يعد الشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي من رواد الشعر الحر في العراق والوطن العربي وقد تميز شعره بالحداثة والتجربة الذاتية العميقة وتناول قضايا إنسانية معاصرة في أشعاره، كما جمع بين الكلاسيكية والحداثة في قصائده الشعرية، في السطور التالية تعرف على مسيرته الأدبية وحياته.
عبد الوهاب البياتي حياته وشعره
هو شاعر وأديب عراقي ولد في 19 ديسمبر عام 1926 في بغداد وهو من رواد الشعر الحر في الوطن العربي وبدأ كتابة الشعر في سن مبكرة.
نشر البياتي طوال حياته العديد من الدواوين الشعرية، وقد تميزت أشعاره بالتجربة الذاتية وتناول موضوعات معاصرة مثل العدالة والظلم والحرية.
ترجمت العديد من الأشعار والقصائد التي كتبها البياتي إلى لغات أجنبية، كما ترجم أعمال أدبية عالمية إلى العربية منها مسرحية الملك أوديب. كان لأشعار البياتي تأثير على العديد من الشعراء من بعده، لذا يعد من أهم شعراء العراق.
تعرض البياتي للاضطهاد من النظام العراقي ونفي اكثر من مرة وعاش في المنفى معظم حياته، وقد توفي في مدينة دمشق في التسعينات.
مرت أشعار وقصائد البياتي بعدة مراحل، فقصائده الأولى كانت تتميز بالتفاؤل والرومانسية، وفي مرحلة أخرى من حياته انتقل إلى الشعر الواقعي الذي عبر فيها عن قضايا الإنسان المعاصر، والمرحلة الثالثة تميز بشعره الوجودي.
تميز أسلوب شعر البياتي بالجمع بين الكلاسيكية والحداثة، وقد استخدم الفصحى في شعره ولكنه مزج بين الشعر الحديث والشعر القديم من خلال التفعيلة والأوزان الشعرية.
نشأته وتعليمه
ولد الشاعر عبد الوهاب البياتي في محلة باب الشيخ في العاصمة العراقية بغداد، وقد نشأ في أسرة كبيرة فله 6 إخوة جميعهم عملوا في مهن التجارة. نشأ البياتي في حي فقير بالقرب من مسجد وضريح الشيخ عبد القادر الجيلاني في بغداد، وكان لنشأته في هذا المكان أثر على أشعاره وقصائده.
درس البياتي اللغة العربية في كلية المعلمين في جامعة بغداد وتخرج عام 1950 وبعد التخرج عمل مدرسًا لفترة ثم عمل في الصحافة، وقد اعتقل بسبب مواقفه الوطنية لأكثر من مرة.
تنقل البياتي بين أكثر من دولة بسبب الاضطهاد الذي عاناه في وطن، فقد عاش ما بين القاهرة والكويت والبحرين ودمشق وإسبانيا ولبنان.
زوجة عبد الوهاب البياتي وأولاده
تزوج عبد الوهاب البياتي من سيدة اسمها هند نوري العبدان ولديه منها 4 أبناء، وهم علي وسعد ونادية وأسماء. توفيت ابنته نادية في كاليفورنيا نهاية عام 1990 بينما توفي ابنه سعد في حادث غامض عام 2004 في مدينة بغداد.
متى توفي الشاعر عبدالوهاب البياتي؟
توفي البياتي في 3 أغسطس عام 1999 عن عمر 73 عامًا تاركًا خلفه إرثًا أدبيًا مميزًا، بعدما قضى أغلب حياته في المنفى مطرودًا من بلده. وقد توفي الشاعر في دمشق ودفن في مقبرة بن عربي الصوفي وفقًا لوصيته حيث كان يعشق شعره.
مسيرته المهنية
بعد التخرج عمل البياتي في التدريس من عام 1950 إلى عام 1953 وفي العام التالي مارس مهنة الصحافة في مجلة الثقافة الجديدة، وبسبب مواقفه من الظلم والاضطهاد فُصل من وظيفته واعتقل لفترة.
بعد خروجه من السجن غادر البياتي العراق متجهًا إلى الكويت التي عمل فيها لفترة ثم البحرين وبعدها القاهرة، وفي عام 1959 عمل مدرسًا في جامعة موسكو من عام 1959 حتى عام 1964، كما عمل باحثًا علميًا في معهد شعوب آسيا.
عمل البياتي أيضًا في السلك الدبلوماسي، وخلال إقامته في إسبانيا عمل كملحق ثقافي في السفارة بإسبانيا، وخلال مسيرته المهنية كمدرس وكاتب صحفي نشر العديد من القصائد والدواوين الشعرية التي سطرت اسمه بين أبرز وأهم الشعراء في الوطن العربي.
حياته في المنفى
عاش الشاعر العراقي الراحل عبد الوهاب البياتي في المنفى معظم حياته بسب بمعارضته للأنظمة العراقية. وقد غادر البياتي العراق لأول مرة عام 1954 بعد خروجه من السجن.
عاش البياتي في عدة دول عربية وأوروبية وتنقل بين سوريا ولبنان ومصر والبحرين والكويت وإسبانيا والاتحاد السوفيتي وكان المنفى تجربة قاسية حولها إلى مصدر إلهام لشعره وكتب العديد من القصائد عن معاناته في المنفى والاغتراب.
عاش البياتي في الفترة من عام 1980 إلى 1989 في إسبانيا وتعد هذه الفترة من أهم فترات حياته فقد تعرف على الكثير من المفكرين والأدباء في إسبانيا وكتب أعمالًا شعرية ترجمت إلى الإسبانية.
كان البياتي مقربًا في هذه الفترة من بدرو مارتينيث مونتابيث وكارمن رويث برابو وفدريكو أربوس، والناقد المصري خالد سالم والشاعر رفائيل ألبرتي.
قصائد عبد الوهاب البياتي
نشر البياتي العديد من الدواوين الشعرية التي ترجمت إلى لغات أجنبية منها الإنجليزية والصينية والإسبانية. أول ديوان كتبه كان "ملائكة وشياطين" عام 1950 وتبعها دواوين أخرى منها "أباريق مهشمة"، و"المجد للأطفال والزيتون"، و"رسالة إلى ناظم حكمت"، و"أشعار في المنفى".
من دواوينه أيضًا "عشرون قصيدة من برلين"، و"كلمات لا تموت"، و"طريق الحرية" وهو ديوان كتبه بالروسية، و"سفر الفقر والثورة"، و"النار والكلمات"، و"الذي يأتي ولا يأتي"، و"عيون الكلاب الميتة"، و"الموت في الحياة"، و"الكتابة على الطين"، و"يوميات سياسي محترف"، و"بستان عائشة".
صدر له ديوان مجمع نشر في بيروت عام 1972، وآخر دواوينه الشعرية كانت عام 1998 قبل وفاته بعام بعنوان "كتاب البحر". كتب كذلك عدة مسرحيات منها "محاكمة في نيسابور"، و"وأراجون".
أجمل ما كتب عبدالوهاب البياتي
عبر البياتي عن تجاربه الذاتية في أشعاره فكانت قصائده مليئة بالمشاعر الصادقة، وقد عبر عن صدمات حياته في أعشاره فنجده يعبر عن تجربة السجن ويقول:
سأكون! لا جدوى، سأبقى دائما من لا مكان
لا وجه لا تاريخ لي، من لا مكان
الضوء يصدمني وضوضاء المدينة من بعيد
نفس الحياة، يعيد رصف طريقها سأم جديد
أقوى من الموت العنيد
وأسير لا ألوي على شيء، وآلاف السنين
لا شيء ينتظر المسافر غير حاضره الحزين.
عبر البياتي عن حبه للفقراء ونبذه للفرقة والتميز العرقي والطائفي فنجده يقول:
حبي أكبر مني،
من هذا العالم
فالعشاق الفقراء
نصبوني ملكا للرؤيا
وإماما للغربة والمنفى
من قصائده المميزة أيضًا قصيدة مذكرات رجل مجهول التي يقول فيها:
8 نيسان
أنا عامل، أُدعى سعيد
من الجنوب
أبواي ماتا في طريقهما إلى قبر الحسين
وكان عمري آنذاك.. سنتين،
ما أقسى الحياة
وأبشع الليل الطويل
والموت في الريف العراقي الحزين،
وكان جدي لا يزال
كالكوكب الخاوي، على قيد الحياة
13 مارس
أعرف معنى أن تكون؟
متسولًا، عريانًا، في أرجاء عالمنا الكبير!
وذقت طعم اليتم مثلي والضياع؟
أعرف معنى أن تكون؟
لصًا يطارده الظلام
والخوف عبر مقابر الريف الحزين