حقق شهرة واسعة في السعودية وعدة دول خليجية ولا تزال أغنياته مشهورة حتى الآن رغم وفاته منذ أكثر من 30 عامًا إنه الفنان السعوي عيسى الأحسائي الذي لقب ب"فتى الشرقية" والذي يعد من أبرز نجوم الفن الشعبي السعودي خلال فترة السبعينيات، في السطور التالية تعرف على مسيرته الفنية وحياته.
من هو عيسى الأحسائي؟
عيسى بن علي بو سرور الإحسائي هو مغني شعبي سعودي وعازف عود وملحن ولد في عام 1948 في منطقة الأحساء شرق المملكة العربية السعودية ولهذا أطلق عليه لقب "فتى الشرقية".
أخرجت منطقة الأحساء العديد من الفنانين الشعبيين وكانت شاهدة على الكثير من النجوم الذين شكلوا المشهد الفني في السبعينيات والثمانينات.
اشتهرت أغنياته بشكل واسع في السعودية وعدة دولة في منطقة الخليج العربي وخاصة في الكويت والعراق وقد ذاع صيته في الخليج العربي رغم أنه أغنياته لم تذع في التلفزيون أو الإذاعة.
نشأته وتعليمه
ولد الفنان عيسى الأحسائي في حي الفوارس، الذي أصبح اسمه فيما بعد حي الناصرية، في منطقة الأحساء وقد عاش ظروف معيشية صعبة أجبرته على العمل مبكرًا ولم يتمكن من الالتحاق بالمدرسة ولم يتعلم القراءة ولا الكتابة.
رغم أن الظروف لم تكن مهيئة له لكي يتعلم العود إلا أنه برع في عزف العود حيث علم بنفسه العزف على العود وعلى آلات أخرى مختلفة منها الكمان والقانون والطبل والإيقاع، وبحلول سن العشرين كان بارعًا في العزف على العود.
لفت الأحسائي سكان منطقة الأحساء ببراعته وقدرته المميزة على العزف، فقد ولد بأذن موسيقية وموهبة فريدة وصوت مميز وهو ما شجعه على تسجيل أولى أغنياته.
عمل الأحسائي سائقًا في الدفاع المدني لفترة ولكنه لم يستمر في تجربة العمل الحكومي واتجه إلى الغناء والعزف على العود.
زوجة عيسى الأحسائي وأبناؤه
تزوج الأحسائي من سيدة غير معروفة وأنجب منها عدة أبناء، ومن أبناء عيسى الأحسائي المعروفين ابنه علي، وابنه عيسى.
بدايته الفنية
حقق عيسى الأحسائي شعبية كبيرة في منطقة الأحساء وهو ما شجعه على تسجيل أول تسجيل له عام 1964 الذي حقق شعبية كبيرة ونجاحًا واسعًا تنافس فيه مع نجوم الصف الأول حينها.
انتقل الأحسائي بعدها إلى منطقة الدمام للعمل غير أن صيته وشهرته كانت قد وصلت إلى الدمام فبدأ بالغناء في حفلات الزفاف، ورغم أن العائد لم يكن مجزيًا ولكنه تمكن من شراء سيارة لنقل البضائع بها.
الغناء في الكويت
انقسمت الحياة الفنية للفنان الراحل عيسى الأحسائي لمرحلتين، المرحلة الأولى مع الشاعر محمد الجنوبي الذي ألف له الكثير من القصائد، والمرحلة الثانية مع الشاعر علي القحطاني الذي كان له الفضل في شهرته في الخليج كله بفضل تسجيل أغنياته ونشرها في الكويت.
عمل الأحسائي في الغناء ونقل البضائع في الوقت نفسه، فكان يسافر إلى الكويت بسيارته الشفيروليه لنقل البضائع من الشرقية إلى سوق العباسية في الكويت ثم يحيي عدد من حفلات الزفاف هناك ويسجل بعض القصائد التي كتبها له القحطاني ويعود أدراجه مجددًا إلى الشرقية.
ومع علي القحطاني تنوع الألوان الشعرية والموضوعات التي غناها الأحسائي فغنى أغنيات الغزل والموضوعات الاجتماعي وأغنيات بها حوار مع المرأة فكان له الفضل في تغيير الثقافة الفنية في المملكة.
وفي الكويت حقق الأحسائي شهرة واسعة كبيرة فأقنعه الفنان خالد النفيسي بتقديم مسرحية معه وقد لاقت هذه المسرحية إقبالًا كبيرًا للسماع لأغنيات الأحسائي.
