تزخر السينما الإيرانية بالعديد من المبدعين في مجال الإخراج، ومن بين هؤلاء المبدعين المخرجة سميرة مخملباف التي تميزت برؤيتها الجريئة وأعمالها التي عكست قضايا المجتمع الإيراني من منظور فني مبدع، وقدمت نماذج نسائية فريدة في السينما، ومن خلال أفلامها تمكنت من إيصال صوت النساء والشباب الإيراني إلى الساحة العالمية، ولفتت الانتباه لموهبتها الفريدة، وحصلت على عدة جوائز، في السطور التالية تعرف على مسيرتها الفنية وحياتها.
من هي سميرة مخملباف؟
هي مخرجة أفلام وكاتبة سيناريو إيرانية، ولدت في 15 فبراير عام 1980 في العاصمة الإيرانية طهران، وهي واحدة من الأسماء البارزة في مجال السينما، وتعتبر جزءًا من الموجة الإيرانية الجديدة في السينما الإيرانية.
نشأت سميرة في أسرة فنية، فوالدها مخرج سينمائي، وقد نشأت بين مواقع التصوير والكاميرات، وكانت هذه النشأة سببًا في دخولها مجال السينما، وهو المجال الذي بدأته في سن مبكرة، حيث لم يتجاوز عمرها 20 عامًا.
أخرجت سميرة العديد من الأفلام التي لاقت شهرة وإعجاباً عالميين، وقد أشاد النقاد حول العالم بأفلامها التي ناقشت فيها قضايا المجتمع الإيراني بأسلوب واقعي، وركزت بشكل خاص على قضايا النساء والأطفال، وهو ما جعلها من الأصوات النسائية الإيرانية المتميزة.
ورغم حداثة تجربتها، قدمت سميرة العديد من الأفلام التي تركت بصمة في السينما الإيراني والعالمية، وكان له دور مهم في إعادة نظرة العالم نحو السينما الإيرانية، وهو ما جعلها رائدة في مجالها.
نشأتها وتعليمها
ولدت المخرجة سميرة مخملباف في العاصمة الإيرانية طهران، ووالدها هو المخرج وصانع الأفلام الشهير محسن مخملباف، الذي انضمت إليه في مواقع تصوير أفلامه منذ نعومة أظافرها، وشاهدته وهو يحرر ويخرج أعماله.
كانت أول مشاركة لسميرة في السينما بعمر 7 سنوات فقط، حيث شاركت في فيلم الدراج، وهو فيلم من إخراج والدها، وفي سن 14 عامًا، قررت ترك المدرسة الثانوية، والاتجاه لدراسة السينما في دار الأفلام التي أسسها والدها لمدة 5 سنوات. درست سميرة كذلك علم النفس والقانون في جامعة روهامبتون في لندن بداية من سن العشرين.
لدى سميرة شقيقان أصغر منها، وهما أيوب المولود عام 1981، وقد توفيت والدتها فاطمة بعدها بعام، فتزوج والدها من أخت زوجته مرضية، ورزق منها بابنته الثالثة هناء المولودة عام 1988، وهي مخرجة أيضًا.
أصغر مخرجة في مهرجان كان
بدأت سميرة مخملباف مسيرتها في عالم السينما في سن السابعة عشر، حيث أخرجت أول فيلم له عام 1997 بعنوان "التفاحة"، ويستند الفيلم إلى قصة حقيقية حول ابنتين حبسهما والدهما لمدة 11 عامًا في المنزل خوفًا عليهما من العالم، وهو ما اضطر الجيران لإبلاغ الشرطة بحالة الفتاتين المؤسفة.
قرأت سميرة هذه القصة في الجرائد، وقد تشجعت لتحويل القصة إلى عمل سينمائي، ولكي تخرج هذا الفيلم، بحثت عن أفراد الأسرة الحقيقيين، وأقنعتهم بالمشاركة في الفيلم، لتخطو خطوة إلى عالم السينما الواقعية، وقد تمكنت سميرة من أن تصور انفتاح الفتاتين تدريجيًا مع العالم الخارجي.
تعاونت سميرة مع والدها محسن في كتابة النص السينمائي للفيلم، كما قام والدها بمونتاج الفيلم، وقد عرض في مهرجان كان ضمن تظاهرة "نظرة ما" عام 1998، لتصبح أصغر مخرجة سنًا يعرض لها فيلم في مهرجان كان السينمائي منذ تأسيس المهرجان في منتصف الأربعينات.
