تزخر الإمارات العربية المتحدة برجال عاهدوا على جعل الإمارات في القمة دائمًا، ومن هؤلاء الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة صاحب الإنجازات في كافة المجالات لأكثر من 50 عامًا والذي جعل إمارة الشارقة أكثر إشراقًا وتطورًا، تعرف أكثر على إنجازاته ومسيرته في هذا المقال.
من هو سلطان بن محمد القاسمي؟
سلطان بن محمد بن صقر بن خالد بن سلطان بن صقر بن راشد القاسمي هو الحاكم الثامن عشر لإمارة الشارقة من حكم القواسم وعضو مجلس الاتحاد ولد في 2 يوليو عام 1939 في مدينة الشارقة.
تولى سموه العديد من المناصب الهامة في الدولة، فبعد أن عمل لعدة سنوات كمدرس تسلم رئاسة البلدية، وبعدها أصبح مسؤولًا عن مكتب سمو الحاكم في إمارة الشارقة.
كان الشيخ سلطان أول مسؤول يشغل منصب وزير التربية والتعليم منذ قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وبعدها تسلم حكم إمارة الشارقة بعد وفاة الحاكم خالد بن محمد القاسمي وكان وقتها عمره 32 عامًا فقط.
لعب الشيخ سلطان دورًا بارزًا في تعزيز المشهد الثقافي والاقتصادي والاجتماعي في الإمارة، وسعى دائمًا لتوفير البيئة والموارد اللازمة لتشجيع الحوار الثقافي والتفاعل بين الشعوب على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. جهود سموه كانت وما تزال تسهم في إبراز الشارقة كعاصمة للثقافة والفنون، مما يعزز من مكانتها على الصعيد العالمي.
وبجانب دوره البارز في إمارة الشارقة وما صنعه من إنجازات شهدت خلاله إمارة الشارقة تطورًا ملحوظًا، فقد عرف الشيخ سلطان بحبه للكتابة، وله باع طويل مع الصحافة فقد عمل في عدة صحف عربية، وحاليًا يكتب في صحيفة الخليج مقالًا أسبوعيًا.
نشأته وعائلته
ولد الشيخ سلطان محمد القاسمي في مدينة الشارقة في عائلة تعد من أكبر العائلات الإماراتية. والده هو الشيخ محمد بن صقر القاسمي الذي تولى حكم إمارة الشارقة لعدة أيام فقط بعد وفاة شقيقه سلطان.
أما والدته فهي الشيخة مريم بنت الشيخ غانم بن الشيخ سالم بن عبد الله بن سعيد وله من والدته عدة أشقاء وهم الشيخ خالد والشيخ صقر والشيخ عبد الله والشيخ عبد العزيز والشيخة شيخة والشيخة ناعمة.
كما لدى الشيخ سلطان عدة إخوة غير أشقاء وهم الشيخ راشد والشيخ حميد والشيخ علي والشيخة موزة، والشيخة علياء، والشيخة عزة، والشيخة نورة، والشيخة غاية، والشيخة عائشة.
كم عدد زوجات الشيخ سلطان القاسمي؟
تزوج الشيخ سلطان بن محمد القاسمي مرتين، المرة الأولى من الشيخة موزة بنت سالم بن محمد بن مانع الفلاسي، وجدتها هي الشيخة موزة خالة الشيخ سلطان القاسمي. أما زوجته الثانية هي سمو الشيخة جواهر بنت الشيخ محمد بن سلطان بن صقر القاسمي.
أبناء الشيخ سلطان بن محمد القاسمي
لدى الشيخ سلطان 6 أبناء، اثنان من زوجته الشيخة موزة وهما المرحوم الشيخ محمد، الذي رحل عن عمر 24 عامًا في عام 1999، وابنته الشيخة عزة.
لديه 4 أبناء من زوجته الشيخة جواهر وهم الشيخ خالد الذي توفي عام 2019 عن عمر 40 عامًا، والشيخ حور، والشيخة نور، والشيخة بدور.
