السيرة الذاتية
القيصر والبارون الأحمر والشيطان الأحمر؛ وغيرها من الألقاب التي تطلق على مايكل شوماخر أسطورة الفورمولا ون (Formula 1) وأحد صانعي أمجاد هذه اللعبة، شق طريقه بخطوات ثابتة ليحقق حلم طفولته، بإنجازات يشهد عليها القاصي والداني.
بدأ من عمر الأربع سنوات بتعلم أصول اللعبة ليكون فيما بعد اسماً لن يمحى بسهولة من ذاكرة محبي سباقات الفورمولا ون، حيث حقق اللقب العالمي سبع مرات وهو ما عجز عنه الكثيرون، فضلاً عن انتصارات ونقاط كثيرة أوصلته للمجد العالمي ويذكرها عشاق شومي.
طفولة مايكل شوماخر ونشأته
في عام 1969 ولد مايكل شوماخر في مدينة هورت هيرمولهايم بإقليم كولونيا، في غرب ألمانيا، ويمتلك شقيقاً واحداً هو رالف شوماخر، انفصل والداه في وقت مبكر مما أثر على حياته كثيراً، ودفعه في المستقبل إلى التعلق بأسرته كثيراً واغتنام أي وقت فراغ للبقاء معهم. كان ماهراً في كرة القدم.
لكنه أراد الدخول في عالم السرعة، وشجعه على ذلك والده ليقتحم تاريخ عالم السرعة من أوسع أبوابه، وقد التحق به شقيقه رالف، لكنه عجز عن الوصول إلى ما حققه الأسطورة مايكل.
مسيرته الاحترافية في عالم الفورمولا ون
هو سائق سيارات تحدى الصعوبات ليصبح بطلاً فريداً من نوعه، بدأ عشقه للقيادة من عمر الأربع سنوات، فتعلم قواعد القيادة في مسقط رأسه في مدينة هورت هيرمولهايم، حيث كان يقود سيارات الكارتينغ على الحلبة الخاصة بوالده ليحصل على رخصة القيادة في سن الرابعة عشر، فتبدأ مغامراته مع السباقات في الخامسة عشرة، باشتراكه في سباقات الكارتينغ في أوروبا.
وفي عام 1988 انتقل شوماخر من سباقات سيارات الكارتينج إلى سيارات المستويات العليا بفضل رجل الأعمال ديلك الذي كان معجباً بأدائه ودعمه مادياً، وبدأ مشاركاته ببطولتي فورد الألمانية والأوروبية، حيث فاز بالترتيب الثاني لبطولة فورد الأوروبية.
تألق مايكل دفع أناس جدد لدعمه، فقام تاجر السيارات غوستاف هوكر بمساعدته على الانضمام لفورمولا كونج، وفاز معهم بعشرة انتصارات وبطولة واحدة، بعد هذه الإنجازات أقنعه رجل الأعمال ويلي فيبر بتوقيع عقد عام 1989 في الفورمولا 3 المرحلة الأولى للوصول للفورمولا 2 ثم للمرحلة الأهم الفورمولا 1.
فاز ببطولة العالم للفورمولا 3 وبطولتي الماكاو الكبرى وبطولة مونتي فوجي عام 1990، ليوقع بعدها عقداً مع فريق مرسيدس للمجموعة جيم في عام 1991، حيث قررت مرسيدس العودة إلى الفورمولا 1 مع مايكل شوماخر بعد خروجها منها سنة 1955، لكن مارسيدس لم تكمل المشروع بسبب التكاليف الباهظة فقررت نقل شوماخر إلى فريق إدي جوردين بمبلغ مائة وخمسين ألف دولار.
فانطلق مشوار الألماني في السباقات العالمية إلى الفورمولا 1 ، وشارك في بطولة العالم وخطف الأنظار بسرعته العالية، وحصل على المركز السابع في التصفيات إلا أنه لم يكمل السباق بسبب عطل في محرك السيارة.
