طالت وحدتي وغابت بسمتي، ومن ظلم الليالي أشكي همي وهمي اشتكالي، كلها أغانٍ خالدة قدمتها الفنانة رجاء بلمليح التي غادرت دنيانا منذ 13 عامًا بسبب مرض السرطان، وقدمت عددًا من الأغاني الناجحة، في السطور التالية تعرف على مسيرتها الفنية وحياتها.
حياة رجاء بلمليح ونشأتها
هي مغنية مغربية راحلة ولدت في 22 أبريل عام 1962 في مدينة الرباط في المغرب، وبدأت مسيرتها الفنية في مطلع الثمانينيات.
تربت رجاء منذ صغرها على الموسيقى والطرب الأصلي، ونشأت وهي تغني أغاني عمالقة الفن من أم كلثوم وأسمهان وعبد الحليم حافظ، ومحمد عبد الوهاب.
درست رجاء الأدب العربي في جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، ودرست في الكلية الشعر الجاهلي والأموي والحديث والعباسي، والنهضة وغيرها.
حافظت رجاء على صورتها كفنانة مثقفة وراقية، وهذا ظهر في مظهرها الراقي والألوان الغنائية التي قدمتها، ورفضت أن تنجر إلى الابتذال من أجل مسايرة الفنانات الأخريات.
بدأت الفنانة رجاء مشوارها الفني في الثمانينات بعدما شاركت في مسابقة كبرى للغناء واحتلت فيها المركز الأول، وبعدها واصلت تحقيق العديد من النجاحات، وشقت طريقها الفني بالتعاون مع كبار الملحنين.
في منتصف التسعينيات تزوجت الفنانة الراحلة من المنتج المصري محمد شرف الدين، وأنجبت منه ابنها عمر، وانتقلت مع زوجها وابنها في الإمارات بحكم عمل زوجها هناك، واستقرت هناك لسنوات.
وبسبب استقرارها في الإمارات حصلت رجاء الجنسية الإماراتية، وواصلت عملها الفني من إنتاج زوجها ألبومها الغنائي بعنوان "حاسب" وكان هذا الألبوم الأخير في مسيرتها الفنية.
تمكنت رجاء من الحصول على الجنسية الإماراتية بعد أن أصبحت الفنانة المفضلة للشيخة فاطمة زوجة مؤسس الدولة الشيخ زايد من سلطان آل نهيان.
مرضها ووفاتها
فوجئ الوسط الفي بوفاة الفنانة المغربية رجاء بلمليح في 2 سبتمبر عام 2007 عن عمر 45 عامًا بسبب معاناتها مع مرض السرطان، ورغم هذا المرض الصعب ظلت متماسكة حتى لحظاتها الأخيرة، ولم تظهر عليها بودار المرض.
أصيبت رجاء بمرض السرطان قبل وفاتها ب5 سنوات، وغابت عن الساحة الفنية لثلاث سنوات متتالية تلقت فيها العلاج، وبعد غياب لسنوات عادت مجددًا إلى الساحة الفنية في حفل افتتاح مهرجان وليلي الدولي، وأصدرت ألبومها الأخير.
وقد واجهت رجاء تجربتها مع المرض بشجاعة كبيرة، حيث قالت إنه عندما علمت نبأ إصابتها بالسرطان تقبلت الأمر برضا، وصلت ركعتين لله، وسافر زوجها للسفر إلى فرنسا للتأكد من نوع الورم، وهناك اتضح أنه ورم خبيث، وبدأت العلاج.
واجهت رجاء مراحل صعبة في فترة العلاج، منها تساقط الشعر، وخسارة الوزن، وتغير الملامح، ولكن كان الأمر الأصعب بالنسبة لها توقفها عن الكلام بسبب العلاج.
بعد شفائها من المرض تناقلت بعض الصحف أنها ستعتزل الغناء وسترتدي الحجاب، ولكنها نفت الأمر، مؤكدة أنها لن تتخذ قرار الاعتزال في مرحلة ضعف.
وقبل وفاتها دخلت رجاء مستشفى الشيخ زايد في العاصمة المغربية الرباط بعد تدهور حالتها الصحية، وفي آخر لحظاتها قبل الوفاة طلبت تناول العسل، وقرأت سورة ياسين ثم نطقت الشهادتين، وودعت عائلتها وتوفيت.
