لأكثر من 30 عامًا وقف الشيخ سعود الشريم في محراب ومنبر المسجد الحرام منذ صدور الأمر الملكي بتعيينه إمامًا وخطيبًا للمسجد الحرام عام 1412 هـ، وقد شهدت حياته بعد انتقاله إلى المدينة المنورة تحولات كثيرة، في السطور التالية تعرف على مسيرته وحياته.
حياة سعود الشريم ونشأته
سعود بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم آل شريم هو إمام وخطيب الحرم المكي حتى عام 2022، وعميد كلية الدراسات القضائية والأنظمة في جامعة أم القرى سابقًا، ولد في 19 يناير عام 1966 في مدينة الرياض.
تعود أصول قبيلته من فخذ الحراقيص من بني زيد المعروفة في نجد، وجده محمد بن إبراهيم الشريم أمير شقراء، ومن أفراد أسرته الشاعر المشهور سليمان بن شريم الذي توفي عام 1363 هـ.
درس الشريم الابتدائية في مدرس عرين، وبعدها درس المتوسطة في المدرسة النموذجية، ثم الثانوية في اليرموك الشاملة، وتخرج فيها عام 1404 هجريًا.
دراسته الجامعية
ثم التحق بعدها بكلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض في قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة.
تخرج الشريم في الكلية عام 1409 وبعدها التحق بالمعهد العالي للقضاء عام 1410 وحصل على درجة الماجستير بعدها بثلاث سنوات، وقد تلقى العلوم الدينية على يد العديد من المشايخ، منهم الشيخ ابن باز، وابن جبرين، عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل، وعبد الله بن عبد الرحمن الغديان وصالح الفوزان وفهد الحسن وغيرهم.
في عام 1416 تفره الشيخ سعود الشريم لنيل درجة الدكتوراه في جامعة أم قرى، وحصل عليها بتقدير امتياز، وكان عنوان رسالته "المسالك في المناسك" للإمام أبي منصور محمد بن مكرم بن شعبان الكرماني.
ناقش الدكتور الشريم أطروحته عام 2002 وناقشه الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الذي كان المفتي العام للملكة العربية السعودية آنذاك ورئيس هيئة كبار العلماء، كما ناقشه الدكتور حسين بن خلف الجبوري، والدكتور علي بن عباس الحكمي عضو مجلس الشورى سابقًا ومجلس الأعلى للقضاء، وقد نال الشريم درجة الأستاذية في الفقه المقارن عام 1430.
دراسته الدينية
تلقى الشيخ سعود الشريم العلوم الدينية على يد العديد من الشيوخ الأجلاء من خلال حضور دروسهم الدينية وحلقاتهم في المساجد، ومن هؤلاء سماحة مفتي عام المملكة العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله، ودرس معه عدة متون في دروس الفجر في الجامع الكبير في مدينة الرياض.
درس أيضًا الفقه ومنار السبيل على يد العلامة الشيخ بن عبد الرحمن بن جبرين، كما درس الاعتصام للشاطبي، ولمعة الاعتقاد لابن قدامة وكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
درس الشيخ أيضًا فقه الأحوال الشخصية في المعهد العالي للقضاء، كما درس على يد الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل وقرأ عليه حاشية الروض المربع في الفقه الحنبلي وتفسير ابن كثير.
من شيوخ أيضًا الشيخ عبد الله الغديان في القواعد الفقهية وكتاب الفروق للقرافي، والشيخ صالح بن فوزان الفوزان في فقه البيوع أثناء دراسته في معهد القضاء، كما درس على يد الشيخ عبد الرحمن البراك، وعبد العزيز الراجحي، وفهد الحمين.
حفظ القرآن الكريم
حفظ الشيخ سعود الشريم القرآن الكريم كاملًا في شبابه، وكان يشغل وقته في الحفظ والمراجعة، وقرأ القرآن على العديد من الشيوخ، ويعد الشيخ سعود من القراء المتقنين للقرآن الكريم، ويقرأ برواية حفص عن عاصم.
حقق الشيخ الشريم شهرة واسعة حول العالم ويلاحظ في ذلك زياراته للعديد من دول العالم وتقديم محاضرات ودروس دينية، كما كان يقدم دروسًا دينية في الحرم المكي، وهو من الأصوات المميزة في القرآن الكريم.
عمله الأكاديمي
درس الشيخ الشريم في المعهد العالي للقضاء عام 1410، وفي عام 1413 هـ تم تعيينه بأمر ملكي قاض في المحكمة الكبرى في مكة المكرمة، ولكنه أعفي من العمل في القضاء بناء على طلبه بعد فترة قصيرة من تعيينه.
انتقل الشيخ الشريم بعدها للعمل أستاذَا في قسم القضاء في كلية الشريعة في جامعة أم القرى في مكة المكرمة، إذ حصل على درجة الأستاذية في الفقه وأصوله، وعُين سابقًا عميدًا لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية.
في عام 1432 هـ تم تعيينه عميدًا لكلية الدراسات القضائية والأنظمة في جامعة أم القرى إضافة إلى عمله في كلية الشريعة في الوقت نفسه، كما شغل سابقًا عميد كلية الدراسات القضائية في جامعة أم القرى.
أنشأ الشيخ الشريم كليتين في جامعة أم القرى، إحداهما كلية الدراسات القضائية والأنظمة، وثانيهما كلية العلوم الاقتصادية والمالية الإسلامية.
إمامة الحرم المكي
كان أول تجربة للشيخ الشريم في الإمامة في صلاة التراويح عام 1407 في الرياض، وذاع صيته بسبب إجادته للتلاوة، وقد بشرته زوجته في رؤيا في منامها بأنه سيكون إمامًا للحرم وقد كان.
وفي عام 1412 صدر أمر من خادم الحرمين الشريفين بتعيين الشيخ سعود الشريم إمامًا وخطيبًا في المسجد العرب، وقبلها كان إمامًا مشهورًا في مدينة الرياض، وفي عام 1414 صدرت موافقة بتكليفه بالتدريس في المسجد الحرام.
خلال تلك الفترة الزمنية التي عمل فيها إمامًا وخطيبًا في الحرم صدرت للشيخ العديد من التسجيلات والتلاوات الندية فضلًا عن الخطب والدروس الدينية والعلمية.
وعُرف الشيخ الشريم بأنه باحث في علم الفقه ومهتم بالتراث الإسلامي، كما أن له العديد من الأقوال الدينية والفكرية والتوجيهية، ويطالب دائمًا بالتجديد في الخطب.
توديع الحرم المكي
وفي رمضان 2023 غاب اسم الشيخ سعود الشريم في جدول أئمة صلاتي التراويح والتهجد في المسجد الحرام لأول مرة منذ 32 عامًا، وكانت القائمة تضم ياسر الدوسري، وعبد الله الجهني، وبندر بليلة، وعبد الرحمن السديس، وماهر المعيقلي موزعين بالتناوب، ووقد ذكرت مواقع صحفية أن الشيخ استقال من منصبه للتفرغ لأعماله الخاصة.
مؤلفاته
قدم الشيخ سعود الشريم العديد من المؤلفات، منها "كيفية ثبوت النسب"، و"كرامات الأنبياء"، و"المهدي المنظر عند أهل السنة والجماعة"، و"وميض من الحرم" وهي مجموعة من الخطب مكونة من خمسة أجزاء"، و"فقه الخطيب والخطبة"، و"نظم الصبابة في مدح المدينة طابة".
أيضًا من مؤلفاته "النظم الحبير في علوم القرآن وأصول التفسير"، و"إسراج الخيول بنظم المسائل الأربع وثلاثة الأصول" وغيرها.