بعد ذلك انضم لفريق بينيتون، وأنهى موسمه الأول مع الفريق في المركز الرابع عشر بأربع نقاط، لكنه استبدل بمارتن براندل، ثم عاد للفريق في عام 1992 منهياً الموسم في الترتيب الثالث برصيد 53 نقطة، حيث صعد على ثماني مرات وحقق المركز الثاني في ثلاث مناسبات في كل من إسبانيا، وكندا وأستراليا، كما حقق المركز الثالث في أربع مناسبات في كل من المكسيك، والبرازيل، وألمانيا وإيطاليا علاوة على فوزه بسباق بلجيكا.
في عام 1993 أكمل مشواره مع فريق بينيتون، وأنهى العام بالتصنيف الرابع عالمياً برصيد 52 نقطة، حيث صعد على المنصة في 9 مناسبات. فاز في سباق البرتغال وحقق المركز الثاني في كل من سان مارينو، وكندا، وبريطانيا، وألمانيا وبلجيكا، علاوة على تحقيقه المركز الثالث في كل من فرنسا، وإسبانيا والبرازيل.
استمر مع فريق بينيتون في عام 1994 محققا بطولة العالم للفورمولا 1، برصيد 92 نقطة وصعد على المنصة عشر مرات. كما فاز في تسعة سباقات منها هنغاريا، وفرنسا، وكندا، وموناكو، وسان مارينو والبرازيل.
أما في عام 1995 فقد قاد فريق بينيتون إلى اللقب العالمي الثاني منهياً الموسم برصيد 102 نقطة، بالإضافة إلى فوزه بالمرتبة الأول في بعض البطولات منها (اليابان، جائزة أوروبا الكبرى، ألمانيا، فرنسا، موناكو، إسبانيا)، كما نال المركز الثاني في البرتغال، وحقق المركز الثالث في الأرجنتين.
وفي عام 1996 انتقل شوماخر إلى فيراري واعداً الفريق بالعودة إلى منصات التتويج، وبالفعل حقق مع الفريق الإيطالي عدداً من الانتصارات والبطولات، لكنه تعرض كذلك لبعض الإصابات والانزلاقات أثناء بعض السباقات، فهيمن على الموسم هيل جاك فيلنوف. لكنه بعد ذلك عاد بالفريق الإيطالي للمنصات العالمية؛ ففي عام 2000 تمكن شوماخر من قيادة فيراري إلى الفوز ببطولة العالم للفورميلا 1 للمرة الثالثة في مسيرته وللمرة الأولى بعد 21 عاما بالنسبة للفريق الإيطالي، ليحتكر البطولة مع فيراري حتى عام 2004.
أعلن عام 2006 اعتزاله ليبدأ العمل كمستشار لفريق فيراري، لكنه لم يستطع الغياب عن عشقه الأول والأخير الفورمولا1 ليقرر العودة في عام 2009 بانضمامه لفريق مرسيدس، فأنهى الموسم بالحصول على اثنتين وسبعين نقطة دون تحقيق نتائج مميزة، وفي الموسم الثامن عشر له في الفورميلا 1 سنة 2011 حصل مايكل على 76 نقطة في المركز الثامن عالمياً وسط خيبة أمل كبيرة من الأسطورة الألمانية.
أهم إنجازات مايكل شوماخر
- الفوز ببطولة العالم للفورمولا ون سبع مرات.
- واحد وتسعين انتصاراً.
- صعد على منصات التتويج 154 مرة.
- انطلق 68 مرة من المركز الأول.
- جمع خلال مسيرته 1443 نقطة، حيث ينال كل سائق عدد من النقاط بحسب المرتبة التي وصل إليها في نهاية السباق، فينال الأول عشر نقاط، أما من يليه ينال ست نقاط، والثالث خمسة نقاط وهكذا.
النظام الغذائي لمايكل شوماخر
يتبع مايكل شوماخر نظاما غذائيا صارما للحفاظ على رشاقته، فقد تعاقد مع مشرف متخصص ليراقب نظامه الغذائي، ويتناول شوماخر أغذية مليئة بالكربوهيدرات والبروتينات.
ومن هذه الأغذية المعكرونة والخبز المليئة بالطاقة التي يحتاجها، وعند متابعة سباقات مايكل شوماخر نلاحظ قيامه بشرب الكثير من الماء لتجنب الجفاف والحرارة المنبعثة من السيارة، فمن المعروف أن سائقي هذا النوع من السيارات يفقدون حوالي 3 كغ نظراً للمجهود الذي يبذل خلال السباق.