دفنت رجاء في مقبرة الشهداء في الدار البيضاء، وحضر عزائها عددًا من الفنانين والمسؤوليين في الدولة، منهم الوزير الأول إدريس جطو، ومحافظ مدينة الدار البيضاء، وحمد عيسى أبو شهاب سفير الإمارات في الدار البيضاء.
كما عزاها الملك محمد السادس واتصل مدير ديوان الملك رشدي الشرايبي بأفراد عائلتها لمواساة العائلة وتعزيتها.
مشوارها الفني
بدأت رجاء بلمليح مشوارها الفني في الثمانينات، حيث شاركت في مسابقة غنائية تحت عنوان "أضواء المدينة" التي كانت تحت إشراف المنتج المغربي حميد العلوي.
تمكنت رجاء من الفوز بالجائزة الأولى في المسابقة، وبعدها بدأت التعاون مع كبار الملحنين المغاربة، ومنهم المفضل العذراوي، وأحمد البيضاوي، وعبد القادرة الراشدي، وحسن القدميري، وعبد الله عصامي.
أصدرت رجاء أول ألبوم غنائي لها بعنوان "يا جار وادينا" وضم الألبوم عددًا من الأغنيات الناجحة، ومنها "مدينة العاشقين"، و"الحرية"، و"أطفال الحجارة"، وغيرهم.
الانتقال إلى مصر
في التسعينيات انتقلت رجاء إلى مصر بعدما التقت بالملحن المصري جمال سلامة في مهرجان الأغنية في بغداد، والذي شجعها إلى الانتقال إلى مصر.
بالفعل قررت رجاء السفر إلى مصر وهناك تزوجت من المنتج المصري محمد شرف الدين، وقدمت ألبومها الثاني "صبري عليك طال" وتعاونت فيه مع الملحن حميد الشاعري، ومحمد ضياء، وحلمي بكر، وصلاح الشرنوبي.
بفضل هذا الألبوم حصلت رجاء على شهرة أكبر، وأنتجت بعدها عددًا من الألبومات الناجحة، منها ألبوم "يا غايب"، وألبوم "اعتراف" وتعاملت فيه مع الملحنين منهم حليم بكر، ومحمد ضياء، وجمال سلامة.
اشتهرت رجاء بالغناء المغربي والمري والخليجي، فبعد سفرها إلى الإمارات أنتجت عددًا من الألبومات الناجحة التي حصلت من خلالها على نجاح أكبر.
في عام 2001 أصدر ألبوم "شوق العيون" وكان ألبومًا مختلفًا عن نوعية الألبومات التي طرحتها ولكنه كان ناجحا ومنسجمًا وقريبًا من شخصيتها.
آخر ألبوماتها
بعد غيابها عن الساحة الفنية لسنوات عادت رجاء بلمليح لمعانقة جمهورها مرة أخرى في افتتاح مهرجان وليلي الدولي، وأصدرت ألبومها الأخير "حاسب" الذي كان من إنتاج زوجها.
ضم ألبومها الأخير 13 أغنية من إنتاج شركة ميترو ميديا التي يملكها زوجها، وكانت رجاء دائمًا تنتج لنفسها الأغاني التي تقدمها.
من الأغنيات التي طرحتها في الألبوم أغنية "قالوا تحب"، و"حاسب"، و"ما اتفقنا"، و"امشي معاهم"، و"سلام الله"، و"مغرور"، و"يعذبني"، و"الطبع غلاب"، و"وحبيبي وأهلي وناسي".
أيضًا غنت الراحلة قصيدة "ألا يا مرحبًا" وهي من تأليف الشيخ زايد آل نهيان ولحنتها الراحلة بنفسها، وكانت أول تجربة لها في مجال التلحين.
الجوائز التي حصلت عليها
حصلت رجاء على مجموعة من الجوائز طوال مسيرتها الفنية، وألوها عام 1990 وهي شهادة تقدير من مهرجان الأغنية في ليبيا، وحصلت أيضًا على شهادة تقدير في مهرجان القاهرة الدولي للأغنية، ومهرجان الموسيقى العربية في دار الأوبرا المصرية.
في عام 1995 حصلت على جائزة في مهرجان الأغنية التونسي، وحصلت عليها في العام التالي، وفي عام 1997 حصلت على جائزة في مهرجان القاهرة الدولي الثالث للأغنية.
في عام 1999 حصلت على لقب سفيرة النوايا الحسنة لليونيسف، كما حصلت على الجنسية الإماراتية.