كوكو شانيل.. المصممة التي كسرت القواعد وأعادت تعريف الموضة

  • تاريخ النشر: منذ يوم
كوكو شانيل.. المصممة التي كسرت القواعد وأعادت تعريف الموضة

لم يستمر إرث كوكو شانيل حتى الآن؛ لأنها أسست علامة فاخرة فحسب، بل لأنها أحدثت ثورة في صناعة الأزياء، وأعادت صياغة قواعد الأناقة للنساء، في وقت كانت موضة النساء حكرًا على الرجال، لتصبح رائدة في عالم الموضة والأزياء، ورمزًا للحرية والتمرد.

وفي أسبوع المرأة العالمي، الذي يتم الاحتفال به في شهر مارس من كل عام، نحتفي برائدة الأزياء كوكو شانيل، التي لم تكتفِ بإحداث ثورة في صناعة الأزياء، بل رسخت مفهوم الريادة والابتكار، ونجحت في تحويل اسمها إلى إمبراطورية لا تزال مؤثرة على الموضة حتى وقتنا هذا.

اليتيمة التي رفضت الانكسار

في بلدة سومور، إحدى بلديات إقليم ماين ولوار غرب فرنسا، وتحديدًا في عام 1883، ولدت فتاة لم يكن يتوقع أحدًا أنها ستغير عالم الموضة إلى الأبد، ولدت غابرييل بونور شانيل التي عُرفت لاحقًا باسم "كوكو"، لتصبح رمزًا للأناقة والموضة.

نشأت الطفلة غابرييل في ظروف قاسية، وعاشت طفولة فقيرة مليئة بالمعاناة والحاجة، فلم يكن والداها متزوجين، وكانا يكافحان من أجل البقاء والإنفاق على العائلة المكونة من 5 أطفال.

زادت معاناة الأسرة ومأساتها عندما كانت غابرييل تبلغ من العمر 11 عامًا، حيث توفيت والدتها؛ ولأن والدها لم يكن قادرًا على الاعتناء بأطفاله، أُرسلت كوكو مع اثنين من شقيقاتها إلى دار أيتام تديرها الراهبات، فيما أُرسل شقيقيها الآخران للعمل في المزارع.

في المنزل الجديد، ووسط الجدران الباردة والكثير من الانضباط الصارم، عاشت غابرييل لمدة 6 سنوات تعلمت خلالها الخياطة، وهي المهارة التي أصبحت حجر الأساس لإرثها المستقبلي وريادتها في عالم الموضة والأزياء.

كوكو شانيل.. المصممة التي كسرت القواعد وأعادت تعريف الموضة

من أضواء المسرح إلى التصميم

كانت غابرييل شانيل تطمح بالثروة والنجاح، وترغب في أن تخرج من الفقر والمعاناة التي تعيش فيها، وفي محاولة منها لتحقيق طموحها، وفي سعيها للخروج من دائرة الفقر، اتجهت إلى الغناء في الملاهي الليلية في مولان وفيشي، وهناك أطلق عليها رواد المكان لقب "كوكو"، وهو الاسم الذي سيلازمها مدى الحياة.

لم تتمكن كوكو من تحقيق النجاح والثروة من الغناء، ولكنها استطاعت أن تكسب علاقات جيدة مع عدد من الرجال الأثرياء، الذين قدموا لها الدعم المالي لتبدأ مشروعها في التصميم، فقد كانت تحلم دائمًا بتصميم شيء ملموس يحمل بصمتها الخاصة، ويترك أثرًا في العالم.

لم تتلق كوكو تدريبًا أكاديميًا في تصميم الأزياء، بل اعتمدت على موهبتها الفطرية ومهارة الخياطة التي اكتسبتها خلال سنوات مكوثها في دار الأيتام. بدأت كوكو شانيل بتصميم القبعات في البداية، ونجحت بفضل تصاميمها البسيطة والأنيقة من أن تلفت أنظار المجتمع الراقي في فرنسا.

تلقت كوكو دعمًا من شخصيات مؤثرة في حياتها، منها إتيان بالسان وآرثر كابيل، وافتتحت أول متجر لها في باريس في عام 1910، ليصبح نقطة الانطلاق نحو تأسيس إمبراطورية الموضة التي ستخلد اسمها.

فن استغلال الأزمات

تميزت المصممة كوكو شانيل بقدرتها الفريدة على تحويل العقبات والأزمات إلى فرص، فلم تكن تملك الموارد لشراء الأقمشة الفاخرة، إلا أن ذلك لم يوقفها عن التصميم، فكانت تجوب أسواق السلع المستعملة، تجمع الأقمشة القديمة والقمصان المستعملة، وتعيد توظيفها بلمسة إبداعية.

وخلال الحرب العالمية الأولى، وعندما شحت الموارد، وأصبحت الأقمشة نادرة، لجأت شانيل إلى استخدام قماش الجيرسي، الذي كان يستخدم في ذلك الوقت لصناعة الملابس الداخلية للرجال، وكانت هذه المرة الأولى التي تحررت فيها شانيل من قيد الأزياء الضيقة والمشدات القاسية التي كانت تفرض على المرأة في ذلك الوقت، وصممت ملابس أنيقة ومريحة في آن واحد، لتحدث ثورة في عالم الموضة النسائية.

كوكو شانيل.. المصممة التي كسرت القواعد وأعادت تعريف الموضة

إعادة تعريف الأناقة

لم تكن رحلة كوكو شانيل نحو الريادة في عالم الأزياء سهلة، فقد واجهت تحديات عديدة، منها اندلاع الحرب العالمية الأولى التي أجبرتها على إغلاق أعمالها بشكل مؤقت، لكنها استغلت تلك الفترة لاستكشاف مواد وأساليب تصميم جديدة.

قدمت شانيل تصاميم نسائية غيّرت مفاهيم الأناقة، فقد جمعت بين البساطة والفخامة، وبين الأنوثة والحرية. ولعل أبرز إبداعاتها التي لا تزال خالدة حتى اليوم الفستان الأسود الصغير وبدلة شانيل الأنيقة، والحقيبة المبطنة، وعطر شانيل الذي أصبح أيقونة في عالم العطور.

"الرفاهية يجب أن تكون مريحة، وإلا فهي ليست رفاهية"

أكدت كوكو شانيل من خلال تصميماتها المبتكرة على الراحة والعملية، ونجحت في تحرير النساء من قيود الموضة المفروضة في ذلك العصر، ولم تعكس تصميماتها إبداعها فحسب، بل عكست كذلك فهمها لاحتياجات المرأة العصرية.

كوكو شانيل.. المصممة التي كسرت القواعد وأعادت تعريف الموضة

تحدي الأزمات والعودة رغم الجدل

لم تخل حياة كوكو شانيل من الجدل والكثير من التعقيدات، فقد تشابكت حياتها مع السياسة والمجتمع الراقي، وجمعتها علاقات عاطفية بشخصيات بارزة، منها دوق وستمنستر، كما ارتبط اسمها بضابط ألماني خلال الحرب العالمية الثانية، وهي العلاقة التي أثرت على سمعتها، حيث وُجهت إليها اتهامات بالتعاون مع النازيين، وأجبرت على إغلاق دار الأزياء الخاصة بها في باريس، والابتعاد عن الأضواء.

انتقلت كوكو إلى سويسرا، حيث عاشت في المنفى في واحدة من أصعب مراحل حياتها، إلا أنها لم تكن المرأة التي ترضى بالهزيمة أو تسمح للظروف بتحديد مصيرها. في عام 1954، وبعد غياب استمر لأكثر من عقد، قررت كوكو شانيل العودة إلى الساحة، متحدية الزمن والانتقادات.

وهي في السبعين من عمرها، أعادت افتتاح دار شانيل، وأطلقت مجموعة جديدة من التصاميم الفريدة التي حملتها توقيعها، وأعادت إلى الواجهة بدلة شانيل المميزة، وسترتها الأيقونية. وعلى الرغم من الاستقبال الفاتر في البداية، سرعان ما عادت النساء للوقوع في حب إبداعاتها.

"لم تعجبني حياتي، فقررت أن أخلق حياة جديدة"

لم تكن حياة كوكو شانيل ممهدة بالورود، بل كانت سلسلة من التحديات التي تمكنت من مواجهتها بإرادة صلبة، فبدءًا من نشأتها في فقر مدقع وصولًا إلى الفضيحة ومن ثم النفي في كبرها، لكنها لم تسمح لكل ذلك أن يكسرها، وواصلت إبداعاتها، إذ أرادت أن تمنح النساء حرية الحركة والاستقلالية والقوة من خلال الأزياء.

كانت كوكو تؤمن بأن المرأة يمكن أن تكون جريئة وصادقة مع نفسها، وهو ما عبرت عنه في كلماتها الشهيرة: "أكثر الأفعال شجاعة أن تفكر بنفسك بصوت عالٍ"

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة