طلبة عرب في ألمانيا.. بين كورونا وفقدان مصدر تمويل الدراسة

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: الجمعة، 17 أبريل 2020
طلبة عرب في ألمانيا.. بين كورونا وفقدان مصدر تمويل الدراسة

كراسات ومراجع ودفاتر وأقلام وملاحظات، هكذا يبدأ الطالب الجامعي يومه، على أمل أن يستطيع تحقيق علامات جيدة في نهاية الفصل الدراسي ، أو على الأقل هذا ما خطط له الطلاب في بداية عام 2020، ولكن أزمة كورونا جعلت من الأمور اليومية البديهية لكل طالب؛ أمراً أكثر تعقيدا، إن لم يكن مستحيلا.

الصعوبات طالت الطلاب العرب في ألمانيا لتشمل المصاريف اليومية وتكاليف السكن والتأمين الصحي، بعد أن فقدوا أعمالهم، إذ يدرس ما يقارب نحو 50 ألف طالب عربي في ألمانيا أغلبهم يمولون أنفسهم دون منح دراسية، ولهذا فإن العمل كان خيارهم من أجل تقليل العبء على ذويهم وتحقيق أكبر قدر من الأمان المعيشي.

التقشف للتخفيف من وطأة تبعات كورونا

"لدي 100 يورو فقط متبقية"، يروي الطالب التونسي أشرف المحجوب، 24 عاماً، لـ DW عربية تفاصيل حياته مع ضحكة مشوبة بالتوتر بعد أن فقد عمله ، مضيفاً أن لا أحد يستطيع تقديم المساعدة له.

المحجوب طالب ماجستير مقيم في مدينة هايدلبرغ، فقد عمله بسبب القيود على الشركات الألمانية نتيجة تفشي فيروس كورونا، مشيراً إلى أن طلب المساعدة من عائلته ليس ممكناً، إذ فقدت والدته أيضا عملها في تونس بسبب الفيروس.

التردد في طلب مساعدة الأهل لم يقتصر على المحجوب فقط، بل أجمع الطلبة، ممن أجرت DW عربية لقاءات معهم، أن المشاكل الاقتصادية التي تسبب بها الفيروس امتدت لتشمل عائلاتهم، إذ تذكر طالبة البكالوريس المغربية صفاء النيلي أن والدتها، وهي المعيل الرئيسي للعائلة بعد وفاة والدها، يصعب عليها تقديم يد العون لأنها تعاني أيضاً بدورها، وتشرح يأن الحل الوحيد هو بالبحث عن عمل جديد، مضيفة: "لم يبق أمامي سوى التقشف".

تكاليف السكن والتأمين الصحي
تمحور قلق الطلبة بشكل رئيسي حول تكاليف السكن والتأمين الصحي، إذ يكلف السكن الجامعي لطالبة البكالوريس التونسية أمينة (والتي فضلت عدم ذكر اسم عائلتها) حوالي 300 يورو شهريا، والتأمين الصحي نحو 100 يورو، ورغم أنها لا تنفق الكثير من المال، كما تصف نفسها، إلا أنها ترى أن "كل طالب بحاجة إلى ما لا يقل عن 500 يورو كي يوفر لنفسه أدنى الاحتياجات".

تعتمد أمينة، كما العديد من الطلبة على مدخرات قاموا بجمعها قبيل الأزمة لدفع المصاريف الشهرية للسكن والتأمين الصحي، كما حدث مع طالب الماجستير الفلسطيني عبد الله طهبوب، المقيم في برلين، إذ يذكر مازحاً أن لحيته طالت بسبب الحجر الصحي، مضيفا: "ادخرت بعض المال، وهو السبيل الأساسي لتمويل احتياجاتي اليومية الآن".

يتساءل الطلبة حول مصيرهم حينما تنتهي هذه المدخرات، إذ تقول أمينة إن "المصاريف الأساسية يتم سحبها من الحساب البنكي مباشرة، ولا يتم تعويضها"، مضيفة: " لا أدري ما الذي يمكن فعله حينما يفرغ الحساب من المال".

طالب الماجستير المصري أحمد عبد الله المقيم في اوسنابروك، هو الآخر يتحدث عن الأزمة مازحاً، فيما يروي أنه "فقد عمله كرجل أمن إلى جانب ثلاثة طلاب مصريين آخرين"، مشيرا إلى أن "الحساب البنكي أصبح سالبا، ولازال هناك الكثير من المصاريف لسدادها".

