صاحبة صوت ساحر إذا استمعت إليه ستحسر به، استطاعت أن تحمل ثقافة الأمازيغ والجزائر إلى جميع أنحاء العالم، إنها الفنانة سعاد ماسي التي سكنت قلوب الجميع بفناه وموسيقاها الرائعة، عرفت بتواضعها وبسطاتها واشتهرت بسبب ذلك، في السطور التالية تعرف على مسيرتها الفنية وحياتها.
حياة سعاد ماسي ونشأتها
سعاد محمد ماسي هي مغنية وعازف جيتار وكاتبة أغاني جزائرية أمازيغية يعود أصلها من منطقة القبائل ولدت في 23 أغسطس عام 1972 في حي الواد الشعبي في العاصمة الجزائرية.
نشأت سعاد في أسرة تعشق الفن وتحبه، وهو ما جعلها تتعرف على أنواع كثيرة من الموسيقى، منها الموسيقى الشعبية، والروك، والفادو البرتغالي، والكاونتري والراي، وغيرها.
نشأت سعاد في أسرة محافظة تتكون من ستة أبناء، وشهد الحي الشعبي الذي نشأت فيه التصدي للمقاومة أثناء فترات الاحتلال الفرنسي.
تحمل سعاد أصولًا أمازيغية تفتخر وتعتز بها، وتتحدث اللغتين العربية والفرنسية، وحرصت عائلتاه على تعليم أبنائها، فدرست الهندسة المدنية وحصلت على البكالوريوس لكي تحقق رغبة أسرتها، ولكن عشقها وهدفها كان الفن.
تربت سعاد على الموسيقى الجزائرية التقليدية، واستمعت إلى الأنغام الأندلسية، كما كانت تستمع لأم كلثوم وفيروز، وتحب الشعر العربي خاصة شعر المتنبي وامرؤ القيس، فكان الشعر متنفسها لكي تسرح بخيالها وتعبر عن نفسها.
الفنان سعاد متزوجة من رجل أعمال جزائري، ولديها ابنتان، وهما إنجي، وأميرة، وهي لا تحب الحديث عن حياتها الشخصية.
لا تملك سعاد حساب على إنستغرام ولا أي حساب على أي موقع تواصل حتى تويتر، فهي تحب أن تتواصل مع جمهورها من خلال فنها وصوتها فقط.
مشوارها الفني
رغم نشأتها في أسرة متدينة ومحافظة، ولكنها استطاعت أن تقنع أسرتها بدخول مجال الغناء، وفي عام 1989 بدأت في تقديم الأغنيات التراثية الجزائرية والغناء الشعبي، فضلًا عن غنائها موسيقى الروك مع فرق غنائية مختلفة منها فرقة "تريانا".
انضمت سعاد بعدها إلى فرقة "أتاكور" ومع هذه الفرقة قامت بجولات فنية في عدة ولايات جزائرية، وأذيع صوتها في التلفزيون الجزائري.
بداية صعبة ومحاولات بالتهديد
لم تكن بدايتها الفنية سهلة، ففي السنوات الأولى التي بدأت تخطو فيها أولى خطواتها للفن كانت الجزائر تعاني من أزمة صعبة تمثلت في الحرب الأهلية التي عرفت باسم "العشرية السوداء" التي كان فيها الصحفيون والفنانون مهددين بالقتل، ولم يعد الفن مرحباً به.
كانت سعاد من ضمن الفنانات اللاتي تعرضن للتهديد بالقتل من مجهولين عدة مرات، مرة عن طريق الهاتف، ومرات بشكل مباشر بالأسلحة البيضاء.
حصلت سعاد على فرصة للغناء خارج الجزائر، فقبلت دعوة جمعية جزائرية فرنسية، ومثلت الجزائر وغنت لأول مرة في باريس وعدة دول أوروبية بفضل هذه الجمعية بداية من عام 1999.
في فرنسا بدأت مسيرتها الفنية الاحترافية، استقرت فيها لسنوات ووقعت عقودًا مع العديد من شركات الإنتاج، وأصرت على تقديم عمل فني يعبر عنها وعن مجتمعها ومبادئها.
