وصفت نفسها بـ "زهرة الصبار" تخلت عن الحياة الرغدة من أجل السعي وراء حلمها وعشقها للفن، كانت فتاة مدللة تنتمي لعائلة أرستقراطية، درست في مدارس فرنسية، لتواجه الضرب والطرد من المنزل في مقابل التمثيل، إنها الفنانة سناء جميل التي ضحت أيضا بحلم الأمومة من أجل حبها الشديد للفن. مسيرتها الفنية وأبرز المعلومات عن حياتها في السطور التالية..
اسمها ثريا يوسف عطا لله، ولدت بمحافظة المنيا في صعيد مصر، يوم 27 أبريل عام 1930، انتقلت مع عائلتها للقاهرة، والتحقت بمدرسة "المير دية" وكانت مدرسة فرنسية داخلي، لذلك كانت تجيد اللغة الفرنسية بشكل تام.
بعد المرحلة الثانوية تملك شغف الفن منها فقررت الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وحصلت على درجة البكالوريوس عام 1953، وحينما علم شقيقها الأكبر برغبتها في احتراف الفن طردها من منزل العائلة بعدما اعتدى عليها بالضرب حتى تأثر السمع في إحدى أذنيها بسبب قوة لطمته.
توجهت إلى الفنان زكي طليمات أستاذها في المعهد العالي للفنون المسرحية، الذي وفر لها مسكن في بيت الطالبات، ووفر لها فرصة عمل بالمسرح القومي مقابل خمسة جنيهات شهريا، ورغم أنها من عائلة ثرية بالصعيد إلا أن عشقها للفن كان السر وراء استمرارها فيما قررت أن تخوضه.
ظلت تعمل بالمسرح واختار لها الفنان زكي طليمات اسمها الفني سناء جميل بدلا من اسم ثريا عطا الله، بدأت في المشاركة في أدوار صغيرة في الأفلام.
وفي عام 1960 كانت على موعد مع بداية خطواتها نحو الشهرة، حينما رشحها المخرج صلاح أبو سيف لفيلم بداية ونهاية بديل عن الفنانة فاتن حمامة التي اعتذرت، ليحقق الفيلم نجاحا كبيرا يكون بدايتها مع مسيرة فنية كبيرة في السينما والتلفزيون.
واستطاعت الفنانة سناء أن يكون لها رصيد فني مميز، فتم اختيار أربعة أفلام شاركت فيها ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وفقا لاستفتاء النقاد في احتفالية مئوية السينما المصرية عام 1996، والأفلام هي زينب، المستحيل، بداية ونهاية، والفيلم الشهير الزوجة الثانية.
كما حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات، في عام 1967 حصلت على وسام العلوم والفنون، وفي عام 1998 تم تكريمها على مشوارها الفني من مهرجان الأفلام الروائية.
بدأت مشوارها الفني في السينما في عام 1950 بدور صغير في فيلم أنا بنت مين، وخلال مرحلة الخمسينات شاركت في العديد من الأفلام ولكن كانت أدوارها صغيرة.
ومن أشهر الأفلام التي قدمتها في حقبة الخمسينات هي طيش الشباب، آدم وحواء، الأم القاتلة، المهرج الكبير، سلوا قلبي، سيدة القطار، شريك حياتي، بلال مؤذن الرسول، عبيد المال، يا ظالمني، مرت الأيام، كدبة أبريل، الميعاد، إسماعيل ياسين في متحف الشمع، لن أبكي أبدا، المجد، نساء في حياتي وفيلم قلب من ذهب.
في الستينات بدأت تكتب شهرتها بعدما قدمت بطولة فيلم بداية ونهاية مع كبار النجوم عمر الشريف، فريد شوقي، وأمينة رزق، ورشح الفيلم للعديد من الجوائز العالمية، وأصبحت سناء من نجمات الصف الأول.
قدمت بعدها العديد من الأفلام الناجحة في الستينات ومن أشهرها بلا دموع، فجر يوم جديد، المستحيل، ودورها الشهير "حفيظة" في فيلم الزوجة الثانية مع الفنان صلاح منصور، سعاد حسني، شكري سرحان والذي عرض في عام 1967.
واستمر تألقها في السبعينات وقدمت العديد من الأفلام ومن أشهرها البعض يعيش مرتين، الشيطان والخريف، بيت من رمال، وشاركت في الفيلم العالمي الرسالة مع المخرج مصطفى العقاد في عام 1976.
وقدمت في السبعينات أيضا حكمتك يارب، توحيدة، أهلا يا كابتن، امرأة قتلها الحب، الشك يا حبيبي، الملاعين، وفي الثمانينات قدمت المجهول، عندما يأتي المساء، ملائكة الشوارع، حل يرضي جميع الأطراف، نساء خلف القضبان، الخرتيت، البدرون، الدنيا جرى فيها إيه، وفيلم البطل مار جرجس.
