يعد الفنان عبد العزيز محمد داؤود واحد من أهم وأبرز المغنيين في السودان، وقد قدم طوال مسيرته الفنية العديد من الأغنيات الناجحة، واشتهر بشكل خاص بخفة الدم وحبه للدعابة، في السطور التالية تعرف على مسيرته الفنية وحياته.
من هو عبد العزيز محمد داؤود؟
هو مغني وعازف عود سوداني بارز ولد في 1 يناير عام 1930، وقيل إنه ولد في عام 1927، وقيل إنه ولد في عام 1922 في مدينة بربر في السودان، وتلقى تعليمه الأولي في إحدى الخلاوي القريب من منزل أسرته في مدينة بربر، وبعدها التحق بالمدرسة النظامية.
أحمد عبد العزيز الفن منذ صغره، وقد بدأ العمل في سن مبكرة، إذ توفي والده فاضطر عبد العزيز إلى العمل في التجارة لفترة، وبعدها عمل في مصلحة السكة الحديد في السودان، وعمل في عدة أقسام بها، ولكنه انتقل إلى الخرطوم في بداية الأربعينات وعمل هناك في مطبعة ماكروكوديل.
أحب عبد العزيز الغناء منذ صغره، وقد حباه الله بصوت جميل وكاريزما مميزة جعلته مشهورًا بين أقرانه في المدرسة، وقد كان يغني ويلقي الأناشيد منذ أيام الدراسة في الخلوة، كما كان يجيد تلاوة القرآن الكريم.
أعجب معلموه بصوته وأدائه، ولكنهم لم يحبوا غناءه للأغاني لذا فصل من المدرسة، ووقتها بدأ مسيرته الفنية في الغناء وغنى في العديد من الحفلات والمناسبات في منطقة، ثم تعاون مع كبار النجوم والملحنين والشعراء في السودان.
حياته الشخصية
تزوج داود من سيدة اسمها بربر وأنجب منها عددًا من الأبناء والبنات، وقد عملت ابنته عبلة في الإذاعة السودانية، وانتقلت بعدها للمصنفات الفنية، ولكنه توفيت وهي شابة. وقد قال عبد العزيز إنه تمنى أن تكون ابنته مخرجة في الإذاعة.
للفنان عبد العزيز ابنة أخرى شقت طريقها في مجال الغناء واشتهرت بصوتها الجميل الذي ورثته عن والدها، كما شاركت في احتفالات عدة في الإذاعة السودانية.
وفاة عبد العزيز محمد داؤود
توفي الفنان عبد العزيز في 4 أغسطس عام 1984 في السودان، وتم تسمية شارع باسمه في مدينة الخرطوم بحري. وقد اشتهر الفنان الراحل بحبه للنكتة والطرفة، وكانت النكتة لا تفارق شفتيه، وقد روى صديقه الأديب الراحل علي الملك موقفًا له أكد فيه أن النكتة لا تفارقه حتى في وفاته.
وقال إنه قبل وفاته ركب طائرة للعودة إلى الخرطوم، ولكن عندما ركب الطائرة وجد بها عدد من الخراف، فعاد ولم يركب الطائرة وقد سقطت الطائرة في جبل الأولياء قبل أن تصل إلى الخرطوم، وقد توفي الفنان الراحل بعد هذه الحادثة بوقت قصير بعد أن مرض.
مسيرته الفنية
لم تكن البداية الفنية للفنان عبد العزيز محمد داؤود سهلة، فقد فُصل من مدرسته بسبب غنائه للأغاني، رغم إعجاب معلميه بصوته، وبعد فصله من المدرسة اكتشفه شيخ الخلوة وقرر أن يجعله يغني في الحفلات والمناسبات، وكانت أول مناسبة يغني فيها مناسبة في حفل ختان أحد أصدقاء شيخ الخلوة.
بدأ داؤود بمرور الوقت يحصل على شهرة كبيرة وزادت الحفلات التي قدمها، ليقرر بعدها دخول مجال الفن بشكل محترف، وقد تأثر عبد العزيز بكبار الفنانين والمطربين في السودان، وعلى رأسهم كرومة وسرور وزنقار وتأثر بأسلوبهم الغنائي كذلك.