تعليم الشيخ سلطان بن محمد القاسمي
ترعرع سمو الشيخ سلطان في بيئة مهتمة بالعلم والمعرفة وتنقل في حياته بين عدة دول من أجل تلقي العلم. بدأ رحلته مع الدراسة بدراسة القرآن الكريم مع الشيخ فارس بن عبد الرحمن، ثم انضم إلى مدرسة الإصلاح القاسمية في عام 1948 وكان يبلغ من العمر 9 سنوات.
في عام 1954 تعلم الشيخ سلطان اللغة الإنجليزية في المدرسة الإنجليزية الخاصة، ومن الشارقة إلى الكويت حيث انتقل إلى هناك لينهي تعليمه الإعدادي والثانوي في عام 1965.
انتقل بعدها الشيخ سلطان إلى القاهرة ودرس في كلية الزراعة في جامعة القاهرة، وحصل على بكالوريوس الزراعة في عام 1971.
لم يكتفِ سموه بما وصل إليه من علم فقرر أن يكمل دراسته العليا وحصل على الدكتوراه في التاريخ من جامعة إكستر في المملكة المتحدة عام 1985 وكان موضوع أطروحته عن تاريخ شركة الهند الشرقية ومحاولتها السيطرة على الخليج.
حصل سموه أيضا على دكتوراه الفلسفة في الجغرافيا السياسية للخليج عام 1999 من جامعة درهام في المملكة المتحدة وكان موضوع أطروحته عن صراع القوى والتجارة في الخليج في الفترة ما بين 1620 إلى 1820 م.
مسيرته المهنية
بدأ الشيخ سلطان بن محمد القاسمي مسيرته المهنية مدرسًا لمادتي اللغة الإنجليزية والرياضيات في عام 1961 في مدرسة الصناعة بالشارقة واستمر في مهنة التدريس حتى عام 1963.
في عام 1965 تسلم سموه منصب رئاسة البلدية ثم سافر إلى القاهرة لإتمام دراسته الجامعة، وبعد عودته تسلم منصب إدارة مكتب سمو الحاكم بإمارة الشارقة آنذاك. كان الشيخ سلطان من الأسماء البارزة التي دعمت فكرة الاتحاد، وبعد قيام اتحاد الإمارات أصبح عضواً في المجلس الأعلى لاتحاد دولة الإمارات عام 1972.
بعد قيام دولة الاتحاد تولى سمو الشيخ منصب أول وزير تربية وتعليم في دولة الإمارات، وفي عام 1972 تولى مقاليد حكم إمارة الشارقة ليصبح الحاكم الثامن عشر للإمارة من حكم القواسم وكان يبلغ من العمر 32 عامًا فقط.
شغل سموه مناصب أخرى بجانب توليه حكم إمارة الشارقة، فقد كان رئيسًا للجامعة الأمريكية في الشارقة في الفترة ما بين 1997 إلى 2023، ورئيس جامعة الشارقة من 1997 إلى 2021.
تولى أيضًا رئاسة جامعات أخرى منها خورفكان، وكلباء، والقاسمية، وهو عضو هيئة التدريس في جامعة القاهرة، كما أنه محاضر وأستاذ زائر في عدة جامعات منها جامعة إكسيتر في المملكة المتحدة منذ عام 1998، وجامعة القاهرة، ويُدرس مادة تاريخ الخليج الحديث في جامعة الشارقة منذ عام 1999.
يشغل سموه عضوية العديد من الهيئات والأكاديميات العالمية منها مجلس الداعمين في جامعة كامبريدج، ومجلس الداعمين في جامعة إكستير، وأكاديمية العلوم في لشبونة.
توليه حكم إمارة الشارقة
تولى سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حكم إمارة الشارقة في 25 يناير عام 1972 وذلك بعد مقتل الحاكم آنذاك الشيخ خالد بن محمد القاسمي بعد انقلاب الشيخ صقر بن سلطان القاسمي عليه.
ومنذ توليه حكم الإمارة قاد الشيخ سلطان مسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للإمارة وقام بالعديد من المبادرات التنموية لأبناء الإمارة وقاد العديد من المبادرات الهامة في الإمارة.