وفي التسعينات قدمت دورها الشهير مع أحمد زكي في فيلم سواق الهانم عام 1994 لعبت دور لطيفة هانم شوكت، وفي نفس العام قدمت فيلم السيد كاف، وفي عام 1998 كانت آخر مشاركة لها في السينما من خلال فيلم اضحك الصورة تطلع حلوة لعبت دور "روحية أم سيد" مع الفنان أحمد زكي، الفنانة ليلى علوي، والشباب منى زكي، وكريم عبد العزيز.
كان لها مشاركة في التلفزيون منذ بداية مشوارها الفني في البداية شاركت بادورا صغيرة أيضا في مسلسلات مثل الضوء الأسود، قلوب عطشي، سنوات العمر، حكايات ساخنة، قلوب فقدت الحب، جريمة على الشاطئ الهادئ، الحل الوحيد.
وفي الستينات تألقت في هارب من الأيام ومسلسل أسلاك شائكة، أما في فترة السبعينات فشهدت تألقاً كبيراً منها في الدراما شاركت في العديد من الأعمال ومن أشهرها سيداتي آنساتي، الممكن، أسرع طريقة للجنان.
بالإضافة إلى النصيب، ابنها الوحيد، الفرخة اتكلمت، بنك القلق، أيام المرح، طائر البحر، النصف الآخر، عيون الحب، إصلاحية الليمون، الآنسة.
وقدمت العديد من المسلسلات في الثمانينات ومن أشهرها عيون، اللقاء الأخير، ابن سينا، الامتحان، الحياة مرة أخرى، عصفور في القفص، دعوني أعيش، أزواج لكن غرباء، وعاد النهار، الراية البيضا، الحب وسنينه، ليلة هروب.
وفي التسعينات قدمت مجموعة كبيرة من الأعمال أيضا صباح الخير يا جاري، أن الأوان، اللعبة المجنونة، حصاد الحب، سور مجرى العيون، والمسلسل الشهير مع الفنانة خيرية أحمد ساكن قصادي.
كما تألقت في مسلسل خالتي صفية والدير مع بوسي وممدوح عبد العليم، وفي الألفية الجديدة قدمت مسلسل بيت العلالي، البيضاء، الرقص على السلالم المتحركة، البر الغربي، ضبط وإحضار، وآخر أعمالها عرضت في عام 2002 وهما مسلسل طرح البشر ومسلسل صنايع صنايع.
وقدمت العديد من المسلسلات الإذاعية الناجحة أيضا، وعدد كبير من المسرحيات والسهرات التلفزيونية.
في لقاء لها وصفت نفسها بزهرة الصبار لتحملها الكثير من الصعاب في بداية حياتها وهي طفلة مدللة من عائلة أرستقراطية، ولكن في عام 1960 زالت تلك الهموم بعدما وجدت الحب الحقيقي حينما جمعها القدر بالصحفي لويس جريس داخل واحدة من الاحتفالات الخاصة بصحيفة روز اليوسف.
وقع لويس في حبها من أول نظرة رغم أنها أخطأت في اسمه عدة مرات، وتوقع أنها مسلمة لأنها كانت تردد كثيرا "والنبي"، تسلل الإعجاب إلى داخله وبعد عدة لقاءات طلب يدعها واشترى دبلتين للخطوبة بحوالي 7 جنيهات كل ما كان يملك، وأخبرها أنه سيشهر إسلامه لإتمام الزواج، لتفاجئه بأنها مسيحية.
اشترطت الفنانة سناء جميل على لويس جريس شرط لإتمام الزواج وهو عدم إنجاب أطفال خوف على مستقبلها الفني، وخاصة أنها لن تتمكن من رعايتهم بشكل كامل، ولا تريد إنجاب أطفال، وذهبوا لإتمام الزفاف في الكنيسة، ورفض القس إتمامه بدون "معازيم" فذهب لويس جريس وأحضر زملاءه في الجريدة.
وعاشوا قصة حب جميلة مثل التي تجسد في الروايات والسينما، إلا أنه بعد سنوات طويلة صرحت الفنانة الراحلة أنها شعرت بالندم لقرار عدم الإنجاب، لأنها تشعر بالوحدة حينما يكون زوجها مشغولا أو مسافرا فلا تجد أمامها سوء كلبها يؤنس وحدتها.
أصيبت الفنانة القديرة بسرطان الرئة في أواخر أيامها، وخاضت معه صراعاً طويلا مكثت بالمستشفى ثلاثة أشهر، ليتمكن منها المرض في النهاية وتغيب عن عالمنا.
بعد وفاتها نشر زوجها نعي في كل الصحف حتى يأتي أهلها لتوديعها، وانتظر دون إتمام مراسم الدفن لمدة ثلاثة أيام، وحينما لم يظهر أحد، قرر في 22 سبتمبر عام 2002 بعد وفاتها بأربعة أيام دون حضور أحد من عائلتها.
وبقي الزوج المحب المخلص يرسل لها رسائل الغرام عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمدة 15 عاما، حتى لحق بها الصحفي لويس جريس في 26 مارس عام 2018.
