جوكر المسرح..فارس المسرح.. عدة ألقاب حصل عليها الفنان المصري محمد صبحي على مدار مسيرة فنية كبيرة ولكن عشقه للمسرح جعله منطقة تميزه، يعرف في عمله بـ"الديكتاتور" لما يتميز به من دقة واهتمام بكل التفاصيل، ليكون الناتج تاريخاً طويلاً من مجموعة من أهم المسرحيات في العالم العربي.
اسمه بالكامل محمد محمود محمد صبيحي، ولد في 3 مارس 1948، بالقاهرة، كان يعيش بالقرب من شارع محمد علي، المليء بالمسارح والملاهي الليلية ودور السينما، وكان أمام منزلهم سينما الكرنك وسينما بارادي الصيفي، لذلك أحب السينما ومشاهدة الأفلام خاصة بعد اقتناء والده ماكينة عرض الأفلام، فتعلق "صبحي" بالفن وعشقه.
اختار أن يدرس التمثيل والإخراج في المعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرج منه عام 1970 وكان الأول على دفعته بتقدير "امتياز" وتم تعيينه كمعيد، ولكن التدريس في المعهد لم يرض شغفه فتركه بعد فترة وأسس مع صديقه في الدفعة ورفيق رحلته الفنية لينين الرملي الكاتب المسرحي الكبير استوديو لتعليم التمثيل والإخراج أطلقوا عليه اسم "استوديو الممثل".
له شقيقان يعملان في الفن وإن كانا لم يحصل أي منهم على الشهرة ذاتها التي يتمتع بها "صبحي" الأول هو الفنان مجدي صبحي، وشارك أخوه في عدد من الأعمال أشهرها "حسام" في مسلسله الشهير "يوميات ونيس"، كما شارك في مسرحية "تخاريف" و"ماما أمريكا".
أما شقيقه الآخر فهو الفنان شريف صبحي الأقل شهرة في الثلاثة، وهو الفنان شريف صبحي، أبرز أدواره في فيلم الزعيم عادل إمام "مرجان أحمد مرجان"، لعب دور الممثل المسرحي "هامليت" الذي نسب مرجان نجاحه إلى نفسه.
تزوج "صبحي" من الممثلة ومساعدة المخرج نيفين رامز عام 1970 أثناء عمله كمعيد بالمعهد، يقول إنها قبلت به وهي ابنة العائلة الكبيرة ودخله كان 17 جنيهاً شهريا، ورفضت إقامة حفل خطوبة أو أي تكاليف، وعملت زوجته لفترة مع فرقة رضا الاستعراضية وشاركت معهم في مجموعة من العروض.
إلا أنها في النهاية فضلت الاعتناء بنجلها "كريم" وهو خريج كلية هندسة كمبيوتر و"مريم" خريجة كلية تجارة إنجليزي وفضلت ابتعادها عن الفن، وبعد صراع مع مرض السرطان توفيت شريكة رحلة كفاح ونجاح "صبحي" في 6 ديسمبر 2016.
وخرج بعدها في أحد اللقاءات وبكى وأبكى الجماهير وأكد أنه على مدار زواج 45 عاما كانت هي العمود الأساسي في نجاح محمد صبحي. ورثي "صبحي" زوجته قائلا لها "افتقدك وافتقد العالم من بعدك".
بدأ "صبحي" مشواره كومبارس في مسرحيات كبار النجوم عام 1968، مثل الفنان فؤاد المهندس، عبدالمنعم مدبولي، محمود المليجي، سعد أردش، جلال الشرقاوي وصلاح منصور.
وبعد 12 عاماً من المشاركة في المسرح واكتساب خبرة كافية كون الرفيقين محمد صبحي ولينين الرملي فرقتهم "ستوديو 80" وقدما سويا مجموعة من أهم المسرحيات في ذلك الوقت مثل الهمجي عام 1985 بمشاركة سعاد نصر وهناء الشوربجي.
ومسرحياتهم الرائعة وجهة نظر التي عرضت لأول مرة عام 1989 مع الفنانة عبلة كامل وتم تصويرها عام 1993، وتخاريف عام 1988.
أما التلفزيون أول ظهور لـ"صبحي" به كان من خلال مسلسل "فرصة عمر"، إلا أن أول نجاح حقيقي له في التلفزيون كان عام 1984 من خلال مسلسل "رحلة المليون" والذي حقق له شهرة كبيرة في ذلك الوقت من خلال شخصية "سنبل".