إمارة الشارقة عاصمة الثقافة العربية
تحت قيادة سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي اختارت منظمة اليونسكو إمارة الشارقة عاصمة للثقافة العربية عام 1998، وذلك بسبب ما قدمته الإمارة من مبادرات ومشروعات هامة ترقى بالثقافة والعلم فيها.
فإمارة الشارقة وحدها تضم أكثر من 20 جمعية ومؤسسة ومنتديات فكرية وثقافية، ومن أهم هذه المؤسسات هو مشروع "بيت الحكمة" الذي يعد أحدث نموذج لمكتبات المستقبل في العالم، حيث يوثق تاريخ نيل إمارة الشارقة لقب العاصمة العالمية للكتاب من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونيسكو".
يجسد بيت الحكمة رؤية سموّه في تقديم نموذج مبتكر للمكتبات يدمج بين مفهومي المكتبة والملتقى الاجتماعي والثقافي، محولاً إياها إلى منصة اجتماعية للتعلم والمعرفة، مدعومة بأدوات الابتكار والتقنيات المتطورة.
يحتضن المشروع مكتبة ضخمة تضم 305 آلاف كتاب في مختلف الحقول الثقافية والأدبية والمعرفية، منها 11 ألف كتاب بلغات مختلفة، و105 آلاف كتاب ورقي، و200 ألف كتاب إلكتروني.
كما تحتوي المكتبة على قسم خاص بالأطفال تضم أكثر من 2000 كتاب، وقسم آخر للشباب يضم حوالي 3 آلاف كتاب.
أهم مبادرات الشيخ سلطان بن محمد القاسمي
دشن صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي العديد من المبادرات المحلية والخارجية، ومن أهم تلك المبادرات إنشاء دار المخطوطات الإسلامية ومجمع اللغة العربية وبناء مستشفيات الجامعة والأسنان والجامعة القاسمية، وإنشاء مدرسة عسكرية وإنشاء مكاتب للطلاب والطالبات وإنشاء فروع لجامعة الشارقة والمجالس البلدية.
اهتم الشيخ سلطان في مبادراته بالشباب والأطفال وذوي الحالات الخاصة، فقد أنشأ سموه مبادرة لتشجيع مواطني الإمارة من ذوي الإعاقة في التأمين الصحي، كما أنشأ أول منطقة حرة للنشر في العالم، ومبادرة أخرى لتحويل المدارس إلى مدارس نموذجية.
ومن مبادراته الخارجية البارزة إنشاء مجلس اللسان العربي في نواكشوط، كما أنشأ دار إقامة للفنانين في مصر، ورمم متحف جبران خليل جبران في لبنان ومكتبة ماكميلان في نيروبي، وقد قدم دعمه إلى معهد الأورام في مصر عام 2018 بمبلغ 33 مليون درهم.
من المبادرات الخارجية المهمة أيضًا دعم مؤسسة الكرامة للأطفال الماليزية، وأنشأ أكبر مركز تدريب في نقابة الصحفيين في مصر، كما تبرع لمستشفيات مختلفة منها مستشفى الكبد في المنصورة.
من مبادراته الإنسانية أيضًا بناء مساجد في قرى تحمل أسماء شهداء مجزرة رفح وهم 25 مجنداً مصرياً، بحيث يُبنى لكل شهيد مسجد في قريته يحمل اسمه.
وجه أيضاً بإعادة بناء 18 منطقة عشوائية في منطقة الجيزة، من خلال بناء مساكن حديثة ومتطورة بدلاً من العشوائيات الحالية، ومن ثم تمليك هذه المساكن لأهالي المنطقة واستحدث فيها حدائق ومتنزهات.
عمله الصحفي
للشيخ سلطان بن محمد القاسمي باع وتاريخ طويل مع الصحافة، وقد بدأت قصته مع الصحافة منذ خمسينات القرن العشرين حيث عمل مراسلًا لمجلة آخر ساعة المصرية وكان يزود المجلة بالأخبار والمعلومات من إمارة الشارقة، واهتم بشكل خاصة بالمعلومات التي تتعلق بالتصدي للاستعمار الإنجليزي.