بيد أن ألمانيا نشرت قوانين تعفي المستأجرين من دفع أجور السكن للأشهر ما بين أبريل/ نيسان ويونيو/حزيران، مع السماح بسدادها بحلول نهاية يونيو/حزيران 2022، والذي لجأ إليه بعض الطلبة كحل مؤقت، إذ يروي الطالب الأردني بكر السالم المقيم في غيسن أن فقدانه لعمله دفعه إلى أن يراسل صاحب المنزل حتى يؤجل المدفوعات الشهرية، "أعيش في شقة مع أخي، وطلب المساعدة من أهلي ليس خيارا بسبب حظر التجول الجاري في الأردن، ولكن صاحب المنزل وافق على تأجيل المدفوعات".

جمعيات تتصدر محاولات حل الأزمة

تفاقمت مشاكل بعض الطلبة لتصل إلى صعوبة تجديد الإقامة، رغم عددهم القليل، بسبب الإشكاليات القانونية الطارئة الناجمة عن جائحة كورونا، كما يذكر اتحاد الأكاديميين التونسيين في هانوفر، والذي يحاول تقديم المساعدة للطلبة التونسيين المتضررين.

إذ تأتي تونس في المرتبة الثانية بعد سوريا، في أعداد الطلبة العرب في ألمانيا، أغلبهم يعتمدون على دخلهم الشخصي لتمويل دراستهم، ويشرح لـDW عربية غسان جبري من الاتحاد أن المشاكل القانونية تتمحور حول فواتير لم يستطع الطلبة تسديدها، وتحولت إلى المحاكم القضائية.

ولم يقتصر عمل الاتحاد على حل مشاكل الطلبة فقط، بل يحاول ربطهم مع فرص عمل متاحة حاليا تتلاءم مع الظروف الطارئة.

الجالية المصرية في ألمانيا أيضاً عكفت على إنشاء مجموعة عبر فيسبوك وتطبيق إلكتروني للمصريين العالقين في ألمانيا. كما تم فتح التواصل بينهم وبين سفارة بلدهم بهدف تقديم الدعم كما يذكر رئيس بيت العائلة المصرية في ألمانيا علاء ثابت لـDW عربية، مضيفا: "أنه يمكن تقديم المساعدة للطلبة من خلال توفير السكن وتجديد التأشيرات".

إلا أن بعض الطلبة يرون أن هذه الجمعيات تركز بشكل أساسي على من لهم الأولوية في الحصول على المساعدة ويمرون بظروف طارئة، ولهذا فإن قائمة الانتظار طويلة، يذكر المصري عبد الله: "لا يتم اعتبار الطلاب من العالقين، ولهذا لسنا على رأس القائمة".

في حين أن بعض الطلبة توجهوا لجمعيات ألمانية للحصول على تمويل مؤقت، فقد حصل الطالب الفلسطيني محمد أبو شقرة، والمقيم في برلين، على دعم مالي لتسديد احتياجاته الشهرية بعد فقدانه لعمله، "قدمت أوراقي وكشوفاتي البنكية للجمعية، وقرروا تقديم الدعم المالي المؤقت لي"، كما يذكر لـDW عربية.

فيما نشطت عريضة من منظمات وجمعيات ألمانية مؤخرا عبر المواقع الافتراضية، حصلت على أكثر من 50 ألف توقيع، وموجهة إلى وزارة المالية والبرلمان الألماني، وذلك لتقديم الدعم للطلبة المحتاجين، مما لا يستطيعون توفير دخل مالي.

من جهة أخرى فإن بعض الطلبة يرون بأن بعض المؤسسات والتي تعنى بالطلبة الأجانب مثل داد/ DAAD، يجب عليها أن تنظر في حال الطلبة في هذا الظروف وتمد يد المساعدة لهم.

فيما يتفق أغلب الطلبة، ممن تحدثوا إلى DW عربية، أن التوجه إلى مواقع التواصل الاجتماعي كان الخيار الأول لهم للحصول على المساعدة، وذلك بسبب تأخر ردود الفعل الرسمية وغيابها من بلدانهم، فيما لم تتوصل DW عربية حتى كتابة هذا التقرير إلى رد رسمي من سفارات عربية جرت عدة محاولات للتواصل معها والاستفسار عن مواقفها.

مرام سالم

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة