-
معلومات شخصية
-
الاسم الكامل
-
اسم الشهرة
-
الفئة
-
اللغة
-
التعليم
-
الجنسية
-
بلد الإقامة
-
السيرة الذاتية
يعد الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير من أهم الأسماء الأدبية في تاريخ فرنسا، ويعد من أهم الروائيين في تاريخ الرواية، حيث ترك بصمة خالدة بسبب أعماله الروائية الواقعية، ويعتبر رائد الواقعية في الأدب الفرنسي، وترك إرثًا أدبيًا خالدًا، لا يزال محل اهتمام ودراسة حتى يومنا هذا، تعرف على مسيرته الأدبية وحياته في هذا المقال.
من هو غوستاف فلوبير؟
هو أديب وروائي فرنسي ولد في 12 ديسمبر عام 1821، ويعتبر أحد أهم الروائيين في القرن التاسع عشر، حيث يُعرف بأسلوبه الأدبي الدقيقي والواقعي والبديع، وقدرته على البحث العميق داخل النفس البشرية والمجتمع.
بدأ فلوبير كتابة الروايات في سن مبكرة، وقد درس الحقوق في باريس، إلا أنه تركها بسبب مشكلات صحية، وتفرغ للأدب والرواية، وقد ألف العديد من الأعمال الأدبية الناجحة، ولعل أشهرها رواية "مدام بوفاري".
يعتبر فلوبير من رواد الواقعية في الأدب الفرنسي، وقد كان يسعى لتحقيق الكمال في الكتابة، كما عرفت بدقته واهتمامه الشديد بالتفاصيل، وتتميز رواياته بالنزاهة الأدبية، والابتعاد عن العواطف الشخصية، كما ركز على وصف الشخصيات والبيئات بواقعية وحيادية.
ترك فلوبير تأثيرًا كبيرًا على الأدب الفرنسي والعالمي، حيث أثر في العديد من الكتاب مثل مارسيل بروست وجيمس جويس، كما أنه يعتبر رمزًا للأدب الواقعي، ولا تزال أعماله مرجعًا هامًا لدراسة تطور الرواية في الأدب الغربي.
نشأته وتعليمه
ولد غوستاف فلوبير في روان بمقاطعة السين البحرية في شمال فرنسا، وقد ولد لعائلة ثرية، فوالده أشيل كليوفاس فلوبير هو مدير وجراح كبير في المستشفى الرئيسي في روان، وهو الابن الثاني في أسرته.
كان منزل أسرته بالقرب من المستشفى التي يعمل بها والده، وقد شكّل مسقط رأسه شخصيته وأسلوبه الواقعي، فقد ذكر في عدد من مؤلفاته عن المستشفى التي يعمل بها والده، ووصفه بأنه مكان يحمل كل المآسي الإنساني.
وقد تحدث فلوبير عن المستشفى في كتابته، وقال: "نشأت وسط كل المآسي الإنسانية التي يفصلني عنها جدار". وفي رسالة إلى حبيبته كوليت قال لها: "يطل مدرج المستشفى على حديقتنا، كمر مرة تسلقنا أنا وأختي ورأينها الجثث المنتشرة على الحديقة. كانت الشمس تشرق عليها، والذباب الذي حلّق فوق رؤوسنا، وفوق الأزهار، كان نفسه الذي يحلق فوق الجثث".
كان فلوبير قريبًا من أخته كارولين، التي تصغره ب3 سنوات، وكانت شريكته في اللعب والفنون والرسم والعزف على البيانو، ولكن لم يكن مقربًا من أخيه الأكبر أشيل، والذي اتبع خطى والده، وأصبح طبيبًا، ومن ثم أصبح كبير الجراحين.
عشق فلوبير الكتابة منذ سن مبكرة، حيث بدأ يكتب في سن 8 سنوات، وقد تلقى تعليمًا جيدًا، فدرس في ليسيه بيير كورنيل في روان، وظل يدرس فيها حتى عام 1840. تلقى فلوبير العلم على أستاذه الشاب أدولف شيرويل، والذي كان سببًا في حبه للتاريخ، وقد تأثرت العديد من مؤلفاته المستقبلية بمواضيع تاريخية متعلقة بالعصور الوسطى وعصر النهضة.
