أحد رموز الفن المصري وصاحب الحضور القوي على المسرح، إنه الفنان عادل خيري صاحب الرحلة الفنية القصيرة، والتي رغم قصرها كانت مثمرة بأجمل الأعمال الفنية السينمائية والمسرحية، في السطور التالية تعرف على مسيرته الفنية وحياته.
حياة عادل خيري ونشأته
عادل بديع عمر خيري هو ممثل كوميدي مصري ولد في 25 ديسمبر عام 1931، وهو ابن الممثل المسرحي الشهير بديع خيري الذي اشتهر بتقديم الأعمال المسرحية مع نجيب الريحاني في فترة العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي.
ولد عادل في حي روض الفرج في محافظة القاهرة، وأحب الفن منذ صغره، وخاصة أن والده هو المؤلف المسرحي والسينمائي والشاعر الرائع بديع خيري صاحب الإسهام الكبير في الفن المصري.
كان عادل منذ نعومة أظافره محبًا للتعليم، وقد حصل على ليسانس الحقوق ودبلوم الشريعة الإسلامية، ودبلوم الاقتصاد السياسي.
احترف عادل التمثيل حينما كان طالبًا في الكلية، حيث اشترك بفرقة التمثيل في الجامعة حينما كان طالبًا في كلية الحقوق، وأولى المسرحيات التي شارك فيها كانت مع فرقة الريحاني وهي مسرحية "أحب حماتي" أمام ماري منيب وحسن فايق والتي كانت أهم المسرحيات في حياته.
قصة غرامه بإيناس حقي
عاش الفنان عادل خيري قصة حب تاريخية مع شركة عمر القصير السباحة العالمية وعابرة المانش المصرية إيناس حقي نهاية عام 1955 وقد أنجب منها وأنجب منها 3 بنات، وهن عبلة، وعزة وعطية.
وتحكي ابنته الفنانة عطية عادل مخرجة الرسوم المتحركة والكاريكتير عن قصة حبه لوالدتها التي استكملت بدعمه رحلة الكفاح ووصلت إلى العالمية.
وقالت الابنة إن بداية القصة في أثناء دراسة والدها في كلية الحقوق، وقالت إن والدتها تنتمي لأسرة أرستقراطية لها جذور تركية، ووالدها توفي وهي طفلة وهي الابنة الوحيدة وكانت تدرس في الليسيه وتحلم بدراسة الهندسة، ولكنها التحق بالحقوق مثل والدها.
وقالت أيضًا إن طلعت باشا حرب كان متزوجًا من عمتها، ونشأت علاقة الحب خلال الدراسة، حيث كانت إيناس متفوقة في السباحة وكرة السلة، وكانت من الفتيات القلائل اللاتي يقدن السيارة في هذا الوقت.
وكانا يتبادلان الجوابات، وقد طلبها للزواج بخطاب أرسله مع زميلة مشتركة، وهو الخطاب التي لا تزال ابنتهم عطية حتى الآن، كما اختارها عادل لتشاركه بطولة مسرحية حسن ومرقص كوهين في مسرح الجامعة، وكانت المرة الوحيدة التي مثلت فيها والدتها.
رفضت أسرة إيناس الزواج
وأشارت ابنتهم عطية إن أسرة إيناس حقي رفضت زواجها من عادل خيري لأنه من عائلة فنية، وكانت وقتها تسود النظرة المتدنية للفنان ويطلق عليه "المشخصاتي"، ولكنها اتخذت قرار الزواج بنفسها، وخاصة أن والدها ووالدتها كانا قد توفيا.
وأشارت عطية أن والدتها خلال هذه الفترة كانت تتدرب على السباحة مع الكابتن عبد الباقي حسنين وحصلت على بطولة العالم عام 1955 قبل زواجها من عادل مباشرة.
أسس الزوجان مكتب محاماة بعد تخرجهم وزواجهم، وكان وعادل يذهب إلى المحكمة ليترافع، ولكن بعد شهرته كان كلما دخل قاعة المحكمة انفجر الحاضرون بالضحك، لذا قرر أن يترك المحاماة، ويتفرغ للتمثيل.
