كيم دوت كوم.. من رائد الإنترنت إلى الملاحقة القضائية

يعتبر رجل الأعمال الألماني الفنلندي كيم دوت كوم واحد من أكثر الشخصيات الغامضة والمثيرة للجدل في عالم التكنولوجيا، فقد بدأ مسيرته كهاكر موهوب خلال التسعينات، ثم تحول إلى رجل أعمال حقق نجاحًا وثروة طائلة بفضل تأسيس منصة "ميجا أبلود"، والتي أصبحت واحدة من أكبر خدمات التخزين السحابي في العالم، إلا أنه واجه اتهامات عدة بانتهاك حقوق الملكية الفكرية وتسهيل نشر مواد غير قانونية، وهو ما جعله تحت الملاحقة القضائية، في السطور التالية تعرف على مسيرته.

من هو كيم دوت كوم؟

اسمه الحقيقي كيم شمتز هو رجل أعمال ألماني فنلندي، ولد في 21 يناير عام 1974 في كيل بألمانيا الغربية، وهو من أب ألماني وأم فنلندية، ويحمل الجنسية الفنلندية، وغيّر لقبه عام 2005 من شمتز إلى دوت كوم. اشتهر بتأسيس موقع "ميجا أبلود"، وهو من أكبر مواقع مشاركة الملفات على الإنترنت.

اكتسب كيم شهرة في التسعينات؛ بسبب قدرته على القرصنة، وحصل على لقب رائد القرصنة وأعمال الإنترنت، وقد قبض عليه أكثر من مرة بسبب أعمال القرصنة. أسس بعدها عدة مشاريع تقنية، وأهمها ميجا أبلود عام 2005.

نجح الموقع في جذب ملايين المستخدمين حول العالم، ولكنه أثار غضب شركات الإنتاج السينمائي والموسيقي، واعتبرته مصدرًا رئيسيًا للقرصنة، وهو ما أدى إلى إغلاق موقعه، وملاحقته قانونية بين عدة دول حول العالم.

زوجته وأطفاله وحياته الشخصية

تزوج كيم دوت كوم لأول مرة من سيدة اسمها مونا فيرجا عام 2009، وأنجبت له 4 أطفال باستخدام التلقيح الاصطناعي، ولدوا في أعوام 2009، و2010، وتوأم ولدا عام 2012، كما لديه طفل واحد من علاقة سابقة ولد عام 2007، وانفصل انفصل عن زوجته منى عام 2014.

في عام 2017، أعلن أنه سيتزوج خطيبته إليزابيث دونيلي عام 2018، وحيث انتقلا للعيش معًا عام 2017، ورزق بطفلهما الأول عام 2022، وهو الطفل السادس لدوتكوم، وتم الحمل به أيضًا من خلال التلقيح الاصطناعي.

عاش دوتكوم حياة مترفة، فقد عرف بحبه إنفاق الأموال على السيارات والقوارب باهظة الثمن، وقد اشترى يختًا عام 2000 لاستضافة الحفلات، والتي حضرها شخصيات مهمة منها الأمير رينيه من موناكو.

بداية مسيرته

عرف كيم بمهاراته في القرصنة، وقد اشتهر خلال التسعينات بأعمال القرصنة، وألقي القبض عليه أكثر من مرة بسبب ذلك، وقد اكتسب سمعة سيئة في ألمانيا بعدما اعترف بأنه اخترق أمن وكالة ناسا والبنتاغون.  في عام 1994، قبض عليه بتهمة الاتجار بأرقام بطاقات الاتصال الهاتفية المسروقة.

في عام 1998، أدين بـ21 تهمة تتعلق بالاحتيال على الكمبيوتر والتجسس على البيانات وتهم أخرى، وقد حكم عليه بالسجن لمدة عامين مع وقف التنفيذ. 

في عام 2003 قضى عقوبة 5 أشهر في السجن وهو ينتظر محاكمته في تهمة الاختلاف، حيث تم ترحيله من تايلاند إلى ألمانيا، وحصل على حكم بالسجن لمدة 20 شهرًا مع وقف التنفيذ.

بعد خروجه من السجن، انتقل إلى هونج كونج عام 2003، وهناك أنشأ شبكة من الشركات المترابطة، بما في ذلك شركة "تريندكس"، والتي صرح بأنه صندوق تحوط يعمل بالذكاء الاصطناعي، إلا أن هذه الشركة لم يتم تسجيلها مطلقًا لدى لجنة الأموال، ولم يمسح لها بقبول الاستثمارات.

