يعد كوفي عنان واحد من أشهر الشخصيات الدبلوماسية في العالم، ليس فقط بسبب إنجازاته كسياسي ودبلوماسي، وإنما لكونه أول أفريقي أسود يتولى منصب الأمين العام للأمم المتحدة، وحفلت مسيرته المهنية بالعديد من الإنجازات، تعرف على مسيرته وحياته في السطور التالية.
حياة كوفي عنان ونشأته
كوفي أتا عنان هو دبلوماسي غاني شغل سابقًا الأمين العام السابع للأمم المتحدة، ولد في 8 أبريل عام 1938 في مدينة كوماسي في غانا التي كانت تابعة وقتها للإمبراطورية البريطانية.
هو الطفل الرابع في عائلته، مع شقيقه التوأم، إيفوا أتا (وأتا تعني التوأم في فانتي)، الذي توفي عام 1991، ووالدته، فيكتوريا عنان، من قبيلة فانتي، إحدى قبيلتين رئيسيتين في غانا، أما كان هنري ريجنالد، نصف فانتي ونصف أشانت.
ولد عنان في عائلة جيدة من الناحية المادية، فوالده كان مدير التصدير لشركة Lever Brothers Cocoa، لذا لم يعان من طفولة صعبة في طفولته مقارنة بالظروف الاقتصادية التي عاشتها غانا في هذه الفترة.
بدأ عنان تعليمه في مدرسة مافانتيبيسم وهي إحدى مدارس النخبة الداخلية في غانا بين 1954-1957، ثم بدأ دراسة الاقتصاد في جامعة كوامي نكروما للعلوم والتكنولوجيا في غانا في عام 1958 بمنحة من شركة Ford.
في وقت لاحق 1961-1962 درس في المعهد العالي للدراسات الدولية بين سنوات وكلية سلون للإدارة (جنيف، سويسرا)، حيث حصل على درجة الماجستير من 1971 إلى 1972.
يتحدث عنان بطلاقة الإنجليزية والفرنسية، بالإضافة إلى العديد من اللغات الأفريقية منها لغة قبيلته فانتي.
تزوج عنان من امرأة نيجيرية تنتمي لعائلة أرستقراطية اسمها تيتي ألاكجا، وأنجب منها ابنتين وهما آما، وكوجو، وانفصل الزوجان في أواخر السبعينات، وتطلقا رسميًا في عام 1983.
في عام 1984 تزوج عنان من نان ماريا لاجيرغرين وهي محامية سويدية في الأمم المتحدة، وهي ابنة أخ الدبلوماسي السويدي راؤول فالنبرغ الذي يُقال إنه أنقذ آلاف اليهود بدعم من الحكومة السويدية خلال الحرب العالمية الثانية، ولديها ابنة من زواج سابق.
وفاته
توفي في 18 أغسطس عام 2018 في مدينة برن عاصمة سويسرا عن عمر 80 عامًا بعد تعرضه لوعكة صحية لفترة قصيرة.
حياته المهنية
بدأ كوفي عنان حياته المهنية عام 1962 كموظف ميزانية في منظمة الصحة العالمية، إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة.
عمل كذلك مديرا للسياحة في غانا بين 1974-1976، ثم عاد لاحقا إلى الولايات المتحدة بصفته الأمين العام المساعد للأمم المتحدة، كما شغل في إدارة الموارد البشرية، ومنسق الأمن بين 1987-1990، وتخطيط البرامج والميزانية والشؤون المالية بين 1990-1992، وبين عامي 1993-1994 خدم في وحدة حفظ السلام.
كان عنان هو من كفل نقل عملية حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في البوسنة إلى حلف شمال الأطلسي في عام 1995 وكان وكيل الأمين العام قبل انتخابه أمينًا عامًا في عام 1996.
عمل في هذه المناصب على صياغة مقاربات جديدة للأوضاع المعقدة وغير المؤكدة لعالم ما بعد الحرب الباردة، والتي شهدت مستويات غير مسبوقة من التعاون الدولي بالإضافة إلى صراع واسع النطاق يغذيه التأكيدات العنيفة للهويات القومية والعرقية.
خلال هذه الفترة المضطربة، عمل السيد عنان على تعزيز قدرة المنظمة على الاضطلاع بمهام حفظ السلام التقليدية والعمليات متعددة المهام، والاضطلاع بمهام دولية جديدة تتعلق بالسلام والأمن مثل "الانتشار الوقائي".