وقد اتفق الزوجان على تسمية بناتهم بأسماء تبدأ بحرف العين، فكانت أسماء البنات، عطية وعزة وعبلة، وأشارت عطية إلى أنها سميت على اسم جدتها، وسبب لها الاسم بعض المشكلات لأن الكثيرون يعتقدون أنه اسم ذكر.
حياته الزوجية
لم تدم حياته الزوجية إلا 8 سنوات فقط، وقالت ابنته عطية إن أغلب سنوات زواجها كان مريضًا، وخاصة آخر 5 سنوات من عمره، وقالت إن والدها كان يعشق المسرح، وكانت والدتها تتبعه في كل مكان حتى يتناول العلاج.
وقالت عطية إنها تتذكر بعض الذكريات لوالدها، حيث كانت تحضر كواليس المسرح، كما كان يأتي ليأخذها من المدرسة، وكان يجلس على كرسي متحرك وكان يقول لها: "إنتي الكبيرة خلي بالم من أخواتك".
مرضه ووفاته في ريعان شبابه
كانت قصة وفاة الفنان عادل خيري مأساوية، فهذا الفنان الرائع كان مريضًا بالسكر، وهو المرض الذي ورثه عن والده بديع خيري، وبعدها أصيب بتليف الكبد.
بسبب اشتداد المرض عليه لم يكن عادل قادرًا على أن يكمل عروضه المسرحية دون أن يأخذ بعض العقاقير والأدوية المسكنة في فترة الراحة بين فصول المسرحيات التي قدمها، واستمر الحال على هذا النحو حتى توقف عن العمل نهائيًا عن المسرح في أواخر أيامه.
اشتدت حالته الصحية وزادت سوءًا، وأصبح مقيمًا في المستشفى بصفة مستمر، وكان الفنان محمد عوض هو من يقوم بأدواره في المسرح في فترة مرضه، وهو من القلائل الذين صادقهم داخل الوسط الفني.
وبعد فترة لم يطق البقاء في المستشفى، وقرر الذهاب إلى المسرح لرؤية الجمهور، وقد قدم آخر عروضه المسرحية، حيث أنهى عرضه وضجت القاعة بالتصفيق المطول له، فانهمرت دموعه بسبب حفاوة الجمهور له.
وبعد هذا المشهد بأيام توفي الفنان عادل في 12 مارس عام 1963 عن عمر 31 عامًا، وكأنه كان يريد أن يودع المسرح والجمهور قبل وفاته.
بعد وفاته عملت زوجته في الشؤون القانونية بالتلفزيون وبمصر للتأمين، ورفضت الزواج بعد وفاته لتربية بناتها، وكانت حياتها صعبة، إذ لم يكن لزوجها معاشًا لأنه يعمل بالتمثيل.
مشواره الفني
أعطى لفنان عادل خيري للفن 7 سنوات فقط من حياته، ورغم هذه الفترة القصيرة تمكن من تحقيق شهرة واسعة وأصبح واحد من أهم رواد المسرح في مصر.
وقع عادل في غرام التمثيل أثناء دراسته الثانوية، وفي هذه الفترة كون فرقة مسرحية من الهواة، وأخرج لها مسرحية "مزين موضة"، وبعد الالتحاق بكلية الحقوق اشترك في فرقة الريحاني المسرحية، وكان بطلًا لكل مسرحياتها.
قدم عادل العديد من الأعمال المسرحية منها "إلا خمسة"، و"لو كنت حليوة"، و"كان غيرك أشطر"، و"30 يوم في السجن"، وقد اشتهرت مسرحيته "إلا خمسة" مع ماري منيب، التي ألقت عليه إفيه "أنت اشتغلي إيه" ليرد عليها "سواق سواق".
شارك عادل كذلك في أعمال سينمائية، منها فيلم "البنات والصيف" مع المخرج عز الدين ذو الفقار، وفيلم "لقمة عيش" عام 1960 مع المخرج نيازي مصطفى، ثم توفي بعدها بثلاث سنوات.