لم يكتفِ المسرحي السوري سعد الله ونوس بالنقد الاجتماعي وتقديم مسرحيات عن قضايا ومشكلات العالم الخارج، بل أبدع في النقد الأخلاقي الإنساني وقدم العديد الأعمال المسرحية التي ناقشت قضايا عدة منها كرامة الإنسان ورغباته وتطلعاته، في السطور التالية تعرف على مسيرته الفنية وحياته.
من هو سعد الله ونوس؟
هو مسرحي سوري ولد في 27 مارس عام 1941 في قرية حصين البحر الساحلية القريبة من مدينة طرطوس، وقد اشتهر بكتابته المسرحية ومسرحياته التي انتقدت الوضع الاجتماعي حول العالم.
لم يقتصر عمل المسرحيّ ونوس على النقد الاجتماعي وعرض مشكلات العالم الخارجي كما فعل في المرحلة الثانية من إبداعه، والتي شملت مسرحيات "حفلة سمر من أجل 5 حزيران" و"سهرة مع أبي خليل القباني" و"الملك هو الملك".
بل توجَّه بعد ذلك إلى ممارسة النقد الأخلاقي والإنساني بالمعنى الواسع، وعمل على تصوير هموم ومشكلات الذات الإنسانية، بجانب المشاكل الاجتماعية.
وتمكّن من استكشاف أعماق الذات الفردية وتحليل ما يعتمل في دواخلها من رغبات وهواجس وتطلعات، مع التركيز على كرامة الإنسان وتحقيق حريته، بجانب حرية الجماعة.
دراسته
درس ونوس المرحلة الابتدائية في مدرسة قريته، ثم أكمل دراسته الثانوية في مدينة طرطوس وحصل على البكالوريا فيها، وخلال فترة مبكرة من حياته قرأ العديد من الكتب والروايات، وأول كتاب اقتناه عمره 12 عامًا، وهو كتاب "دمعة وابتسامة" لجبران خليل جبران.
قرأ ونوس العديد من الكتب المتنوعة لكبار الكتاب منهم طه حسين وعباس محمود العقاد، وإحسان عبد القدوس، ويوسف السباعي، وميخائيل نعيمة وغيرهم.
في عام 1959 أنهى ونوس الثانوية العامة في طرطوس ثم سافر إلى القاهرة في منحة دراسية للدراسة في كلية الآداب جامعة القاهرة، وقد وقع الانفصال بين مصر وسوريا أثناء دراسته في الجامعة وقد أثرت عليه هذه الواقعة بشكل كبير وأدت إلى كتابة أولى مسرحياته التي لم تنشر حتى الآن وكانت بعنوان "الحياة أبدًا" عام 1961.
في عام 1963 حصل ونوس على ليسانس الصحافة وأنهى دراسة نقدية مطولة عن رواية "السأم" لأربتو مورافيا، ثم عاد إلى دمشق وهناك تسلم وظيفة في وزارة الثقافة بداية من عام 1963.
في عام 1966 حصل ونوس على منحة لدراسة المسرح الأوروبي في فرنسا، وهناك اطلع على الحياة الثقافة ويدرس المسرح الأوروبي.
نشاطه الأدبي
بدأ الفنان المسرحي سعد الله ونوس نشاطه الأدبي عام 1961، حيث كتب العديد من المقالات الأدبية في مجلة "الآداب" وقد كتب في مقالاته عن الوحدة والانفصال، كما نشر العديد من المقالات في جريدة النصر الدمشقية.
وقد تصاعد نشاطه الأدبي في عام 1964 حينما كان يعمل موظفًا في وزارة الثقافة في سوريان ووقتها نشر 3 مسرحيات قصيرة في الآداب البيروتية والموقف العربي في دمشق.
ومن هذه المسرحيات "فصد الدم" و"جثة على الرصيف"، و"مأساة بائع الدبس الفقير" وخلال هذا الوقت كتب العديد من المقالات والمراجعات النقدية، ثم أصدر أول مجموعة المسرحية عام 1965 وهي عبارة عن 6 مسرحيات قصيرة.
