لم يكن إنجاز الممثل المصري الأمريكي رامي مالك بأنه حصل على أدوار البطولة في أفلام ومسلسلات أمريكية فقط، وإنما أيضًا لكونه أول ممثل مصري يفوز بجائزة أوسكار أفضل ممثل. حقق رامي شهرة عالمية بفضل أدواره المميزة في التلفزيون والسينما التي تمكن من إثبات موهبته من خلالها، تعرف على مسيرته في السطور التالية.
حياة رامي مالك ونشأته
رامي سعيد مالك هو ممثل مصري أمريكي ولد في 12 مايو عام 1981 في مدينة تورانس بكالفورنيا لوالدين مصريين مهاجريين، وهما نيللي عبد الملك، وسعيد عبد المالك.
غادرت أسرته إلى الولايات المتحدة عام 1978 وعمل والده وكيل سفريات ومرشد سياحي، وعملت والدته في محاسبة، واستقرت الأسرة في سيرمان أوكس.
لدى رامي شقيق توأم يشبهه تمامًا اسمه سامي وهو أصغر منه بأربع دقائق، ويعمل الآن مدرسًا للغة الإنجليزية، ولديه أخت كبرى اسمها ياسمين تعمل طبيبة في قسم الطوارئ.
نشأ رامي في أسرة على الديانة المسيحية الأرثوذكسية، وتحدث العربية المصرية في المنزل حتى سن الرابعة، ولكنه الآن لا يتحدث العربية جيدًا.
في منزله شدد والده على أهمية الحفاظ على جذوره المصرية، حيث كان يوقظهم في الليل للتحدث عبر الهاتف مع عائلته التي تعيش في سمالوط في محافظة المنيا.
لم يكن يعرف رامي منذ صغره أنه يعيش بالقرب من هوليوود، حيث قال إنه اعتقد في البداية أن هوليوود على بعد مليون ميل من منزله، ليكتشف فيما بعد أنها على بعد 10 دقائق فقط بالسيارة.
وجد رامي في طفولته صعوبة في الاستيعاب بسبب الاختلافات الثقافية، حتى إنه وجد صعوبة في إخبار الجميع طريقة نطق اسمه بشكل صحيح، وكان من الصعب عليه تكوين هوية ذاتية، لذا انجذب إلى تمثيل الأصوات وتقليد الشخصيات.
التحق ارمي بمدرسة نوتردام الثانوية، وكانت زميلته في الفصل الممثلة راشيل بيلسون، كما أنه كان زميل أكبر للمثل كيرستن كارولين دنست، والتي شاركت معه في المسرح الموسيقي.
حلم والداه مثل معظم الآباء المهاجرين أن يصبح ابنهم محاميًا، لذا انضم في سنته الأولى في المدرسة بفريق المناظرة، ولكن اكتشف معلمه موهبته في التفسير الدرامي، وشجعه على الالتحاق بالمسرح.
قال رامي إن والده كان عاطفيًا ومتفهمًا جدًا حينما صرح عن رغبته في التمثيل، حيث كانت ردة فعل والده إيجابية لأدائه في المسرحيات، وشارك مع شقيقه التوأم في قسم الدراما بالمدرسة.
بعد تخرجه من المدرسة الثانوية عام 1999 درس رامي المسرح في جامعة إيفانسفيل في إنديانا، وأمضى فصلًا دراسيًا في إنجلترا، حيث درس التمثيل في كلية هارلاكستون.
تدرب رامي أيضًا في مركز مسرح يوجين أونيل في إجازة الصيف التي سبقت سنته الدراسية الأخيرة، وأصبح أحد معارف الكاتب المسرحي أوغست ويلسون.
شخصيته وحياته العاطفية
تحدث رامي مالك عن نفسه في الحوارات التلفزيونية التي أجراها، وعلى الرغم من ميله إلى التحفظ في المقابلات، كما أنه يرغب في البقاء مجهول الهوية، ويتجنب وسائل التواصل الاجتماعي كذلك.
وعلى الرغم من ذلك كان رامي منفتحًا عن التحدث عن شخصيته، حيث قال إن شخصيته معاكسة تمامًا لشخصية إليوت الانطوائية في مسلسل السيد روبوت.
قال رامي إنه شخص مفعم بالحيوية ويحب الدردشة، ولهذا يحب العيش في نيويورك لأنه يقابل الكثير من الغرباء، حيث يحب الاستماع إلى قصصهم.
رامي على علاقة بالممثلة البريطانية الأمريكية لوسي بوينتون منذ عام 2018، وانتقل في عام 2021 للعيش في لوس أنجلوس، حيث اشترى منزلًا في حي لوريل كانيون مجاورًا لمنزل شقيقه.
مشواره الفني
لم يتمكن رامي مالك من بدأ مشواره الفني بعد التخرج مباشرة، حيث أراد في البداية الالتحاق بمدرسة الدراسات العليا، ولكنه عانى من ديون الكلية، لذا اضطر إلى العودة للعيش مع والديه، وعمل في وظائف متعددة، منها توصيل البيتزا، وصنع شطائر الفلافل والشاورما لتغطية نفقاته.
في هذه الفترة كان رامي يرسل سيرته الذاتية للعديد من شركات الإنتاج، ولكنه وجد صعوبة في الحصول على عمل كممثل، لذا عانى من الاكتئاب وفقدان الثقة، وفكر في الحصول على ترخيص عقاري بدلًا من العمل في مهنة التمثيل.
بعد عام ونصف من المحاولات تمكن رامي أخيرًا من الحصول على دور مع المخرجة مارا كيسي، حيث طلبت التحدث إلى وكيله، وحينما قال لها ليس لدي وكيل، طلبت منه الحصول على واحد أولًا.