انتقل بعدها إلى نيوزلندا عام 2008، وفي عام 2010 تقدم بطلب للحصول على الإقامة فيها، وتمكن من الحصول على الإقامة بعدما استثمر 10 ملايين دولار في نيوزلندا، رغم الإدانات الأجنبية بحقه.

تأسيس ميجا أبلود

يعد موقع ميجا أبلود واحد من أكبر مواقع مشاركة الملفات التي ظهرت في العقد الأول من الألفية الثالثة، وهو موقع أسسه كيم دوت كوم عام 2005، ويوفر خدمات استضافة الملفات الكبيرة التي يمكن للمستخدمين تحميلها ومشاركتها مع الآخرين عبر روابط مباشرة.

مع انتشار استخدام الإنترنت، وتزايد الطلب على خدمات التخزين السحابي، نما الموقع بسرعة، وأصبح واحدًا من أشهر مواقع مشاركة الملفات في العالم، وأصبح لديه أكثر من 180 مليون مستخدم مسجل، و50 مليون زيارة يومية في ذروة نشاطه.

من خلال الموقع، يمكن للمستخدمين رفع ملفات كبيرة الحجم، مثل الأفلام والبرامج وملفات أخرى، ومشاركة رابط التحميل مع الآخرين. استخدم الموقع أحيانًا لأغراض مشروعة، مثل تخزين ومشاركة ملفات غير محمية بحقوق الملكية الفكرية، ولكنه أصبح مركزًا رئيسيًا لتحميل وتوزيع المحتوى المقرصن، مثل الأفلام والبرامج التلفزيونية والموسيقى.

الملاحقة القضائية

بحلول عام 2012، اعتبرت السلطات الأمريكية أن موقع ميجا أبلود، والذي أسسه كيم دوت كوم، أحد أكبر مصادر انتهاكات حقوق الملكية الفكرية، وخاصة في صناعة السينما والموسيقى في هوليوود، حيث خسرت الصناعة خسائر كبيرة بسبب انتشار القرصنة عبر الإنترنت، ولعب موقعه دورًا مركزيًا في ذلك.

وبسبب ذلك، اتهمت السلطات الأمريكية كيم دوت كوم بتشغيل شبكة لتوزيع المحتوى المقرصن، وهو ما يخالف قوانين حقوق الطبع والنشر الأمريكية، فيما أشارت هيئة التحقيق الفيدرالية إلى أن الموقع تسبب في خسائر تقدر بمليارات الدولارات لصناعة السينما.

وبجانب تهم انتهاك حقوق الملكية، وجهت إلى كيم تهم أخرى، منها غسيل الأموال، وتسهيل النشاط الإجرامي، حيث كان الموقع يربح الملايين من خلال الإعلانات والاشتراكات، وتمكين كيم من تكوين ثروة لضخمة.

في يناير عام 2012، داهمت الشرطة النيوزلندية منزل كيم دوت كوم بناءً على طلب من أمريكا، وخلال المداهمة تمت مصادرة أصوله، بما في ذلك سياراته الفاخرة وممتلكاته العقارية، كما تم إغلاق موقع ميجا أبلود.

وجهت إلى كيم عدة تهم مع بعض موظفيه، منها التآمر لارتكاب انتهاكات لحقوق الطبع والنشر وغسيل الأموال، وقد طلبت الحكومة الأمريكية تسليم دوت كوم لمحاكمته في أمريكا، وبدأت معارك قانونية طويلة بينه وبين الحكومة الأمريكية، ونجح في تأجيل تسليمه لعدة سنوات.

لا تزال القضايا القانونية مستمرة حتى الآن، وفي أغسطس عام 2024، وقع وزير العدل النيوزيلندي بول جولدسميث على أمر تسليم دوتكوم إلى أمريكا، إلا أنه استأنف الحكم، وفي انتظار نتيجة الحكم حتى الآن.

تأسيس موقع ميجا

بعد إغلاق ميجا أبلود، أسس كيم دوت كوم موقع "ميجا" عام 2013، وهو موقع يركز على الخصوصية والتشفير، ويقدم خدمات تشفير الملفات من طرف إلى طرف، وهو ما جعل الملفات أكثر أمانًا، ويصعب تتبعها من قبل السلطات.