يعد المصرفي اللبناني رياض سلامة واحد من أطول حكام المصارف المركزية عهدًا في العالم، فقد شغل هذا المنصب منذ عام 1993 وحتى عام 2023، وعرف لسنوات بأنه السبب وراء انتعاش الاقتصاد اللبناني بعد الحرب الأهلية، إلا أنه الآن أصبح مستهدفًا بتحقيقات في لبنان وخارجها بسبب قضايا فساد واختلاس، في السطور التالية تعرف على مسيرته وحياته.
من هو رياض سلامة؟
هو مصرفي لبنان، شغل منصب حاكم مصرف لبنان سابقًا في الفترة من عام 1993 إلى عام 2023، ولد في 17 يوليو عام 1950 في بلدة كفردبيان في محافظة جبل لبنان، ويعد واحد من أكثر الشخصيات نفوذًا في النظام المالي اللبناني.
قاد سلامة البنك المركزي خلال فترات حرجة وعصيبة في لبنان، وتمكن من تحقيق استقرار اقتصادي خلال الأزمات المالية والاقتصادية المتكررة التي عصفت بالاقتصاد اللبناني.
درس سلامة في جامعة القديس يوسف في بيروت، وعمل في القطاع المالي الخاص قبل توليه منصب حاكم مصرف لبنان، وخلال فترة ولايته، كان له دور كبير في الحفاظ على استقرار الليرة اللبنانية، وتجيه السياسة النقدية للبلاده.
إلا أنه خلال السنوات الأخيرة، واجه انتقادات عدة بسبب الأزمات المالية التي شهدها لبنان، بما في ذلك انهيار قيمة الليرة اللبنانية وأزمة السيولة التي بدأت عام 2019، ويواجه حاليًا اتهامات بالفساد وإدارة غير سليمة للأموال العامة، مما أدى إلى فتح تحقيقات محلية ودولية ضده.
وعلى الرغم من الانتقادات والقضايا، يظل رياض سلامة شخصية محورية في المشهد المالي اللبناني، ومن أبرز الشخصيات التي شكلت السياسة المالية اللبنانية على مدار 3 عقود. يتحدث سلامة الإنجليزية والفرنسية والعربية.
نشأته وتعليمه
ولد رياض سلامة في بلدة كفردبيان في محافظة جبل لبنان، وهو الابن البكر لتوفيق سلامة، ورينيه رومانوس، وقد ولد في عائلة مسيحية مارونية.
درس سلامة في مدرسة سيدة الجمهور للآباء اليسوعيين، ثم التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت ودرس الاقتصاد، وبعد التخرج عمل في القطاع المالي الخاص، وبعدها تم تعيينه حاكمًا لمصرف لبنان عام 1993.
رياض سلامة وزوجته
تزوج رياض سلامة من السيدة ندى سلامة، ولديه منها 4 أبناء، وهم نادي ورنا ونور وريم، وقد انفصل عن زوجته منذ عدة سنوات. ارتبط اسم رياض سلامة بعدها بسيدة أوكرانية اسمها "آنا كوزاكوفا"، وأنجبت له ابنة.
رياض سلامة وستيفاني صليبا
في عام 2022 امتلأت الصحف اللبنانية بخبر علاقة المصرفي رياض سلامة بالفنانة اللبنانية ستيفاني صليبا، وخاصة بعدما تم اتهام صليبا في قضيتي غسيل أموال وإثراء غير مشروع، وتم طلبها للتحقيق.
وقالت صليبا في التحقيقات أنها تعرفت على سلامة على متن الطائرة في درجة رجال الأعمال، وتبادلا الحديث وأرقام بعضهما، وبعدها بدأت علاقة حب بينهما.
ووفقًا للصحف اللبنانية، فإن الادعاء في لبنان طلب التحقيق مع ستيفاني بعدما استمعت القاضية غادة عون إلى أقوال زوجة حاكم مصرف لبنان، ندى سلامة، حيث اتهمت زوجها بصرف أموال طائلة على ستيفاني.
وأوضحت ندى سلامة بأن ستيفاني حصلت على قرضين مصرفيين لشراء منزلين في بيروت وفي قريتها، وحصلت على تسهيلات بنكية بفضل زوجها، كما أشارت إلى أنه استعمل ستيفاني في عمليات تبييض الأموال.
وقد كشفت التحقيقات التي أجرتها السلطات اللبنانية أن ستيفاني تمتلك 5 عقارات مسجلة باسمها في مناطق مختلفة في لبنان، وتعيش في منطقة فخمة في بيروت بإيجار شهري يقدر ب25 ألف دولار أمريكي.
ووفقًا للتحقيقات، فإن صليبا حولت مبلغ 500 ألف دولار من حسابها في لبنان إلى الخارج قبل انهيار الليرة اللبنانية، إلا أن صليبا رفضت رفع السرية المصرفية عن حساباتها البنكية خلال التحقيق معها.
