مفتي البسطاء وصاحب مدرسة فقهية متميزة وواحد من أشهر علماء المسلمين، إنه العالم الإسلامي الجليل عطية صقر أحد كبار علماء الأزهر الشريف الذي شغل منصب رئيس لجنة الإفتاء في الأزهر صاحب النظرية الوسطية في الدين والبعيد عن التشدد، في السطور التالية عرف على مسيرته وحياته.
حياة عطية صقر ونشأته
عطية محمد عطية صقر هو عالم إسلامي أزهري رحال ولد في 22 نوفمبر عام 1914 الموافق 4 محرم عام 1333 هـ ولد في قرية بهنباي بمركز الزقازيق في محافظة الشرقية في مصر.
حفظ الشيخ عطية القرآن الكريم وعمره تسع سنوات، وفي العاشرة من عمره جوّد أحكام القرآن الكريم والتحق بالمدرسة الأولية في القرية، وبعدها التحق بمعهد الزقازيق الديني وذلك عام 1928.
تخرج الشيخ عطية في كلية أصول الدين، وحصل على الشهادة العالية عام 1941، وبعدها التحق بتخصص الوعظ وحصل منه على الشهادة العالية مع إجازة الدعوة والإرشاد وذلك عام 1943، وكان طالبًا متفوقًا، إذ كان ترتيبه الأول فيهما.
للشيخ عطية 9 أبناء توفي منهم 3 والباقي على قيد الحياة، كما توفيت زوجته وهو على قد الحياة
وفاته
توفي الشيخ عطية في 9 ديسمبر عام 2006 عن عمر 92 عامًا في مركز الطب العالمي بالقاهرة، ودُفن في قريته في بنهنباي بالزقازيق.
عانى الشيخ عطية رحمه الله من مضاعفات مرضية في آخر حياته، حيث أجرى عملية جراحية ظل يتعالج لفترة بسببها حتى وفاته المنية.
بعد وفاته تم توزيع كتبه الدينية والعلمية على طلاب العلم والأهالي، ومنزله حاليًا يتردد عليه أبنائه كل فترة، وخاصة ابنه الأكبر الذي ورث منه أرضه الزراعية ويوزع ريعه على المحتاجين.
مسيرته المهنية
عُين الشيخ عطية صقر إمامًا وخطيبًا ومدرسًا بوزارة الأوقاف فور تخرجه من الجامعة، وعمل في مسجد عبد الكريم الأحمدي في باب الشعرية بالقاهرة، وذلك في 16 أغسطس عام 1943.
نُقل الشيخ عطية بعدها إلى مسجد الأربعين البحري في الجيزة، وأصبح اسمه الآن عمار بن ياسر، وذلك في فبراير عام 1944، وفي العام التالي عُين صقر واعظًا بالأزهر في قرية طهطا جرجاوية.
تنقل صقر في عدة قرى ومدن مصرية أثناء عمله واعظًا، إذ عمل في السويس، ثم رأس غارب بالبحر الأحمر، وبعدها في القاهرة، ثم رُقي صقر وأصبح مفتشًا، ثم مراقبًا عامًا بالوعظ، وقد أحيل رحمه الله إلى التقاعد في نوفمبر عام 1979.
بالإضافة إلى عمله واعظًا عمل رحمه الله مترجمًا للغة الفرنسية عام 1955 وذلك في مراقبة البحوث والثقافة في الأزهر، وفي عام 1969 عُين وكيلًا لإدارة البعوث، ومدرسًا بالقسم العالي للدراسات الإسلامية والعربية بالأزهر الشريف.
في عام 1970 عُين صقر مديرًا لمكتب شيخ الأزهر، وأمينًا مساعدًا لمجمع البحوث الإسلامية، وظل في هذه المهنة حتى تقاعده، وبعد التقاعد عمل مستشارًا لوزير الأوقاف.
عمل الشيخ عطية أيضًا عضوًا في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وعضوًا بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، كما كان رئيسًا للجنة الفتوى، وقد انتخب عضوًا بمجلس الشعب وذلك عام 1984.
