شي جين بينغ Xi Jinping الزعيم الصيني

استطاع الرئيس الصيني شي جين بينغ من اكتساب جماهيرية ضخمة في الصين وحوّل نفسه من كونه رئيسًا منتخبًا إلى زعيم صيني عزز من قوته السياسية وعمل على تكريس أيدولوجيته السياسية في البلاد وعمل على رفع مكانة بلاده، في السطور التالية تعرف أكثر على قصة هذا الزعيم وكيف شكلت طفولته شخصيته الحالية.

من هو شي جين بينغ؟

هو رئيس جمهورية الصين الشعبية والأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ولد في 15 يونيو عام 1953 في بكين ويعد من أهم رجال السياسة في الصين الذي تمكن من تعزيز قوته وأيدولوجيته السياسية على مدار سنوات.

آمن الرئيس شي جين بينغ أن المنافسة بين الصين والغرب هي الأكثر أهمية، ولهذا عمل طوال مسيرته السياسية خلال قيادته للحزب الشيوعي ومنذ توليه الرئاسة على تطوير بلاده لتصبح منافسه لدول الغرب وأمريكا في كافة المجالات وعلى رأسها التكنولوجيا.

تبنى شي جين القومية الماركسية ومبادئ الحزب الشيوعي، الذي كان والده أحد زعمائه سابقًا رغم نفيه من الحزب، كما أنه يؤمن بوحدة الأراضي الصينية.

يعد شي أول أمين عام للحزب الشيوعي الصيني يولد بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبي، وقد قامت سياسته على فرض الانضباط الحزبي والوحدة داخل الحزب، وعمل بحزم على مكافحة الفساد داخل الحزب الشيوعي.

تبنى شي جين بينغ سياسية خارجية أكثر عدوانية وخاصة في علاقته مع الولايات المتحدة الأمريكية، بجانب النزاع الحدودي بين عدة دول منها الهند، عمل أيضًا على توسيع نفوذ بلاده في أفريقيا وتعزيز الاندماج العسكري والمدني.

هدف شي منذ توليه الرئاسة على محاربة الفقر وخاصة لدى فئة المزارعين، الذي كان منهم لفترة من حياته، كما أنه عمل على زيادة المساواة وزيادة الرخاء المشترك بين الشعب الصيني.

رغم ما قدمه لبلاده من تطور ومنافسة عالمية إلا أنه يُنظر إليه على أنه زعيم استبدادي، ففي فترة ولايته زادت الرقابة على المواطنين وتدهورت حقوق الإنسان، وخاصة قضية الأويغور التي وصفت بأنها إبادة جماعية

يعتبر الرئيس شي الشخصية المركزية للجيل الخامس من قيادة جمهورية الصين الشعبية، وقد تمكن من أن يفرض سيطرته السياسية في البلاد لإجراء تعديلات دستورية لزيادة فترة بقاء رئيس البلاد في السلطة ليتولى فترة رئاسية ثالثة بداية من عام 2023 ليتمكن من السيطرة على البلاد بشكل أكبر.

طفولته

شي جين بينغ هو نجل الزعيم الصيني المخضرم شي تشون شون، الذي يعتبر من الجيلين الأول والثاني من القيادة الصيني وله دور في الثورة الشيوعية الصينية وتطوير الجمهورية الشعبية.

عاش الرئيس شي طفولة مختلفة ومميزة عن أقرانه من نفس السن فقد خاض تجربة العيش في كهف والعمل كمزارع لعدة سنوات قبل أن يبدأ مسيرته السياسية ويتدرج في السلطة.

لديه شقيقتان أكبر منه وهما تشياو تشياو التي ولدت عام 1949 وأنان التي ولدت عام 1952.

رغم أن والده كان زعيمًا شيوعيًا بارزًا إلا أنه من الزعماء الذين تعرضوا للتطهير في الستينيات وعانت الأسرة من إذلال شديد بسبب ذلك، وقد انتشرت الكثير من الأخبار أن شقيقته انتحرت بسبب هذا الإذلال.

عندما كان يبلغ من العمر 13 عامًا توقف تعليمه المدرسي وواجهت مدينة بكين أزمة كبيرة بسبب عنف الطلاب حيث توقفت المدارس عن العمل بسبب تعرض المعلمين للإهانة والضرب وحتى القتل.