أدت المناقشات بينهما إلى حصول رامي على دوره الأول في المسلسل التلفزيوني الكوميدي Gilmore Girls الذي عرض في يناير عام 2004، كما لعب دور البطولة في مسرحي جوني بوي في العام نفسه.
في عام 2005 حصل رامي على بطاقة نقابة ممثلي الشاشة بعد عمله في حلقتين من مسلسل الدراما Over There، وفي العام نفسه ظهر في حلقة من مسلسل Medium، كما تم اختياره للتمثيل في مسلسل The War at Home.
قدم رامي دوره السينمائي الأول في الفيلم الكوميدي الأمريكي Night at the Museum عام 2006، وقدم فيها دور الفرعون أخمن رع، وأعاد دوره في الجزء الثاني من الفيلم الذي عرض عام 2009، ومرة أخرى في عام 2014.
حصوله على الأدوار الداعمة
بداية من عام 2010 بدأ رامي مالك في الحصول على أدواره داعمة، ففي عام 2010 لعب دور متكرر بدور انتحاري يدعى ماركوس في الموسم الثامن من مسلسل 24 من إنتاج شركة فوكس.
سأم رامي بمرور الوقت من لعبه دور الإرهابي، فأصدر تعليماته إلى وكيله برفض أي دور يصور العرب أو الشرق أوسطيين على أنهم إرهابيون، أو يظهرهم بشكل سيئ
شارك بعد ذلك في مسلسل The Pacific عام 2010 وجسد فيها شخصية العريف شيلتون، وتلقى إشادة من النقاد على أدائه في هذا المسلسل، وحاز المسلسل على جائز إيمي.
في أثناء تصوير المسلسل تلقى رامي رسالة من المنتج التنفيذي توم هانكس يشيد فيها بأدائه، واختاره للعب دور طالب جامعي اسمع ستيف ديباسي في الفيلم الروائي Larry Crowne الذي صدر عام 2011.
أدت هذه الفرص إلى حصوله على مزيد من الأدوار الداعمة في الأفلام، فشارك في فيلم Short Term 12، وفيلم The Twilight Saga، ظهر كذلك في فيلم الرعب Da Sweet Blood of Jesus، وفيلم The Master الذي حاز على جائزة الأوسكار أفضل فيلم.
الشهرة العالمية
في عام 2015 قام كاتب السيناريو الأمريكي سام إسماعيل باختبار أكثر من 100 ممثل للعب دور شخصية إليوت ألدرسون وهو مخترق كمبيوتر غير مستقر عاطفيًا في مسلسل الدراما النفسية Mr. Robot.
لم تكن شخصية إليوت في المسلسل جاهزة بعد، حيث فشل الكاتب في تكملة دوره، ولكن عندما رأى سام تجربة أداء رامي مالك أعجب به واختاره للدور، وصدر المسلسل في يونيو 2015، ولعب رامي الدور الرئيسي في المسلسل.
تمكن رامي بكل إبداع لعب شخصية تعاني من اضطرابات عقلية واجتماعية يلتقي بطبيب نفسي، وتم الإشادة بأدائه فورًا، كما كتبت الصحافة بأن رامي هو أفضل سبب لمشاهدة هذا المسلسل.
أكسبه أدائه في المسلسل ترشيحات لجائزة دوريان وجائزة غولدن غلوب، وجائزة القمر الصناعي، وجائزة نقابة ممثلي الشاشة لأفضل ممثل رئيسي في مسلسل درامي، وفاز بجائزة إيمي أفضل ممثل، وكان أول ممثل غير أبيض يفوز بجائزة إيمي في تلك الفئة منذ عام 1998.
اختتم عرض المسلسل في ديسمبر عام 2019 في موسمه الرابع، وحصل مالك على ترشيح ثالث لجائزة غولدن غلوب لأفضل ممثل في التلفزيون.
في عام 2016 لعب مالك دور البطولة لأول مرة في فيلم Buster's Mal Heart، وتلقى الفيلم مراجعات إيجابية، لعب دور البطولة أيضًا في فيلم Papillon.
في عام 2018 جسد شخصية المغني وكاتب الأغاني البريطاني فريدي ميركوري في فيلم Bohemian Rhapsody، وحقق الفيلم نجاحًا كبيرا في شباك التذاكر، حيث حقق أكثر من 900 مليون دولار إيردات بميزانية تبلغ حوالي 50 مليون دولار، وأصبح سادس أعلى الأفلام ربحًا في العام وأعلى فيلم سيرة ذاتية تحقيقًا للأرباح.
حصل رامي على جائزة غولدن غلوب أفضل ممثل في فيلم درامي، كما حصل على جائزة نقابة ممثلي الشاشة للأداء المتميز، وجائزة أوسكار أفضل ممثل ذكر في دور قيادي، وجائزة بافتا أفضل ممثل.
استعدادًا للدور انتقل رامي مالك إلى لندن وتدرب مع مدرب لهجة ومدرب للحركة، وتلقى دروسًا في العزف على البيانو والغناء لمدة 4 ساعات يوميًا، كما شاهد أكثر من 1900 مشهد للمغني على يوتيوب لإتقان الدور أكثر.
كان عليه كذلك الاعتياد على التحدث والغناء بالأسنان الاصطناعية التي يضعها في فمه، وبفوزه جائزة أوسكار عن دوره في هذا الفيلم أصبح رامي أول ممثل مصري يفوز بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل.
على الرغم من شهرته العالمية تلقى أدائه انتقادًا من البعض، بسبب تصويره شخصية شاذة جنسيًا.
بعد هذا الفيلم شارك مالك في عدة أعمال منها فيلم The Little Things، وفيلم No Time to Die، ويعمل مع الكاتب سام إسماعيل في فيلم قادم.