ورغم عدم تداول اسمه في الإعلام والتلفزيون والإذاعة إلا قليلًا إلا أن مبيعات ألبومات كانت تحقق أرقامًا عالية بشكل كبير، وأصبح من أشهر نجوم الغناء الشعبي في فترة السبعينيات.
من الكويت إلى القاهرة
حقق الأحسائي شهرة كبيرة شجعته على تسجيل أغنياته في القاهرة فانتقل مع زميله على القحطاني لتسجيل ألبوماته هناك كما أعاد تسجيل العديد من أغنياته القديمة.
ورغم هذه التجربة إلا أن الألبومات والتسجيلات التي سجلها في القاهرة لم تصدر بشكل رسمي في الأسواق إلا بعد وفاته بسنوات.
وكان انتقال الأحسائي إلى القاهرة بهدف تغيير نمط الفن الذي يغني إلى غناء معاصر بدلًا من الغناء الشعبي.
حقق كذلك شعبية كبيرة في البصرة فقد غنى في الكثير من المناسبات هناك، وقد تأثر كثيرًا بالفن في العراق وغنى الكثير من المواويل والأغنيات العراقية.
أسلوبه الفني
تميز الفنان عيسى الأحسائي بعزفه المميز وخاصة على آلة العود العراقي الذي لازمه طوال حياته تقريبًا رغم شرائه وعزفه على أعواد أخرى مثل العود المصري، وقد كان من النجوم الموهوبين في العزف على العود الذي أثر على نجوم جاءوا من بعده.
أيضًا امتلك الأحسائي موهبة فنية عالية وأذن موسيقية مميزة، فرغم أنه لم يكن يجيد القراءة والكتابة، إلا أنه كان يفهم فن التلحين والقوافي بشكل جيد، لدرجة أنه عندما يتم تلقينه قصيدة لكي يغنيها كان قادرًا على توقع الأبيات القادمة من القافية.
أتقن الأحسائي العديد من الألوان الغنائية الشعبية في المملكة فقد كان يمتلك القدرة على تقليد اللهجات فضلًا عن مهارات العزف، وقد تميزت مسيرته الفنية بتنوع الألحان فقد كان يقدم الأغنية بأكثر من لحن.
كان الأحسائي سببًا في تغيير شكل أغاني الحب وتحويله من قصص الحب العذرية إلى قصص شعرية تتميز بالملاحقات والمغامرات والحوار مع المرأة.
لماذا منع عيسى الأحسائي من الغناء؟
واجه عيسى الأحسائي حربًا صعبة خلال مشواره الفني، فقد واجه غيرة من زملائه النجوم بسبب نجاحه وإقبال الجمهور على شراء تسجيلاته وأغانيه.
كانت أي أغنية للأحسائي تحقق مبيعات جيدة حتى لو لم تكن له وأدى هذا إلى اشتعال الغيرة بينه وبين نجوم آخرين جعلتهم يتآمرون عليه ونشروا عنه الإشاعات بأنه يغني "كلامًا خليعًا" ولهذا منعت ألبوماته من النشر والتوزيع في الأسواق.
كان المنع اجتماعيًا أكثر منه قانونيًا، فرغم أنه واجه دعاوى قضائية، إلا أن المنع الاجتماعي كان أقوى، حيث كان أولياء الأمور يمنعون أبناءهم من شراء أي تسجيلات للأحسائي فكانوا يستمعون إليها سرًا.
غناؤه لسيارة شيفروليه
انتشرت الكثير من القصص عن عيسى الأحسائي ولعل أشهرها قصته مع سيارة شيفروليه التي اشتراها من أجل نقل البطائع بين الشرقية والكويت، وقد نظم لها بيتًا للشعر لا يزال يتداول على ألسنة الكثيرين حتى الآن، وكان سببًا في زيادة مبيعات السيارة في السبعينيات.
محلى الشفر محلاه ومن ورده مشكور.. مشكور من فكر وجاب امتيازاته
كيف توفي عيسى الأحسائي؟
في عام 1983 عاد عيسى الأحسائي إلى بيته في الدمام قادمًا من الأحساء وشعر بإعياء شديد ونقل إلى المستشفى إلى أن الأطباء أكدوا وفاته بسبب هبوط حاد في الدورة الدموية.
كم كان عمر عيسى الأحسائي عندما توفي؟
توفي الأحسائي في 21 فبراير عام 1983 ولم يكمل عامه الـ38 ونقل جثمانه إلى الأحساء ودفن في مسقط رأسه وقد حضر المئات جنازته من السعودية ومن خارج السعودية بسبب شعبيته الكبيرة.
رغم وفاته منذ سنوات إلا أنه حتى الآن لا يزال الكثيرون يزورون قبر عيسى الأحسائي في مسقط رأسه في الأحساء بفضل شهرته الواسعة.