في عام 1989 عُين الشيخ عطية عضوًا بمجلس الشورى، وفي عام 1991 عُين مديرًا للمركز الدولي للسنة والسيرة بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالأوقاف.
نشاطه خارج مصر
بالإضافة إلى عمله الدعوي والديني داخل مصر، كان للشيخ عطية صقر رحمه الله نشاطات خارجية كثيرة، ففي عام 1972 تعاقد مع وزارة الأوقاف بالكويت لمدة سبع سنوات، وقد قام برحلات لدول إسلامية مختلفة منها إيران وإندونيسيا وليبيا عام 1971، والبحرين والجزائر أعوام 1976، و1977.
مثّل الشيخ عطية صقر مصر والأزهر الشريف في عدة دول عالمية، منها السنغال، وبنين، والولايات المتحدة، ونيجيريا، وبنغلاديش، والعراق، وباكستان، وباريس، ولندن، وبروناي، والاتحاد السوفيتي، وسنغافورة، وماليزيا وغيرها من الدول.
برامجه على التلفزيون
قدم الشيخ عطية صقر واحد من أهم برامجه التلفزيونية وهو برنامج "فتاوى وأحكام" الذي كان لا يزال يُذاع على التلفزيون المصري حتى بعد وفاته، كما قدم العديد من البرامج التي قدمها في الإذاعة المصرية.
بجانب عقد الشيخ عطية رحمه الله العديد من الندوات في دور التعليم والمؤسسات المختلفة، وقد اتسمت فتاواه بالراحة والجرأة والبعد عن التبسيط أو التشدد بلا إفراط ولا تفريط.
ولا يزال الكثير من رواد الإنترنت الآن يقبلون على برامجه الدينية وخاصة تلك المتعلقة بالفتاوى والأحكام وفقه العبادات وسلسلة فقه الأسرة المسلمة، وغيرها.
أشهر فتاواه
عُرف عن الشيخ عطية رحمه الله بمواقفه الجريئة وصدوعه بالحق، وقد كان لبعض فتاواه أثرًا على مسيرته الديني والعلمية، وقد اتهم بالتشدد بسبب 3 فتاوى، الأولى هو دفاع عن الختان وقال إنه ليس عادة موروثة وإنما شريعة ربانية اتفق على مشروعيتها العلماء، وقد قدم الأدلة الدينية من كتب الأحاديث لإثبات فتواه.
أما الفتوى الثانية هي فتواه بربوية الفوائد البنكية وحرمانية العمل في البنوك، وكانت هذه الفتوى عام 1997، إذ قال إن النقود المودعة للبنوك للحفظ أخذت صفة القرض، وأعطى البنك عليها أرباحًا.
أما بخصوص حرمانية العمل في البنوك، فقد قال إن البنوك تمارس نشاطًا بعضه مخالفًا للدين، لذا فأموالها خليط من الحلال والحرام والعمل فيها شبهة، وإذا تعذر فصل المال الحلال عن المال الحرام كان الأمر فيه شبهة، والشبهة وإن لم تكن من الحرام؛ فهي حمى للحرام.
وكان فتواه الأخيرة التي كانت سببًا في إبعاده عن التلفزيون هو فتواه بتحريم مصافحة المرأة الأجنبية، وذلك عام 2002 ووصفه لها بأنها مقدمة للزنا، وقد أثارت هذه الفتوى جدلًا كبيرًا في مصر، وقد أيد علماء الفتوى هذه الفتوى وأكدوا صحتها وموافقتها لتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية.
مؤلفاته
للشيخ عطية صقر العديد من المؤلفات العلمية والدينية التي زادت عن 31 مؤلفًا، ومنها "الدعوة الإسلامية دعوة علمية" وحصل هذا الكتاب على جائزة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
من مؤلفاته أيضا كتب "الحجاب وعمل المرأة"، و"الدين العالمي ومنهج الدعوة إليه"، و"فن إلقاء الموعظة"، و"العمل والعمال في نظر الإسلام"، كما كان له مجلد من 6 أجزاء حول الأسرة في الإسلام.