وقد عرف سموه برفضه للاستعمار الإنجليزي بكافة الأساليب وكان قلمه هو أحد الأساليب الهامة، كما أنه شارك في الأعمال النضالية ضد الاستعمار في ذلك الوقت.
كانت خطوته الثانية في عالم الصحافة إنشاء مجلة اليقظة عام 1963 وقد استمرت المجلة لفترة قصيرة. أصدر سموه بعد ذلك صحيفة مدرسية باللغتين العربية والإنجليزي وقد كان يكتب مقالات هذه الصحف بنفسه. ويكتب سموه حاليًا كل اثنين في جريدة الخليج.
وقد اهتم سموه بمجال الصحافة وقدم العديد من المبادرات التي اعتنت بالصحافة والصحفيين، ومن ضمن مبادراته أنه أنشأ أكبر مركز تدريب في نقابة الصحفيين في مصر عام 2017.
مؤلفات الشيخ سلطان بن محمد القاسمي
يُعرف الشيخ سلطان بن محمد القاسمي بأنه أديب وشاعر وكاتب مسرحي ومؤرخ أيضًا، فقد كتب سموه العديد من الكتب التاريخية التي أرخ فيها فترات مهمة في تاريخ الخليج العربي وخاصة إمارة الشارقة.
ومن أعماله التاريخية كتب "تاريخ عمان: من الاستيطان البشري إلى نهاية الدولة الإباضية"، و"بداية حكم العتوب للبحرين"، و"تاريخ الملوك النبهانيين في عمان"، و"مقاومة خورفكان للغزو البرتغالي"، و"تاريخ أئمة البوسعيد في عمان".
من مؤلفاته أيضًا "سيرة سلاطين كلوة"، و"الشيخ المتصوف راشد بن مطر القاسمي"، و"صراع أمراء الزند وزوال الملك"، و"تاريخ اليعاربة"، و"مرسوم بابوي"، و"اتفاقية الصداقة والتجارة بين ملك البرتغال وسلطان زنجبار"، و"القول الحاسم في نسب وتاريخ القواسم" وغيرها من المؤلفات التاريخية المهمة.
كتب سموه أيضًا عددًا من المؤلفات الأدبية، ومنها رواية "رأس الأمير مقرن"، و"بيبي فاطمة وأبناء الملك"، و"الأمير الثائر"، و"الشيخ الأبيض"، والرواية التاريخية "الجريئة"، وقد ترجمت تلك الروايات إلى لغات مختلفة منها العربية والإنجليزية والفرنسية واليونانية ولغات أخرى.
جمع سموه أيضًا القصائد والمساجلات الشعرية لعدد من شعراء الشارقة، ومنها كتاب "الطيب في التشبيب في قصائد الشيخ سلطان بن صقر القاسمي"، و"القصائد الحكيمة بين الأسى والشكيمة من شعر الشيخ صقر بن خالد القاسمي، و"مساجلات شعرية بين الشيخ سلطان بن صقر القاسمي وصديقه الشيخ محمد بن عبد العزيز الصديقي".
اهتم سموه أيضًا بالمسرح وله العديد من المؤلفات عن المسرح منها "أيام الشارقة المسرحية"، و"كلمات في المسرح"، و"رسالة إلى أهل المسرح"، و"رسالة اليوم العالمي للمسرح" وقد ترجمت بعض هذه الكتب إلى لغات مختلفة.
ألف سموه أيضًا عددًا من المسرحيات التي ترجمت إلى لغات مختلفة منها "مجلس الحيرة"، و"كتاب الله: الصراع بين النور والظلام"، و"داعش والغبراء"، و"علياء وعاصم"، و"طورغوت"، و"الحجر الأسود"، و"شمشون الجبار"، و"النمرود"، و"الإسكندر الأكبر"، و"الواقع صورة طبق الأصل" وغيرها من المسرحيات.