد محمد عبده بعد أن سجل أولى أغانيه إلى السعودية، وبدأ في التعرف على مزيد من الملحنين والشعراء، وبدأت نجاحاته، في عام 1965 تعاون محمد عبده مع الأمير عبدالله الفيصل وقدم رائعته "هلا يابو شعر ثاير" من كلمات الأمير "عبدالله" وألحان يوسف المهنا.
وفي عام 1966 قرر محمد عبده أن يخوض تجربة التلحين لنفسه فحن أغنيته (خلاص ضاعت أمانينا.. مدام الحلو ناسينا) مكتفيا بالعود والإيقاع، لتحقق الأغنية نجاحا كبيرا شجع محمد عبده على تكرار التجربة ولكن بشكل أفضل.
عاد محمد عبده للتحلين لنفسه عام 1967، بتلحين أغنية "الرمش الطويل" من كلمات الشاعر الغريب، لتحقق الأسطونة نجاحا كبيرا وتوزع حوالي ثلاثين ألف نسخة، ويصبح اسم محمد عبده يدوي داخل المملكة.
في نفس العام استغل محمد عبده النجاح واسمه الذي بدأ يتردد وبادر بتقديم أغنية جديدة حققت نجاحا كبيرا وهي "لنا الله" للشاعر إبراهيم خفاجي وألحان طارق عبدالحكيم.
تعتبر فترة السبعينات هي فترة رواج وتألق محمد عبده، وبدأ للغناء على مسارح العديد من الدول العربية مثل الإمارات، قطر، لبنان والكويت، وبدأ يطلق عليه لقب "سفير الأغنية لسعودية"، ومع بدء غنائه لعدد من أغاني للهجات الخليجية تحول اللقب إلى سفير الأغنية الخليجية ثم مطرب الجزيرة العربية ككل.
ولم يغن محمد عبده لونا واحد من الغناء، فتعاون مع الأمير الشاعر خالد الفيصل وقدم له قصائد مثل (يا صاح، أيّوه، سافر وترجع)، ليبدأ في التعاون مع شعراء وملحنين أخرين يقدمون له إيقاعات جديدة في الغناء والتي لاقت رواجا كبيرا في المملكة وخارجها.
ومن تلك النجاحات أغنيته الشهيرة "أبعاد" والتي تعاون فيها مع الشاعر فائق عبدالجليل والملحن يوسف المهنا، وهي الأغنية التي تم إعادة غنائها في عدد من دول العالم وبعدة لغات.
على مسرح القاهرة عام 1974 قرر محمد عبده أن يخوض تجربة جديدة، فقرر غناء أغنية طويلة واختار أغنية "في أمان الله" للشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن، لتحقق نجاحا كبيرا فيعود ويغنيها على مسرح التليفزيون بالرياض، لتنتشر وتنجح بشكل أكبر، فيقرر إعادة التجربة.
وبدأت أغاني محمد عبده تنتشر بين الناس بشكل كبير مثل "أنت محبوبي" و"مالي ومال الناس".
أما لقب فنان العرب فأطلقه عليه الرئيس التونسي في ذلك الوقت الحبيب بورقيبة، بعد أدائه حفلا رائعا بتونس، بدأت نجاحات محمد عبده تدوي في العالم ككل وليس العالم العربي، ففي عام 1988 قدم حفلا في مدينة جنيف بسويسرا وتم تصوير الحفل على شرائط فيديو، لتحقق مبيعات كبيرة جدا وأرقاما قياسية في التوزيع.
وهو في قمة نجاحه توالت عدة أحداث خاصة جعلته يتوقف عن الحفلات الغنائية لمدة 8 سنوات في الفترة من 1989 حتى عام 1997، منها وفاة والدته، فقرر الابتعاد لفترة ومراجعة ما قدم وما يمكنه أن يقدم.
إلا أنه كان بين الحين والآخر كان يقدم إحدى روائعه مثل "أنشودة المطر" للشاعر بدر شاكر، التي أخرج فيها كل إبداعاته في التلحين، كما قدم رائعته "البرواز" إلى جانب عدد من الأغاني جمعها في ألبوم "شعبيات".
ولم يتخلف محمد عبده طوال فترة الاعتزال عن المشاركة السنوية في مهرجان الجنادرية، وقدم مجموعة من الأغاني الوطنية بلباس عسكري.
منح خادم الحرمين الشريفان محمد عبده ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثانية، كما حصل على وسام بورقيبة للثقافة من الردة الثانية عام 1982.
في إحدى رحلات علاج محمد عبده في فرنسا تعرف على سيدة فرنسية من جذور جزائرية، ونشأ بينهم قصة حب، إلا أنه انتظر حتى أجرى جراحته وأتم الله عليه بالشفاء، وتزوجها، بعد أن تركت عملها في باريس، واتفقا على التفرغ للمنزل والأولاد.
أنجبت منه ثلاثة أولاد وهم خالد ولد في 2013، عالية ولدت في 2016، العنود ولدت في 2018، وفي 2022 رزق بأصغر أبنائه "سلمان"، فكتب محمد عبده على تويتر:"الحمد لله رب العالمين رزقت فجرَ هذا اليوم بمولود سمّيته سلمان، تيمنًا باسم مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله".
"سلمان" هو الابن الحادي عشر لمحمد عبده، فقد تزوج مرة سابقة من زوجة سعودية تدعى نجوى بنوي، تزوجا عام 1977، واستمر الزواج لمدة 26 عاما، وانفصلا في هدوء، بعد أن رزقهم الله بـ7 أولاد هم “نورا، ود، دلال، ريم، هيفاء، عبد الرحمن، بدر”.
محمد عبده في شكل عصري
مع تطور الأغنية في بداية الألفية الجديدة، وظهور شباب المطربين، كان محمد عبده على استعداد للتغيير بتقديم الأغاني العصرية الحديثة حتى أنه في الفترة من 1990 حتى 2000 قدم مجموعة من أروع أغانيه وهي “المعاناة” و “الفجر البعيد” و “على البال” و “مشرق النور”.
ومع بداية العقد الأول من الألفية الجديدة قدم أغاني “شبيه الريح” و “الأماكن” و “أيامي ليك”. وفي 2020 أصر مجموعة جديدة من الأغاني الناجحة منها "ارتاح" وأغنية "يا سيدي سلمان" عن خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأغنية "يا جرحها" ، "اكتب لها حرفاً".
كما طرح على اليوتيوب في نفس العام أغنية "مستعجلة" ألحان خالد عياد وكلما أمير فهد، والتي حققت نجاحا كبيرا، وفي احتفال ليلة رأس السنة نهاية 2021، شارك في أكبر حفل غنائي بالسعودية بمشاركة عدد كبير من مطربي العرب من الوطن العربي، الذي جاءوا للغناء مع محمد عبده حوالي 12 مطربا.