أصدر سعد الله ونوس أول مجموعة مسرحية له عام 1965، وهي عبارة عن 6 مسرحيات قصيرة تحت عنوان "حكايا جوقة التماثيل" وضمت المجوعة مسرحيات "لعبة الدبابيس"، و"جثة على الرصيف"، و"المقهى الزجاجية"، و"الجراد"، و"الرسول المجهول في مأتم أنتيجونا".
تأثير النكسة عليه
خلال نكسة 1967 تعرض سعد الله ونوس إلى حزن شديد، وخاصة أنه تلقى خبر النكسة خلال تواجده في باريس لدراسة المسرح الأوروبي، وبسبب حزنه كتب مسرحيته الشهيرة "حفلة سمر من أجل خمسة حزيران" وبعدها كتب مسرحية "عندما يلعب الرجال".
نشر ونوس أيضًا عدد من الدراسات الأدبية التي نشرت في الطليعة الأسبوعية السورية، وعاد إلى سوريا في نهاية هذا العام، حيث عهد وزارة الثقافة إليه بتنظيم مهرجان دمشق المسرحي الأول في شهر مايو.
وخلال هذا المهرجان تم تقديم أول عرض مسرحي لونوس من إخراج علاء الدين كوكش وهي مسرحية "الفيل يا ملك الزمان"، كما تم عرض مسرحية "مأساة بائع الدبس الفقير" من إخراج رفيق الصبان، وعرضت المسرحيتان في عرض واحد خلال المهرجان.
في عام 1970 أجرى سعد الله ونوس حوارين مع "برنار دورت" وجان ماري سيروا ونشرا في مجلة المعرفة، كما أصدر بيانات لمسرح عربي جديد، ثم اختتم هذا العام بنشر مسرحية "مغامرة رأس المملوك جابر".
في عام 1972 كتب مسرحية "سهرة مع أبي خليل القباني" وفي عام 1976 ترجم كتاب "حول التقاليد المسرحية" للكاتب جان فيلار، كما أعد ندوة عن مسرحية "بريخت" وترجم "يوميات مجنون" لجوجول، وفي هذا العام حصل على منصب مدير المسرح التجريبي في مسرح القباني.
مسرحيات سعد الله ونوس
ألف الكاتب سعد الله ونوس العديد من المسرحيات أولها مسرحية "الحياة أبدًا" التي كتبها عام 1961 ونشرت بعد وفاته عام 2005، وفي عام 1964 نشر مجموعة مسرحية مكونة من 6 مسرحيات، وفي عام 1964 كتب مسرحيات "جثة على الرصيف" و"عندما يلعب الرجال"، وفي عام 1965 كتب مسرحية "الجراد"، و"لعبة الدبابيس.
واصل ونوس في كتابة العديد من المسرحيات خلال الستينات وأشهرها "الرسول المجهور في مأتم أنتيجونا" و"حفلة سمر من أجل خمسة حزيران" والتي كتبها بعد نكسة 67، كما كتب مسرحية "الفيل يا ملك الزمان".
خلال السبعينات واصل كتابة مسرحيات عدة منها "مغامرة رأس المملوك"، وأشهر مسرحياته كانت مسرحية "الملك هو الملك"، و"رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة" وفي التسعينيات كتب مسرحية "منمنمات تاريخية" و"طقوس الإشارات والتحولات" و"أحلام شقية".
مرضه ووفاته
أصيب سعد الله ونوس بمرض السرطان في أوائل التسعينيات ورغم مرضه لم يستسلم وكتب العديد من المسرحيات التي بدأ في كتابتها في الثمانينات وعرضت بعض مسرحياته في لبنان ومصر منها "طقوس الإشارات والتحولات.
توفي سعد الله ونوس متأثرا بمرض السرطان في 15 مايو عام 1997 بعد صراع طويل مع المرض استمر لمدة خمس سنوات، وترك خلفه إرثًا فنيًا وعددًا ضخمًا من المسرحيات.