اتجه فلوبير بعدها إلى باريس لدراسة القانون، ولكنه لم يحب دراسته، كما أنه لم يحب الأجواء في باريس، وشعر أنها مدينة مقيتة.
خلال دراسته في باريس تعرف على عدد قليل من الأصدقاء، ومنهم السياسي والكاتب الفرنسي الشهير فيكتور هوغو، ثم غادر باريس سريعًا في نهاية العام، وسافر إلى جبال البرانس، وظل فيها فترة طويلة، ثم عاد إلى باريس لإكمال دراسته.
في عام 1846 قرر فلوبير مغادرة باريس نهائيًا، وترك دراسة القانون، وذلك بعد أن تعرض لنوبة صرع شديدة، وقرر التفرغ للكتابة والأدب.
حياته الشخصية وعلاقاته
كان غوستاف فلوبير على علاقة بعدد من النساء في حياته، ففي عام 1846 كان على علاقة بالشاعرة لويز كوليه، واستمرت العلاقة حتى عام 1854، وقد اشتهرت رسائلهما معًا، وترجمت لعدة لغات، وكانت علاقته معها هي العلاقة الجادة الوحيدة في حياته.
بعد مغادرة باريس عاد فلوبير إلى مسقط رأسه في روان، وكان يسافر إلى باريس وإنجلترا كل فترة، وقيل إنه كان لديه عشيقة هناك.
لم يتزوج فلوبير قط، كما أنه لم يكن لديه أطفال، وقد كشف عن سبب عدم إنجابه للأطفال في رسالة أرسلها إلى حبيبته كوليه قال فيها إنه يعارض إنجاب الأطفال، وقال: "لن أنقل إلى أحد عار الوجود وتفاقمه".
اختار فلوبير لنفسه حياة متحررة بلا قيود، وخاصة فيما يتعلق بعلاقاته مع النساء، وفي كثير من الأحيان كان يتفاخر بعلاقاته مع العاهرات خلال رحلاته، وبسبب علاقاته المتعددة عانى من العديد من الأمراض التي لازمته طوال حياته.
روايات غوستاف فلوبير
بعد أن ترك دراسة القانون، تفرغ غوستاف فلوبير إلى الكتابة كمهنة له، وكان أول عمل كامل يكمله هي "رواية نوفمبر"، وهي رواية قصيرة انتهى منها عام 1842.
في عام 1849 أكمل روايته الأولى "إغراء القديس أنتوني"، وقد قرأ الرواية على صديقيه لويس بويهليت، وماكسيم دو كامب على مدار أربعة أيام، إلا أنهما لم يعجبا بالرواية، وطلبا منه رميها في النار.
سافر فلوبير في رحلات حول العالم، وفي عام 1850، وبعد عودته من مصر بدأ في روايته الأشهر على الإطلاق، وهي رواية "مدام بوفاري"، وقد استغرق كتابة الرواية 5 سنوات، وقد اتهم بالفجور بسبب هذه الرواية، ولكن تمت تبرئته، وتعد هذه الرواية من أشهر روايات الفرنسي جوستاف فلوبير.
كانت روايته التالية هي "سلامبو" والتي سافر إلى قرطاج من أجل كتابته، وقد أكمل الرواية بعد 4 سنوات، ونشرت عام 1862. كتب بعد ذلك رواية "التربية العاطفية" واستغرق كتابته 7 سنوات، وكانت آخر رواية كاملة له، وقد نشرت عام 1869.
كتب فلوبير أيضًا نسخة معدلة من رواية "إغراء القديس أنتوني" ونشرت على شكل أجزاء، وبعدها كرس نفسه إلى مشروع قصص قصيرة بعنوان "الحكايات الثلاث". في وقت وفاته كان يعمل على رواية تاريخية تستند أحداثها إلى معركة يترموبيلاي، ولكنها لم تنشر.
