عنان الجلالي.. من غاسل صحون إلى مؤسس سلسلة فنادق عالمية

خرج من مصر وهو لا يملك شيئًا، واستطاع أن يصنع لنفسه اسمًا في عالم المال والأعمال، إنه رجل الأعمال المصري عنان الجلالي صاحب سلسلة فنادق "هيلنان" العالمية الذي بدأ حياته من الصفر حتى أصبح من أهم المليارديرات العرب في الدنمارك، تعرف أكثر على مسيرته المهنية وقصة نجاحه في هذا المقال.

من هو عنان الجلالي؟

هو رجل أعمال مصري ولد في منطقة هليوبوليس في محافظة القاهرة، وهو مؤسس مجموعة فنادق "هيلنان" العالمية، ويعد من أشهر رجال الأعمال المصريين الذين حققوا ثروتهم في الخارج.

بدأ الجلالي رحلته إلى عالم المال والأعمال والثروة من الصفر، فقد غادر مصر بعدما فشل دراسيًا أكثر من مرة، واتجه إلى أوروبا ليبدأ رحلته الشاقة التي انتهت بامتلاكه واحد من أهم سلاسل الفنادق العالمية وهي سلسلة فنادق "هيلنان".

تميز الجلالي برؤية استراتيجية وقدرة استثنائية على قيادة المشاريع الاقتصادية نحو النجاح، ومنذ بداياته المتواضعة، أثبت العناني أنه يتمتع بفهم عميق للأسواق والأعمال، مما جعله شخصية بارزة في العديد من القطاعات الاقتصادية.

وبفضل جهوده الدؤوبة والتزامه بالابتكار، ساهم جلال العناني في تحقيق نهضة اقتصادية ملموسة، وخاصة في مجال السياحة، وأصبح اسمه مرادفًا للجودة والنجاح في عالم الأعمال.

ديانة عنان الجلالي

رجل الأعمال عنان الجلالي مسلم الديانة، وقد قال في حوار صحفي أنه لم يدر ظهره لدينه أو وطنه في الغربة، بل ظل متمسكًا بدينه، في حين قابل الكثير من المصريين والعرب الذين غيروا أسماءهم من "محمد" إلى جون، واعتادوا أكل لحم الخنزير وشرب الخمر، ولكنه لم يفعل ذلك.

وقال: "لم أشرب الخمر يوماً، ولم أقبل بتناول لحم الخنزير مهما اشتد بي الجوع. كما أنني أسدد زكاتي دون تأخير، راجيًا من الله أن يبارك لي في عملي. لقد رفعت اسم بلدي في جميع المحافل، وأدعو المسلمين في الخارج إلى التمسك بأصول الإسلام الصحيح".

زواج عنان الجلالي

تزوج من سيدة مصرية، وأبناء عنان الجلالي بابنتن وهما نورهان ومارينا، وقد كانت زوجته المصرية هي من دعمته خلال رحلته ووقفت بجانبه، إلا أنها أصيبت بسرطان الدم عام 2012 ثم توفيت.

وقال العناني عن زوجته: "أحبها وأقدرها وهي أجمل امرأة في العالم، وكنت أحضر معها جميع جلسات العلاج وأتابع حالتها، كما أنني سافرت معها بطائرة خاصة بعد تكريم أوباما له حتى تكمل العلاج.

تزوج الجلالي للمرة الثانية من سيدة لبنانية اسمها مهدية فتاح في شهر يونيو عام 2023، وأقيم حفل الزفاف في أحد فنادق هلنان دريم في مدينة السادس من أكتوبر، واقتصر حفل الزفاف على أهل الأسرتين فقط.

كم عمر عنان الجلالي؟

ولد رجل الأعمال المصري عنان الجلالي في عام 1947، وتوفي في عام 2024 عن عمر 77 عامًا.

رحلة صعبة في الغربة

ولد عنان الجلالي في عائلة مصرية من الطبقة المتوسطة في منطقة هليوبلس في محافظة القاهرة، وكان والده يعمل ضابطاً في الجيش المصري.

لم يكن الجلالي طالبًا متفوقًا، فقد رسب في الثانوية العامة عدة مرات، وبسبب فشله الدراسي وجد نفسه أمام ضغط كبير من العائلة ولوم منهم، لذا قرر الهجرة إلى دولة أجنبية ليبدأ بها حياته.

اتجه الجلالي إلى النمسا، وكان يملك وقتها 10 جنيهات إسترليني فقط، ولما وصل إلى هناك بدأ في بيع الجرائد حتى يجد قوت يومه وسط ظروف مادية صعبة.

قرر الجلالي بعدها الهجرة من النمسا، بعدما اتصل والده بالسفير المصري في النمسا حتى يرعاه، فرفض الجلالي مساعدة والده، وكان يرغب في الاستقلال بنفسه تمامًا.

اشترى الجلالي بالمال الذي ادخره من بيع الجرائد تذكرة متجهة إلى الدنمارك، ووصل إلى هناك ليجد نفسه وحيدًا لا يملك أي مقومات للحياة، ولا يملك مالًا ولا سكناً ولا حتى وظيفة تعينه على مواصلة العيش.

بدأ الجلالي في البداية النوم في بيوت الشباب بما تبقى لديه من نقود، ولما انتهى كل ماله كان ينام في صناديق التليفونات لكي تقيه من البرد القارس، وبعد معاناة في مدينة كوبنهاغن، وعدم قدرته على البحث عن فرصة عمل فيها قرر مغادرة المدينة، واتجه إلى مدينة أودينسا حتى يجد أي وظيفة هناك.