الحياة الخاصة للبارون شوماخر
في عام 1995 تزوج من الحسناء كورينا وأنجبا ولدين جينا وميك، ويعيشون في منزل فخم في سويسرا، وكثيراً ما يطلب من زوجته تحضير المعكرونة الإيطالية؛ الأكلة المفضلة لديه. أما عصيره المفضل فهو التفاح الغني بالأملاح، إلى جانب استماعه لأغاني (مايكل جاكسون) و(تينا) والرقص على موسيقى الروك، ويجيد مايكل التحدث بأربع لغات هي الألمانية، والإنجليزية، والفرنسية، والإيطالية، حيث منح الجنسية الإيطالية تقديرا لمسيرته.
هو من متابعي كرة القدم.. ويشترك مع ابنه ميك بتشجيع فريق كولن الألماني، وسبق أن تبرع شوماخر لفريق كولن بمبلغ 875 ألف يورو لضم النجم الألماني لوكاس بودولكسي، حيث كتب له رسالة تشجيعية للانضمام للنادي، هذا العشق للنادي بدأ منذ الصغر؛ حيث كان شوماخر يلعب في صفوف نادي كولن إلى جانب الحارس الألماني هارالد شوماخر، إلا أن خياره كان الفورمولا. ورفض عرضاً من نادي أس أس موراتا (S.S. Murata) بطل سان مورينو للعب معه في الدور التمهيدي من مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
إلا أن مايكل اعترف لوكالة الأنباء الفرنسية (AFP) بأنه مارس رياضة كرة القدم في صغره مع أحد أندية الدرجة الإنجليزية الثانية قبل الانخراط في عالم السرعة، وبعد ذلك شارك في العديد من مباريات كرة القدم الخيرية إلى جانب الفرنسي زين الدين زيدان وهو صديقه المفضل.
يحب البقاء مع أسرته، على عكس والديه اللذين انفصلا وهو طفل صغير مما أثر عليه وكانت ردّة فعله أن تعلق بأسرته ليكون آخر ما قد يفكر به هو الانفصال عن زوجته وأولاده، لذلك يستغل أي وقت فراغ للبقاء معهم والسفر إلى المناطق الريفية. فقد سافر كثيراً إلى سويسرا والبرازيل، ولذلك اختار سويسرا موطناً للسكن حيث اشترى لزوجته إسطبلا للأحصنة قرب المنزل بسبب حبها للخيول، كما أنه يمتلك ببغاء وكلبا أليفا، ويمارسان معاً بعض الرياضات الأخرى كتسلق الجبال والجري والتزلج على الجليد.
وهي الرياضة التي أوقعته بكارثة عام 2013 عندما كان في جبال الألب فاصطدم بصخرة أثناء التزلج ودخل على إثرها في غيبوبة لستة أشهر كاملة، حيث أجرى له الأطباء عمليتين جراحيتين لإخراجه من الغيبوبة، أما الآن فوضعه الصحي ليس جيداً، لكنه يتحسن ببطء وتدفع العائلة مئة ألف جنيه إسترليني كتكاليف لعلاج شوماخر أسبوعي.
ثروة مايكل شوماخر
قدرت ثروته عام 2004 بثمانين مليون دولار، وتزداد أمواله بسرعة بفضل الإعلانات، وقد كانت أعلى مستويات أجوره بين عامي 1995 و2005، ويعتبر أول بليونير رياضي بسبب الإشهار والإعلانات ومؤخراً قدرت ثروته بثمانمائة مليون دولا وقد أهداه حاكم إمارة دبي جزيرة صغيرة مقابل شواطئ دبي على شكل خريطة العالم، حيث أبدى رغبته ببناء مضمار لسباق السيارات الكهربائية فيها.
يمتلك مايكل شوماخر برجاً في مدينة نيودلهي الهندية، ويتكون من عدد من الشقق السكنية وصالات لإقامة الحفلات، ومتحفاً لإنجازاته الرياضية، كما يتضمن البرج منتجعا صحيا خاصا بنزلاء البرج ويقدم أفخم وأرقى الخدمات، إلى جانب العديد من الصالات الرياضية ومراكز العلاج الطبي، وكما ذكرنا سابقا فإنه يمتلك بيتاً فخماً في سويسرا أقام بجانبه إسطبلا للأحصنة نظراً لعشق زوجته لها.