كان شي أيضًا بدون حماية في بكين فقد كان مهددًا للقتل والاعتقال في أي موت وكان الحرس الأحمر يطاردونه. عندما بلغ سن 15 عامًا تم إرساله إلى الريف للعمل في الزراعة بهدف "إعادة تثقيفه مجددًا"، وقد عمل في قرية ريفية نائية لمدة 7 سنوات وعاش في هذه الفترة في كهف.

كانت لهذه التجربة أثر كبير على شخصيته واتجاهه السياسي والحزبي كذلك، فقد عاش في ظروف قاسية بدون كهرباء ولا ماء ولا  حتى أدوات متطورة، وكان يقرأ على ضوء مصباح الكيروسين.

انتهت هذه التجربة القاسية من حياته في سن الثانية والعشرين من عمره، ولكن أوضح أنها جعت أهدافه واضحة في الحياة وأصبح مليئًا بالثقة أكثر.

دراسته

في عام 1975 درس الرئيس الصيني شي جين بينغ الهندسة الكيميائية في جامعة تشينغهوا،  أمضى جزء كبير من وقته على دراسة الماركسية اللينينة كما عمل في الزراعة.

من عام 1998 حتى عام 2002 درس النظرية الماركسية في جامعة تسينغهوا وحصل على درجة الدكتوراه في القانون والأيدولوجية عام 2002.

عمر شي جين بينغ

ولد في عام 1953 ويبلغ من العمر 70 عامًا.

كم طول شي جين بينغ؟

طوله 1.8 م.

زوجة رئيس الصين

تزوج الرئيس الصيني شي جين بينغ مرتين. المرة الأولى من كي لينغلينغ وهي ابنة الزعيم الصيني كي هوا الذي كان سفيرًا للصين في المملكة المتحدة في أوائل الثمانينات ولكنهما انفصلا بعد بضع سنوات، وانتقلت طليقته إلى المملكة المتحدة بعد انفصالهما.

تزوج شي للمرة الثانية عام 1987 من المغنية الشعبية الصينية البارزة بينغ لي يوان، وكان زواجًا تقليديًا حيث تم تقديمها له وتم الزواج في النهاية. رغم عيشها منفصلين لفترة طويلة بسبب انشغالاتهما في حياتهما المهنية إلا أن زوجته شخصية بارزة في الصين ولعبت دورًا هامًا باعتبارها السيدة الأولى للصين مقارنة بزوجات الرؤساء السابقين.

من الأدوار البارزة التي قامت بها زوجة رئيس الصين أنها  استضافت السيدة الأمريكية ميشيل أوباما عام 2014، كما أنها تظهر مع زوجها في عدد من المناسبات المختلفة.

لدى الرئيس الصيني ابنة واحدة اسمها شي مينجزي ويُعرف أنها درست في جامعة هارفارد وتخرجت عام 2015 واستخدمت اسمًا مستعارًا في الجامعة ودرست في تخصص علم النفس واللغة الإنجليزية.

رغم أن الرئيس الصيني وزوجته محط اهتمام الصحف المحلية والعالمية إلا أنهما يفرضان رقابة شديدة على حياتهما الشخصية.

ديانة شي جين بينغ

الزعيم الصيني شي جين بينغ هو قائد الحزب الشيوعي الصيني، وهذا الحزب هو مؤسسة إلحادية يُمنع أعضاءها من ممارسة الدين في ظل مناصبهم السياسية، وهذا يعني أنه ملحد.

وبالتأكيد يؤمن شي جين بينغ بقيم الثقافة الصينية وقيم الحزب الشيوعي، وقد قال في أحد المؤتمرات إن أعضاء الحزب الشيوعي الصيني لا بد أن يكونوا "ملحدين ماركسيين ثابتين"، كما يدعو دائمًا إلى التصدي إلى الأفكار الخارجية عن الأديان.

وقد اتهم الحزب الشيوعي، الذي يقوده شي جين بينغ، على قمع المجموعات الدينية غير المعترف بها في البلاد، كما يتبنى الحزب الشيوعي مبدأ القيمة الاشتراكية ويريد للجماعات الدينية في الصين أن تتبنى وتعيش وفقًا لجوهر هذا المبدأ.

ثروة الرئيس الصيني

لا يوجد معلومات عن ثروة الرئيس الصيني شي جين بينغ. في عام 2012 ذكرت صحيفة بلومبرج نيوز أن أفراد عائلته لديهم مصالح تجارية كبيرة، ولكن لا يوجد أي أدلة على أن شين قدم المساعدات لهم.

