رجاء النقاش.. الناقد الذي جمع بين الصحافة والنقد الأدبي

يعد الناقد والكاتب المصري رجاء النقاش من أبرز النقاد والكتاب المصريين الذين تركوا بصمة مميزة في الأدب العربي، فقد تميزت كتاباته بالمزج بين الفكر العميق والتحليل الأدبي الرفيع، وهو ما جعله من أهم الأصوات النقدية في العالم العربي، وقد ساهم في اكتشاف مواهب أدبية، وتوجيه أداء وكتاب نحو تطوير رؤاهم الفنية والفكرية، في السطور التالية تعرف على مسيرته وحياته.

من هو رجاء النقاش؟

رجاء عبد المؤمن محمد النقاش هو ناقد أدبي وصحفي مصري ولد في 3 سبتمبر عام 1934 في مدينة منية سمنود في محافظة الدقهلية في مصر، وهو واحد من أشهر النقاد الأدبيين في مصر والوطن العربي.

بدأ النقاش مسيرته المهنية في الصحافة الأدبية في الخمسينات، حيث عمل في عدد من المجلات والصحف المصرية التي كانت تشكل منبرًا للمثقفين والأدباء، وعرفت بقدرته على قراءة الأعمال الأدبية بروح نقدية متفحصة، وإبراز مكامن القوة والضعف فيها.

كان للنقاش الفصل في اكتشاف العديد من الأدباء الذين أصبحوا فيما بعد رموزًا في الأدب العربي، ومنهم الشاعر محمود درويش. ساهم النقاش في تأسيس عدد من المجلات الأدبية، وقد وظف قدراته النقدية في توجيه القراء والمثقفين إلى عمق الأعمال الأدبية، وفهم السياقات الفكرية التي كانت تشكلها.

إلى جانب نشاطه النقدي، كان النقاش كاتبًا مبدعًا، وألف العديد من الكتب النقدية والفكرية التي عكست أفكاره وتأملاته في الفكر والأدب العربي، كما كان من الداعين إلى التجديد في الأدب العربي.

تعليمه وعائلته

ولد الكاتب رجاء النقاش في مدينة منية سمنود في مركز أجا في محافظة الدقهلية، وقد درس في قسم اللغة العربية في جامعة القاهرة، وتخرج فيها عام 1956، ثم عمل محررًا في مجلة روز اليوسف المصرية بعد التخرج.

نشأ النقاش في عائلة تضم العديد من المثقفين والمؤلفين البارزين، فوالده هو الشاعر المصري عبد المؤمن النقاش، وهو واحد من شعراء التيار الرومانسي وشاعر من شعراء حركة أبولو المتأخرين، ومن أشهر دواوينه "ألحان الفجر".

جميع أخوة رجاء يعملون في مجال الأدب والترجمة، منهم وحيد النقاش، وهو مترجم وناقد أدبي شهير، وشقيقه المؤلف المسرحي فكري النقاش، وشقيقته الناقدة الأدبية فريدة النقاش التي شغلت منصب رئيس تحرير مجلة أدب ونقد لمدة 20 عامًا تقريبًا، وأخته الثانية أمينة النقاش وهي صحفية مصرية شهيرة.

مسيرته المهنية

عمل الناقد رجاء النقاش في مجلة روز اليوسف بعد تخرجه من جامعة القاهرة عام 1959 حتى عام 1961، ثم عمل محررًا أدبيًا في جريدة أخبار اليوم وجريدة الأخبار حتى عام 1964.

خلال مسيرته الأدبية، شغل النقاش منصب رئيس تحرير العديد من المجلات الأدبية، منها مجلة الكواكب، ومجلة الهلال، كما شغل منصب رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة مجلة الإذاعة والتلفزيون، ومجلة الشباب التي كانت تصدرها وزارة الثقافة خلال وزارة كمال أبو المجد في السبعينات.

كتب النقاش مقالات أدبية ونقدية منذ السنة الأولى في الجامعة، وقد سافر في مطلع الثمانينات إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث عمل مديرًا لتحرير جريدة الراية، ثم أصبح مديرًا لتحرير مجلة الدوحة حتى إغلاقها عام 1986.