وخلال هذه الفترة كان الجلالي يأكل من صناديق القمامة، وفي المدينة الجديدة وجد وظيفة غسل الصحون في أحد الفنادق الكبيرة، وكان يعمل لمدة 8 ساعات يوميًا من أجل وجبة طعام فقط لا غير.

واجه الجلالي عنصرية مقيتة في الدنمارك، وهي التي دفعته إلى النجاح، فقد كان بعض الدنماركيين ينادونه بالكلب أو الخنزير، ويقول الجلالي عن هذا الأمر: "أعتقد أنني أتحمل مسؤولية كبيرة في هذه المعاملة، فقد كنت شخصًا غير متعلم وغير رياضي، مثل أي فرد من الطبقة الدنيا هناك. كان كل طموحي في ذلك الوقت هو الحصول على مأوى وطعام، مثل أي حيوان".

كانت هذه التجربة السيئة سببًا في تشجيعه لتغيير حياته إلى الأفضل والحصول على احترام الآخرين، لذا قرر العمل بقدرة 10 أشخاص معًا.

قصة إنشاء فنادق هلنان

خلال هذه الفترة اكتشف الجلالي أهم العلم والدراسة، لذا قرر دراسة إدارة الفنادق، وخلال هذا الوقت عمل كمتدرب في وظيفة في أحد الفنادق بشكل مجاني، وبعد فترة من التدريب حصل على الوظيفة.

تمكن الجلالي بفضل ذكائه من أن يترقى في الوظيفة التي عمل فيها في واحد من أكبر الفنادق في الدنمارك، وكان وقتها في منتصف العشرينات، وترقى حتى وصل إلى منصب رئيس أكبر سلسلة فنادق دنماركية وهو في الثلاثين من عمره فقط، وهو فندق Hvide Hus عام 1971، وخلال هذه  الفترة كان قد أتقن اللغتين الإنجليزية والدنماركية.

واصل الجلالي جهده حتى أسس شركته الخاصة بعد الادخار لسنوات، وأسس في النهاية فندق "هلنان" الذي أصبح واحد من أكبر وأهم الفنادق العالمية، وقد اختار اسم هلنان من "هل" نسبة إلى هليوبولوس، وهي المنطقة التي ولد وعاش فيها، و"نان" نسبة إلى اسمه "عنان".

تأسست اللبنة الأولى للفندق عام 1982، حيث حصل على قرض من أحد البنوك بحوالي 20 مليون كرونة دنماركي لبدء مشروعه الناجح، وتمكن في غضون فترة قصيرة من إنجاح المشروع والتوسع فيه، حتى أصبحت "هلنان" علامة تجارية ناجحة وشهيرة في قطاع الفندقة.

تنتشر فروع فنادق "هلنان العالمية" في أوروبا ومصر والمغرب العربي، وتشغل أكثر من 43 فندقًا حول العالم.

حصل الجلالي بعد ذلك على 5 دكتوراه فخرية من عدة دول وجامعات عالمية في مجال إنشاء الفنادق، كما أنه أصبح رئيس مجلس المستشارين للاتحاد الدولي للجامعات في العالم، رغم أنه لم يحصل على الثانوية العامة.

حصل الجلالي كذلك على وسام العلم الدنماركي، كما أنه أصبح السفير التاريخي للعلاقات الدنماركية بالشرق الأوسط، وتم تكريمه من قبل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في البيت الأبيض.

وفي عام 2024 تلقت مجموعة فنادق "هلنان العالمية" عروضًا لإدارة مجموعة من الفنادق في العاصمة الإدارية الجديدة، فيما تدير الشركة حاليًا نحو 10 فنادق موزعة بين مصر والدنمارك والمغرب.

رفض تنمية رأس الحكمة

تحدث عنان الجلالي في أحد التصريحات الصحفية أن الحكومة المصرية، وممثلة في محافظة مرسى مطروح، قد سبق وعرضت عليه تنمية مدينة رأس الحكمة في الساحل الشمالي في مطلع الألفينات، ولكن شركته لم تستطع قبول العرض؛ لأنه كان على الشركة أن تنفذ البنية الأساسية للمساحة الكلية للمشروع.

ووفقًا لجلال العناني، لم تتمكن شركة هلنان من تحمل التحديات تحت الأرض، على الرغم من قدرتها على البناء فوقها. لذا، اعتذرت الشركة عن استغلال المساحات المتاحة، رغم أن الحكومة منحتها حرية استخدام الأرض في المشاريع التي تختارها.

وفاة عنان الجلالي

توفي رجل الأعمال المصري عنان الجلالي في 20 يونيو عام 2024 بعد رحلة كفاح ونجاح، وقد أعلن عن وفاته الاتحاد الأفريقي الآسيوي للسياحة AFASU.

ونشر الاتحاد بيانًا قال فيه: "بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره  تنعى أسرة الاتحاد الأفريقي الآسيوي AFASU وفاة  عضو الاتحاد المؤسس والصديق العزيز السيد عنان الجلالي رئيس مجلس إدارة شركة هلنان العالمية".

وأضاف البيان: "بهذه المناسبة الأليمة، نسأل المولى -عز وجل- أن يتغمد روحه بواسع رحمته، ونتقدم بأحر التعازي وأصدق المواساة إلى أسرته، عظم الله أجركم، وأحسن الله عزاءكم، وتغمد فقيدنا وفقيدكم بواسع رحمتهـ وأدخله فسيح جناته، وألهمكم وذويه ومحبيه وكافة العائلة الصبر والسلوان".