بعد فترة من صدور هذا الخبر تم حجب موقف بلومبجر نيوز من الصين ردًا على هذا الخبر. في عام 2012 ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن أفراد عائلة شين بدأوا يبيعون استثماراتهم في الشركات والعقارات بعدما بدأ شين في حملته الضخمة في مكافحة الفساد.

أيضا تم ذكر أسماء من أقاربه والشخصيات الصينية رفيعة المستوى ضمن أوراق بنما، وهي الوثائق المسربة عام 2016 والتي بها معلومات مالية لسياسيين حول العالم، ومن بين هؤلاء الأشخاص رجل الأعمال الصيني دنغ جياجوي صهر شي، حيث كان لديه شركتان صورتين في جزر فيرجن البريطانية.

دخوله مجال السياسة

بعد عودة الرئيس الصيني شي جين بينج من الريف قرر دخول مجال السياسية، رغم ما تعرض له والدته وأسرته من تطهير ونفي. حاول شي الانضمام إلى رابطة الشباب الشيوعي الصيني في بداية السبعينيات، وتمكن أخيرًا من الانضمام إلى الحزب بعد المحاولة العاشرة عام 1974.

في عام 1979 شغل منصب سكرتير مرؤوس والده السابق قنغ بياو الذي كان نائب رئيس مجلس الدولة، وظل يشغل هذا المنصب حتى عام 1982.

انتقل بعدها للعمل كنائب سكرتير الحزب في مقاطعة تشنغدينغ، وفي العام التالي ترقى ليصبح السكرتيرة، وهو أعلى منصب في المقاطعة.

خلال مسيرته السياسية تولى رئاسة 4 مقاطعات إقليمية منها فوجيان وتشجيانغ وخبي وشانغهاي. من المناصب الأخرى التي شغلها رئيس مدرسة الحزب في فوتشو.

شغل شي كذلك منصب نائب حاكم فوجيان وبعدها أصبح الحاكم للمنطقة عام 2000، وفي عام 2007 تم تعيينه في مجلس السلم والأمن في مؤتمر الحزب السابع عشر.

توليه رئاسة الصين

في عام 2009 تم تعيين شي جين بينغ نائبًا لرئيس الحزب، وقد شرع في زيارات عدة في أمريكا اللاتينية والاتحاد الأوروبي، كما زار الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كما سافر إلى ولاية آيوا التي عاش فيها لفترة خلال جولته عام 1985 هناك عندما كان مسؤولًا في خبي.

في عام 2012 تم انتخابه لمنصب الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس اللجنة العسكرية لمركزية ليصبح الزعيم الأعلى وأول زعيم للحزب يولد بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية.

بصفته رئيسًا للحزب قام بعدد من زيارات خارج بكين ودعى إلى الإصلاح الاقتصادي وتعزيز قوة الجيش وكان شعاره "الحلم الصيني" وقد عُرف بتواضعه حيث كان يتجول في شاحنة عادية بدلًا من أسطور سيارات الليموزين كما أنه لم يكن يقيد حركة المرور حينما كان يشير في الشارع.

في مارس عام 2013 تم انتخابه رئيسًا للصين خلفًا لرئيس الصين السابق هو جينتاو الذي تقاعد بعد فترتين وقد حصل على 2952 صوتًا من المجلس الوطني الثاني عشر لنواب الشعب الصيني في بيكين مقابل صوت واحد فقط رافضاً و3 امتنعوا عن التصويت.

بعد ساعات من انتخابه للمنصب ناقش شي الأمين السيبراني وأزمة كوريا الشمالية وعلاقة أمريكا والصين، كما أعلن عن زيارات للرئيس الأمريكي إلى الصين بعد أسبوع واحد فقط من توليه منصبه كرئيس لجمهورية الصين الشعبية.

مدة حكم رئيس الصين

من المفترض أن يبقى الرئيس الصيني لولايتين فقط على أن تكون مدة كل ولاية 5 سنوات، ولكن شي جين بينغ تمكن من فرض سيطرته على البلاد وفي عام 2023 وافق البرلمان الصيني على مقترح من الحزب الشيوعي، الذي يقوده شي، على إلغاء تحديد فترات بقاء رئيس البلاد في السلطة، وهذا يعني أن شي يمكنه أن يظل على السلطة طوال حياته.

