يعد الكاتب والناقد المصري سيد البحراوي من أهم الكتاب الذين أثروا الحركة الثقافية المصرية والعربية فقد ألف العديد من المؤلفات التي اتسمت بالواقعية، وعرف بمواقفه الوطنية الهامة وبدفاعه عن العدالة الاجتماعية والحريات العامة والخاصة، وبجانب ذلك فهو من أبرز وألمع النقاد العرب، تعرف أكثر على حياته الأدبية وإنجازاته.
من هو سيد البحراوي؟
السيد محمد السيد البحراوي هو كاتب وناقد وأستاذ جامعي مصري ولد في 9 يناير عام 1953 في محافظة المنوفية وهو من أبرز النقاد والكتاب العرب الذين أثروا المكتبة العربية بمؤلفات وكتب نقدية وأدبية.
يعد البحراوي من أهم الكتاب الذين تمكنوا من الجمع بين الحياة الأدبية والأكاديمية، فقد عمل أستاذًا من كلية الآداب جامعة القاهرة لسنوات، كما عمل في كلية الإعلام وأشرف على الكثير من رسائل الدكتوراه والماجستير.
اشتهر بكتابته عن الألم، وله كتاب بعنوان " في مديح الألم" حيث يرى أن الألم هو الأصل في الحياة، فهي مقترنة به ومقترن بها وهو محور الإبداع والاقتصاد والصناعة.
نشأته وحياته
نشأ الكاتب سيد البحراوي في بيئة ريفية متواضعة، حيث كان والده يملك أراضي زراعية، وقد نشأ منذ صغره يدرس ويعمل في الأرض بجانب والده.
ويحكي البحراوي عن طفولته ويصفها بأنها "غير سوية" حيث ولد ضعيفًا بسبب ضعف جسد والدته التي لم تتمكن من إرضاعه فأرضعته خالته، ويصف هذه التجربة بأنها أفقدته "حنان الأم" وترك أثرًا كبيرًا عليه.
ولكن طفولته "غير السوية" لم تكن بسبب ذلك وإنما بسبب علاقة والدته بوالده التي وصفها بأنها علاقة مليئة بالعنف فكان عليه أن يتضامن معها، إلا أن مشاعر التضامن هذا تحول فيها بعد إلى الصداقة والحب.
ويقول البحراوي إنه ورث عن والده الغيرة، والتي يؤمن بأنها غريزة إنسانية، ولكن الغيرة التي امتلكها والده كانت غير آدمية وقاسية، وتعلم منها أن يكون أكثر تفهمًا.
وعن فترة المراهقة يقول البحراوي أنه لم يعشها مثل بقية أقرانه، فقد كان يعمل في الأرض ويساعد والده في التجارة، كونه الابن الذكر الوحيد، بجانب المذاكرة، كما أنه كانت هناك قيود ناتجة الراعية الزائدة كونه الابن الوحيد.
تعليمه
سافر سيد البحراوي إلى القاهرة ودرس في كلية الآداب قسم اللغة العربية وحصل على الليسانس فيها عام 1975 بتقدير جيد جدًا وعُين معيدًا في الجامعة في سبتمبر من العام نفسه.
في عام 1979 حصل على درجة الماجستير وكان بحثه تحت عنوان "التجديد في موسيقى الشعر عند شعراء أبوللو"، وبعد حصوله على الماجستير عُين مدرسًا مساعدًا في الكلية في العام نفسه.
في عام 1984 حصل على درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة وكانت أطروحته بعنوان "البنية الإيقاعية في شعر السياب"، وقد نشرت رسالته في المكتبات عام 1996 في القاهرة، وبعد حصوله على درجة الدكتوراه عُين مدرسًا في كلية الآداب.
في الفترة ما بين 1984 و1985 قضى مهمة علمية له في فرنسا على نفقة الدولة المصرية، وقد ترقى وحل على درجة أستاذ مساعد عام 1992، ثم حصل على درجة أستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة بعدها بعامين، وقد تولى رئاسة مجلس القسم بين عامي 2004 و2005.
مسيرته المهنية
بعد التخرج من الجامعة عُين سيد البحراوي معيدًا ومن ثم أصبح أستاذًا في قسم اللغة العربية بداية من عام 1984، فعمل في التدريس في جامعة القاهرة وكلية الإعلام وفرع جامعة القاهرة في الخرطوم.