وبعد فترة عاد للجمهور بمسلسله الأشهر "يوميات ونيس" عرض أول أجزائها عام 1994، واستمر ثمانية مواسم كان آخرهم في 2011.
وتوالت الأعمال الناجحة التي قدمها "صبحي" في التليفزيون مثل مسلسل، شملول، فارس بلا جواد، ملح الأرض، أنا وهؤلاء، عايش في الغيبوبة، جل غني فقير جدا عام 2009.
في بداية حياة "صبحي" كان هناك مشاكل بين الزعيم عادل إمام والشركة المنتجة لمسرحية مدرسة المشاغبين، وعرضوا على "صبحي" أن يؤدي شخصية بهجت الأباصيري بدلا عن الزعيم، وبعد بروفات استمرت شهرين تصالحت الشركة مع عادل إمام وتم الاعتذار لصبحي وإعادة الدور للزعيم.
أدى هذا الحدث إلى جانب عدم مشاركتهم أي أعمال فنية سويا نسج الكثير من القصص عن خلافات بينهم ولكن "صبحي" أكد أنه حينما تخرج عام 1970 كان الزعيم نجما بالفعل وأنه لم يحزن عند إعادة الدور إليه لأنه حقه فهي شخصيته.
وأكد في عدة تصريحات أنه يعتز بعادل إمام ولا يعترض على أن النجاح الجماهيري الذي حققه جعله رقم واحد على الساحة الفنية، ولكن "صبحي" له رأي قال عنه إنه غير مهين ولكن اختلافاً في وجهات النظر عن المسرح.
موضحا أنه قد 44 مسرحية، في حين أن الزعيم عادل إمام قدم خمس مسرحيات، معتبرا أن الجمهور كان يأتي له لمشاهدة ما يقدمه محمد صبحي، وليس مشاهدة هو شخصيا، وهذا عكس الزعيم الذي قال إن الجماهير تذهب لتشاهد عادل إمام أيا كان ما يقدمه عادل.
على مدار مسيرة فنية طويلة قدم خلالها 44 عرضا مسرحيا هناك مجموعة من المسرحيات تبقى في ذاكرة المشاهد ومنها شخصية "سطوحي" في مسرحيته "انتهى الدرس يا غبي" عام 1975، وشخصية "على مظهر" في مسرحية علي بيه مظهر عام 1976، مسرحية الجوكر 1979.
وشخصية "آدم عبدالربه" في مسرحية الهمجي عام 1985، وجهة نظر وشخصية "عرفة الشواف" مع الفنانة عبلة كامل في عام 1989، ومسرحية تخاريف 1988، ماما أمريكا 1998 والتي تنبأت بأحداث 11 سبتمبر.
مسرحية كارمن عام 2000، ولعبت الست في نفس العام، هاملت، أما أخر مسرحياته فكانت عام 2020 من خلال مسرحية أنا والنحلة والدبور وشخصية الأب دسوقي.
ولم تقتصر مسيرة "صبحي" علي المسرح والتلفزيون فله مجموعة من البصمات في السينما وقدم مجموعة من الأفلام المميزة وكان أول ظهور له في السينما من خلال دور صغير في فيلم أبناء الصمت مع الفنان محمود مرسي والفنان نور الشريف.
وبعد عدة مشاركات جاءت أول بطولة له في عام 1977 من خلال فيلم أونكل زيزو حبيبي، ومن أبرز أفلامه علي بيه مظهر، العميل رقم 13، الشيطانة التي أحبتني، وكان أخر ظهور له في السينما عام 1991 من خلال فيلم المشاغب ستة.
حصل "صبحي" طوال مسيرة على مجموعة من التكريمات والجوائز الكثيرة كان بدايتها عام 1991 وحصوله على جائزة الدكتورة سعاد الصباح للإبداع الفكري، وتم تكريمه في عدد كبير من الجامعات المصرية وحصل على جائزة أحسن ممثل عدة مرات.
كما تلقى عدة تكريمات من مجموعة من الدول العربية مثل تكريمه في الإمارات عام 2005 من خلال مهرجان الفجيرة، وفي عام 2011 تم تكريمه من مهرجان أيام الشارقة المسرحية وحصل على لقب فارس المسرح العربي.
وفي 2013 حصل على الدكتوراه الفخرية من الكلية الأمريكية بكاليفورنيا، وفي نفس العام حصل على جائزة مؤسسة النجوم السعودية.