وكان عام 2023 هو نهاية الولاية الثانية لشي بعد 10 سنوات من الحكم إلا أنه أصبح دستوريًا أول رئيس للصين يتولى فترة رئاسية ثالثة، كما أنه تعهد بعدم تقديم أي خليفة له محتمل من خلال مؤتمر الحزب الشيوعي الذي أقيم في أكتوبر 2023.

سياساته الداخلية

بعد توليه منصب رئيس الصين عام 2013 تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بقمع الفساد وقام بحملة فساد ضخمة في البلاد كانت صارمة وتورط فيها العديد من السياسيين كذلك وشخصيات بارزة في الدولة، حيث تلقى أكثر من 200 ألف مسؤولة في الدولة تخفيضات في الرتب وغرامات بسبب هذه الحملة.

أشرف كذلك على إصلاحات كبيرة في لجنة فحص الانضباط في الحزب الشيوعي، وذلك لأنه يرى أن انهيار الحزب الشيوعي سيكون كارثيًا على الصين لذا عمل على مكافحة الفساد المتفشي في الحزب وفي الحكومة.

من أهم سياساته الداخلية أيضًا هو تشديد الرقابة على المواطنين واتخذ إجراءات صارمة ضد الجرائم الجنائية وفرض المزيد من القيود على الإنترنت، فقد حظر جوجل وفيسبوك وويكيبيدا وتم إنشاء متصفحات خاصة بالصين مثل "ويبو".

هدف شي أيضًا إلى توحيد السلطة وقد وُصف بأنه أقوى زعم صيني على الإطلاق، فقد أسس مجموعات عمل تهدف إلى تخريب البيروقراطية الحكومية وجعل من نفسه الشخصية المركزية في الإدارة الجديدة المسؤولة عن الأمن السيبراني، وأطلق على نفسه لقب "زعيم الشعب".

عمل شي جين بينغ على تطوير اقتصاد الصين وهدف في بداية حكمه على تقليل مشاركة الدولة في توزيع رأس المال وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة في الصين لزيادة المنافسة من أجل جذب الأجانب للاستثمار في الصين.

هدف كذلك إلى القضاء على الفقر المدقع في الصين وأعلن عن شعاره "الانتصار الكامل على الفقر" وخلال فترة ولايته الأولى انتشل ما يقرب من 100 مليون صيني من الفقر وأصبح نسبة الفقر أقل في عهده.

أيضًا روج لخطة "صنع في الصين 2025" التي تهدف إلى اعتماد الصين على نفسها في التقنيات الرئيسية.

سياساته الخارجية

اتخذ شي جين بينغ موقفًا أكثر عدوانيًا فيما يتعلق بسياسته الخارجية والقضايا الأمنية، فقد أوضح أنه سيجعل بلاده أكثر اتحادًا وثقة في بينتها السياسية واستعادة مكانة الصين كقوة عظمة.

وضع شي خطوطًا حمراء لا يجب على الدول الأخرى تجاوزها، وتبنى سياسة "دبلوماسية المحارب الذئب" حيث يدافع عن أفكاره السياسية بشكل صارم ويعزز من إصلاح النظام الدولي رفض هياكل السلطة المهيمنة في الحكومة العالمية.

منذ توليه المنصب عام 2013 زاد من علاقاته مع قارة إفريقيا وقدم الكثير من الديون إلى دول إفريقية كما وعد بشطب ديون بعض الدول الأفريقية.

في فترة حكمة توترت علاقة الصين مع اليابان بسبب النزاع على جزيرة سينكاكو، كما أنه غير نهجه في تعامله مع الشرق الأوسط وخاصة مع إيران، كما أنه وقع صفقات عسكرية مع السعودية وتركيا.

أما بشأن علاقة الصين بكوريا الشمالية فقد اتخذ الرئيس شي جين بينغ موقفًا أكثرانتقادًا لكوريا الشمالية بسبب تجاربها النووية، إلا أنه دعا إلى تخفيف العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية.

نجح شي في تعزيز علاقاته مع روسيا وخاصة في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية ومنذ عام 2014 أقام علاقة قوية مع الرئيس فلاديمير بوتين. عمل أيضًا على تحسين علاقته مع كوريا الجنوبية وقع معها صفقة تجارة حرة عام 2015 ولكن توتر العلاقة بين البلدين بسبب نظام الدفاع الصاروخي الذي اعتبرته الصين تهديدًا لها.

تورت العلاقة بين الولايات المتحدة والصين منذ عام 2017 في فترة دونالد ترامب وبدأت حرب تجارية متصاعدة بين البلدين وخاصة في المجال التكنولوجي.