عن ماذا يتكلم كتاب مدام بوفاري؟
تعد رواية "مدام فوباري" من أشهر مؤلفات جوستاف فلوبير، وقد نشرت الرواية عام 1857، وتتناول الرواية قصة إيما بوفاري، وهي امرأة شابة تعيش في ريف فرنسا، ويستعرض الوراية حياتها العاطفية ومآسيها الشخصية.
مدام بوفاري هي امرأة طموحة ومليئة بالأحلام الرومانسية، تتزوج من طبيب ريفي اسمه شارل بوفاري، وكانت تعتقد أن الزواج سيجلب لها السعادة، إلا أنها تعيش حياة مملة في الريف مع زوجها، وتبدأ بالشعور بالإحباط بسبب رتابة حياتها وزواجها غير الملبي لطموحاتها.
تبحث إيما عن الإثارة والرومانسية التي كانت تقرأ عنها في الروايات الرومانسية، وتتورط في عدة علاقات عاطفية خارج الزواج، في محاولة منها للعثور على السعادة والحب الحقيقي، وتقع في حب رودولف بولانجيه، وهو شاب يستغلها ثم تركها، وبعدها تقع في حب ليون ديبوي، والذي يتركها أيضًا.
تقرر إيما الهرب من واقعها الأليم من خلال الإكثار من شراء الملابس الفاخرة والأثاث، مما يغرق الأسرة في الديون، وبسبب الديون تغرق في اليأس، وتقرر الانتحار بمادة الزرنيخ.
تعد الرواية نقدًا للمجتمع الفرنسي في القرن التاسع عشر، حيث يسلط فلوبير الضوء على التناقضات بين الأحلام الرومانسية والواقع القاسي، وينتقد فلوبير أيضًا الطبقات الاجتماعية، والرتابة الزوجية، والاستهلاك المفرط، والازدواجية الأخلاقية في المجتمع.
تميز أسلوب فلوبير في هذه الرواية بالدقة والوصف التفصيلي، والاهتمام بالتفاصيل، وهو ما يجعل الشخصيات والبيئة تبدو واقعية، وحية، وقد ركز على تصوير حالتها النفسية الداخلية وصراعاتها العاطفية.
أثارت هذه الرواية جدلًا واسعًا، وقد اتهم فلوبير بالفسوق بسبب تصويره الجريء والواقعي للشهوة والخيانة والحياة الزوجية، إلا أن الرواية حققت نجاحًا كبيرًا.
رحلاته حول الشرق
كان غوستاف فلوبير من أهم الروائيين والكتاب الأوروبيين الذين اهتموا بالسفر والعالم، وقد اهتم فولبير بشكل خاص بموضوعات الاستشراق منذ بداية مسيرته في الكتابة، وأثرت رحلاته بشكل كبير على شخصياته في الروايات.
سافر فلوبير من باريس إلى مارسيليا، ومنها إلى الإسكندرية مع صديقه ماكسيم دو كامب، وكان في سن 27 عامًا، وقد غيرت هذه الرحلة حياته، وقدمت الإلهام لأشهر أعماله، وقد شبه مدينة الإسكندرية بنابولي أو مرسيليا، والتقى بالنخبة الفرنسية هناك.
ومن الإسكندرية توجه إلى القاهرة، واتجه بعدها إلى الأزبكية، وقد تحدث كثيرًا عن المساجد، والأديرة القبطية، وعادات السكان الأصليين فيها. وقد نشر بعدها كتاب من أدب السفر بعنوان "فلوبير في مصر" يتحدث فيها عن رحلته وانطباعاته عن مصر، بالإضافة إلى صور فوتوغرافية لزياراته للأهرامات والمعابد في الأقصر، والتماثيل الفرعونية.
سافر فلوبير بعدها إلى وادي حلفا السودانية، ثم غادر مصر عام 1850، وبعدها زار فلسطين، وسوريا، ولبنان، وخلال عودته إلى فرنسا مر إلى اليونان وإيطاليا، وعندما وصل إلى فرنسا نشر كتاب "رحلة إلى الشرق"، و"سفر إلى فلسطين".