تلقى فيلمها الأول ردود أفعال إيجابية من النقاد في مهرجان كان، وقد لفتت سميرة بموهبتها أنظار النقاد حول العالم لمخرجة شابة ويافعة ناقشت قضية إنسانية في بلدها إيران برؤية فنية إبداعية.
تم دعوة فيلمها "التفاحة" للمشاركة في أكثر من 100 مهرجان سينمائي دولي خلال عامين، كما عرض الفيلم في دور السينما في أكثر من 30 دولة. بعد إصدار فيلمها الأول بعامين، تم اختيار سميرة عضوة في لجنة التحكيم في مهرجان موسكو السينمائي الدولي لعام 2000.
فاز الفيلم بالعديد من الجوائز، منها جائزة اليونسكو في مهرجان البندقية، وجائزة ساذرلاند في مهرجان لندن.
أفلام سميرة مخملباف الأخرى
في عام 2001، أخرجت سميرة مخملباف فيلم "اللوح الأسود"، وقد عرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي، وترشح لجائزة السعفة الذهبية، وقد فازت بجائزة لجنة التحكيم في المهرجان عن الفيلم.
يعد هذا الفيلم تجربة ثانية للمخرجة اليافعة في السينما الواقعية، حيث اختارت ممثلين غير محترفين من جبال كردستان على الحدود بين إيران والعراق، وتم تصوير الفيلم على الحدود بين البلدين أيضًا، وتعاونت مع والدها وغرفة صناعة السينما وعدة شركات إنتاج أخرى لتقديم هذا الفيلم.
في هذا الفيلم ناقشت سميرة قضية إنسانية حول الحرب وضحايا التقسيم، ويركز الفيلم على اللاجئين الأكراد أثناء الحرب العراقية الإيرانية. حصل الفيلم على عدة جوائز أخرى، منها جائزة لجنة التحكيم من معهد الفيلم الأمريكية، وجائزة مهرجان جيفوني مايور، وجوائز أخرى.
في عام 2003، أخرجت فيلم "في الخامسة بعد الظهر"، وفاز الفيلم مرة أخرى بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان، ويحكي الفيلم قصة امرأة شابة تحاول التعليم في أفغانستان تحت سلطة طالبان.
فاز الفيلم بعدة جوائز أخرى، منها الطاووس الذهبي في مهرجان الهند السينمائي، وفي هذا العام، صنفت صحيفة ذا جارديان البريطانية سميرة بأنها من بين أفضل 40 مخرجًا لعام 2003.
في عام 2008، أخرجت سميرة مخملباف فيلم "الحصان ذو الساقين"، وقد تم تصوير الفيلم في أفغانستان، وتعرض طاقم العمل إلى هجوم إرهابي من شخص تسلل إلى موقع التصوير ككومبارس، وألقى قنبلة على الموقع، وقد أصيب 6 من أعضاء الفريق بجروح خطيرة، فيما قتل حصان.
ورغم ما تعرض له طاقم العمل، كانت سميرة عازمة على إكمال التصوير، وقد قدمت الفيلم لأول مرة في فرنسا، وحصل الفيلم على ترشيحات في مهرجانات دولية، وفاز بجوائز في مهرجانات عدة، منها غنت السينمائي، وسان سيباستيان السينمائي، ومهرجان تالين بلاك نايتس السينمائي.
عملها في مجال حقوق المرأة
عملت المخرجة سميرة مخملباف في مجال حقوق المرأة، وقد تحدثت عن الانتهاكات والقيود التي تفرض على النساء في بلدها، سواء كانت مكتوبة أو غير مكتوبة. سعت سميرة من خلال أفلامها بأن تعالج القضايا التي تعاني منها المرأة في بلدها، على أمل أن تتحسن الأموضاع.
وعن أوضاع النساء في إيران تقول: "نعم لدينا الكثير من القيودن لكن هذه القيود خلقت الكثير من النساء القويات والمختلفات في بلدي، واللاتي إذا وجدنا الفرصة للتعبير عن أنفسهن، فسوف يكن لديهن الكثير ليقولونه".
ناقشت المخرجة سميرة بجرأة الصعوبات التي تواجهها المخرجات في إيران، فقد اقتحمت مجالًا من الصعب أن تتفوق فيه المرأة بسبب نظرة المجتمع لها، كما أنها واجهت مخاطر عدة من أجل تقديم أعمالها.