عمل مدرسًا كذلك في الدورة المكثفة للغويات في جامعة الإسكندرية، كما عمل مدرسًا لعلم الجمال الصوتي في قسم الصوتيات في كلية الآداب جامعة الإسكندرية في منتصف التسعينيات.
في الفترة نفسها تقريبًا درس لطلبة الدراسات العليا في جامعة حلوان، كما درّس في جامعة ليون الثانية في فرنسا عام 1997. أصبح البحراوي رئيسًا لقسم اللغة العربية في كلية الآداب عام 2003 ولمدة عام فقط.
ويقول البحراوي إنه قرر الاستقالة من منصبه في قسم اللغة العربية بعدما أصر رئيس الجامعة تعيين شخص فاسدًا في القسم، كا أنه نشر حينها رواية حققت شهرة واسعة فوجد أنه من الأفضل أن يستقيل من المنصب لكي يتفرغ لعمله الإبداعي.
وخلال عمله في الجامعة تولى الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه في قسم اللغة العربية وأقسام اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية في كلية الآداب بجامعة القاهرة وجامعة بني سويف وعددًا من الجامعات الجزائرية.
شارك الراحل كذلك في الإشراف على ورش النقد المختلفة مثل مكتبة الإسكندرية ومكتبة كتب خان، كما أشرف على ورشة الإبداع في مركز البحوث العربية والأفريقية.
زوجة سيد البحراوي
تزوج الكاتب سيد البحراوي من الباحثة والكاتبة الدكتورة أمينة رشيد عام 1981، وعن قصة الحب بينهما يقول البحراوي إنهما لم يكونا متوافقين في البداية، فرغم أنهما كانا يدّرسان في فرنسا ولكن هناك الكثير من العوائق بينهما، فكل نشأ في بيئة مختلفة عن الأخرى.
عرف البحراوي أمينة في منتصف السبعينيات حيث كان يسمع عنها وعن توجهها الفكري، وخلال عملهما في مصر جمعتهما بعض الأبحاث المشتركة حول البلاغة والعروض باللغتين العربية والفرنسية فتطورت علاقة الزمالة إلى الصداقة ومن الصداقة إلى حب.
ويقول البحراوي إنه أخذ وقتًا طويلًا حتى يطلب الزواج من أمينة لعدة أسباب منها فارق السن، فهي تكبره ب15 عامًا، والفارق الطبقي، فيها ذات فرانكفونية التعليم والهوى وهو ليس كذلك، ولكن بعد مرور فترة أصبح قرار الزواج بينهما متفقًا عليه وما عجّل من قرار الزواج هو اعتقالها فقرر خطبتها في السجن بينما هو كان مطرودًا من الجامعة فشعر أنه من المناسب كسر الكآبة بشيء مفرح.
مسيرته الأدبية
أثرى الكاتب سيد البحراوي بالكثير من المؤلفات العربية التي حققت نجاحًا كبيرًا، وقد عرف بغزارة إنتاجه الأدبي، ومن مؤلفاته "علم اجتماع الأدب"، و"العروض وإيقاع الشعر العربي"، و"البحث في المنهج في النقد العربي الحديث"، و"في البحث عن لؤلؤة المستحيل"، و"محتوى الشكل في الرواية العربية".
ألف كذلك "الإيقاع في شعر السياب"، وكتاب "العروض للأخفش"، و"صناع الثقافة الحديثة في مصر"، و"الشعر العربي الحديث في مصر"، و"في نظرية الأدب".
للراحل أيضا 4 روايات وهم "ليل مدريد"، و"طرق متقاطعة"، و"هضاب ووديان"، و"شجة أمي"، وقد نشر قبل وفاته كتاب "في مديح الألم" اذلي حكى فيها رحلته مع السرطان وسيرته الذاتية.
وفاة سيد البحراوي
توفي الكاتب والناقد سيد البحراوي في 19 يونيو عام 2018 عن عمر 65 عامًا بعد صراع مع مرض السرطان. وبعد وفاته نعاه عدد من المثقفين في مصر والوطن العربي منهم الشاعر حبيب صايغ، والناقد يسري عبد الغني وغيرهم من المثقفين والنقاد.