صيام عشر ذي الحجة: كيف تتقرب إلى الله في أفضل أيام الدنيا؟

يتأهب كثير من المسلمين لصيام عشر ذي الحجة، التي تبدأ غدًا الأحد في المملكة العربية السعودية وعدد من الدول العربية، إذ يحرص الكثير من المسلمين على اغتنام الحسنات في هذه الأيام التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل أيام الدنيا، وحتى تفوز بفضائل هذه الأيام، نوضح لك حكم صيام عشر ذي الحجة وأفضل الأعمال المحببة إلى الله في هذه الأيام المباركة. 

موعد صيام عشر ذي الحجة لعام 1442

وكانت المملكة العربية السعودية قد تحرت رؤية هلال شهر ذي الحجة، عن طريق مراصدها المعتمدة، وتبين أنه يوم الأحد  الموافق 11 يوليو 2021 المقبل أول أيام شهر ذي الحجة 1442، على أن يكون يوم عرفة هو الموافق يوم الإثنين 19 يوليو 2021، وعيد الأضحى المبارك يوم الثلاثاء 20 يوليو 2021. 

حكم صيام عشر ذي الحجة

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم التسع من ذي الحجة؛ ففي «سنن أبي داود» وغيره عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس».

وقد ورد عن حفصة رضي الله عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت :«أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صيام يوم عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة".

وعن حكم صيام عشر ذي الحجة ومدى صحة القول ببدعية التزام صيامها كل سنة، قال الشيخ عبدالكريم بن عبدالله الخضير :"جاء في الحديث الصحيح أنه «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني أيام العشر، موضا أنه لا شك أن الصيام عمل صالح. 

وأشار الخضير، عبر حسابه على موقع تويتر، إلى أن جاء في الحديث الصحيح قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «من صام يومًا في سبيل الله، بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا» ، مستدلا بالحديث على الترغيب في الصوم مطلقًا، ما عدا الأيام التي جاء النهي عن صيامها، ومن ثم من صام في هذه الأيام العشر صح أنه عمل صالحًا في هذه الأيام العشر.

ورأى الخضير أنه من المستحب صيام عشر ذي الحجة، منوها إلى أن المراد بها التسع التي تنتهي بيوم عرفة لغير الحاج، إذ أن يوم عرفة لا يُشرع صيامه للحاج، بل يأثم من صام يوم عرفة وهو حاج.

سبب تفضيل أيام عشر ذي الحجة

وفي أيام العشر الأوائل من ذي الحجة يعد العمل الصالح أحب إلى الله مما سواها حتى الجهاد في سبيل الله، ولكن ما سبب تعظيم هذه الأيام دونًا عن غيرها؟، هو ما سنعرفه خلال السطور التالية:

مما يدل على عظمة أيام عشر ذي الحجة الأولى، أن الله عز وجل قد أقسم بها في كتابه الكريم، في قوله تعالى في سورة الفجر:"والفجر ۞ وليال عشر»، وقال غير واحد من السلف إن المقصود بها هي عشر ذي الحجة، وقد أجمع عليها قول جماهير المفسرين، واختاره ابن كثير.

وقد ورد في الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة فضل العشر الأوائل من ذي الحجة، ومنها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام،قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فضل أيام عشر ذي الحجة: «والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة، لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره».

وعن سبب تفصيل أيام عشر ذي الحجة الأولى ما ذكره ابن رجب - رحمه الله - في لطائف المعارف: «لما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس عباده المؤمنين حنينا إلى مشاهدة بيته الحرام، وجعل الأفئدة تهوي إليه، وليس كل أحد قادرا على مشاهدته كل عام، فرض الله سبحانه وتعالى على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره".

واستكمل ابن رجب في كتابه لطائف المعارف:"وجعل الله موسم العشر مشتركا بين السائرين والقاعدين فمن عجز عن الحج في عام قدر - أي في العشر - على عمل يعمله في بيته فيكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج".

أفضل الأعمال في أيام عشر ذي الحجة

ولم يكن الصيام وحده هو العمل الصالح الذي يمكن التوجه به إلى الله عز وجل في أيام عشر ذي الحجة للفوز بفضائل هذه الأيام المباركة، ولكن هناك أعمال صالحة أخرى يمكن التقرب بها إلى الله هذه الأيام، ومنها:  

الذكر:

ومن أفضل الأعمال الصالحة التي يمكن التقرب بها إلى الله عز وجل في أيام ذي العشر ذي الحجة، هي الإكثار من ذكر الله تعالى، كما ورد في الآية 28 من سورة الحج قوله تعالى :"وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ".

وقد روي عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أنه قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : «ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التكبير، والتهليل، والتحميد».

وأما عن صفة التكبير والتهليل، فقد ورد فيها صفات متعددة، ومنها أنهم كانوا يقولون "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، وعن بعضهم: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً".

الإكثار من النوافل

ومن الأعمال التي يوصي بها علماء الدين للفوز بفضل أيام عشر ذي الحجة الأولى، هي الإكثار من صلاة النوافل، وذلك لأن النوافل تجبر ما نقص من الفرائض، وهي من أسباب محبة الله لعبده وإجابة دعائه، ومن أسباب رفع الدرجات ومحو السيئات وزيادة الحسنات.

قيام الليل:

"لا تُطفئوا سرجكم ليالي العشرِ"، هكذا وردنا عن سعيد بن جبير، ليبين فضل قيام الليل في العشر الأوائل من ذي الحجة، فرغم أن قيام الليل من الأعمال الصالحة المستحبة طوال أيام العام، إلا أنه يزداد فضله وأجره في ليالي العشر من ذي الحجة، والتي قد أقسم الله عز وجل بها في في سورة الفجر في قوله تعالى :"وَالفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ".

ذبح الأضاحي

ومن العبادات المشروعة التي يتقرب بها المسلم إلى الله عز وجل في العشر الأوائل من ذي الحجة، عبادة ذبح الأضاحي، وذلك في يوم النحر أو خلال أيام التشريق.

الصدقات

ولا شك أن الصدقات من أفضل العبادات والأعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل، ويفضل في أيام العشر الأوائل من ذي الحجة الإكثار من الصدقات لابتغاء الأجر والثواب منه سبحانه عن طريق البذل والعطاء والإحسان للآخرين.

قراءة القرآن 

ومن العبادات المفضلة طوال أيام العام ويزداد فضلها في هذه الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، تلاوة القرآن الكريم، وقال الله تعالى في كتابه الكريم :"إِنّ الّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لنْ تَبُورَ * لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِن فَضْلِهِ، إِنّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ".

صيام يوم عرفة

وورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث الشريفة التي تُظهر لنا فضل صيام يوم عرفة، ومنها "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده.

وفي فضل يوم عرفة جاء قوله تعالى :« والسماء ذات البروج ۞ واليوم الموعود ۞ وشاهد ومشهود»، وقال صلى الله عليه وسلم: «اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة».

وورد عن أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة".

دعاء يوم عرفة 

وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم، كما ورد في حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أن "خير الدعاء دعاء يوم عرفة"، لذا يوصي علماء الدين بأن يحرص المسلمون على الإكثار مِن الدعاء في أيام العشر الأوائل من ذي الحجة ولاسيما في يوم عرفة. 

وفي الموطأ عن طلحن عبيد الله بن كريز، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له".