بالإضافة إلى واجباته الرسمية شارك السيد عنان منذ فترة طويلة في تعليم الموظفين الدوليين ورعايتهم وحمايتهم.
ساهم كذلك في عمل مجلس التعيين والترقية ولجنة المراجعة العليا (وترأس كلاهما) في المجلس الإداري والتنظيمي والمالي بشأن فرقة عمل حفظ السلام التابعة للأمين العام، وفي الصندوق المشترك للمعاشات التقاعدية لموظفي الأمم المتحدة.
كما شغل منصب رئيس مجلس أمناء مدرسة الأمم المتحدة الدولية في نيويورك (1987-1995) بجانب شغله منصب محافظ المدرسة الدولية في جنيف (1981-1983).
انتقادات لبعض قراراته
في البداية ظل موقفه سلبيًا في الأحداث التي بدأت في رواندا عام 1993 ورفض جميع المطالب التي اقترحها جندي حفظ السلام روميو دالير، من أجل منع الإبادة الجماعية، خلال الإبادة الجماعية في رواندا، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من مليون شخص، حيث أعلن أن هذا لا يشغل بال الأمم المتحدة.
ونتيجة لذلك، أصبح من الأسهل على الحوثيين إدامة الإبادة الجماعية، ووصل عدد قتلى التوتسي إلى أبعاد مروعة.
وكان الانتقاد الثاني الموجه للدبلوماسي الغاني هو أنه على الرغم من أنه اقترح حلولاً جديدة لمشكلة قبرص في عام 2003، إلا أنه لم يكن فعالاً بعد أن تلقى إجابة واضحة بعدم وجود أي رد من الجانب القبرصي اليوناني.
وكان النقد الآخر هو أنه جعل الأمم المتحدة قوة سلبية، أي أنه زاد بشكل غير مباشر من فعالية الولايات المتحدة، وكان موقفه السلبي بشكل خاص في حرب العراق مؤثرًا في تشكيل هذه الادعاءات حوله.
انتخابه أمينًا عامًا للأمم المتحدة
تم انتخاب كوفي عنان أمينًا عامًا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 13 ديسمبر 1996، وبانتخابه أصبح الأمين العام السابع للأمم المتحدة لمدة 5 سنوات في 1 يناير 1997 وأول أفريقي أسود يتولى هذا المنصب، وخدم لفترتين من 1997 إلى 2006.
في نفس الفترة، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) للمرة الثانية للأمين العام السابق لمصر بطرس غالي، وفي 10 ديسمبر 2001.
كان عنان يرى أن مفاهيم السلام والأمن يجب أن يعاد تقييمها في عصرنا، وصرح بأن السلام يقوم على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في خطابه بعد انتخابه، حيث قال:
"التنمية ليست مجرد مشاريع وإحصاءات، إنها بعد كل شيء مشكلة الناس- مشكلة الناس الحقيقية مع الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والملبس والمأوى والصحة. "
كما عمل السيد عنان مع الدول الأعضاء لتحسين "وقت الاستجابة" من خلال اتخاذ خطوات لإنشاء مقر بعثة الانتشار السريع مع أمانته الخاصة والموظفين الآخرين المتوقع أن يبدأوا العمل في أوائل عام 1997.
أنشأ كذلك وحدة اسمها "الدروس المستفادة" داخل إدارة عمليات حفظ السلام، وذلك من أجل معرفة الدروس المستفادة من التجارب سواء كانت ناجحة أم لا، كما تم توسيع أنشطة هذه الوحدة لتشمل الشؤون السياسية والإنسانية، والإعلام.
وأعاد السيد عنان، بصفته الأمينة العامة، تأكيد التزامه بالمشاركة في حوار مع الدول الأعضاء بشأن أفضل استخدام ممكن لأدوات حفظ السلام والدبلوماسية الوقائية وبناء السلام بعد انتهاء الصراع.
حصوله على جائزة نوبل
تم اختيار كوفي عنان والأمم المتحدة للحصول على جائزة نوبل للسلام تقديرًا لعملها من أجل أن يصبح عالمنا أكثر سلامًا، حيث ذكرت لجنة جائزة نوبل أن الأمم المتحدة منظمة تقوم بجهود كثيرة لتحقيق السلم والأمن في العالم.
وفي كلمته التي أعلن فيها قبوله الجائزة قال السيد عنان أن السعي من أجل السلام هو الشرط الأساسي الذي يجب أن يتواجد في كل عضو من أعضاء الأمم المتحدة، وسعيهم من أجل توفير حق العيش بكرامة والتمتع بالأمن.