أغنيات عبد العزيز محمد داؤود
بدأ الفنان عبد العزيز محمد داؤود الغناء في الإذاعة لأول مرة عام 1949، وكانت أغنيته الأولى "زرعوك في قلبي" للشاعر محمد علي عبد الله والموسيقار برعي محمد دفع الله. حققت هذه الأغنية شعبية كبيرة في الإذاعة، وقد قدم بعدها عبد العزيز ما يقرب من 186 أغنية سودانية.
قدم أيضًا عددًا من الأغنيات الوطنية، وقد أجرى الفنان الراحل حوالي 20 مقابلة في الإذاعة، كما قدم تسجيلات في ترتيل القرآن الكريم. تعاون عبد العزيز بشكل خاص مع الشاعر الطاهر محمد عثمان من مدينة عطبرة في السودان.
اعتمد أسلوبه الغنائي على اختياره النص البليغ والألحان المطربة التي تعتمد على طبقات الصوت القوية، وقد عرف عن الراحل حب الداعبة وهو ما ظهر في حفلاته وأغنياته التي كان يغنيها، كما كان يلقي النكات والطرائف على الجمهور خلال الحفلات.
ومن أهم أغنيات الفنان الراحل "جاهل وديع مغرور"، و"يلا يا سايق"، و"بلادي"، و"غصن الرياض"، و"هل أنت معيط، و"عروس الروض"، و"وبعيد الدار"، و"نعيم الدنيا"، و"مساء الخير يا الأمير"، و"يا عيني وين تلاقي المنام"، و"بدر الحسن فاح"، و"بعيد الدار"، وغيرها من الأغنيات.
كلمات أغاني عبد العزيز محمد داؤود
حرص الفنان الراحل عبد العزيز على اختيار نصوص أغانيه بعناية فائق، فكان يحرص على اختيار الكلمات الجميلة بجانب اللحن البديع، وقد عرف الراحل بحبه إلى النصوص الجميلة. تنوعت كلمات أغاني عبد العزيز محمد داؤود بين اللهجة السودانية والأشعار باللغة العربية الفصحى.
وقد غنى قصيدة "هل أنت معي" للشاعر المصري محمد علي أحمد، وقصيدة "عروس الروض" للشاعر اللبناني إلياس فرحات. تعاون كذلك مع كبار الشعراء في السودان منهم الشاعر عبد المنعم عبد الحي في قصيدة "لحن العزاري"، والشاعر حسين بازرعة في قصدية "صبابة".
تعاون أيضًا مع الشاعر حسين عثمان منصور في قصيدة "أجراس المعبد"، والشاعر إسماعيل حسن وإسحاق الحلنقي. تعاون كذلك مع ملحنين كثر مثل بشير عباس وبرعي محمد دفع الله وغيرهم.
اعتمدت معظم أغاني عبد العزيز محمد داؤود على السلم الموسيقي التي تقوم عليه الأغنية السودانية، وقد اعتمد على الطنبور والعود والأكورديون بشكل أساسي في موسيقى أغنياته، كما اعتمدت أغنياته على صوته الجمهوري.
أدى عبد العزيز محمد داؤود العديد من الحفلات الموسيقية داخل السودان وخارجها منها الولايات المتحدة وألمانيا والكويت التي زارها عام 1971، وحضر حفل الكويت الشيخ عبد الرحمن العتيقي وزير المالية والنفط الكويتي.
طرائف عبد العزيز محمد داؤود
كما ذكرنا سابقًا حب الفنان الراحل إلى الدعابة، ومن طرائفه التي اشتهرت عنه أنه في يوم من الأيام، كان الفنان الراحل عبد العزيز محمد داوود جالسًا في اتحاد الفنانين بأم درمان، ولاحظ أن هناك زحمة في المكان. فقام بمناداة أحد الأشخاص للاستفسار عن سبب وجودهم بكثافة في الاتحاد فأجاب الشاب: "أنا فنان وجئنا لإجراء اختبارات لحصول على إجازة في الصوت".
وأثناء حديثه مع الفنان الشاب، لاحظ عبد العزيز محمد داوود أحدهم صلعته تغطي نصف رأسه. فناداه وسأله: "من أنت يا أخي؟". فأجاب الآخر: "أنا فنان واعد". فضحك عبد العزيز محمد داوود ضحكة مجلجلة وقال له: "يا أخي، نحن دخلنا هذا النادي بشعرنا، ومررنا بجانب هذه الصلعة. أنت داخل بصلعتك هذه، فستخرج بدون رأس تقريبًا".