سعت سعاد على أن تغني أغنيات تعكس الحياة اليومية وتحرص على أن تقدم ما مع ذاتها ويحترم جمهورها أيضًا، فهي تعتبر أهم ما يميزها أنها جزائرية أمازيغية أفريقية عربية ومسلمة.
ألبوماتها
أول ألبوم قدمته سعاد ماسي كان عام 2001، وقدمت في 16 أغنية، منهم "ماتبكيش"، و"خسارة عليك"، "بلادي"، و"حياتي"، وحرصت على أن تكون أغنياتها باللهجة الجزائرية الدارجة.
جاء ألبومها الثاني عام 2003 وحمل الألبوم اسم "ذاب" وضم 12 أغنية حققت نجاحًا كبيرًا، منهم "ويما"، و"يا وليدي"، و"موجة"، و"غير أنت".
في عام 2005 قدمت واحد من أشهر ألبوماتها الذي كان انطلاقتها الحقيقية نحو الشهرة، ليس فقط في الجزائر والمغرب العربي، وإنما في الوطن العربي كله، وهو ألبوم حمل اسم "مسك الليل" الذي نال شهرة واسعة، وأصبح لقبها على اسم الألبوم.
ما ميز هذا الألبوم أنه لمس الكثير من الشباب العربي، فعبر عن معاناتهم وأفكارهم وتحدث على لسانهم، ومن الأغنيات التي لاقت صدى واسع في هذا الألبوم "من بينها دار جدي"، و"ما ننسى أصلي"، و"مالو"، و"خلوني".
في عام 2007 قدمت ألبوم "معى" وفيه قدمت العديد من الحفلات الغنائية في مدن عربية وأوروبية مختلفة، وفي عام 2010 أصدرت ألبوم "أوه حرية" وغنت فيه مع أختها سميرة وعبرت فيه عن التقاليد البالية في المجتمع التي تقمع المرأة.
عام 2015 أصدرت سعاد ألبوم "المتكلمون" وفيه عبرت عن حبها للغة العربية والشعر العربي وخاصة شعر المتنبي، وأحمد مطر، وأبو القاسم الشابي.
ما ميز هذا الألبوم أنه مزج بين الموسيقى العربية والروك بجانب القصائد العربية وقدمت منتوجًا فنيًا مميزًا ومختلفًا.
تمكنت سعاد بتميزها واختلافها عن باقي المغنيات في الوسط الفني من تحقيق شهرة واسعة، وجابت دول ومدن عربية وعالمية، ولمست محبة الجمهور العربي الذي افتتن بتميزها.
أحيت ساعد العديد من الحفلات في لبنان، ومصر والكويت والبحرين، وفي عام 2017 أصدر أغنية باللهجة المصري حملت اسم "سلام" التي حققت شهرة كبيرة.
حلت سعاد أيضًا ضيفة في برنامج "كل يوم" على فضائية أون تي في عام 2017، وفي البرنامج عبرت عن فخرها واعتزازها بأصلها الأمازيغي.
في عام 2018 تعاونت سعاد مع أوركسترا سينكوب ضمن مشروع The Orchestral Selection، وهو مشرع موسيقي يدمج بين الأغاني الحديثة والأوركسترا ويخلق تجربة موسيقية فريدة من نوعها.
أصدرت بعدها ألبوم "أمنية" الذي حصل على العديد من الجوائز العالمية، منها بينها أفضل فنانة وأفضل ألبوم ضمن جوائز أديسون Edison الهولندية، كأول فنانة عربية يتم اختيارها لنيل هذه الجائزة.
في عام 2020 حصلت على جائزة أفضل ألبوم في حفل توزيع جوائز Songlines البريطانية كما تم تكريمها كأفضل فنانة في أفريقيا.
في أكتوبر 2022 أطلقت سعاد ألبومها الجديد الذي حمل اسم "سيكانا" وضم الألبوم 11 أغنية متنوعة ما بين الموسيقى الشعبية والفلكلورية، وموسيقى الروك، والكانتري، والصحراوية، وتعاونت فيه مع المنتج العالمي جاستن آدامز.
استحوت سعاد ألبومها من الأسطور القديمة للآلهة سيكانا آلهة الشفاء والعلاج والطبيعة في عصر جالو الروماني، ومزجت في هذا الألبوم بين اللغتين العربية والفرنسية بمشاركة الفنان البريطاني بيرس فاتشني.