بخبرة 18 عامًا في عالم الطيران تمكنت المهندسة الإماراتية سعاد الشامسي من أن تصبح نموذجًا للمرأة الإماراتية الرائدة، ورمزًا للإلهام للنساء في وطنها، وفي الوطن العربي، وذلك لكونها أول مهندسة طيران إماراتية، وأول باحثة عربية في مجال الطيران، تعرف في هذا المقال على إنجازاتها ورحلتها والعقبات التي واجهتها..
من هي سعاد الشامسي؟
سعاد سلطان بن خاتم الشامسي هي مهندسة طيران إماراتية بارزة، وهي أول امرأة إماراتية تعمل في هذا المجال. ولدت في الإمارات العربية المتحدة ونشأت فيها، وهي معروفة بخبرتها الواسعة في مجال هندسة الطيران وإدارة المشاريع لمدة تصل إلى 18 عامًا.
حصلت الدكتورة المهندسة سعاد على درجة البكالوريوس في هندسة الطيران من جامعة كوفنتري في المملكة المتحدة، ثم حصلت على الماجستير والدكتوراه من الجامعة نفسها، كما حصلت على دبلوم في القيادة والإدارة.
عملت في عدة مناصب قيادية في شركات طيران ومطارات رئيسية في الإمارات، بما في ذلك طيران الاتحاد وطيران الإمارات، وبالإضافة إلى ذلك تشارك سعاد في العديد من المبادرات الاجتماعية والتعليمية لدعم المرأة الإماراتية وتشجيعها على الدخول في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة. المهندسة سعاد متزوجة ولديها ولدان سلطان، ويوسف.
محاولة دراسة هندسة الطيران
نشأت المهندسة سعاد الشامسي في أسرة محبة للعلم والتعلم، إلا أنها رسمت لأبنائها طريقًا محددًا، فالبنات يدرسن الطب، والرجال يدرسن في العسكرية، إلا أن سعاد كانت مختلفة، فقد أرادت أن تدرس هندسة الطيران، فقد كانت شغوفة منذ صغرها بتصليح السيارات، وتطمح في دخول هذا المجال.
كانت سعاد طالبة متفوقة، فقد حصلت على مجموعة 93.9% في الثانوية العامة، والتحقت بكلية الطب، إلا أنها لم تحضر السنة الأولى في الجامعة، بل كانت تذهب إلى ورشة تصليح السيارات، وتصلح السيارات بنفسها، وكان هذا ما منحها فرصة دراسة هندسة الطيران في المملكة المتحدة، ففي عام 2000 رآها معالي محمد عبدالله القرقاوي، الذي كان حينها يشغل منصب رئيس المكتب التنفيذي في إمارة دبي.
مكاملة غيّرت حياتها
كانت سعاد في هذه الفترة تحاول الالتحاق بكلية هندسة الطيران، إلا أنه من شروط التقديم أن يكون المتقدم ذكرًا، لذا عندما سألها معالي القرقاوي عن سبب تواجدها في الجاراج أخبرته عن قصتها.
فما كان منه إلا أن جعلها تتحدث مع سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي سألها عن طلبها، فأخبرته برغبتها في دراسة هندسة الطيران، وبعد 10 أيام من مكالمتها مع سموه، تلقت مكالمة من برنامج إعداد القادة، حيث حصلت على بعثة لبريطانيا لدراسة هندسة الطيران.
دراستها في الجامعة
سافرت سعاد الشامسي إلى بريطانيا، وحصلت على درجة البكالوريوس في إدارة هندسة الطيران من جامعة كوفنتري، ثم حصلت على الدبلوم العالي من هندسة الطيران من جامعة هيرتفوردشاير في المملكة المتحدة، وبعدها حصلت على درجة الماجستير.
بعد تحقيقها نجاحات علمية كبيرة، أصبحت المهندسة سعاد الشامسي أول إماراتية تحصل على درجة الدكتوراه في إدارة الطيران من الأكاديمية الأمريكية للدراسات المتخصصة، وقد كان سمو الشيخ محمد بن راشد يحرص على زيارة الطلاب الإماراتيين خلال كل زيارة له إلى بريطانيا.