بعد الحادث الذي تعرض له شوماخر عام 2013 اضطر ذووه لبيع بعض من ممتلكاته بسبب تكاليف العلاج الباهظة حيث قامت زوجته ببيع طائرته الخاصة ومنزل العطلات في فرنسا مقابل 25 مليون جنيه إسترليني.
لكنه على الجانب الإنساني قام بالكثير من الأعمال الخيرية ويقول عن ذلك إنه ليس أعمى، فهو يفكر غالباً فيما يحدث في البلدان الفقيرة، "حيث لا مال ولا طعام"، لذلك يخصص جزءاً من مداخيله للأعمال الإنسانية.
معترفاً بأن هذا هو الجانب الممتع في مهنته، ومن أهم ما قام به إنسانياً تبرعه بعشرة ملايين دولار لضحايا تسونامي، ومشاركته بأنشطة اليونيسف واليونسكو.. حيث منح لقب بطل اليونيسكو لحرصه ودفاعه بشدة عن تعليم الأطفال، فضلاً عن تبرعه لليونسكو بمليون ونصف يورو، وغيرها من المنظمات الخيرية حيث قدم ما يسمى بقصر الفقر من أجل الفقراء في البيرو.
مبادرة واصل القتال بخصوص مايكل شوماخر ومشجعيه
أطلقت عائلة مايكل شوماخر مبادرة تحت عنوان "مواصلة القتال"، التي تهدف إلى مساعدة الآخرين على استمرار التحدي، وتحفيز أولئك الذين يعانون من المشاكل والمحن في حياتهم، وهي مستمدة من كفاح شوماخر ومواصلته التحدي في محاولة العودة إلى سابق عهده، ولا تهدف المبادرة إلى الربح، حيث قالت كورينا زوجة شوماخر عبر بيان لها: "نود تشجيع الآخرين على عدم الاستسلام أبداً".
ستكون المبادرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وسيتولى إدارتها مكتب شوماخر نيابة عن الأسرة، وتتزامن مبادرة "مواصلة القتال" مع الذكرى السنوية الثالثة لأزمة شوماخر، عندما تعرض لحادث في جبال الألب الفرنسية في 29 ديسمبر/كانون الأول عام 2013، حيث اصطدم بصخرةٍ أثناء قيامه بالتزلج.
وقالت سابين كيم (Sabine Kehm) مديرة أعمال شوماخر في بيانٍ صدر عنها، حول المبادرة: "نحن الآن نحتفل بولاء المشجعين عن طريق بعض المبادرات منها المتعلقة بالمعارض، ووسائل التواصل الاجتماعي، والآن مواصلة القتال"، وأكملت كيم: "عبرت معظم الجماهير عن تقديرها لهذه المبادرات".
ماذا قالت مديرة أعمال شوماخر بخصوص صحته؟
ولم تقدم سابين كيم مديرة أعمال السائق الألماني أي معلومات بخصوص صحة شوماخر، بل قالت: إنها "سنلتزم بالصمت حفاظاً على خصوصية البطل الألماني"، حيث أكدت "صحة مايكل ليست مسألة عامة، بالتالي سوف نواصل عدم إصدار أي تعليق في هذا الصدد، هذا لأننا يجب أن نحمي خصوصيته"، وأضافت كيم: "مايكل كان يحب دائما حماية خصوصياته حتى في أنجح مراحل مشواره، وكان يحب دائما التأكد من وجود خط واضح وفاصل بين حياته العامة وحياته الشخصية".
ويواصل نجم الفورمولا ون شوماخر تلقي العلاج في منزله بسويسرا عقب خروجه من المستشفى في عام 2014، شوماخر الذي حقق خلال مسيرته واحداً وتسعين انتصاراً.
هذه كانت حكاية مايكل شوماخر وإنجازاته ومسيرته وثروته وغيرها من المعلومات انتظرونا مع نجوم آخرين لنكمل سلسلة مقالاتنا.