رغم أن غوستاف فلوبير يُعتبر من أعمدة الأدب الفرنسي بفضل أعماله الواقعية والدقيقة، إلا أن بعض النقاد أشاروا إلى جوانب مثيرة للجدل في تصويره للشرق.
فلوبير، الذي حاول البقاء موضوعيًا في كتاباته عن العالم العربي، وقع في فخ الصور النمطية السلبية الشائعة عن "عنف" العرب وربط المرأة الشرقية بالمتعة والرغبة الجنسية فقط، ما يعكس إصراره على تجسيد دور "المستعمر الأبيض المتفوق ثقافيًا واقتصاديًا".
لم تُنشر كتاباته عن رحلاته لمصر حتى وقت قريب، لكنها أصبحت الآن مصدرًا مهمًا في تقييم أعماله، وقد أعادت هذه الكتابات توجيه أنظار الدارسين للأدب نحو الدور الذي لعبته العصور القديمة في تشكيل رؤى فلوبير، مما أثار نقاشات جديدة حول التحيزات الاستعمارية الكامنة في أدبه وأهمية إعادة تقييم تلك الأعمال من منظور نقدي حديث.
رائد الواقعية في الأدب الفرنسي
اشتهر غوستاف فلوبير بدقته الفائقة في التعبير، وقد تجنب بدقة أي تعبير غامض أو كليشيه ممل. في رسالة إلى جورج ساند، اعترف بأنه يقضي وقته في محاولة كتابة جمل متناغمة وتجنب السجع، ساعيًا لتحقيق مبدأ "الكلمة الصحيحة"، وهذا المبدأ كان يعتبره أساس الجودة في الفن الأدبي.
عمل فلوبير في عزلة متجهمة، حيث كان يستغرق أحيانًا أسبوعًا كاملًا لإكمال صفحة واحدةن وفي مراسلاته، أشار إلى أن النثر الصحيح لم يتدفق منه بسهولة، بل كان نتاج عمل شاق ومراجعة دقيقة.
كان فلوبير يطمح إلى صياغة أسلوب يكون إيقاعيًا مثل الشعر، دقيقًا مثل لغة العلوم، ومتموجًا وعميق الصوت مثل آلة التشيلو، وأيضًا متوجًا باللهب. أراد أن يخترق أسلوبه الأفكار مثل الخنجر، وأن يدفعها بسلاسة مثل مركب شراعي أمام ريح عاتية.
كان فلوبير يرى أن "المؤلف في كتابه يجب أن يكون مثل الله في الكون، حاضرًا في كل مكان وغير مرئي في أي مكان"، وقد تجلى هذا الأسلوب المضني في إنتاج فلوبير، حيث كان ينشر بشكل أقل إنتاجية مقارنة بأقرانه مثل بلزاك أو زولا.
لم يقترب فلوبير أبدًا من وتيرة نشر رواية سنويًا، كما كان شائعًا بين معاصريه، وأطلق والتر باتر عليه لقب "شهيد الأسلوب" بسبب التزامه الشديد بالدقة والجودة في الكتابة، مما جعله واحدًا من أبرز أعمدة الأدب الفرنسي.
وفاة غوستاف فلوبير
في العقد الأخير من حياته واجه غوستاف العديد من المواقف الصعبة، فأثناء حرب 1870 تم احتلال منزله من جل الجنود البورسيين، وبعدها بعامين توفيت والدته، ثم واجه صعوبات مالية بعد فشل زوج ابنة أخته في العمل.
بالإضافة إلى ذلك، عانى غوستاف فلوبير من الأمراض؛ بسبب تعدد علاقاته الجنسية، والتي أدت إلى تدهور حالته الصحية حتى وفاته عام 1880 عن عمر يناهز 58 عامًا، وقد دفن في مقبرة العائلة في روان، وتم بناء نصب تذكاري له في متحف روان، مسقط رأسه.