وتميزت الشامسي بكونها أول امرأة إماراتية تُبتعث إلى المملكة المتحدة لدراسة هندسة الطيران، حيث عادت محمّلة بالمعرفة والتجارب والخبرات لتسهم في تطوير قطاع الطيران في وطنها. بفضل تأهيلها الرفيع، انضمت سعاد إلى العديد من الشركات العالمية في هذا المجال، مما يعزز مكانتها كأيقونة في مجال هندسة الطيران في العالم العربي.
والدتها ملهمتها الأولى
حينما سُئلت المهندسة سعاد الشامسي عن المرأة الملهمة في حياتها، لم تتردد في أن تذكر اسم والدتها التي ترملت في سن صغيرة بعمر 26 عامًا فقط ولديها 4 أطفال، ورغم المصاعب حرصت على تعليم أطفالها أفضل تعليم.
مسيرتها المهنية
عادت المهندسة سعاد الشامسي إلى وطنها الإمارات، وشغلت العديد من المناصب الهامة في عدد من الشركات الإماراتية التي تعمل في قطاع الطيران، فقد التحقت بشركة طيران الإمارات، وأصبحت أول مهندسة طائرات إماراتية معتمدة.
خلال شغلها هذا المنصب كانت الشامسي مسؤولة عن ورشة العجلات والفرامل، وخلال 11 عامًا تمكنت من أن تصبح مديرة ومستشارة فنية في كبرى مشروعات الطيران في الإمارات.
ساعدت المهندسة سعاد في نجاح العديد من مشروعات الطيران، منها تصميم وصنع طائرة من مقعدين، كما أنها تدربت لدى كبرى شركات الطيران حول العالم، منها إيرباص، وميشير بوجاتي، وبوينج، وهانيويل.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الدكتورة المهندسة سعاد الشامسي تعمل كعضو لجنة تحكيم في برنامج "نجوم العلوم"، كما أنها عضوة في لجان العديد من الجوائز العالمية، بما فيها لجنة تحكيم جائزة المرأة في الطيران، وعضوة في جائزة جيمس دايسون العالمية، حيث تساهم سعاد بفعالية في العديد من ميادين العمل العام، مما يعزز تأثيرها الإيجابي في المجتمع.
تكريمها محليًا وعالميًا
وخلال مسيرتها المهنية الحافلة بالإنجازات حصلت الدكتورة سعاد الشامسي على العديد من الجوائز والتكريمات محليًا، وعربيًا، وعالميًا أيضًا، فقد كرمها سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم برسالة شكر وحصلت الشامسي كذلك على درع الإماراتية المتميزة في أبوظبي.
أما عربيًا، فقد كرمتها الدكتورة مايسة شوقي، نائبة وزير الصحة المصري، خلال مؤتمر منهجية المرأة في بناء الأوطان، كما كرمتها الدكتورة منى محرز نائبة وزير الزراعة المصري.
وعالميًا، فقد تمكنت المهندسة سعاد من لفت أنظار الغرب إليها كونها أول امرأة عربية تحصل على تكريم في مجال الطيران، حيث حصلت على جائزة "عالم الاختلاف" من التحالف الدولي لتمكين المرأة في أستراليا.
حصلت المهندسة سعاد على لقب "المهندسة الحديدية" من مؤسسة الإنجازات والإبداعات العربية، كما تم تكريمها بجائزة "مبدعين حول العالم".
مهندسة أبدعت في عالم الرواية
عُرف عن المهندسة سعاد الشامسي حبها وشغفها بالقراءة، فهي تسعى إلى المعرفة دائمًا، وقد كان حبها للقراءة بوابتها لدخول عالم الرواية، فقد أصدرت رواية بعنوان "زهرة السوسن" وهي رواية أحداثها مبنية على قصة حقيقية، وتدور الأحداث بين مدينتي القاهرة، ودبي.
أما روايتها الثانية بعنوان "أمنيتي أن أقتل رجلًا"، وقد أثار عنوان الرواية جدلًا واسعًا بسبب جرأته، إلا أنه نجح في جذب العديد من القراء، والكتاب عبارة عن نصائح للمتزوجين والمقبلين على الزواج لتنجب المشكلات والمعارك الزوجية، وقد صار الكتاب الأكثر مبيعًا في دار مداد للنشر عام 2018.