عاد بعدها إلى مصر، وعمل النقاش كاتبًا في مجلة المصور، وبعدها شغل منصب رئيس تحرير مجلة الكواكب في التسعينات، ثم أصبح كاتبًا متفرغًا في صحيفة الأهرام في سنواته الأخيرة حتى وفاته عام 2008.

مسيرته الأدبية ومؤلفاته

بدأ الكاتب رجاء النقاش كتابة النقد الأدبي منذ السنة الأولى في الجامعة، وقد نشر مقالاته في مجلة الآداب البيروتية، كما عمل في عدة مجلات مصرية خلال سنوات دراسته.

خلال مسيرتهن ألف النقاش العديد من الكتب النقدية والأدبية، وقد اتبع أسلوب اختيار نماذج بشرية في الأعمال الأدبية، ويناقشها ويكتب عنها. من مؤلفاته "ثلاثون عامًا مع الشعر والشعراء"، و"أبو القاسم الشابي.. شاعر الحب والثورة"، و"عباقرة ومجانين".

ألف كذلك كتب "نساء شكسبير"، و"قصة روايتين"، وناقش فيها كتاب ذاكرة الجسد للجزائرية أحلام مستغانمي، وكتابة وليمة أعشاب البحر للكاتب السوري حيدر حيدر. من مؤلفاته أيضا "عباس العقاد بين اليمين واليسار".

ألف كذلك "في أزمة الثقافة المصرية"، و"تأملات في الإنسان"، و"أدباء ومواقف"، و"كلمات في الفن"، و"مقعد صغير أمام الستار"، و"صفحات مجهولة في الأدب العربي المعاصر"، و"الانعزاليون في مصر".

بعد وفاته صدرت له عدة مؤلفات، منها "الموت في قميص النوم"، و"هل تنتحر اللغة العربية"، و"ثلاث نساء من مصر"، وصدرت جميعها بعد عام من وفاته عام 2009.

اكتشافه المواهب الأدبية

خلال مسيرته، قدم رجاء النقاش العديد من المبدعين والأدباء والشعراء العرب إلى الجمهور العربي والمصري من خلال مقالات نقدية وأدبية تناقش إنتاجهم الأدبي. ومن أبرز هؤلاء الشاعر الفلسطيني محمود درويش، الذي ألف عنه كتاب "محمود درويش: شاعر الأرض المحتلة" وهو الكتاب الذي صدر عام 1969.

كان للنقاش دور في اكتشاف العديد من الشعراء في فلسطين، وله دور في انتشار الشعر الفلسطيني في الوطن العربي. من الأدباء العرب الذين أبرز موهبتهم الروائي السوداني الطيب صالح، الذي أعاد اكتشاف روايته "موسم الهجرة إلى الشمال".

اكتشف كذلك الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، والذي كتبه له مقدمة ديوانه الأول "مدينة بلا قلب". عمل النقاش على مشروع ثقافي جمع فيه بين شغفه بالأدب وشغفه بالصحافة، لذا اتخذ الصحافة وسيلة لنشر المؤلفات الأدبية والفنية الحديثة من خلال مقالات نقدية تنشر في مجلات وصحف مصرية وعربية.

جوائز وتكريمات

خلال مسيرته الأدبية، حصل النقاش على العديد من الجوائز، ففي عام 2000 حصل على جائزة الدولة التقديرية في مصر، وفي عام 2004 تم اختياره شخصية العام العالمية في جائزة الصحافة العربية. حصل على درع مؤسسة دار الهلال، ودرع حزب التجمع.

قبل وفاته، تم تكريمه في نقابة الصحفيين المصرية بمناسبة بلوغ سن الثالثة والسبعين، وشارك في حفل التكريم الشاعر محمود درويش، الذي أشاد بدور النقاش في كسر العزلة عن الشعراء الفلسطينيين في الستينات بفضل مقالاته الأدبية والنقدية.

مرضه ووفاته

توفي الكاتب والناقد الأدبي المصري رجاء النقاش في الثامن من شهر فبراير عام 2008 عن عمر 74 عامًا في أحد مستشفيات العاصمة المصرية القاهرة بعد صراع مع مرض السرطان.