مسيرته المهنية
عمل رياض سلامة في القطاع المالي الخاص في لبنان بداية من عام 1973، حيث اكتسب خبرة واسعة خلال عمله في شركة ميريل لينش، وتنقل بين مكاتب بيروت ولبنان. في عام 1985 شغل منصب نائب الرئيس والمستشار المالي للشركة، وظل يشغل هذا المنصب حتى عام 1993، حيث تم تعيينه حاكمًا لمصرف لبنان.
عُين رياض حاكمًا لمصرف لبنان منذ عام 1993، وظل يشغل هذا المنصب ل3 عقود، حيث أعيد تعيينه لثلاث ولايات متتالية في 1999، و2005، و2011 حتى عام 2023، ويعد أحد أطول حكام المصارف المركزية حكمًا في العالم.
وخلال شغله هذا المنصب، كان عضوًا في مجلس محافظي صندوق النقد الدولي وصندوق النقد العربي، كما ترأس اجتماعات مجلس محافظي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في طوكيو عام 2012.
في عام 2013، أصبح رئيسًا مشاركًا في مجلس الاستقرار المالي لمنطقة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمدة عامين. وفي العام نفسه ترأس مجلس محافظي صندوق النقد العربي.
خلال توليه حكم مصرف لبنان منذ عام 1993، وصف رياض سلامة بأنه عراب استقرار الليرة وانتعاش الاقتصاد بعد الحرب الأهلية، فقد تمكن من وضع السياسات المالية للبنان خلال فترة التعافي ما بعد الحرب، ونجح القطاع المصرفي في لبنان من أن يصبح ركيزة أساسية في الاقتصاد اللبناني.
وخلال سنوات، اعتمد الاقتصاد اللبناني على جذب رؤوس الأموال من الخارج، كما منح فوائد مرتفعة للمودعين، وخلال توليه منصبه، حافظت الليرة على استقرارها، وثبت سعر صرفها، وهو الأمر الذي برره بوجود احتياطي كبير بالدولار الأمريكي في البنك المركزي.
خلال فترة حكمه كحام لمصرف لبنان، حصل سلامة على عدة جوائز، منها جائزة أفضل حاكم مصرف مركزي في العالم عام 2006، ومنحتها أيها مجلة يورو موني. حصل كذلك على الجائزة نفسها من مجلة بانكر عام 2009، كما حصل على أوسمة شرف من فرنسا مثل نيشان جوقة الشرف من رتبة ضباط، كما حصل على الدكتوراه الفخرية من الجامعة اللبنانية.
بداية الأزمة
في عام 2016، اتبع رياض سلامة سياسات مالية تهدف إلى حفظ قيمة الليرة ورفع احتياطي المصرف المركزي، إلا أن الكثير من الخبراء يعدون هذه السياسات سببًا رئيسيًا للأزمة الاقتصادية في لبنان، والتي بدأت منذ عام 2019.
ورغم الانتقادات، ظل سلامة يدافع عن سياساته الاقتصادية، واشتهر بجملته "الليرة بخير"، رغم شح السيولة، وفرض البنوك في لبنان قيودًا على سحب الودائع وخاصة الدولارية بداية من خريف عام 2019.
وقد صنف البنك الدولي انهيار الاقتصاد في لبنان بأنه الأسوأ في العام منذ عام 1850، حيث فقدت العملة اللبنانية أكثر من 98% من قيمتها أمام الدولار.
توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة
في عام 2021، واجه رياض سلامة العديد من الاتهامات بشأن مصدر ثروته الهائلة، حيث اتهم بالفساد والاختلاس، وردًا على هذه الاتهامات أعلن أنه طلب من شركة مراجعة مالية للتدقيق في معاملاته واستثماراته المالية.
بدأت الأزمة حينما واجه سلامة تحقيقات في 3 بلدان أوروبية، منها سويسرا، حيث اتهم فيها بأنه قام بعمليات غسل أموال في المصرف المركزي، وحقق مكاسب مالية ضخمة، منها مبلغ بقيمة 300 مليون دولار حققتها شركة شقيقه رجا سلامة.
في سبتمبر 2024، تم توقيف رياض سلامة من قبل القضاء اللبناني بعد استجوابه لمدة 3 ساعات في تهم الاختلاس من مصرف لبنان بمبلغ يفوق 40 مليون دولار، فضلًا عن تهم أخرى منها الإثراء غير المشروع والفساد.
وبجانب التحقيق في لبنان، يواجه سلامة تحقيقًا في 5 دول أوروبية تتعلق بالحصول على مبالغ مالية ضخمة من مصرف لبنان وغسيل الأموال في الخارج، وأدى ذلك إلى انهيار الليرة اللبنانية وازدياد الأزمة الاقتصادية في لبنان.
ثروة رياض سلامة
ثروة رياض سلامة، وفقًا لأقواله، من راتبه الشهري خلال عمله في شركة ميريل لينش لمدة 20 عامًا، حيث كان يحصل على مليوني دولار شهريًا حتى عام 1993، وذلك في تصريح له في عام 2021.
وقال "ثروتي كانت تقدر ب23 مليون دولار في عام 1993، إضافة إلى موجودات موروثة"، وأكد أنه استثمر ثروته بشكل حكيم، ونمت ثروته بشكل كبير بمرور السنوات.